مشروع التوريث دخل مرحلة متطورة جدا
تتطرق الناشطة الحقوقية المصرية رشا في هذا الحوار مع (الشروق اليومي) إلى جبهة التغيير الديمقراطي في مصر التي يقودها الدكتور محمد البرادعي لمنع توريث الحكم لجمال مبارك، وكذا أزمة مصر مع دول حوض النيل التي تشكل خطرا حقيقيا على الحكومة المصرية، خاصة بعد دخول إسرائيل اللعبة ورغبتها في دعم وتمويل دول المنبع من خلال بناء ثلاثة سدود في أوغندا ورابع في إثيوبيا.
ما هي توقعاتك لمستقبل مصر خاصة بعد ظهور البرادعي الذي يقود حركة التغيير لمنع توريث الحكم لجمال مبارك؟
لن يكون التغيير في مصر إلا بعد تحرك القطاعات العريضة صاحبة المصالح الرئيسية والنخبة التي تعمل لوحدها حتى الآن، وهو ما جعل النظام مطمئنا وغير خائف من الأحداث التي تجري في البلاد، وفيما يتعلق بالتوريث فهو مشروع سارٍ ودخل مرحلة متطورة جدا خلال هذه الأيام، وهذا ما دفع بجمال مبارك إلى التكلم عن كل ما يتعلق بالشعب المصري، وكأنه رئيس حكومة وليس مجرد أمين لجنة في الحزب الحاكم، وأمام مشروع التوريث إحتمالان، إما أن يستكمل بمساعدة مؤسسات مهمة في الدولة، أو أن يحدث صراع داخلي في الحكم وتتغير الصورة إلى سيناريو مجهول لا يعلمه أحد، كما أنني أستبعد احتمالية الفوضى على الأقل في الوقت الراهن، وبالنسبة للبرادعي ففي اعتقادي أنه جاء أساسا ليهز الأرض فقط، لأنه لم يطرح أي بديل جدي، وبالتالي سوف يفقد أي تأثير له بمرور الوقت إذا لم يتطور ولم يطرح بديلا للنظام في مصر، خاصة وأنه ليس لديه أي خلاف مع الطبقات العليا في المجتمع ولم يتحدث عن العدالة الاجتماعية وعلاقة مصر بإسرائيل وأمريكا.
* بماذا تفسرين توتر العلاقات المصرية خلال الفترة الماضية بكثير من الدول والحركات مثل سوريا وقطر والجزائر ودول حوض النيل وحزب الله وحماس؟
* النظام المصري فقد شرعيته ودوره ليس فقط على المستوى المحلي، وإنما على المستوى الدولي أيضا، في الوقت الذي تسعى فيه كل من قطر والسعودية وإيران إلى الدور الذي كانت تلعبه مصر في المنطقة العربية بعد تجزئه، فالنظام كان مهتما بتأمين نفسه من المعارضة ومن الشارع حتى يضمن وجوده، ونسي مصالح مصر العليا، وأهمل كثيرا العلاقة بالسودان وكان بإمكاننا أن نمدهم بجزء من كهرباء السد العالي، كما كان متفقا عليه عند بناء السد في الستينات، بدلا من أن تغرق الخرطوم وعدد كبير من المحافظات السودانية فى ظلام دامس، وكان من الممكن أن تستمر العلاقة مع اثيوبيا بزرع القمح هناك وشراء اللحوم والأبقار والعلاقات الاقتصادية المختلفة، كما كان من الممكن أيضا أن تحتوي مصر حزب الله بدلا من مهاجمته، وأنا في لبنان التقيت بقيادي أمني لبناني صرح لي بمعلومة جديدة ومهمة جدا، مفادها أن مصر قامت بتدريب مجموعات مسلحة تابعة لحزب المستقبل التابع لسعد الحريرى ومجموعة 14 آذار، وبعدها بشهور بدأت توترات مسلحة بين المستقبل وحزب الله، هذا الأخير هو من حسم المعركة لصالح مصر، وبالنسبة لحماس والقضية الفلسطينية، أرى أن النظام يلعب مع حماس وإسرائيل وطبعا فتح، ونسي من بين هؤلاء جميعا الشعب الفلسطيني، وفيما يتعلق بأزمة الجزائر ومصر، فذهاب مبارك إلى الجزائر لتعزية بوتفليقة في وفاة شقيقة، دليل على أن الحكومتين لم تقطعا صلاتهما ببعض، وأن الخلاف حصل بين الشعبين.