ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: الجزائر في العهد العثماني4 السبت مايو 08 2010, 20:22 | |
| المحاضرة الثالثة: يهـــــــــــود الجزائـــر: سوف نتابع مسارهم خلال تاريخ مدينة الجزائر، هؤلاء اليهود استطاعوا أن يكبروا شيئا فشيئا إلى أن صاروا وسطاء سياسيين بين أوربا وإيالة الجزائر، وصار باستطاعتهم الحصول على صفقات ليس في مقدور كل الناس التوصل إليها، وكانوا يستعملون في ذلك شراء القضايا من الدايات ومن الوزراء، وبعد ذلك كان بإمكانهم العمل على إعلان الحرب أو السلم بناء على مصالحهم الخاصة. واستمر تنامي نفوذ اليهودي في الجزائر خلال كامل القرن الثامن عشر ووصل نفوذهم مع نهاية هذا القرن أن صارت عائلة بكري وبوشناق تفاوض مباشرة مع القناصل الأوربيين، وكانوا يمنعون القناصل من الاتصال مباشرة بالدايات، بل توصلوا إلى تعيين وإقالة البايات في الأقاليم، وتحكموا في القرصنة وتدخلوا في تحديد مقدار الضريبة التي تفرض على السكان وكذا الرسوم على التجارة. وبكلمة مختصرة فقد وصل نفوذ اليهود إلى درجة أن صاروا هم الملوك في الجزائر حسب تعبير دوغرامون. لقد رأينا سالفا أن اليهود الليفورنيين الذين جاءوا إلى الجزائر للاستقرار منذ بداية حكم الدايات واستغلوا المتاعب المالية لهؤلاء الدايات ليحصلوا على امتيازات هامة ويحتكروا التجارة لصالحهم، وكونوا بذلك ثروات كبيرة واستعملوا بعضا من هذه الثروات لشراء ذمم كبار رجال الدولة. وشيئا فشيئا صار هؤلاء اليهود هم الأسياد الحقيقيون في الجزائر، بسبب معرفتهم العميقة بطبائع الأتراك الذي اتصفوا بعدم الاكتراث وحب المديح. واشتهر من هؤلاء اليهود كل من نفطالي بوشناق وجوزيف بكري بذكاء خارق ونشاط بارز في المضاربات وبسخاء كبير في سبيل المصلحة وشجاعة لا تضاهي ونشاط لا يعرف الوهن. وقد لعبت هاتان الشخصيتان في تاريخ الجزائر دورا لا يخلو من العظمة والمجد. وعندما عين مصطفى الوزناجي بايا على قسنطينة عام 1794 ، صارت تجارة القمح في هذا الإقليم بيد عائلة بكري بحيث لم يكن من الممكن الحصول صفقة لشراء شئ من القمح دون موافقتها[1]. مذبحة اليهود في الجزائر: في السابعة صباحاً من يوم 28 جوان 1805 ، بينما كان أحد اليهود المعروفين بتدخلهم في جميع شؤون الحكم خارجا من قصر الجنينة، قام أحد الانكشارية يدعى يحي بإطلاق رصاصة من مسدسه على اليهودي وهو يصيح: سلام على ملك الجزائر-يقصد اليهودي لما كان يتمتع به من نفوذ لدى الداي- وقد انتشر هذا الخبر بسرعة مما جعل كل فئات المجتمع في الجزائر العاصمة ينفجر غضبهم وجعلوا ينقضون على اليهود ويقتلون كل من لم يستطع الهروب منهم، واقتحموا بعد ذلك منازلهم قاموا بكل الأعمال التي لا يمكن تصورها، ومما زاد في حماسهم زغردات النساء اللائي كن يشجعنهم من فوق سطوح المنازل..[2] من أهم الحصارات البحرية على الجزائر خلال هذه المرحلة: 1.حصار دوكينDUQUESNE : انطلق من مدينة طولون بفرنسا بتاريخ 12 جويلية 1682 . ورغم خسائرهم فإن الجزائريين لم يظهروا أي تنازل، وهذه الحملة المزدوجة- الثانية انطلقت في 6 ماي 1683 – كلفت خمسة وعشرين مليون لخزينة الدولة الفرنسية، وكان من نتائجها على الجزائريين تحطيم مئات من المنازل وثلاثة مساجد وهلاك نحو ألف من السكان وحريق ثلاثة من سفن رياس البحر. وفي 2 أفريل 1684 أعلن سلم مائة سنة بين الجزائر وملك فرنسا في ذلك الوقت.2. قصة الأب لوفاشي LE VACHER: في أوج حصار دوكين الثاني لميناء الجزائر، وبالضبط في 29 جولية 1683 ، ووسط الفوضى والاضطراب التي كانت سائدة في المدينة، قامت مجموعة من السكان، الذين هالهم الحصار، بالهجوم على القنصلية الفرنسية في الجزائر، بدعوى أن أحد السكان أخبرهم بكون القنصلية كانت تصدر إشارة -في شكل مخابرة- إلى الأعداء. وبعد حصار السكان لمنزل القنصل واقتحامه قاموا بالاستيلاء على شخص القنصل نفسه، وتعالت الأصوات تطالب بموته. وبما أن القنصل لم يكن قادرا على المشي-فقد كان قعيد الكرسي- فقد قام المحاصرون بحمله على كرسيه إلى قصر الداي، الذي كان في ذلك الوقت بجانب المدفعية في قلعة الفنار حيث أصابته قذيفة في وجهه. ودون أن يبالي الثائرون بموافقة الداي قاموا بربط القنصل إلى فوهة المدفع وترامت أشلاؤه في البحر بعد إطلاق القذيفة.. وقد طال نفس المصير عشرين من المقيمين الفرنسيين في الجزائر. · حملة أوريلي الأسبانية: توجهت هذه الحملة إلى الجزائر بتاريخ 23 جوان 1774 وتم التحضير له بصفة جيدة ولكن قيادتها كانت سيئة للغاية وقد حطت هذه الحملة على شاطئ الحراش وكانت هذه الكفار مدوية في كل شمال إفريقيا. ووصف الشعراء انتصار المجاهدين وتشكلت حول أسماء هؤلاء المجاهدين القصص الخرافية.· المجاعة المروعة: كان سببها زحف الجراد الذي انتشر في كل تراب إيالة الجزائر في سنوات 1778 و1779 .· الحملة الأسبانية: دون أنتونيو برسيلو في 13 جويلية 1783 الأولى والثانية: كان الأسطول يتكون من بواخر، وفرقاطات، وكورفيت للمدافع، ومراكب للشحن، وشباك، وكوتر.· الولايات المتحدة الأمريكية: كانت الولايات المتحدة وهامبورغ وبروسيا تمنح إيالة الجزائر مقادير هائلة من الأموال دون أن تتمكن من الحصول على جوازات السفر من الجزائر. ص.269. · الحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية: قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال قطعة بحرية إلى المتوسط لأجل الانتقام للهجومات التي تعرضت لها سفنها في سنة 1812 ، وكانت هذه القطعة بقيادة كومودور دوكاتور، وكان من المهام المكلف بها هذا القائد أن يحصل على الاعتذار ويسترجع الأسرى الأمريكيين وينهي الإتاوة المفروضة على السفن الأمريكية في المتوسط وحقوق الزيارة. وفي 7 جوان 1815 التقى قرب خليج قايت بالرايس حميدو، يقود فرقاطة تحمل 46 مدفعاً، ولكن هذه الأخيرة تم الاسيلاء عليها بعد قتال بطولي من طرف الأميرال الرايس حميدو الذي لقي حتفه في هذه المعركة، يوم 24 جوان. ولما تناهت أنباء هذا الخبر إلى الجزائر تلقته المدينة بالحزن الشديد على القائد الذي لا يقهر[3]. · الاتفاقية حول وهران والمرسى الكبير: في 29 جوان 1732 بدأ الأسطول الإسباني بالنزول في ميناء وهران والمرسى الكبير وظلت وهران في حالة الحصار إلى سنة 1791 .تم التوقيع على الجلاء بتاريخ 16 سبتمبر 1791 وتم الجلاء -فعلياً- في 17 من نفس الشهر ولم تنته سوى في مارس[4]1792 . - مشروع حملة صليبية ضد إيالة الجزائر سنة 1749 : في هذا التاريخ قام البابا بونوا الرابع عشر بالدعوة إلى تنظيم حملة صليبية ضد القوة الجزائرية وقد وعدته كل من مالطا والبندقية وجنوة والصقليتان بالمساعدة.. ولكن هذا المشروع أجهض في المهد بسبب الأطماع من بعض الدول ومخاوف البعض الآخر.. ولم تكن الجزائر في هذه المرحلة أكثر عرضة للخطر من يومئذ، وكان من الممكن أن تهجم الدول الأوربية هجمة واحدة على الجزائر لأن كل دولة كان لها سبب للانتقام من الجزائر..- حملة اللورد إكسموث على الجزائر: في 15 ماي 1816 استغل إكسموث السفينة البرلمانية - المحمية بموجب اتفاقيات دولية- لغرض عسكري، وجاء ليأخذ مواقع حربية قريباً من سواحل الجزائر، دون أن يتعرض لأذى من طرف الأسطول الجزائري لأنه كان من المتعارف عليه عدم الاعتداء على السفن الدبلوماسية. واستطاع باستغلاله هذه الفرصة من تحطيم كل تحصينات الجزائر في دقائق معدودة وتخريب كامل الأسطول الذي كان يرابط قرب الميناء. وبتحطيم كل القلاع العسكرية لم يبق أمام الجزائر سوى الاستسلام ولكن اللورد إكسموث لم يكن على دراية بذلك. وهنا أنقذت الجزائر مرة أخرى بعد اتقاقية بين الداي عمر وإكسموث هذه بنودها: 1- إنهاء تجارة الرقيق.2- تحرير العبيد المسيحيين الموجودين في الأسر كان عددهم 1200 إيطالي وإسباني.3- تعويضات مادية بقيمة 500000 فرنك[5]. § زلزال في مدينة الجزائر: حدث ذلك في 3 فيفري 1716 طريقة اختيار بعض الدايات: رغم أن الداي شعبان بذل كل جهوده للدفاع عن نفسه فقد تم القبض عليه وسجنه خلال عشرة أيام دون أن تستطيع وجشية معذبيه أن تجمله على التصريح بالمكان الذي خبأ فيه كنوزه. وفي يوم 13 أوت تلقى أكثر من ثمانمائة ضربة بالعصا ثم شنق في يوم الخامس عشر. وفي يوم 6 أوت بينما كان مجموعة من جند البحرية يتسكعون في أزقة المدينة وقع بصرهم على شيخ من قدماء جنود البحرية يسمى الحاج أحمد، كان جالسا عند عتبة بابه يخصف نعله، فحملوه على أكتافهم إلى الديوان أين انتخبوه بهتافاتهم دايا وقبل بكل الشروط التي أملوها عليه.. لقد كان هذا الرجل الذي صار دايا بعد ذلك من النوع المدلل، شديد الهم وكان سلوكه غريبا إلى حد يمكن وصفه بالجنون.. وكان يعيش تحت نوع من الرعب الدائم أدى بسلوكه اللين إلى التحول شيئا فشيئا نحو القسوة.. وهكذا صار الداي أحمد من ذلك النوع الغامض والمتشكك، الخائف من المؤمرات. فقد ملأ البلاد بالجواسيس وصار يقبض على السكان ويضربهم لأتفه الأسباب ولأدنى بلاغ. وقد مات هذا الداي في نهاية 1698 وخلفه في الحكم حسّان باشا. دالي ابراهيم: كان مرعبا وزير نساء خلال الخمسة أشهر التي بقيها في الحكم، وكان عليه أن يقمع ثلاث مؤامرات ضده. وفي يوم 14 أوت افتضح حين كان يحاول أن يعتدي على زوجة أحد الإنكشارية الذي كان غائبا عن البيت، فقد أطلقت عليه المرأة رصاصتين بمساعدة أحد عبيدها، وكانت النتيجة أن أصيب مما اضطره إلى الانسحاب إلى قصر الجنينة، وطاردته صرخات المرأة واستغاثتها الأمر الذي نبه اليولداش..وهنا تم قتله[6].علي الشاوش: كان رجل شرف وذوق وعقل متزن، وكان يشرف بنفسه على العدالة وإعطاء الحقوق لأصحابها، وخلال الأشهر الأولى من حكمه قطع أكثر من 1700 رأس، وبواسطة هذه العدالة القاسية وحدها استطاع أن يفرض النظام والأمن ويحكم بسلام.الداي على ملمولي: أو كما كان يطلق عليه علي سائس البغال. تولى في 11 ديسمبر 1754 . كان من أكثر الدايات إثارة للاحتقار وقد اختاره العسكر. كان بابا علي من قديم الزمان يقوم بعمله كسائس للبغال، كان جاهلاً، وعنيفا ومتعصبا كان يقع أحيانا في حالات من الغضب المجنون أو البلادة المفرطة. كان يعطي الأوامر بطريقة عشوائية وكان يلغي كل ذلك بعد بضع دقائق بناء على رأي أحد العبيد أو الخدم الذين كان يستشيرهم في شؤون الدولة قائلا: إني حمار، ولديك من العقل أكثر مما أملك ولذا عليك أن تقرر مكاني. ولم يكن هذا الداي يخفي أصله، وكان يظهر يده اليسرى التي كان ينقصها الشاهد، ويذكر لجسائه أنه فقد يده بسبب أحد البهائم التي كان يسوسها ذات يوم. وفي اليوم الموالي كانت تأخذه نوع من جنون العظمة ويخترع نوعا من الهيبة طالبا من الجميع أن يخضع له، ولم يكن يرد على التظلمات التي كانت تعرض عليه سوى بقوله: أنا زعيم فرقة من السراقين ومهنتي هي الأخذ وليس الإرجاع.[7] قسنطينة في عهد صالح باي:ظل صالح باي يتربع في هذا المنصب منذ إحدى وعشرين سنة، وكان متمكنا في إقليم قسنطينة، وأثبت كفاءته كقائد حرب وكحاكم إقليم، كما أظهر مهاراته خصوصا خلال حملات 1775 . وقد بلغ الداي حسّان أن صالح باي كان يعمل على الاستقلال بإقليم قسنطينة وأنه لهذا الغرض قام تحصينات هامة في المدينة. وفي الواقع فإن صالح باي لم يكن يطيع بسهولة تعليمات الداي، بل كان يرهب مناطق الامتياز ويفرض عليها الضريبة، ومع تقدم سنه فقد مثل كل الجبابرة، جميع الميزات الحسنة فيه وكان عدد أعدائه كل يوم في تزايد. وفي 8 أوت 1792 قرر الداي حسان تعويضه بابراهم الشرقي قائد سباو الذي انطلق نحو قسنطينة في اليوم ذاته رفقة ستين فارساً. وعندما علم صالح باي المغضوب عليه بقدوم الباي الجديد فكر في اللجوء إلى عنابة مع أمواله ولكنه أحجم عن قراره بإلحاح من الأتراك وحراسه من القبائل الذين قاموا بذبح الوالي الجديد... وقد وصل نبأ التمرد إلى الجزائر في 23 أوت وفي نفس اليوم قام حسن بوحنك مع مجموعة صغيرة من الإنكشارية بالتسلل إلى قصر الباي صالح الذي ألقي عليه القبض وشنق في 1 سبتمبر. وتحكي الرويات الشعبية أن الأحجار الكريمة التي كانت في ملابس الباي كانت تقدر 275000 دينار[8]. أواخر عهد الدايات:1. نلبليون بونابارت يهدد داي الجزائر: في 7 أوت 1802 ظهرت قطعة بحرية عسكرية قبالة سواحل الجزائر وكانت في مهمة تتمثل في إيصال رسالة من نابليون بونابرت إلى داي الجزائر هذا نصها: " إذا لم يكن الله قد أعماك وجعلك تقدم على تصرفات تضيّعك، فعليك أن تعلم من أنا وما الذي أستطيع فعله.. إذا لم أحصل على ترضية على طلباتي وإذا لم تضع حدا لوزرائك الذين يتجرأون على سب عملائي.. فإنني سوف أقوم بإنزال ثمانين ألفا من الجنود على سواحلك وسوف أحطم إيالتك..". وكان لهذه الرسالة وقع كبير على الداي مصطفى الذي تحول من الوقاحة الشديدة ضد عملاء فرنسا إلى نوع من الاحترام المطلق..2.مشاريع نابليون ضد الجزائر: كان نابليون بونابرت قد قرر الانتهاء نهائيا من القوى الموجودة في شمال إفريقيا وقرر ضمها إلى إمبراطوريته. وكان هذا القرار متضمنا في الاتفاقية السرية التي عقدها مع روسيا. وقد قام نابليون بإرسال ضابط الهندسة بوتان إلى الجزائر في ربيع 1808 لوضع مخطط عسكري للجزائر العاصمة ونواحيها، وهذه الخرائط مصحوبة بالتقرير الذي أرسله إلى وزارة الحربية كانت كلها في غاية الفائدة فيما بعد للغزو الفرنسي للجزائر. ولكن في هذا الوقت بالذات كانت العناية الإلهية قد أنقذت الجزائر مرة أخرى بسبب الخلافات بين القوى الأوربية[9]. ثورات ضد الدايات في الجزائر1. ثورة محمد بن عبد الله بن لحرش: قام بن لحرش سنة 1804 بقيادة جنوده في الحضنة ضد الأتراك، فجرد له الباي حملة والتقى الفريقان في بني فرقان وانطلق القتال عند واد زهور، قبل أن يتمكن بن لحرش من تجميع قواه وهذه الجرأة كلفته كثيراً[10].2. رجع القبائل إلى بلادهم ترقباً لموسم الحصاد، أما القومية في الضواحي وعلى رأسهم سكان فرجيوة فقد كسبهم الأتراك بسبب الذهب الذي تقدم به القايد حمودة، وعندما انطلقت المعركة على واد صراط، كانت نتيجتها وخيمة على الأتراك في 10 جويلية 1810 . حالة الجزائر على عهد آخر الدايات: تعرض الداي علي خوجة لإصابة بالطاعون في 1 مارس 1818 وعين خلفاً له خوجة الخيل حسين.. ولكن هذا الداي ظل منطويا على نفسه تقوم بحراسته فرق الزواوة. وكان داخل البلاد يتعرض بالكامل للفوضى والاضطرابات لدى النمامشة في الشرق ولدى الأوراس ولدى وادي سوف.بعد سنة تقريبا من اعتلاء الداي حسين للعرش وبالضبط في 5 سبتمبر 1819 جاءته فرقة عسكرية أنجليزية فرنسية تطلب منه الإمضاء على بنود اتفاقية مؤتمر أكس لاشابيل، الذي قررت فيه أوربا منع دول شمال إفريقيا من ممارسة القرصنة وتجارة العبيد. عندما كان الضابط الإنجليزي يبين للداي حسين قوة بريطانيا العظمى فأجابة الداي: إن نمرود على عظمته مات بلسعة ذبابة. وهذا التصرف من الداي يدل على قلة خبرته بالتحولات الدولية التي لم تكن في صالح الجزائر[11]. المحاضرة الرابعة: الثقافة والدين في الجزائر خلال العهد العثماني: أولاً- ممارســـة الإســـلام في المــدن: 1. المساجـد،التعليـم والأوقـاف: يصف أحد الباحثين في دراسة تاريخ المدن الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي ممارسة الإسلام، في هذه المدن بقوله: « إن الشعور الديني ظل حاضراً في جميع النشاطات الجماعية، ولكنه غالباً ما يأخذ طابعاً خاصاً في المدن، إذ تتميز هذه الأخيرة بوفرة مساجدها ومدارسها والمؤسسات الملُحقَة بها»[12]. وهكذا فإن حديثنا عن ممارسة الإسلام في المدن سيقودنا إلى الحديث عن المساجد والمؤسسات التعليمية المرتبطة بها، وكذا الحديث عن مصادر تمويلها. إن ما يعبّر عنه "بالإسلام المؤسساتي" هو الذي كان مرتكزا في المدن إذ نجد في هذه الأخيرة مؤسسات دينية ذات طابع رسمي تابعة للدولة، وكان علماء المدن الجزائرية في كل من العاصمة وتلمسان وقسنطينة يتميّزون عن العلماء في الأرياف[13]. ولا تكاد المؤسسات الثقافية بالجزائر في العهد العثماني تنفصل عن المسجد والمدرسة والزاوية والمكتبة. ومعظم هذه المؤسسات كانت للتعليم أكثر مما كانت للثقافة بمفهومها المعاصر[14]. وظاهرة التعليم في الزوايا لم تكن خاصة بالريف الجزائري، لأن المدن أيضا كانت تتوفر على زوايا تقوم بدور معتبر في نشر التعليم بجميع مستوياته. ومن هذه الزوايا التي لعبت دورا هاما في هذا المجال، زاوية الفكون في قسنطينة، وزاوية مازونة(*) وزاوية عين الحوت بتلمسان وزاوية محمد التواتتي في بجاية. إن معظم هذه الزوايا بالمدن خلال العهد العثماني كانت معطّلة عن التعليم، وذلك نظرا لوجود الكتاتيب من جهة، ووجود المساجد المتخصصة من جهة أخرى. وكثرت بالمدن - في مقابل ذلك- الأضرحة والقباب والزوايا التي كانت تؤدّي دورا اجتماعيا، كإيواء الفقراء والعجزة والغرباء والهاربين إليها من المجرمين والسياسيين الذين يطاردهم الحكام الأتراك، كما كانت تقوم باستقبال التلاميذ الذين يزاولون دراستهم في المساجد المجاورة[15]. أ. المساجد: أما المساجد فكانت العناية بها واضحة في المجتمع الجزائري خلال العهد العثماني، فلم تكن تجد حياً في المدينة إلاَّ وله مسجد خاص به، وكان المسجد ملتقى للعبادة، ومكان اجتماع أعيان المدينة ومحور نشاط الحياة العلمية والاجتماعية. وكان يمثل روح الحي في المدينة، وحوله كانت تنتشر السّكنات والأسواق والكتاتيب. وكان أعيان الأحياء في المدن يساهمون بالتبرعات لبناء المساجد، لأن الدولة لم تكن تتحمل مسؤولية ذلك[16]. ولكن الأعيان، وأغلبهم كانوا من الحكام بايات ودايات، فكانوا يتبرعون ويبنون المساجد وينسبونها لأنفسهم، ويساهمون في توسيعها وتزيينها[17]. ولم يكن ذلك -في نظرنا- يخلو من هدف سياسي معلن أو خفي. غير أنه لا يمكننا أن نتحدث، خلال العهد العثماني عن استقلالية تامة لوظيفة المساجد -في المدن خصوصاً- عن نظام الحكم. كما لا يمكن -أيضا- الحديث عن تبعية تامّة لهذه الأخيرة للحكام. وذلك يعني أن السُّلطة العثمانية بالجزائر كانت تتدخل أحيانا في المسائل الدينية، ولكن ليس باستمرار[18]. وهذا في- رأينا - أمر طبيعي مادامت السلطة العثمانية تحكم المجتمع الجزائري باسم الإسلام، وما دام هناك تداخل بين الديني والزمني في الثقافة الإسلامية، ولن يكون الأمر كذلك بالنسبة للسلطة الاستعمارية الفرنسية فيما بعد.[1] De Grammont, p.276 [2] De Grammont, p.248 [3] De Grammont, p.269 et 293 [4] De Grammont, p.273 [5] De Grammont, p. 249 [6] De Grammont, p.255 [7] De Grammont, p.248 [8] De Grammont, pp.274-275 [9] De Grammont, pp.291 [10] De Grammont, p. 248 [11] De Grammont, p. 300 [12] Sari (D.), les villes précoloniales de l’Algérie occidentale, 2 e ed., S.N.E.D, Alger 1978, p.47. [13]Adala (M.), La place de la culture musulmane dans la vie socio-politique de l’Algérie, p.220 سعد الله (أبو القاسم )، تاريخ الجزائر الثقافي ، ج1 ، م،و.ك، الجزائر 1985 ، ص.223 [14] (*) يذكر المهدي البوعبدلي أن مدرسة مازونة استمرت في أداء دورها التعليمي إلى غاية بدايات الحرب العالمية الثانية. سعد الله (أبو القاسم)، تاريخ الجزائر الثقافي،ج1 ،ص.268 [15] نفسه، ج.1 ، ص ص. 244_245 [16] [17] Sari (D), Op. Cit., p.47[18] Cristellow (A.), “Algerian Islam in the time of transition”, in : The Maghreb review, vol.8=5-6,1983,p.125 | |
|