اتهامات للمنظمة
ويرى أصحاب هذه النظرة أن خبراء منظمه الصحه العالميه يبالغون إلى حد بعيد في توصياتهم، فى حين أن الأوضاع الميدانيه فى الدول قد لا تشير إلى ما يحذرون منه، ويستدلون على ذلك بأمرين الأول: هو الطبيعه المتسارعه لإداره الموقف من قبل منظمه الصحه العالميه فالبيان الأول الصادر عن المنظمه كان تاريخه يوم 24 أبريل ويشير إلى سبع حالات مصابه بمرض شبيه بالأنفلونزا فى الولايات المتحده والمكسيك، وفى ذات البيان قالت المنظمه: إن الحالات فى المكسيك بدأ تسجيل رصدها من 18 مارس ووصفت بأنها (الأنفلونزا المعتدله) حتى تم تسجيل 854 حاله التهاب رئوى فى العاصمه وأدت 59 منها إلى الوفاة، ثم قال البيان: إن تحليلا لـ18 حالة من مجموع الحالات هى لأنفلونزا الخنازير . وفجأه اعتبرت المنظمه فى بيانها أن تلك الحالات هى مدعاة كبيرة للقلق لأنها حالات بشريه مرتبطه بفيروس من فيروسات الأنفلونزا التى تصيب الحيوانات . وفى يوم 26 أبريل وزعت المنظمة مجموعة من إجابات الأسئله التى ترى أنها شائعه حول أنفلونزا الخنازير، وقالت المنظمه: إنه يمكن أكل لحم الخنازير بعد طهوها جيدا عند درجه 70 مائويه ونفت وجود لقاح لحمايه البشر من المرض،لكنها عادت وقالت: إن بعض الدول تملك أدويه قادره على توقى المرض وعلاجه بفعاليه، وعددت مكونات الدواء التى تشير إلى المنتج التجارى (تامفلو) ومايماثله . وفى يوم 27 أبريل أصدرت المنظمه بيانان ، الأول يقول: إن الأوضاع الراهنه للمرض تشهد تطورا سريعا ولم توص المنظمه بفرض قيود على حركه السفر العاديه وطلبت من باب الحيطه إرجاء الرحلات ، ونفت مجددا انتقال المرض من تناول لحم الخنزير . البيان الثانى فى نفس اليوم أعلن رفع مستوى الإنذار من الحاله 3 إلى الحاله 4 مايعنى أنه يمكن أن يكون هناك احتمال وباء ولكن حدوثه ليس أمر حتمى ، فى اليوم التالى أصدرت المنظمه البيان الذى يؤكد وجود تطورات سريعه وظهور الحالات فى سبع بلدان، وفى يوم 29 ابريل رفعت مدير عام المنظمه إلى الحاله الخامسة، وقالت: إن على جميع البلدان أن تتأهب لمواجهة الوباء، وأن تحافظ على درجه عالية من التيقظ إزاء حدوث تفشى غير عادى من أمراض الأنفلونزا والالتهاب الرئوى الوخيم .
البيانات المتلاحقة والتحذيرات المبالغ فيها رغم عدم وجود ما يؤيدها على الأرض فى مختلف البلدان انعكس على العلاقه بين المنظمات الدوليه المتعلقه بصحه الحيوان والإنسان وغيرها، وهو مادفع منظمه الفاو – المنظمه الدولية للاغذية والزراعة – إلى إصدار بيان قالت فيه: إن فرقها البحثيه تحاول التحقق مما إذا كان للمرض أى علاقه بالخنازير، وأكدت المنظمة أنها لم تزل غير متأكده من ارتباط الخنازير بحالات الوفاه بين البشر، على حد قولها .
حماية جماعية للخنازير!
فى يوم 30 أبريل ، اضطرت منظمه الصحه العالميه إلى أن تشترك فى إصدار بيان مع كل من الفاو ومنظمه صحه الحيوان عنوانه (مأمونيه لحم الخنزير) وقال البيان: إنه ليس من المعروف أن فيروسات الأنفلونزا تنتشر بين البشر عن طريق تناول لحم الخنزير المجهز أو سائر المنتجات الغذائيه المأخوذه من الخنازير. وأضاف البيان : من شان التسخين الشائع فى طهى اللحوم أن يقضى بسهوله على أى فيروسات يحتمل وجودها فى منتجات اللحم النيء، ولكنها طلبت من السلطات المحلية عدم استخدام اللحوم المريضه او النافقه.
دوافع المؤامرة
هناك عدة دوافع خلص إليها متبنو هذه النظرية وهي:
1- الرغبه فى صرف أنظار الرأى العام عن ضغوط الأزمه الاقتصاديه العالميه بحيث يكون الإحساس بالخطر الصحى أقوى من الإحساس بالخطر الاقتصادى وهو مايؤدى إلى إتاحه الفرصه أمام صناع القرار لكى يتخذوا مواقف معينه قد لايقدرون عليها فى توقيتات أخرى، أو تخفيف الضغوط عنهم فى معالجه الأزمه الاقتصاديه. ويرى أصحاب هذه النظرية أن هناك سوابق لمثل هذه الأفعال عندما تم التحذير بشكال مبالغ فيه أيضا من أمراض مثل(جنون البقر- الحمى القلاعيه – الجمره الخبيثه – السارس – أنفلونزا الطيور) وانتهى الأمر إلى لا شيء فعدد من قتل في كل هذه الأمراض لا يتجاوز عدد القتلى في سقوط طائرة أو غرق سفينة.
2- الرغبه في تطوير الأبحاث العلميه فى مجالات الأنفلونزا والأمراض الوبائيه والحصول على نفقات ماليه غير متوفره الآن نتيجة للشعور بالأمان خصوصا مع الأزمة المالية، وقد قالت صحيفة "النيوريوك تايمز" في تحليل لها: إن الأزمه الاقتصاديه قد أدت إلى تقليص النفقات الماليه المخصصه للقطاع الصحى على المستوى الفيدرالى وعلى المستوى المحلى فى كل ولايه أمريكيه؛ ما أدى إلى فقدان الآلاف من العاملين لوظائفهم رغم أن الحاجه تبدو ماسه لجهودهم فى مواجهه وباء أنفلونزا الخنازير، وشككت الصحيفه فى مصداقيه مايردده كبار المسئولين فى القطاع حول قدرتهم على مواجهه الوباء بالإمكانيات الحاليه.
3- الرغبه فى رفع قيمه وأسهم الشركات الكبرى المنتجه للأدويه فى هذا المجال ، وزياده الطلب على منتجاتها ، فقد ارتفعت أسهم شركه روش بنسبه 4% وأسهم شركه جلاسكو سميث كلاين البريطانية بنسبه 3% ، كما ارتفعت أسهم شركه (بيوتا هولدينجز) الأستراليه التى أصدرت ترخيص دواء (ريلينزا) لشركه جلاسكو، وهو مشابه لدواء (تامفلو) بنسبه 8%. وقال محلل فى شركه بريطانيه للوساطه الماليه: "إنه مامن شك أن هناك فائده متصوره فعلية من انتشار الحديث عن المرض.." ومما يؤكد ذلك ما قاله (راى موينهان) ، وهو أحد أشهر الكتاب فى المجال الطبى في كتاب صدر عام 2005 باسم : (بيع المرض – كيف تحولنا شركات الأدويه جميعا إلى مرضى ؟)، وقال فيه: إن شركات الأدويه قد أعادت تعريف المرض والصحه وبالتالى دواعى وصف الدواء؛ ما أدى إلى تحقيق قفزه نوعيه فى مبيعات الأدويه، عبر استراتيجيه تسويقيه مكثفه تستخدم فيها الأطباء والمشرعين الحكومين والهيئات العمليه والأكاديميه لتوسع سوق مبيعاتها على حساب الأصحاء والمرضى على حد سواء .