الإسكندرية: داليا عاصم
أثارت الارتباطات الخارجية لحزب الله اللبناني أقلام العديد من الكتاب العرب، وركزت هذه الأقلام على نقد هالة الحصانة الدينية التي أعطاها الحزب لنفسه عبر اختياره لهذا الاسم، وكذلك طرحه لنفسه كحزب مقاوم من أجل التحرير، وغيرها من القضايا الأيديولوجية التي يثيرها الحزب.
في هذا السياق يأتي كتاب «حزب الله.. الوجه الآخر»، الصادر عن دار الكرمل بعمّان، للكاتب الأكاديمي الفلسطيني المقيم في أوسلو د. أحمد أبو مطر. يقع الكتاب في 266 صفحة، ويضم بين صفحاته مقالات عربية تنتقد حزب الله وتوجهاته، وتتعرض لنشأته وارتباطاته ومواقفه.
استهل الكتاب بتقرير عن تصريحات للشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام لحزب الله بين عامي 1989 و1990، وأتبع ذلك بلقاء أجري مع الشيخ محمد الحسيني السكرتير العام للمجلس العربي الإسلامي في لبنان. ويرمي الكتاب من خلال هاتين المقابلتين إلى إثبات أن حزب الله ليس عليه إجماع مطلق من كافة القيادات الإسلامية في لبنان، وإنما له مؤيدوه ومعارضوه كأي حزب سياسي.
لا ينكر المؤلف أن حزب الله قد ألحق خسائر باهظة بالجيش الإسرائيلي في الأرواح والمعدات، وهي خسائر لم يكن قادة الجيش يتوقعونها مطلقا، ويقر بأن الحزب أبدى مهارات دقيقة في التصدي والمواجهة وإدارة المعركة مما فاجأ الجيش الإسرائيلي، لكن المحصلة النهائية لكل هذا - حسبما يذكر المؤلف - لم تكن في صالح حزب الله، بل لقد أتت على وجوده العلني في الأراضي اللبنانية، ولم يعد في وسعه في ظل وجود القوات الدولية أن يرد على الخروقات الإسرائيلية.
ويتاول الفصل الأول من الكتاب مفاهيم وبنية الحركات الإسلامية عبر ثلاثة مقالات، أولها لرياض الصيداوي، يحاول أن يصل فيه إلى فهم سوسيولوجي للحركات الإسلامية، وثانيها لثائر الناشف، وثالثها لنهاد الشامي بعنوان: «حزب الله يعسكر في أرض النفاق».
وجاء الفصل الثاني بمثابة عملية تقييم شاملة لحزب الله من وجهة نظر الواقع اللبناني، وذلك عبر مقالات لكل من: حازم صاغية «فصول من قصة حزب الله» التي نثرها على ثلاث حلقات: «صعود حركة أمل والتمهيد لانفجار الراديكالية السياسية الشيعي»، و«عماد مغنية واللقاء المبكر بين طلب الجنة ورقصة الأبالسة»، و«البحث عن قضية مركزية وعن صفاء يحتضن النمو والحل».
كما ضم هذا الفصل مقالا لخير الله خير الله عن حرب حزب الله على لبنان، وكذلك مقالا للكاتب السعودي تركي الحمد يتساءل فيه: «ماذا يريد السيد حسن نصر الله وحزب الله؟»، وكتبت نادية عيلبوني عن «نقاط مثيرة في النقاش حول حزب الله».
ويطرح الفصل الثالث في الكتاب تطورات حزب الله من خلال ثلاثة مقالات، بينما يتطرق الفصل الرابع إلى المرجعية الإيرانية للحزب، فكتب عبد الخالق حسين عن الامتداد الإيراني للحزب وزعزعته لاستقرار لبنان، وعن ولاية الفقيه. وأشار المؤلف أحمد أبو مطر في مقاله في هذا الفصل إلى «مغزى إقالة حسن نصر الله من الحقيقة إلى النفي»، وهو يحاول في ذلك تأمل دلالات الخبر الذي نشرته جريدة «الشرق الأوسط» يوم الثالث عشر من ديسمبر (كانون الأول) عام 2007، حول إقالة حسن نصر الله من منصبه كقائد عام للجناح العسكري لحزب الله، ومنح المنصب بصورة مؤقتة للشيخ نعيم قاسم نائب زعيم الحزب، ثم البيان الذي صدر عن حزب الله في اليوم التالي، الذي نفى فيه تلك المعلومات واصفا إياها بأنها تفتقر إلى الصحة.
كما تضمن هذا الفصل مقالا عن خطاب حسن نصر الله في عيد المقاومة والتحرير بما فيه من اعترافات بشأن تأسيس الحزب ومرجعيته السياسية والفقهية، وعن تقاطعات دور الحزب في الملفين العراقي والإيراني.
أما الفصل الخامس، «صورة حزب الله بعد انقلابه العسكري في بيروت»، فيضم مقالا للدكتور رضوان السيد بعنوان «لماذا اجتاح حزب الله بيروت؟» ومقالا آخر لإلياس حرفوش بعنوان «انتصار بحجم الهزيمة». ويناقش مقال مصطفى النعمان السؤال المطروح دائما: «هل حزب الله ميليشيا أم كيان سياسي؟»، وكذلك مقال «عروة حزب الله البيروتية» للكاتب حكم البابا. ويختتم الفصل بمقال لعبد الخالق حسين بعنوان «حزب الله على خطى حماس».
أما الفصل السادس والأخير فنشرت فيه مقابلات أجراها المؤلف مع قيادات شيعية رافضة لتوجهات حزب الله. وضم الفصل أيضا مقالا للكاتب الفلسطيني محمد موسى مناصرة بعنوان «كفوا أيديكم عن شعبنا»، ينتقد فيه السيناريوهات التي تنفذ في فلسطين ولبنان في إطار لعبة المصالح الإقليمية.