هل يمكن للرجل الآلي ان يشعر ولماذا ؟اخترع الانسان الرجال الآليين على صورته، موفراً لهم الاحاسيس كالبصر والسمع واللمس.
فهل يحتاج الرجال الآليون لهذه الاحاسيس وماذا يعني للانسان الحقيقي هذا التقارب؟
الرجال الآليون – كالشخصيات المألوفة في افلام الخيال العلمي- ينتظر
منها ان تصبح ، قريباً، جزءاً مفيداً من حياتنا اليومية. لكن قبل ان تتحول
هذه الالات الى مساعدين ومرافقين لنا عليها ان تضمن فهماً للبيئة البشرية،
وان تتعلم التعاطي مع اكثر الاشياء دقة والعناية بها.
يقول الاستاذ في المعهد الايطالي للتكنولوجيا، في جنوى، الكسندر شميتز
ان الرجل الآلي آي كاب، وهو بحجم طفل طورته مجموعة علماء اوروبيين “ يمكن
استخدامه لدراسة المهمات المعرفية… في هذا الرجل الالي، زرعنا اجهزة
استشعار حسية في يديه واصابعه. واختبرناها: الرجل الالي سيتناول كوباً هشاً
جداً من البلاستيك يمكن تلفه بسهولة. لكن مع هذا النوع من الاحاسيس سيتمكن
من تناوله بدقة.”
مع البشرة الاصطناعية الحديثة، يمكن للرجل الآلي ان يقيس ويعدل ضغط
يديه. كما يمكن للآي كاب ان يضغط بقوة لتلف كوب البلاستيك ان احتاج الامر.
اما منسق مشروع روبوسكين، جيورجيو كاناتا فيشير الى انه تم استخدام
الرجال الآليين في المجال الصناعي، منذ زمن حيث التعاطي مع الانسان ليس
مهمة صعبة. ويعتقد اليوم “انه حان الوقت لايجاد رجل آلي يمكنه التفاعل مع
الانسان بمختلف الاعمال، وحيث لكل منهما دوره المهم – كالقيام بالاعمال
المنزلية او حتى في العلاج الصحي. تطوير بشرة للرجال الآليين عمل اساسي
لمراقبة تفاعله مع محيطه ومع الانسان، كما انه مهم لتأمين السلامة في
عمله.”
مجموعة الآي كاب هذه ، تم جمعها في المعهد الايطالي للتكنولوجيا في
جنوى. فهي حقل تجارب لمشروع ابحاث اوروبي يهدف الى اعطاء الاحساس باللمس
للرجل الآلي.
هذا يفترض، ايضاً، ان يشعر الرجل الآلي بانه تم لمسه. فكيف ينبغي ان يرد بشكل ودي او عدائي؟
الباحثون في جامعة هيرتفوردشاير في بريطانيا، والذين طوروا كاسبار
الرجل الآلي، حاولوا الاجابة على هذا السؤال، ووجدوا انه من الممكن ان
يساعد في علاج مرض التوحد.
كيرستين دوتنخان، استاذة في الذكاء الاصطناعي في جامعة هارتفوردشاير –
بريطانيا، تقول ان “كاسبار، رجل آلي بحجم طفل له الحد الادنى من التعبير،
اي انه تم تصميمه خصيصاً للتفاعل مع الانسان وتحديداً في ميدان اللعب.
فالفكرة كانت من اجل صناعة رجل آلي يحث الانسان على اللعب معه- تماماً
كالطفل. لمعالجة مرض التوحد مثلاً – كيف يمكن استخدام رجل آلي من اجل تصميم
الالعاب، والاحاديث وان يتفاعل مع الطفل، يساعد في بعض العلاجات الصحية
كتعليم الاطفال عن طريق التفاعل الحسي . وهذه كانت النقطة الرئيسية في
مشروع روبوسكين. .”
يعتقد العلماء ان الاولاد الذين يشكون من التوحد يجب ان يشعروا بالامان
مع دمية كرجل آلي. ردود فعله المتوقعة ستشكل معرفة فضلى لكيفية التواصل
بين الافراد.
اما ابرز الباحثين في جامعة هيرتفوردشاير، بن روبنز فيشرح مشروعه :
“نريد من كاسبار ان يشجع او يحبط سلوكيات الاولاد عبر ملامسته – كما ترون،
حين يدغدغه الولد، تأتي ردة فعله ايجابية، وحين يكون معه قاسياً – يقول
أوتش انك تؤلمني ! شيء من هذا القبيل غير مشجع للولد.”
ردود الفعل التي تظهر كأنها طبيعية عند اللمس تثيرها بقع من البشرة
الاصطناعية وضعت تحت قناع وثياب كاسبار. تم ايصال اجهزة الاستشعار اللينة
هذه بالكمبيوتر الذي يقوم بتحليل عملية الضغط ويترجمها بحركات. ويستطرد زي
جي الباحث في جامعة هيرتفوردشاير “على كل رقعة لدينا اثنتان وسبعون نقطة
للاحساس، وحين تلمسها يمكنك رؤية عملية الضغط على الشاشة . ان ضغطت بقوة
سترى كثافة اللون الاحمر، وان ازحت يدك ، فلا ترى شيئاً لانه ليس هناك من
ضغط.”
كيف ينبغي ان يكون الرجل الآلي الذي يشبه الانسان بمظهره، وسلوكه
واحاسيسه ان يكون مقبولاً اجتماعياً. هذا موضوع مثير للجدل يحتاج للبحث.
وعن اهمية دراسة التفاعل ترى الاستاذة في الذكاء الاصطناعي في جامعة
هارتفرد شاير البريطانية :
“ يتنبأ العديد بان للرجال الآليين مستقبلاً واعداً. لهذا، يجب دراسة
التفاعل مع هذه الآلات، لانك ما لا تريده هو عرضها في الاسواق قبل اختبارها
مع الانسان او خلال تصميمها. فلا احد يسأل الناس ماذا يريدون وكيف يمكن
للرجل الالي ان يؤدي بعض المهام. لهذا من المهم جداً دراسة العلاقة بين
الانسان والرجل الآلي قبل انتشار هذه الآلات ووصول الملايين منها الى
المنازل وميادين العمل.”
ويتم توفير قدرات آي كاب وكاسبار بواسطة اجهزة الاستشعار الحسية – احدى
تقنيات الضغط يتم تجربتها في مشروع روبوسكين . ويقول عنها جيورجو ميتا،
احد ابرز الباحثين في مختبر “ادراك الرجل الآلي” من المعهد الايطالي
للتكنولوجيا فيقول:
“هذه مجموعة من القدرات الحسية تعمل تماماً كالشاشة الحسية الموجودة في
الهواتف الخليوية هذه الايام. لكن الفرق هنا، هو ان هذه البشرة تحتاج
لليونة، تماماً كهذه، اي يجب ان تصنع من مواد لينة.”
عناصر الاستشعار المثلثة الشكل، والمطورة في المعهد الايطالي للتكنولوجيا في جنوى، يمكن الصاقها على مجمل جسم الرجل الآلي.
لقد تم تغطيتها بالسيليكون، وتقيس المجسات التغييرات التي تطرأ على سماكة السيليكون نتيجة الضغط.
فكرة اللمس مفيدة، وتتخذ اهمية اكبر حين تكون مترافقة مع احاسيس اخرى
كالنظر. فاللعب بالكرة يحتاج للتنسيق بين العينين واليدين، وهكذا يتمكن
الرجل الآلي من اللعب. وبدوره يقول لورانزو ناتال، مسؤول فريق الباحثين في
المعهد الايطالي للتكنولوجيا :
“هذا الرجل الآلي يستخدم المعلومات المتعلقة بلون وشكل الشيء، اذاً
يمكنه تمييز الكرة فيقدر مكانها وحجمها. مع هذه المعلومة يستطيع تحديد
المسافة ليدير يده. في هذه التجربة، نستخدم المعلومات الحسية لتحديد متى
يجب ايقاف الاصبع ومتى يجب الامساك بالكرة. هذا سلوك سهل بالنسبة لنا، لكنه
معقد جداً بالنسبة للرجل الآلي.”
البشرة الاصطناعية ليست كبشرة الانسان الطبيعية بقدراتها الحسية
المتعددة. لكن العناصر الالكترونية يمكنها ان توفر للرجل الآلي بعضاً من
الاحساس البشري باللمس. في نهاية المطاف يمكنها ان تجعل منه اكثر سهولة
وامناً، فيمكنه الانضمام الينا في عالمنا المتغير ابداً.