01.16المختصر في تاريخ الجزائر جلسة يوم 09/12/2009م الموافق ليوم 22 ذي الحجّة 1430هـ
أيّها السادة الحضور، مُحبّي الثقافة وعشّاق المعرفة.
في هذه الجلسة اخترتُ أن أقتبس فقرات من كتاب جديد مختصر جدّا، وصاحبه نفسه سمّاه:
المختصر في تاريخ الجزائر من عهد الفينيقيين إلى خروج الفرنسيين
(814ق.م إلى 1962م).
الكتاب يحتاج إلى بعض الملاحظات، ولكن هدفي في هذه الحصّة أن
أذكر لكم من الكتاب الخطوات الأولى التي حملت نفحات الإسلام ورياحه
المباركة إلى هذه الديار، جاء بها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.
ولو شاء الله، ولولا جهود أولئك العظام لكنّا من الوثنيين والمشركين الذين قال الله تعالى فيهم: (
إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ)، وقال:
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِندَ اللَّهِ الذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لاَ يُومِنُونَ).
الكتاب -كما قلتُ لكم- مختصر
جدّا، والذي أريده إلقاء الضوء على الأحداث الأولى لفتح شمال إفريقيا، وكان
ذلك عند خلافة عثمان بن عفّان t سنة 26هـ، حيث أذن لعامله على مصر
بالتقدّم إلى أفريقيا لنشر دين الله، والدعوة إلى الإسلام، فكانت الغزوة
المعروفة بعزوة العبادلة، اجتمع فيها خمس أو ستّ من الصحابة الكرام يسمّون
بعبد الله.
ثمّ كانت بعد وقائع غزوة عقبة بن نافع الفهري t سنة 62هـ، عندما عاد إلى إفريقيا.
وبهذه الغزوة وبالأعمال الكبرى التي قام بها عقبة بن نافع
لتوطيد الإسلام وحماية المسلمين والذين دخلوا في الإسلام من البربر من
انتفاضات البرابرة بمعاونة ومساعدة الرومان (من رومة) على شمال إفريقيا،
فو ضع لهم حدّا لهجماتهم وانتقاضاتهم، فخلصت مناطق شمال إفريقيا إلى
الإسلام نهاية ووضع فيها جيرانه، وشاعت أنواره وعمّت هدايته.
وقال مؤلّفُ الكتاب في شأن توطيد الإسلام ببلاد المغرب على عهد الفاتح عقبة بن نافع ما يلي:
«لقد قام بمسح عامّ وواسع لمعظم مناطق المغرب الأوسط والأقصى حتّى طنجة، حيث لم يبق أمامه إلاّ مياه المحيط الأطلسي…
وبدأت الدعوة الإسلامية تنتشر، حيث بدأ الناس يقبلون عليها
بصدر رحب بعدما آمنوا واقتنعوا بما جاءت به من رحمة وهداية وعدالة وأخوّة
ومساواة بين الناس، حيث لا فرق بين عربي وأعجميّ إلاّ بالتقوى…». (د.صالح
فركوس، المختصر في تاريخ الجزائر…، ص45-46).