التفاهم الأميركي الإسرائيلي و مبادرة أوباما
المعلومات التي تضمنها البيان الصادر عن لقاء بنيامين نتنياهو بالموفد الرئاسي الأميركي جورج ميتشل بدت متناقضة و قد أربكت بعض المحللين :
أولا من جهة تضمن البيان الختامي تأكيدا لاتفاق الجانبين الأميركي و الإسرائيلي على استئناف المفاوضات في المسار الفلسطيني خلال أسابيع قليلة قادمة في حين أعلن الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس عن استعداده للقاء مشترك مع نتنياهو برعاية الرئيس الأميركي باراك أوباما و هو ما أكدت الخارجية الأميركية ان العمل يجري لتحضيره على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر الشهر المقبل .
ثانيا ومن جهة ثانية ضرب البيان موعدا جديدا للقاء بين نتنياهو و ميتشل في نيويورك لمواصلة البحث في ملف تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة و بعدما أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية على تمسكه بأن تكون الخطوة جزئية فلا تشمل القدس المحتلة نهائيا وبأن تنحصر بمعدل يقدره الخبراء الإسرائيليون بحوالي أربعين بالمئة من عمليات البناء الجارية و المقررة في حين ان المدى الزمن لسريان القرار لم يتم التفاهم عليه .
إدارة أوباما تطلب تجميدا لسنة كاملة و هي تتحدث إعلاميا عن تجميد شامل بينما أبدت ليونة واضحة في تقبل الصيغة الإسرائيلية المقترحة و أظهرت استعدادا لتسويقها و لمباشرة الضغط على الحكومات العربية لاعتبارها إنجازا يستحق المقايضة بخطوات عملية تسمح للطيران الإسرائيلي التجاري باستعمال بعض المطارات و تعطي تأشيرات دخول إلى عدد من البلاد العربية لحاملي الجوازات الإسرائيلية و من الدول المرشحة لذلك كل من البحرين و عمان و قطر و الإمارات بينما يتركز الضغط الأميركي على انضمام السعودية لهذه المجموعة .
ثالثا المعلومات الصحافية التي نشرتها الغارديان البريطانية تشير إلى أن الرئيس الأميركي يحضر مشروع مبادرته و سوف يعلنه خلال شهر أيلول المقبل و تقول المعلومات الصحافية نفسها ان أوباما سوف يعلن عن استئناف مفاوضات المسار الفلسطيني و عن سقف زمني لتوقيع اتفاق نهائي تحت عنوان الدولتين في العام 2011 .
التقارير الصحافية تتحدث أيضا عن سعي كل من فرنسا و روسيا لاستضافة مؤتمر دولي سيكرس لإعلان مبادرة الرئيس الأميركي التي لن تكون شاملة مع تشدد نتنياهو في تصريحاته المتعلقة بالمسار السوري و رفضه للانسحاب من الجولان العربي المحتل و بعد تأكيده لوضع شروط على استئناف التفاوض مع سوريا تتمحور مجددا على فك تحالف سوريا مع إيران و التوقف عن دعمها لكل من حزب الله و حركة حماس و هو ما فشلت الضغوط في انتزاعه من سوريا طيلة السنوات الخمس الماضية .
رابعا العقبات الواقعية أمام المشروع الأميركي الإسرائيلي عديدة لكن المحللين في المنطقة منقسمون في النظر إلى مصيرها :
الفريق الأول يجد لها فرصة جدية في التوصل لترتيب اتفاق سياسي فلسطيني إسرائيلي و بالشروط التي يطرحها الرئيس الأميركي و هي مأخوذة عن مسودة عبد ربه - بيلين الشهيرة التي صدرت بعد اجتماعات جنيف و حيث كان رحم عمانويل ، كبير موظفي البيت الأبيض الحالي ابرز رعاتها آنذاك و يستند هؤلاء في نظرتهم إلى انحياز البنتاغون و جنرالات الجيش للرأي القائل بضرورة إجبار إسرائيل على قبول تسوية الحد الأدنى المناسب لتتمكن الولايات المتحدة من إعادة ترتيب أوراقها في المنطقة من العراق إلى أفغانستان و لكي تتفرغ لمواجهة الملف الإيراني الذي تعتبره إسرائيل أولويتها المطلقة .
الفريق الثاني يجد أن التحرك الأميركي سيواجه مجموعة من التعقيدات تتصل بالوضع الفلسطيني الداخلي و بالعراقيل الإسرائيلية و بعجز الدول العربية عن التقدم إلى خطوات من النوع الذي تطالب به الإدارة الأميركية و كذلك بتراكم مظاهر الفشل الأميركي في أفغانستان التي ستعزز الاتجاه لتقديم التنازلات و ليس لإعداد حروب كبرى جديدة و بالتالي يتوقع هؤلاء ان تتحول العملية إلى جولة جديدة من العلاقات العامة حول القضية الفلسطينية التي لا تتعدى نطاق الحدود التي راوحت عندها التحركات الأميركية في زمن إدارة بوش بعد مؤتمر أنابوليس .