7- نهي الصائم عن الغضب
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد، أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم". (متفق عليه)
يكون الصائم أكثر استجابة لدواعي الغضب في آخر النهار عندما ينقص السكر في الجسم.
فالصائم إذا غضب وانفعل ازداد إفراز الادرينالين 20 إلى 30 ضعفاً عن معدله العادي.
فإن حدث هذا في أول الصوم أثناء فترة الهضم والامتصاص اضطرب هضم الغذاء وامتصاصه ذلك لأن الأدرينالين يعمل على ارتخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي ويقلل من تقلصات المرارة ويعمل على تضييق الأوعية الدموية الطرفية وتوسيع الأوعية التاجية كما يرفع الضغط الدموي الشرياني ويزيد كميةَ الدم الواردة إلى القلب وعددَ دقاته.
وإن حدث الغضب في منتصف النهار أو آخره أثناء فترة ما بعد الامتصاص تحلل ما تبقى من مخزون الجليكوجين في الكبد وتحلل بروتين الجسم إلى أحماض أمينية وتأكسد المزيد من الأحماض الدهنية. كل ذلك ليرتفع مستوى الجلوكوز في الدم فيحترق ليمد الجسم بالطاقة اللازمة في الشجار وبهذا تُستهلك الطاقة بغير ترشيد وبالتالي يهدر الجسمُ كميةً من الطاقة الحيوية الهامة بغير فائدة تعود عليه ويضطر إلى استهلاك الطاقة من الأحماض الدهنية التي يؤكسد المزيد منها وقد تؤدي إلى تولد الأجسام الكيتونية الضارة في الدم.
صورة لشخص غاضب
كما أن الارتفاع الشديد للأدرينالين في الدم يعمل على الآتي:
1- خروج كميات كبيرة من الماء من الجسم بواسطة الإدرار البولي.
2- يؤدى لنوبات قلبية أو موت الفجأة عند الأشخاص المهيئين لذلك؛ نتيجة لارتفاع ضغط الدم وارتفاع حاجة عضلة القلب للأوكسجين من جراء ازدياد سرعته.
3- وقد يسبب النوبات الدماغية لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم.
4- يزيد من تكون الكوليسترول من الدهون منخفضة الكثافة وثبتت علاقته بتصلب الشرايين.
وسبحان الله العظيم ، فما أعجب نصح النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالسكينة وعدم الغضب.
هل هناك برامج مطبقة لمنع وقوع الغضب؟
أطلق الموقع الإخباري ”بي بي سي“ بتاريخ 25 مارس 2008
صيحة في تقرير بعنوان ”مشاكل الغضب بلا علاج“ جاء فيه:
مؤسسة الصحة النفسية تقول: ”لا يتم التعامل مع الغضب إلا بعد أن يرتكب شخص ما جريمة عنف مدمرة“ في إشارة واضحة أنه ليس هناك برامج لمنع وقوع الغضب!
يقول التقرير أيضاً: ” نحتاج للمزيد من الأبحاث وطرق التعليم لمواجهة الغضب والتدخل المبكر قبل المشاكل الناتجة عنه“.
حالات الغضب الشديد والمزمن ترتبط بأمراض القلب والسرطان والصدمات الدماغية وأذى النفس بل والأمراض المعدية كالانفلوانزا.
وقال المدير التنفيذي للمؤسسة الدكتور "أندرو مكولوك":
إنه لمستنكر أن يخذل الناس حين يتعلق الأمر بالغضب بينما تتم مساعدتهم لعلاج الإحباط والقلق واضطرابات الغذاء وكثير من الأدواء النفسية. وأجمع الباحثون أن التغلب على مشكلة الغضب بات أمراً ليس سهلاً!
وأكد التقرير أن الغضب أصبح معضلة كبرى تشمل ربع المجتمع احصائياً ونادى بضرورة ألا يغضب الإنسان -خاصة الشباب - كوسيلة لهدف هو علاج غالبية مشاكل المجتمع.
الهدي النبوي في منع الغضب وجه الإعجاز
لقد أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنور وحي النبوة خطورة انفعالات الغضب قبل أن يكتشفها الطب بقرون ودعا – بحكمة – المسلمين إلى تفادي الغضب فكثرت أحاديثه التي وردت بها تلكم النصيحة الذهبية الغالية
"لا تغضب" والتي ثبت نفعها العظيم طبياً ونفسياً،
وقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أساليب مختلفة في الترغيب في حفظ النفس من الغضب، ثم الترهيب من الوقوع فيه، أساليب شملت العلم والعمل... آخذاً بأيدي المسلمين إلى جادة الصواب رحمة بهم وحفاظاً على صحة أبدانهم من مجموعة من الأمراض المهلكة.
أوجه الإعجاز العلمي في الهدي النبوي في معالجة الغضب
خمس قواعد نبوية نورانية
الهدي النبوي في معالجة الغضب : سبق طبي معجز السكوت فور الغضب
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " علموا وبشروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت " .
(رواه الإمام أحمد في المسند 1/329 ، وفي صحيح الجامع 693 ، 4027 والطيالسي (2608) والبخاري في الأدب المفرد (245).
الهدي النبوي في معالجة الغضب : سبق طبي معجز الاستعاذه بالله من الشيطان الرجيم
عن سلمان بن صرد رضي الله عنه قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم وأحدهما يسب صاحبه مغضباً قد احمر وجهه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم“ (رواه البخاري 3108 ، الفتح 6/337 ومسلم 2610 )
يقول د. إبراهيم الراوي:
” ينصح علماء الطب النفسي الأشخاص الذين يتعرضون إلى نوبات الغضب إلى تمارين خاصة تؤدي إلى نتائج مذهلة، هذه التمارين تسبب استرخاء في الذهن يؤدي إلى انطفاء نار الغضب وإخماد الثورة العصبية، منها أن يعدّ الشخص من 1ـ 2ـ 3 .. وحتى 30 قبل أن ينطق بأي حرف“.
أما توماس جيفرسون ثالث رئيس للولايات المتحدة الذي كان يفخر بأنه لم يقتل جندياً أمريكياً واحداً في معركة خلال فترة حكمه.
(متخذاً ذلك دليلاً على حلمه وضبط نفسه) فيقول:
”عندما تكون غاضباً عد إلى عشرة قبل أن تتكلم أما عندما تكون غاضباً جداً فعد إلى مائة..!“
هذه الحقائق في مجال الطب النفسي سبق بها وطبقها النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأطباء وحكماء الساسة بقرون حين أمر الغاضب أن يسكت وذلك أن الغاضب ربما يخرج عن شعوره فيتلفظ بكلمات قد يكون فيها كفر أو سب يجلب له العداوات أو طلاق يهدم بيتاً، وبالكلية فإن السكوت حل وقائي لتلافي كل ذلك أولاً ثم أن يتعوذ بالله وهذا أفضل ولا شك من أن يعد أرقاماً بل أنه الأمثل لاستعانته بالله أن يدرء عنه الغضب ويعيذه ممن يدفعه إليه ألا وهو الشيطان.
و لعل هذا مستمد من الوصية القرآنية:
(وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) (فصلت -36).
ومن الأمر القرآني:
( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين* و أعوذ بك رب أن يحضرون) ( المؤمنون 97-98)
وقد قال العلامة ابن حجر:
" أقوى الأشياء في دفع الغضب استحضار التوحيد الحقيقي وهو أن لا فاعل إلا الله، فمن توجه إليه بمكروه من جهة غيره، فاستحضر أن الله لو شاء لم يمكن ذلك الغير منه، اندفع غضبه ".