مسؤولية المستشفى
و ما قد يؤكد رابطة التبعية بين الطبيب و المستشفى هو نص المادة 3 من المرسوم التنفيذي 92- 276 المتضمن مدونة أخلاقيات الطبيب , إذ تقضي المادة بخضوع الطبيب للمسؤولية التأديبية أمام المجلس الوطني لأخلاقيات الطب , وهذا يفرض وجود علاقة تبعية ة لو كانت تبعية أدبية .
و في هذا الحال إذا قلنا بوجود علاقة تبعية بين الطبيب و المستشفى فإن هذا يستوجب تحمل المستشفى مسؤولية التعويض عن الأضرار الواقعة بسب أخطاء موظفيها .
الفرع الثاني : أساس مسؤولية المستشفى العام .
إذا كان الاعتراف بوجود مسؤولية الإدارة أصبح قائما إلا أن النقاش بقيا حول الأساس القانوني الذي ترتكز عليه هذه المسؤولية فإذا كانت القواعد العامة في التشريعات المدنية تستند إلى مبدأ عام يقرر وجوب التعويض عن كل خطأ يسبب ضررا للغير , فإن المشكلة التي يمكن أن تثار بصدد مسؤولية الإدارة تبرز من خلال التساؤل عن نطاق هذه المسؤولية و مدى تطبيق المبدأ السابق الذكر خصوصا إذا لاحظنا أن الإدارة شخص اعتباري نادرا ما يستند الخطأ إليه و أن الأخطاء التي تقع منها تصدر عن عمالها و موظفيها..............(1).
الذين هم أشخاص طبيعيين يمكن نسب تلك الأخطاء إليهم ثم إن هناك من الأنشطة التي تقوم بها الإدارة لا تعد أخطاء بالمعنى القانوني المقرر في المسؤولية و قواعدها العامة , و ينتج عن ممارستها أضرار تلحق بالأفراد فهل تسأل الإدارة عن هذه الأعمال ؟.
إن هذه التساؤلات أثارها الفقه الإداري و توقف عندها القضاء و عالج بعض جوانبها التشريعات , و بدون الدخول في تفاصيل التطور التاريخي لهذا الأساس ..............(2).
فيمكن القول أن الأساس القانوني الرئيسي الذي تقوم عليه مسؤولية المتشفى في الوقت الحاضر يتمثل في الخطأ و استكمل هذا الأساس بنظرية المخاطر و هناك مسؤولية لا تبنى على أساس الخطأ أو المخاطر و إنما على القانون المباشرة .................................................. ..............................
.
(1) مسؤولية الطبيب و الصيدلي داخل المستشفيات العمومية
بحث للحصول على درجة الماجستير في الإدارة و المالية للطالبة حميدة جمعة 2001
(2) راجع إن شئت : قانون المسؤولية الإدارية للدكتور رشيد خلوفي , ديوان المطبوعات الجامعية , الجزائر ,ص 74.
(3) يمكن الرجوع إلى المادة 210 و ما بعدها من المرسوم التنفيذي 92-276 المتضمن مدونة أخلاقيات الطب .
يمارس المستشفى إلى جانب نشاطه الإداري و التنظيمي نشاطا أساسيا أسس من أجله و هو النشاط الطبي , و يتميز هذا النشاط بأعمال مختلفة يقوم بها تقنيون مختلفون تطرح على القاضي مشاكل تحديد مسؤولية المستشفى .و قد توصل كل من الفقه و القضاء الإداريين إلى تحديد النشاط الطبي و ذلك بالتمييز بين العمل الطبي و العمل العلاجي
ففي مرحلة أولى اعتمد على المعيار العضوي للتمييز بين العمل الطبي و العمل العلاجي و من خلاله يكون .
العمل الطبي : هو ذلك العمل الذي يقوم به الطبيب أو الجراح أو المختص و كذلك العمل الذي يقوم به تقني أخر تحت إشراف الطبيب أو الجراح أو المختص و تقوم المسؤولية هنا على أساس الخطأ الجسيم .
العمل العلاجي : هو العمل الذي يقوم به التقنيون الآخرون غير الأشخاص المذكورة ضمن العمل الطبي و تقوم مسؤولية هؤلاء على أساس الخطأ البسيط .
أنتقد هذا التمييز القائم على المعيار العضوي لأنه غير مقنع و في غير صالح الضحية خاصة في حالة العمل الطبي إذ يقوم الطبيب ببعض الأعمال العلاجية الخفيفة مما يصعب على الضحية إثبات الخطأ الجسيم في هذه الحالة و لهذا فقد تخلى القضاء الإداري عن هذا المعيار و أخذ بالمعيار المادي الذي يستند على طبيعة العمل . إذ يعتبر العمل الطبي هو العمل الذي يتميز بصعوبة جدية و يتطلب معرفة خاصة و يكون عملا علاجيا عندما يقدم العمل العادي .
صور الخطأ الطبي :
1- رفض علاج المريض :
هناك واجب إنساني و أدبي على الطبيب تجاه المريض و المجتمع الذي يحيا فيه إلا أن هذا الالتزام يتحدد بنطاق معين و في ظروف معينة إذ نصت المادة 9 من المرسوم التنفيذي 92-276 على ما يلي "يجب على الطبيب أو جراح الأسنان أن يسعف مريضا يواجه خطرا وشيكا ,أو أن يتأكد من تقديم العلاج الضروري له ". فالطبيب الذي يعمل بمستشفى عام ليس له أن يرفض علاج أحد المرضى الذي ينبغي عليه علاجه ...................(1).
.................................................. ..............................
................................................
(1) ا,طاهري حسين : الخطأ الطبي و الخطأ العلاجي في المستشفيات العامة .دار هومة ,الجزائر ,طبعة 2002,ص 21.
2- تخلف رضا المريض :
القاعدة العامة أنه يلزم لقيام الطبيب بالعلاج أو العمليات الجراحية الحصول على رضا المريض طبقا للمادة 44 من المرسوم التنفيذي 92-276 و تخلف هذا الرضا يجعل الطبيب مخطأ و يحمله قيمة المخاطرة الناشئة عن العلاج حتى و لو لم يرتكب أدنى خطأ في مباشرته و يزداد أهمية الحصول على رضا المريض كلما كان العلاج أو الجراحة ينطوي على كثير من المخاطر .
3- رفض المريض العلاج :
يعفى الطبيب من المسؤولية إذا رفض المريض التدخل الطبي لكن تشترط المادة 49 من المرسوم 92-276 أن يكون رفض المريض للتدخل كتابة .
4- التزام الطبيب بإعلام المريض :
يقع على عاتق الطبيب التزام بإعلام المريض بطبيعة العلاج و مخاطر العملية الجراحية .
5- الخطأ في التشخيص :
يسأل الطبيب على أخطاء التشخيص إذا كانت جسيمة و ينطوي على جهل بالعلوم الطبية وكان الغلط غير مغتفر كما إذا كانت علامات و أعراض المريض من الظهور بحيث لا يفوت على الطبيب مثل الذي قام بالتشخيص .
الخطأ العلاجي :
يتولد الخطأ العلاجي عادتا على العمل الذي يقوم به مساعدو الأطباء من تقنيين و ممرضين و يكفي قيام الخطأ البسيط لمساءلة المتسبب في الخطأ , فالنشاط العلاجي يتسم بالبساطة و لذا يتولد عند خطأ بسيط و يعد خطأ علاجي الإهمال في المراقبة أو إعطاء أدوية بطريقة سيئة ...الخ.
فالمعيار المعتمد للتمييز بين الخطأ الطبي و العلاجي لا يتوقف عند القول أن النشاط الطبي هو ذلك العمل الذي يقوم به الطبيب أما النشاط العلاجي فهو العمل الذي يقوم به الممرض لأن الطبيب قد يقوم بنشاط علاجي إلى جانب النشاط الطبي .