ارتباك دوران الأرض قبل طلوع الشمس من مغربها
بمعرفة كل من سرعة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس في أيامنا الراهنة, ومعدل تباطؤ سرعة هذا الدوران مع الزمن, توصل العلماء إلي الاستنتاج الصحيح أن أرضنا سوف يأتي عليها وقت تجبر فيه علي تغيير اتجاه دورانها بعد فترة من الاضطراب, فمنذ اللحظة الأولي لخلقها إلي اليوم وإلي أن يشاء الله تدور أرضنا من الغرب إلي الشرق, فتبدو الشمس طالعة من الشرق, وغاربة في الغرب, فإذا انعكس اتجاه دوران الأرض طلعت الشمس من مغربها وهو من العلامات الكبري للساعة ومن نبوءات المصطفي( صلي الله عليه وسلم )
فعن حذيفة بن أسيد الغفاري( رضي الله عنه ) أنه قال :
اطلع النبي( صلي الله عليه وسلم ) علينا ونحن نتذاكر, فقال : ما تذاكرون؟, قلنا : نذكر الساعة,
فقال : إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات
فذكر : الدخان, الدجال, والدابة, وطلوع الشمس من مغربها, ونزول عيسي بن مريم, ويأجوج ومأجوج, وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق, وخسف بالمغرب, وخسف بجزيرة العرب, وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم
وعن عبدالله بن عمرو( رضي الله عنه ) قال : سمعت رسول الله( صلي الله عليه وسلم ) يقول : إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها, وخروج الدابة علي الناس ضحي, وأيهما ما كانت قبل صاحبتها, فالأخرى علي إثرها قريبا.
وفي حديث الدجال الذي رواه النواس بن سمعان( رضي الله عنه ) قال : ذكر رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) الدجال.. قلنا يا رسول الله : وما لبثه في الأرض؟ قال( صلي الله عليه وسلم ) : أربعون يوما, يوم كسنة, ويوم كشهر, ويوم كجمعة, وسائر أيامه كأيامكم, قلنا يارسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال( صلي الله عليه وسلم ) : لا, أقدروا له...
ومن الأمور العجيبة أن يأتي العلم التجريبي في أواخر القرن العشرين ليؤكد أنه قبل تغيير اتجاه دوران الأرض حول محورها أمام الشمس ستحدث فترة اضطراب نتيجة لتباطؤ سرعة دوران الأرض حول محورها, وفي فترة الاضطراب تلك ستطول الأيام بشكل كبير ثم تقصر وتنتظم بعد ذلك.
ويعجب الإنسان لهذا التوافق الشديد بين نبوءة المصطفي( صلي الله عليه وسلم ) وما أثبته العلم التجريبي في أواخر القرن العشرين, والسؤال الذي يفرض نفسه : من الذي علم ذلك لهذا النبي الأمي( صلي الله عليه وسلم ) ؟ ولماذا أشار القرآن الكريم إلي مثل هذه القضايا الغيبية التي لم تكن معروفة في زمن الوحي؟ ولا لقرون من بعده؟ لولا أن الله( تعالي ) يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سيصل في يوم من الأيام إلي اكتشاف تلك الحقائق الكونية فتكون هذه الإشارات المضيئة في كتاب الله وفي أحاديث خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم ) شهادة له بالنبوة وبالرسالة, في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه.
خطأ شائع يجب تصحيحه
يظن بعض الناس أننا إذا أدركنا في صخور الأرض أو في صفحة السماء عددا من معدلات التغيير الآنية في النظام الكوني الذي نعيش فيه فإنه قد يكون من الممكن أن نحسب متي ينتهي هذا النظام, وبمعني آخر متي تكون الساعة...!!
وهذا وهم لا أساس له من الصحة لأن الآخرة لها من السنن والقوانين مايغاير سنن الدنيا, وأنها تأتي فجأة بقرار إلهي كن فيكون, دون انتظار لرتابة السنن الكونية الراهنة التي تركها لنا ربنا( تبارك وتعالي ) رحمة منه بنا, إثباتا لإمكان حدوث الآخرة, وقرينة علمية علي حتمية وقوعها والتي جادل فيها أهل الكفر والإلحاد عبر التاريخ, والذين كانت حجتهم الواهية الإدعاء الباطل بأزلية العالم, وهو ادعاء أثبتت العلوم الكونية في عطاءاتها الكلية بطلانه بطلانا كاملا...!!!
فعلي سبيل المثال ـ لا الحصر ـ تفقد شمسنا من كتلتها في كل ثانية علي هيئة طاقة مايساوي4,6 مليون طن من المادة( أي نحو أربعة بلايين طن في اليوم ) , ونحن نعرف كتلة الشمس في وقتنا الحاضر فهل يمكن لعاقل أن يتصور إمكان استمرار الشمس حتى آخر جرام من مادتها؟ وحينئذ يمكن بقسمة كتلة الشمس علي ما تفقده في اليوم أن ندرك كم بقي من عمرها؟
هذا كلام يرفضه العقل السليم, لأن الساعة قرار إلهي غير مرتبط بفناء مادة الشمس, وإن أبقي لنا ربنا( تبارك وتعالي ) هذه الظاهرة من الإفناء التدريجي للشمس, ولغيرها من نجوم السماء دليلا ماديا ملموسا علي حتمية الآخرة, أما متي تكون؟ فهذا غيب مطلق في علم الله, لا يعلمه إلا هو( سبحانه وتعالي ) .
وبالمثل فإن الحرارة تنتقل في كوننا المدرك من الأجسام الحارة إلي الأجسام الباردة, ويفترض قانون انتقال الحرارة استمرارتلك العملية حتى تتساوي درجة حرارة كل أجرام الكون وينتهي كل شئ, فهل يمكن لعاقل أن يتصوراستمرار الوجود حتى تتساوي درجة حرارة كل الأجرام في الكون, أم أن هذا قرار إلهي : كن فيكون غير مرتبط بانتقال الحرارة من الأجسام الحارة إلي الأجسام الباردة, وإن أبقاها الله( تعالي ) قرينة مادية ملموسة علي حتمية الآخرة؟ وعلي أن الكون الذي نحيا فيه ليس أزليا ولا أبديا, فقد كانت له بداية, ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية؟ وهذا ما أثبتته جميع الدراسات العلمية في عصر تفجر المعرفة الذي نعيشه, وأن تلك النهاية لن تتم برتابة الأحداث الدنيوية في الجزء المدرك من الكون, بل هي قرار إلهي فجائي لا يعلم وقته إلا الله سبحانه وتعالى ولذلك أنزل لنا في محكم كتابه قوله الحق مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم ) :
يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلاهو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) الأعراف : 187 )
كما أنزل( سبحانه وتعالي ) كذلك في المعني نفسه :
يسألونك عن الساعة أيان مرساها* فيم أنت من ذكراها* إلي ربك منتهاها* إنما أنت منذر من يخشاها* كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها( النازعات : 42 ـ46 )
وعلي ذلك جاء رد المصطفي( صلي الله عليه وسلم ) علي جبريل( عليه السلام ) حين سأله في جمع من الصحابة : فأخبرني عن الساعة؟ بقوله الشريف : ما المسئول عنها بأعلم من السائل.
فسبحان الله الذي أنزل القرآن الكريم بالحق, أنزله بعلمه, وجعله معجزة خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم ) إلي قيام الساعة, وجعله مهيمنا علي المعرفة الإنسانية مهما اتسعت دوائرها في كل أمر ذكر فيه, وجعل كل آية من آياته, وكل كلمة من كلماته, وكل حرف من حروفه, وكل إشارة, ودلالة, ووصف فيه مما يشهد بأنه كلام الله الخالق, ويشهد للنبي الخاتم( صلي الله عليه وسلم ) بالنبوة والرسالة الخاتمة.