خطة بناء الحجم الحربي للقوات المسلحة
وتعد هذه الخطة أهم جزء من تعبئة القوات المسلحة، لأنها تحدد عدد التشكيلات والوحدات التي يجب أن تكون موجودة في كل صنف في بدء الحرب، فضلا عن عدد الضباط والجنود المطلوب استدعاؤهم وكمية المعدات والأسلحة ووسائل النقل ووسائل السيطرة المطلوب توفرها، أي أنها توضح القوى القتالية والعديدة للقوات المسلحة للمرحلة الافتتاحية من الحرب ( أي ما سيكون عليه شكل القوات المسلحة في بدء الحرب). وهناك ثلاثة طرق لتنفيذ هذه الخطة:
أ ـ طريقة الخطوط: وتتلخص في تقسيم القوات المسلحة الى عدد من الخطوط ( قوات الخط الأول ـ قوات الخط الثاني ...الخ) وتحديد نسبة مئوية لاستكمالها طبقا للملاكات.
ب ـ طريقة إعادة التشكيل: وتعتمد على شطر بعض الوحدات والتشكيلات القائمة وتشكيل وحدات وتشكيلات أخرى أكبر منها باعتماد عناصر الوحدات القديمة، كتحويل وحدة الى لواء من عناصر التعبئة (النفير).
ج ـ طريقة التشكيل الجديد: وهي إنشاء وحدات جديدة لم يكن لها وجود أصلاً وقت السلم. أو تحويل بعض الموسسات والوحدات الى وحدات جديدة ( كتحويل مستشفى من مستشفيات الى مستشفيات ووحدات ميدان متقدمة...الخ).
التسليح:
تواكب عملية التسليح والتجهيز عملية التعبئة، إذ ينبغي محاثثة الخطط التفصيلية اللازمة لتسليح وتجهيز الوحدات المتشكلة حديثا.
ويعلمنا التاريخ العسكري أن السلاح يلعب دورا أساسيا في مشكلات التنظيم، في حين تؤثر العناصر الأخرى (طبيعة مسرح العمليات، الحالة الاجتماعية ... الخ) تأثيرا ثانويا.
ولقد غدا تسليح القطعات الحديثة أمرا باهض التكاليف وعلى سبيل المثال: فإن تسليح فرقة فرنسية عام 1939 زاد ما يعادل 8 ـ 9 مرات عن تكاليف تسليح فرقة من فرق 1914. في حين بلغ تسليح فرقة مشاة أمريكية عام 1945 (10) ملايين دولار، وتكاليف فرقة مدرعة بلغ 30 مليون دولار.
ويعني التسليح هنا هو ما يُطلب من أسلحة للصنف المقاتل، دون اعتبار الذخائر والأعتدة التي تزيد مع زيادة استخدلمها في القتال.
متطلبات الدفاع والهجوم
يقول نابليون بونابرت: ( تهاجم الموقع وتحتله بمدفع وتدافع عنه ببندقية). وهذا معروف حتى يومنا هذا، حيث تحتاج القطعات في الدفاع أسلحة آلية ووسائل مضادة للدبابات وأسلحة مضادة للطائرات.
أما في الهجوم، تحتاج القوات المسلحة الى مدافع ودبابات وطائرات وصواريخ وغيرها، فإذا أردنا تزويد القوات المسلحة بجميع ما يلزمها من أسلحة دفاع وهجوم لنشأ معنا قطعات رهيبة تصعب قيادتها وتنظيمها، وللخروج من ذلك حلان:
أ ـ خلق قطعات مختصة بالهجوم أو بالدفاع.
ب ـ تزويد القطعات في ملاكها الأساسي بوسائط عضوية صالحة للاستخدام في كل الظروف وتقويتها بعد ذلك ودعمها بوسائط إضافية بشكل يتلائم مع مهمتها الآنية، وهذا ما يسمى (نظام وسائل الدعم: وهي عناصر يقدمها الاحتياط العام مؤقتا الى القطعات الكبيرة، أو تقدمها القطعة الكبيرة للوحدات الصغرى التابعة لها).
ملحوظة للدول النامية
هذه الملحوظة تخص الدول غير الصناعية، إذ ينبغي على هذه الدول ألا تعتمد على مصدر واحد في تسليح قواتها، لكي لا تتحكم بها دولة المنشأ في حالة نشوب حرب ما في ظل التعقيدات الدولية. وإنما عليها منذ زمن السلم أن تنوع مصادر السلاح.
وقد اكتوت معظم الدول العربية بنار ذلك الخطأ في كل حروبها مع الكيان الصهيوني. في حين استطاع العراق في الثمانينات من القرن الماضي أن يفلت من تلك المصيدة.
التدريب القتالي والاستعداد القتالي للقوات المسلحة:
يعد التدريب القتالي والاستعداد القتالي للقوات المسلحة أهم عمل لها وقت السلم، إذ هو أساس إعدادها للحرب. فالتدريب المبني على أسس سليمة يرفع من كفاءة القوات ويعدها للقتال بمختلف أنواعه واساليبه، كما أن استعدادها العالي لمواجهة اي مواقف مفاجئة يحقق للدولة أمناً من أي عدوان مفاجئ. فالعوامل الأساسية والحاسمة في إحراز النصر في المعركة هي (التدريب العالي المستوى والإعداد الفكري والنفسي والآمر الجيد).
لذلك نجد أن أهم الخطط السنوية للقوات المسلحة هي خطة التدريب السنوي والتي ينبغي أن تبنى في ضوء ما يمكن أن تقوم فيه القوات المسلحة في زمن الحرب وفي ضوء طبيعة الصراع المنتظر ( ويجب أن يحتل تدريب العناصر القيادية في المجتمع في المستويات العليا وقيادة التشكيلات وقيادات القوة الجوية والقوة البحرية مكانا بارزا في سياسة التدريب).
كما يجب أن يهدف التدريب الى توخي الواقعية وغرس روح التصرف والمبادأة لدى القادة والآمرين والضباط والى الإكثار من إجراء التمارين في ظروف قاسية وفي أراض مشابهة لطبيعة مسرح العمليات المنتظر.
أشكال التدريب القتالي:
لا يمكن الإحاطة ـ في هذا البحث ـ لكل أشكال وأنواع التدريب القتالي، لكن ما ينبغي التركيز عليه هو ضرورة العناية بالفرد أولاً في التدريب لرفع كفاءته في القتال وفي استخدام سلاحه ومعداته وفي لياقته البدنية ورفع مستواه الثقافي ثم التدريب المشترك للوحدات على المستويات كافة حتى تصل الى مستوى التدريب التعبوي، وهو تدريب التشكيلات الكبرى بالقوات المسلحة باشتراك عناصر من القوة الجوية والقوة البحرية والدفاع الجوي والمعدات الفنية .. الخ، حتى يأخذ التدريب صورة صحيحة لشكل الحرب الحديثة.
الاستعداد القتالي
الاستعداد القتالي للقوات المسلحة يقصد به ( الحالة التي تمكن القوات المسلحة من صد وإحباط أي هجوم مفاجئ للعدو تحت أي نوع من الظروف، ومن أي اتجاه مع القدرة على تدمير العدو وتحقيق مهام العمليات المحددة في أقل وقت ممكن وبأعلى كفاءة ممكنة)
وتُعد القوات المسلحة على درجة عالية من الاستعداد القتالي إذا كان مستوى التدريب فيها مرتفعا، وأسلحتها ومعداتها القتالية في صلاحية تامة، وتأمينها الإداري والفني على مستوى جيد من التنظيم، ونظام السيطرة فيها على مستوى عال من الكفاءة، ومناطق عملياتها معدة مسبقاً.
وفوق كل هذا إذا كانت القوات منظمة داخليا بدرجات استعداد متدرجة بحيث يكون فيها قوات مناوبة ليلا ونهارا، في أعلى درجات الاستعداد للانذار وللرد ومقابلة أعمال العدو المفاجئة في وقت تكون فيه باقي القوات في درجات استعداد أقل، توفيراً للجهد واقتصاداً في القوى.