رغم أنّ (إسرائيل) قامت وبشكل متفاوت بعدد من التجارب النوويّة عبر تاريخ يصل إلى أكثر من أربعين عاماً في هذا المجال فكان لها التعاون الوثيق مع جنوب أفريقيا العنصرية آنذاك وفق برنامج متكامل في هذا المجال. حتى في سنين التسعينيّات وبالضبط في نيسان عام 1997 كان ذلك التعاون مستمراً إلى درجة كبيرة.
تثير بعض الدول العربية أمر أسلحة الكيان الصهيوني أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا تلق آذاناً صاغية عن تهديدات الأسلحة (الإسرائيلية) للمنطقة عموماً وعدم توقيعها على معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النوويّة خاصة بما يتعلق بمنطقة الشرق الاوسط( لقد قدّم مندوب عُمان واحدة من هذه المذكّرات بإسم الدول العربية عن قابلية (إسرائيل) النوويّة والتهديدات النوويّة الإسرائيليّة علماً انّ هذه ليست المذكرة الأولى المقدمة وأقصى ما تقوم به الوكالة هو مطالبة (إسرائيل) بفتح منشآتها أمام الوكالة الدولية للإطلاع على نشاطها دون تقديم أيّ طلب إلى مجلس الأمن أو غيره حين الرفض المتكرر للطلب!! وربّما للوكالة مبرّرات كما هي مبرّرات الفريق السامرائي!!)).
تلعب السياسة (الإسرائيليّة) دوراً واضحاً في الإدّعاء إلى أنّ التّوجه النوويّ لها نابع من تعقيد ديموغرافية المنطقة والذي تكون فيه الغلبة لصالح العرب. والحقيقة غير ذلك! لأنّ الإتّفاقيات التي وقّعت مع بعض الأنظمة العربية كنظام مصر ونظام الأردن مع بعض المشاريع بهذا الإتّجاه جعلت من تلك الدّول أن تخرج من دائرة الصّراع مع الكيان الصهيونيّ نهائيّاً فلم تشارك بأيّ نشاط يعادي (إسرائيل) بل ولم يقف هذان النظامان بأيّ نشاط بسيط لنصرة الأمّة كما حصل في حرب الكيان الصهيونيّ على لبنان عام 2006 وحملة العدوان والتدمير عام 2008ـ2009 على غزّة!(من المشاريع التي يراد تطبيقها كالإتفاقيّتين المذكورتين مشروع ما يسمى بالمبادرة العربية التي كتبت بنودها في مكان معروف وسمّيت بإسم الملك عبد الله آل سعود!). علاوة على أنّ التوجّه (الإسرائيلي) إلى الإمتلاك النوويّ بحجّة الديموغرافيا العربيّة لهذا المستوى مبالغ فيه الى درجة كبيرة ونعتقد أنّ عمليّة التهديد بهذا الإتّجاه لم تكن ولن تكون ضد العرب لوحدهم إنّما ضدّ أغلب دول العالم الذي تعتقد (إسرائيل) أنّها مستهدفة من المدّ الإسلامي والمسيحي معاً(لم ننسَ بعد ما عمله هذا الكيان يوم قامت أول تجربة نوويّة باكستانيّة والضجيج الذي صاحبها بحجّة قرب إمتلاك باكستان للقنبلة الإسلاميّة!!) ومن يطّلع على كتابات وتوجّهات السّاسة المتشدّدين!! في هذا الكيان يجزم بصحّة ما نقول.
يضمّ مفاعل ديمونة عدداً من الأبنية المتعدّدة، كلّ بناء منها يطلق عليه إسم ميشون. حيث هناك تسعة ميشونات، أربعة منها تقوم بصنع الأسلحة النوويّة والنوويّة الحرارية، أمّا الأربعة الباقية فهي تعمل لأداء جميع الخدمات للأربعة الأولى وهي 1 ,2, 8 , و 9.
يقع المفاعل في الميشون رقم 1 وهو الذي بناه الفرنسيون بحيث يكون قادراً على إنتاج البلوتونيوم وقادر على إنتاج طاقة حرارية مقدارها 26 ميغاواط. ويستخدم في تهدئة التفاعل فيه ( أو النيوترونات القاصفة) الماء الثقيل. وكذلك يستخدم الماء الثقيل في هذا المفاعل كمبرّد لخفض حرارة عناصر الوقود في قلب المفاعل.
ينتج مفاعل ديمونة لوحده ثمانية كيلوغرامات من البلوتونيوم سنوياً إذا شغّل بشكل متواصل( يقول فعنونو أرقاماً غير هذه حيث يؤكّد على أنّ المفاعل ينتج 5 كيلوغرامات من البلوتونيوم شهرياً ولمدة ثمانية أشهر سنوياً وهذا يعني أنّه أكبر بكثير ممّا صرّح به والحقيقة أنّ إنتاجه من الطاقة الحرارية يجب أن تكون في حدود 150 ميغاواط وليس 26 ميغاواط)<المصدر كتاب: القنبلة الخفية الصفحة 53 >. إنّ المادة النوويّة الرئيسة لصنع الأسلحة النوويّة هي البلوتونيوم الذي ينتج في مفاعل ديمونة ويتم فصله عن عناصر الوقود المستهلك في ميشون 2 لذلك يعتبر هذا القسم الرئيس في ديمونة.
ومن أهداف هذا القسم بالإضافة إلى إنتاج البلوتونيوم ينتج كذلك التريتيوم وديوترايد الليثيوم كي يمكن إستخدامها في الأسلحة النوويّة والنوويّة الحرارية. ومن الأمور المهمّة التي يقوم القسم بعملها هي تنقية الماء الثقيل وتصنيع ما يحتاجه السلاح النوويّ. ويقع هذا القسم في منطقة تحت الأرض بعيداً عن الضربات الجويّة أو الضربات بالوسائل الأخرى المعروفة بالتقليديّة. علماً أنّ هذا القسم يعيد تصنيع 100 طن سنويّاً من النفايات التي إستخدمت وقوداً للمفاعل. علماً أنّ الإنحلالات النوويّة للكثير من نواتج إنحلال اليورانيوم 235 نفسه تتّسم بالسمّية وتنتج العديد من النّظائر التي تستمر فيها عمليّة الإنحلال الإشعاعيّ في أغلب الأحيان علماً أنّ غراماً واحداً من اليورانيوم المستخدم كوقود في المفاعل ينتج طاقة حرارية تصل الى 1 ميغاواط. وأنّ هذه الحرارة ترافق الوقود النوويّ الذي يعزل في أماكن خاصة لحين إنخفاض درجة حرارته لترسل إلى المعمل لإعادة تدويرها أو إعادة معالجتها. (تشير العديد من حالات الإصابة بالسرطان في جنوب لبنان وفي مناطق كانت تحت سيطرة الجيش (الإسرائيلي) أبان الإحتلال لتلك المناطق، إلى أنّ كميّات من النفايات من هذا النوع قد دفنت في مناطق الجنوب اللبناني).
إنّ عمليّة اعادة التصنيع في الميشون 2 تتمّ بالعمليّات الكيميائيّة بعمل خبراء (إسرائيليين) بالكامل. وهنا يستخدم ثالث بوتيل الفوسفات المذاب في ذلك، من قبل الخبراء الأميركان حيث أنّهم يعتمدون طريقة هيدروكربون الكيروسين لفصل المواد، وفي هذه الطريقة يكون عنصرا اليورانيوم والبلوتونيوم عالييّ التأكسد ولهما القدرة على الذوبان بصورة كبيرة في المحلول المذكور.وتجرى عدة عمليّات كيميائيّة تنتهي بنزع اليورانيوم من محلول بوتيل الفوسفات بحامض النتريك المخفّف. وبالطريق المذكورة تزال أغلب منتجات الإنشطار النوويّ بكفاءة عالية.
إنّ البلوتونيوم الذي ينتج في الميشون 2 يحفظ على شكل كرات معزولة عن الهواء لأنّ البلوتونيوم يميل إلى الإشتعال في الهواء تلقائياً. وتغلّف كرات البلوتونيوم بأغلفة نصف كرويّة من النّحاس، مسدودة بشكل جيّد ومحكم وأنّ الأغلفة هذه مع حشوات نصف كرويّة مصنوعة من البيريليوم، تستخدم منها إثنتان كي يحيطا بكرة البلوتونيوم، تعكس النيوترونات إليها.
إنّ ديمونة مكان مركزيّ للعديد من العمليّات التي تهيأ فيها العديد من المكوّنات للسّلاح النوويّ إلّا أنّ هناك أمكنة أخرى تساهم في العديد من العمليّات، موجودة في أماكن أخرى. فمثلاً في مدينة حيفا هناك أماكن أخرى تنقل لها العديد من المكوّنات مثل المحاليل التي يستخلص منها اليورانيوم والبلوتونيوم وغير ذلك. وهناك أماكن أخرى للعديد من التفاصيل في أماكن أخرى.
إنّ العمليّات التي تحدث في ديمونة تساهم في نسب كثيرة من مستوى التلوث كتسرّب بعض الغازات والمواد الخطرة إلى المحيط العام. فقد حدث فعلاً عام 1969 حادث أدّى إلى قتل رجل في الوحدة 36 بفعل إستخدام الكحول في عمليّة التنظيف للأعمدة الزجاجيّة فأدّى إلى إنفجار الأبخرة المتصاعدة. والحدث الثاني عام 1982 بسبب تسرّب الهيدروجين من إحدى الخلايا الإلكتروليتية وإنفجاره. إلّا أنّ العديد من الأحداث قد حدثت بعيداً عن عيون العامّة من النّاس!!
يستطيع أيّ إنسان أن يخمّن ما هي المواد التي تستخدم في ديمونة إذا ما علمنا أنّ أكثر من تسرّب قد حدث في ديمونة أدّى إلى إنتشار الأشعّة الملوّثة إلى محيط كبير قد وصل إلى حدود بعض الدول المحيطة مما يدلّ على شدّة وكثافة التفاعلات التي تجرى في مفاعل ديمونة. علماً أنّ المنطقة المحيطة بمفاعل ديمونة على المحيط الخارجي من الدول الأخرى ذو كثافة سكّانية كبيرة تصل إلى ملايين البشر في عشرات بسيطة من الكيلومترات المربّعة. أيّ أنّ أيّ تسرّب من هذا المفاعل سيؤدي إلى كارثة كبيرة لا يعلمها إلاّ الله.
إذ أنّ عمليّات الدفن التي تجرى في مدفن النفايات المؤقّت في ديمونة والذي لا يبعد كثيراً عن المفاعل (يبعد كيلو متر واحداً عن مكان المفاعل) سيؤدّي إلى تسرّب محتّم من الكميات الإشعاعيّة إلى المياه الجوفيّة في صحراء النقب. (يقول فعنونو أنّ (الإسرائيليين) قلقون جداً من هذه المخاطر ويجرون العديد من الفحوصات ولمسافات تصل إلى عدّة كيلومترات من مواقع النفايات). علماً أنّ عمليّة إنتشار الغازات السامّة من هذه الأماكن إلى المناطق العربيّة بات عادة (إسرائيلية) مستديمة، حيث تنتشر الرياح بفعل الإرتفاعات والمنخفضات في المنطقة وخاصّة مع الحدود الأردنيّة التي يؤدّي ذلك بدوره إلى نشر المواد السامّة إلى المحيط الخارجيّ بعد أن تكون الرياح بذلك الإتّجاه.
يتضمن كذلك ميشون 2 في ديمونة وحدة مهمّة من الوحدات التي تساهم في بناء العنصر العسكريّ في (إسرائيل)، حيث تتضمّن هذه الوحدة معملاً مخصّصاً لتخصيب الليثيوم-6، علماً أنّ الليثيوم المذكور ينتج التريتيوم بقصفه بالنيوترونات داخل المفاعل ويستخدم هذا الليثيوم في عمليّة الصّهر في السلاح النوويّ الحراري عند إتحّاده مع الديتيريوم (نظير الهيدروجين الذي يحتوي على بروتون ونيوترون فيكون هناك جسيمان في النواة ليطلق عليه الرقم ( دو) لذلك يسمى بهذا الإسم) لينتج ديوترايد الليثيوم-6. وفي عام 1987 قد أكمل (الإسرائيليون) الكميّة اللازمة والتي وصلت إلى حوالي 170 كيلوغراماً.
إنّ فرنسا لعبت الدور الأساس في مساعدة (إسرائيل) ببناء مفاعل نوويّ ومنشأة لإنتاج البلوتونيوم كما أشرنا وفق المواصفات الفرنسية التي كانت تتمتّع بها التكنولوجيا الفرنسية آنذاك.
إنّ الإنتاج وإعادة المعالجة للمواد النوويّة الخاصة (البلوتونيوم، سادس ديتيرايد الليثيوم واليورانيوم المخصّب وغير المخصّب) تتم في ديمونة، غير أنّ تصميم وجمع الأسلحة النوويّة يحدث في مكان آخر. وفي الإشارة إلى أحد الادلّة المهمّة على وجود هذه الأعمال المهمّة الخطيرة أنّه في عام 1997 وفي أكتوبر بالضبط ظهرت قصص جديدة حول صحة العاملين وأمانهم في ديمونة