مايو 2004 بدأت مفاوضات أخرى في أديس أبابا، تم خلالها الاتفاق على وقف القتال، لكن الاتفاقات انهارت عام 2005 بسبب إصرار المتمردين على شروط رفضتها الحكومة من بينها حل ميليشيات تابعة للحكومة وتسليم بعض المدن للمتمردين.
واتهمت حركة العدل والمساواة إثيوبيا بعدم الحياد، وأصرت على نقل المفاوضات إلى نيجيريا. وفي 5 مايو 2006 تم الاتفاق بين الحكومة والمتمردين، لكن حركة العدل والمساواة امتنعت عن التوقيع عليه بسبب خلافات حول بنود الاتفاق.
وتجدد الصراع في 2008 حيث هاجمت العدل والمساوة مدينة أم درمان، الأمر الذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين.
ويتهم المتمردون الحكومة السودانية بتهميش إقليم دارفور، ما استدعى أن يقوم البشير بالتصدي للتمرد المسلح، خاصة مع سيطرة حركات العدل والمساواة وجيش تحرير السودان على مدن رئيسية في الإقليم. لكن أوكامبو زعم في مذكرته أن البشير لم يتمكن من هزم الحركات المسلحة، فصار يهاجم الشعب. ويقول المدعي العام إن دوافع البشير سياسية في معظمها، مدعيا أنه "يتذرع بمكافحة التمرد"، غير أن "نيته هي الإبادة الجماعية".
واتُّهم السودان بتمويل ميليشيات عربية هي مليشيات الجنجويد لمقاتلة القبائل الإفريقية. كما اتهمت هذه المليشيات بالإغارة على معسكرات اللاجئين وطرد آلاف المواطنين من منازلهم بالإضافة إلى ارتكاب جرائم مثل القتل والسرقة والاغتصاب، وهو ما لم تؤكده أية مصادر أو لجان محايدة.
المحكمة الجنائية الدولية
وفي 2003 كان أول ظهور لويس مورينو أوكامبو الذي انتخب في ذاك العام مدعيا عاما للمحكمة الجنائية الدولية.
وفي 14 يوليو 2008 وجه أوكامبو اتهامات للرئيس السوداني تتعلق بجرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية، كما اتهم أوكامبو وزير دولة بوزارة الداخلية السودانية أحمد هارون بالتورط في الجرائم التي ارتكبت في دارفور بين عامي 2003 و2004.
وجاء في نص عريضة اتهام البشير: "قام السيد لويس مورينو أوكامبو... اليوم بتقديم الأدلة التي تبرهن على أن الرئيس السوداني.. ارتكب جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب في دارفور".
كما سعت السودان إلى التفاوض أكثر من مرة مع حركات التمرد الدارفورية التي حملت السلاح في عام 2005، متهمين الحكومة بتجاهل الإقليم. لكن الفصائل رفضت في نوفمبر الماضي التفاوض مع الحكومة، إلى أن تم التوصل إلى عقد مفاوضات بين حركة العدل والمساواة والحكومة بوساطة الدوحة في منتصف فبراير2009. وتم التوقيع على اتفاق نوايا يمهد لمحادثات سلام حول دارفور.
ويتخوف الكثيرون من أن صدور المذكرة اليوم قد يعيق استكمال محادثات السلام كما سيقيد حركة الزعيم السوداني.
وسعت مصر والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي إلى تأجيل صدور المذكرة لمدة عام لكن محاولاتهم باءت بالفشل.
ويعتبر البشير هو أول رئيس توجه إليه تهمة كهذه ويصدر أمر باعتقاله خلال فترة رئاسته. ويشكك قانونيون في جدوى مذكرة كهذه حيث يتمتع الرئيس السوداني بحصانة رؤساء الدول التي يكفلها له الدستور من الملاحقة. لكن هذه الحصانة لن يعتد بها إذا تعرض البشير للتوقيف والاعتقال في أي دولة ومثل أمام المحكمة خلال أي جولة خارجية له خارج بلاده.
وتأسست المحكمة الجنائية الدولية بصفة قانونية في الأول من يوليو 2002 بموجب ميثاق روما. وأول شخص تم تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية هو توماس لوبانغا، زعيم إحدى المليشيات المسلحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك بتهمة ارتكاب جرائم حرب، حيث قيل إنه جند أطفالا قاصرين واستخدمهم في الحرب.
وتنظر المحكمة الآن في أربع قضايا، ثلاث منها أحالتها عليها دول صادقت على المحكمة، وتتهم أشخاصا بارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية على أراضيها، وهي الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى وأوغندا، والقضية الرابعة أحالها إلى المحكمة مجلس الأمن وهي قضية البشير.
وبعد صدور قرار الاتهام، المتوقع أن يحدث ذلك ارتباكات هائلة على الساحة الداخلية في السودان، حيث أصبحت الحركات المسلحة في دارفور في حالة بعث جديد وتزايد نشاطها الإعلامي خاصة تأييدها لاعتقال البشير. ومن المتوقع أن ترفع تلك الحركات أسقف مطالبها بما يستحيل أن توافق عليه الحكومة السودانية، ويعقد المسألة أكثر