توحيد جناحي حزب البعث العراقي ينتظر رد عزة الدوري

يتجه المشهد السياسي في بغداد
يوما بعد يوم إلى التصعيد المستمر
تأكيدا للصراع المستفحل بين الكتل
المتناحرة على السلطة وتشكيل حكومة
ما بعد الانتخابات، ومع امتداد فترة
التلكؤ والتباطؤ تنذر بالمزيد من التدهور
الأمني والسياسي.
وإزاء هذا الواقع ينقسم المراقبون
إلى فريقين، بين متلذذ بما يحصل لأن
ما يجري يؤكد مواقف قوى المقاومة التي
ترى أن ما بناه الاحتلال لن يكون مآله
غير هذا الفشل، وقد وجدت هذه القوى
هذا التدهور فرصة للظهور من جديد،
مثلما حصل الخميس في الاجتماع غير
المسبوق في العاصمة السورية دمشق،
والذي دعا صراحة إلى التمسك بخيار
المقاومة ورفض الانخراط في ما يسمى
"العملية السياسية" وأن كل من فيها هم
عملاء لأكثر من جهة وبالطبع على رأس
هذه الجهات الولايات المتحدة وإيران.
ومقابل هذا الفريق يوجد فريق
آخر، هو أقل شأنا شعبيا ولكنه طاغ
في وسائل الإعلام، ويقول هذا الفريق
إن ما يجري معركة بين "وطنيين" ممثلين
بالخصوص في القائمة "العراقية"
بزعامة إياد علاوي، وبين متمسكين
بالسلطة وأعداء للديمقراطية ويعنون
بالتحديد رئيس الوزراء المنتهي نوري
المالكي الذي تضع سياسته منافسيه
بين أمرين وهما: السلطة أو هدم المعبد،
أو هكذا يريد أن يقول لهم.
وعلى افتراض أن الاحتلال
الأمريكي قد بنى "دولة" في العراق على
أنقاض دولة العراق الوطنية، فإن دولة
الاحتلال مهددة بالهدم، ويتبين ذلك
من ردود الفعل التي ظهرت من المالكي
دليلا وما تؤكده من تمسك بالسلطة فهو
في تصرفاته يدفع بما بناه الاحتلال
الى الهاوية غير مبال ولا آبه للعواقب
الكارثية لافعاله، بالنسبة إليه ان يظل
رئيسا للوزراء ويجلس على الكرسي
المحروس في المنطقة الخضراء، وحتى
لا يبدو وكأنه متشبث وإنما هدفه هو
خدمة "العراقيين" خرج المالكي بنفسه
الأسبوع الماضي ليقول إن قواته قتلت
زعيمي القاعدة ابو ايوب المصري وابو
عمر البغدادي وحاول المالكي أن يظهر
بوصفه الزعيم القوي الذي قاد هذه
العملية في حين ان العملية هي امريكية
١٠٠ ٪ فان فرحة المالكي وانصاره لم
تستمر طويلا حيث سرعان ما وجهت
وزارة الخارجية الامريكية والمخابرات
الامريكية ضربة موجعة للمالكي من
خلال تسريب معلومات عبر السفارة
الامريكية لصحيفة لوس انجلوس عن
السجن السري الذي يديره المالكي في
بغداد والذي يحوي المئات من رجال
الموصل السنة وعن عمليات التعذيب
الرهيبة وهتك اعراض التي يتعرضون
لها والتي تتم باوامر مباشرة من المالكي،
وسرعان ما نشرت منظمة هيومن رايتس
ووتش المرتبطة بالمخابرات الامريكية
تقريرا مفصلا في حملة اعلامية حطمت
صورة المالكي بوصفه الرجل "غير
الطائفي" صاحب كتلة "دولة القانون"
وصاحب حملة فرض القانون فالمالكي
الذي شعاره دولة القانون هو المنتهك
الاول للقانون في العراق هذا ما اظهرته
هذه الحملة والتي فوجئ بها المالكي
والمقربين منه وبدأوا يتلقون ضرباتها
الموجعة في وسط حالة من الفوضى
عمت مكتبه الحكومي الذي يشرف
على السجن المخصص لتعذيب رجال
الموصل السنة.
وأي مراقب يمكن أن يكتشف
ببساطة أن حادثتي الإعلان عن مقتل
زعيمي القاعدة والكشف عن السجن
السري لا يخرجان عن دائرة الصراع
المتواصل بين الكتل، ويبدو أن الدائرة
ستتسع أكثر مع دخول عناصر جديدة،
وهذه العناصر بدأت أولى مؤشراتها
تظهر في العراق وفي العواصم الإقليمية
المجاورة.
ومن هذه التطورات، نظمت جبهة
للمقاومة العراقية ضمنها حزب البعث
"المحظور" في العراق منذ ٢٠٠٣ ، مساء
الخميس المنقضي اول اجتماع علني
لها في دمشق، مؤكدة على دعم المقاومة
ورفض الانخراط في العملية السياسية
بالعراق.
وشارك مئات الاشخاصفي
الاجتماع الذي دعت إليه "الجبهة
الوطنية والقومية والديمقراطية في
العراق" التي تضم حزب البعث العربي
الاشتراكي -قيادة قطر العراق (جناح
محمد يونس الاحمد) والحزب الشيوعي
العراقي واتحاد الشعب وممثلي القبائل
وتجمع الادباء المناهضين للاحتلال.
وقال غزوان كبيسي نائب امين
سر حزب البعث (جناح محمد يونس
الاحمد الذي كان شغل منصب محافظ
الموصل في عهد صدام حسين)،
لوكالة الصحافة الفرنسية ان "البعثيين
مازالوا يقاتلون" مؤكدا ان "جناحي
البعث لديهما قاعدة شعبية داخل البلد
تقاتل وتنتظم وتستكمل حلقات الحزب
وتستمر بفاعلية".
وهو يشير على ما يبدو الى جناح
آخر لحزب البعث يقوده عزة الدوري
اهم رموز النظام العراقي السابق الذي
كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس
قيادة الثورة اعلى سلطة قيادية في
العراق في عهد صدام حسين.
وانقسم حزب البعث العراقي اثر
غزو العراق في ٢٠٠٣ الى جناحين
احدهما بقيادة الدوري والثاني بقيادة
الاحمد.
ورفض كبيسي الدخول في العملية
السياسية في العراق معتبرا انها تقوم
"تحت خيمة الاجنبي وبقيادة عملاء
ايران وامريكا واسرائيل" متابعا "لا
يمكن ان نتوافق معهم ...انهم يتكلمون
عن المصالحة الوطنية وهم بعيدون عنها
فهم يجتثون كل ما هو بعثي وكل ما هو
وطني"، على حد قوله.
ونفى الاتهامات التي الحقت بالبعث
حول التفجيرات الدامية التي اودت
بحياة مئات العراقيين وقال "انهم
يلصقون تهمة على كل مقاوم بانه بعثي،
نحن نتشرف بالمقاوم ولكن بالنسبة لنا
الدم العراقي محرم هو خط احمر فلا
يمكن ان نعمل ضد العراقيين".
كما اكد امين عام الجبهة عدنان
سليم لوكالة الصحافة الفرنسية انه "لا
يمكن ان تكون عملية سياسية في العراق
وانتخابات عراقية في ظل الاحتلال".
وشدد ممثل هيئة علماء المسلمين،
عضو الامانة العامة يحيى الطائي
في كلمته ان "المراهنة على العملية
السياسية بكل مساراتها هو رهان
فاشل بدليل ان كل حكومات الاحتلال
الاربعة التي تعاقبت لم تستطع ان تنتج
مشروعا وطنيا او ان تخرج العراق من
محنته او ان تدافع عنه".واضاف ان
"المقاومة العراقية هي استجابة لواجب
شرعي وقطري وقد كفلت المواثيق
الدولية هذا الحق الساعي الى التحرير
والاستقلال".
واوضح عدنان سليم "ان الغاية من
جمع الفصائل توجيه رسالة الى الشعب
العراقي اننا في بلاد المهجر مع المقاومة
نقف مع المقاومة ونرصدها وندافع عنها
ونرفدها بالرجال" معتبرا ان "العراقي
عندما يعود الى بلاده لا يعد متسللا".
وتزامن هذا المهرجان، مع تصعيد
القائمة "العراقية" بزعامة اياد علاوي
نبرتها الهجومية داعية الى استخدام
كل الاسلحة السياسية المتاحة لمواجهة
القرارات المتعلقة بالغاء نتائج فائزين
من اعضائها بالانتخابات البرلمانية
الاخيرة.
وفي حين دعا نائب "رئيس
الجمهورية" طارق الهاشمي الى عقد
اجتماع عاجل للرئاسة العراقية لتطويق
انعكاسات قرارات "هيئة المساءلة
والعدالة"، حض قيادي في لائحة علاوي
المجتمع الدولي الى التحرك لعزل حكومة
نوري المالكي من السلطة.
فقد دعا الهاشمي (القيادي في
القائمة العراقية) "رئيس الجمهورية"
جلال الطالباني ونائبه عادل عبد المهدي
"لعقد اجتماع عاجل لمجلس الرئاسة
للبحث في اتخاذ خطوات واضحة لوقف
إجراءات هيئة المساءلة والعدالة ضد
القائمة العراقية"، مؤكداً أن "قرارات
الهيئة أصبحت مصدر إرباك وقلق
لجميع الكتل السياسية في البلاد".
وتأتي دعوة الهاشمي عقب مطالبة
علاوي اثر لقائه للأمين العام لجامعة
الدول العربية عمرو موسى بتدخل
الجامعة العربية وان تقوم بدورها
والاتصال بالأمم المتحدة ومجلس الأمن
لتنفيذ بنود الدستور العراقي، خصوصاً
وان البلاد مازالت تحت البند السابع
وكون مجلس الامن قد اصدر قرارا
يشيد فيه بالعملية الانتخابية ونتائجها.
وفي سياق متصل، شدد القيادي في
"القائمة العراقية" سلمان الجميلي على
الحاجة لخلع حكومة نوري المالكي
بالطريقة نفسها التي اتبعت مع نظام
الرئيس الراحل صدام حسين.
وقال الجميلي في تصريح صحافي
ان "الحكومة الحالية بحاجة إلى
إزاحتها كما تم ازاحة حكومة صدام من
قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي
نتيجة لانفراد بعض الأحزاب بالسلطة
وعدم قبولهم بالتداول السلمي للسلطة
عن طريق الانتخابات".
في غضون ذلك، شدد المالكي على
رفض ما وصفها ب"مصادرة إرادة
العراقيين والعمل بأجندات خارجية".
ونقل بيان عن المالكي تأكيده خلال
لقائه الخميس وفدا من مجلس العلاقات
الخارجية الأمريكي انه "إذا كانت لدينا
بعض المشاكل في الإنتخابات، فإن حلها
سيكون من خلال الطرق القانونية".
وفي السياق نفسه قال رئيس
المجلس الاعلى (الشيعي) عمار الحكيم
إن "اي اجراءات لاستبعاد مرشحين عن
الانتخابات، يجب ان تجري بالسياقات
القانونية الصحيحة، وان تبقى ضمن
هذا الاطار".
وكانت "العراقية" التي تصدرت
نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، قد
دعت المجتمع الدولي إلى الإشراف على
تشكيل حكومة تصريف أعمال تخضع
للرقابة الدولية وإعادة الانتخاباتلحماية
العملية السياسية من الانحراف.
وقالت "العراقية" في بيان لها
"بحكم كون العراق تحت طائلة الفصل
السابع فإن العراقية تدرس خيار اللجوء
إلى مطالبة المجتمع الدولي والدول دائمة
العضوية في مجلس الأمن والاتحاد
الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي
وجامعة الدول العربية بممارسة
مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية
لحماية العملية السياسية من الانحراف
عبر تشكيل حكومة تصريف أعمال
وإعادة الانتخابات في أجواء بعيدة عن
الضغوط التي تمارسها بعض القوى
السياسية النافذة" .
وكانت الهيئة القضائية قررت شطب
نتائج ٥٢ مرشحاً في الانتخابات التي
جرت في السابع من مارس الماضي
بزعم ارتباطهم بحزب البعث، بينهم
٢٢ من القائمة العراقية ومنهم مرشح
فائز واحد، فيما ينتظر عرضملفات
٩ مرشحين فاز ستة منهم من القائمة
العراقية على الهيئة القضائية .
وأضافت إنها قررت "توجيه رسالة
إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى
تنبه فيها إلى ضرورة التدخل لحماية
القضاء العراقي من الضغوط السياسية
لما يؤدي ذلك من انعكاسات خطيرة على
الاستقرار السياسي للبلاد" .
وطالبت كتلة "العراقية" "بالإفراج
الفوري عن جميع المعتقلين على
خلفيات سياسية"، كما طالبت "هيئة
رئاسة الجمهورية باعتبارها الحامية
للدستور إلى دعوة مجلس النواب
للاستمرار بمهامه لحين التصديق على
نتائج الانتخابات وعقد مجلس النواب
الجديد، وذلك لمراقبة السلطة التنفيذية
التي تمارس أعمالها من دون رقابة أو
مشروعية وإيقاف التجاوزات الخطيرة
على العملية السياسية والدستور" .
من جانبه قال رئيس الوزراء الأسبق
إياد علاوي عقب لقائه الأمين العام
لجامعة الدول العربية عمرو موسى
الأربعاء إن هناك محاولات للالتفاف
على الدستور ومصادرة إرادة الشعب
العراقي، من أجل منع قائمته من
تشكيل الحكومة.
وأضاف: إنه طالب الجامعة
بالتدخل لدى الأمم المتحدة بصفتها
معنية بموجب الفصل السابع، وكذلك
مجلس الأمن من أجل مساعدة العراق
في تجاوز محنته وتشكيل حكومة تعبر
عن نتائج الانتخابات.
وأضاف علاوي أنه أطلع موسى على
تطورات الأوضاع في العراق وما يجرى
باعتبار أن العراق عضو في الجامعة
العربية ومن الدول المؤسسة لها.
جدير بالذكر أن علاوي التقى خلال
زيارته لمصر برئيسها حسني مبارك،
حيث تم بحث التطورات الأخيرة على
الساحة العراقية بعد الانتخابات،
وكذلك الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة
الجديدة.
وقال مصدر دبلوماسي عربي أن
زيارة علاوي تهدف لتعبئة دعم عربي
للتدخل في أزمة تشكيل الحكومة
العراقية المقبلة، علما بأن الدول العربية
السنية الرئيسية ومن بينها مصر
والسعودية تخشى من تزايد النفوذ
الشيعي المدعوم إيرانيا في العراق.
ومن المتوقع أن تبدأ مفوضية
الانتخابات اعتبارا من يوم الإثنين،
إعادة فرز الأصوات الخاصة ببغداد.
وخصص لمحافظة بغداد ٦٨ مقعدا
من مقاعد البرلمان العراقي المقبل
(مجموعها ٣٢٥ )، وحصل ائتلاف
دولة القانون على ٢٦ مقعدا منها،
فيما حصلت القائمة العراقية بزعامة
أياد علاوي على ٢٤ مقعدا، والائتلاف
الوطني العراقي على ١٧ مقعدا في لم
تحصل جبهة التوافق العراقية إلا على
مقعد واحد فقط.
ويعول ائتلاف دولة القانون الذي
أعلن في بداية شهر الجاري أنه فقد
نحو ٧٥٠ ألف صوتا من خلال التزوير
في الانتخابات، على أن تغير نتيجة العد
والفرز اليدوي لصالحه، إذ يتوقع أن
يحصل على مقعدين أو أكثر إضافة
إلى مقاعده الستة والعشرين.
يذكر أن نتائج الانتخابات التشريعية
التي أصدرتها المفوضية العليا في
السادس والعشرين من شهر آذار
المنصرم أعلنت فوز ائتلاف العراقية
بزعامة أياد علاوي بالمركز الأول بعد
حصوله على ٩١ مقعدا، تليه قائمة ائتلاف
دولة القانون بزعامة نوري المالكي التي
حصلت على ٨٩ ثم الائتلاف الوطني
العراقي في المركز الثالث بحصوله على
٧٠ مقعداً، والتحالف الكردستاني رابعاً
ب ٤٣ مقعداً.
وكان ائتلاف "دولة القانون" بزعامة
المالكي قد طالب عقب الاعلان عن نتائج
الانتخابات في السادس والعشرين من
شهر آذار الماضي بإعادة فرز الأصوات
يدوياً واكد أن لديه وثائق دامغة بشأن
التلاعب بنتائج الانتخابات، في حين
يؤكد الخصوم أن إعادة الفرز ستكون
"انقلابا على الشرعية" وتقود المنطقة
الخضراء إلى أسوأ الاحتمالات