| الدولة العباسية | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 16:49 | |
| وفاة الرشيد: خرج الرشيد من بغداد في خامس شعبان سنة192 قاصداً خراسان عندما بلغه استفحال أمر رافع بن الليث بما وراء النهر واستخلف ابنه محمداً الأمين بمدينة السلام وخرج معه ابنه عبد اللَّه المأمون ولم يزل الرشيد في مسيره حتى وافى مدينة طوس في صفر سنة193 وهناك اشتدت به علته ولحق بربه ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة193 وصلى عليه ابنه صالح لأن المأمون كان قد سبقه إلى مرو حاضرة خراسان ودفن الرشيد بهذه المدينة. وكان للرشيد اثنا عشر ولداً ذكراً وأربع بنات فذكور أولاده محمد الأمين من زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر وعلي من زوجته أمة العزيز أم ولد موسى الهادي وعبد اللَّه المأمون والقاسم والمؤتمن ومحمد المعتصم وصالح ومحمد أبو عيسى ومحمد أبو يعقوب ومحمد أبو العباس ومحمد أبو سليمان ومحمد أبو علي ومحمد أبو أحمد وهم لأمهات أولاد شتى. وتزوج الرشيد بست زوجات مات عن أربع منهن وهن زبيدة وأم محمد بنت صالح المسكين والعباسة بنت سليمان بن المنصور والجرشية بنت عبد اللَّه العثمانية.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 16:50 | |
| وفاة الرشيد: خرج الرشيد من بغداد في خامس شعبان سنة192 قاصداً خراسان عندما بلغه استفحال أمر رافع بن الليث بما وراء النهر واستخلف ابنه محمداً الأمين بمدينة السلام وخرج معه ابنه عبد اللَّه المأمون ولم يزل الرشيد في مسيره حتى وافى مدينة طوس في صفر سنة193 وهناك اشتدت به علته ولحق بربه ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة193 وصلى عليه ابنه صالح لأن المأمون كان قد سبقه إلى مرو حاضرة خراسان ودفن الرشيد بهذه المدينة. وكان للرشيد اثنا عشر ولداً ذكراً وأربع بنات فذكور أولاده محمد الأمين من زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر وعلي من زوجته أمة العزيز أم ولد موسى الهادي وعبد اللَّه المأمون والقاسم والمؤتمن ومحمد المعتصم وصالح ومحمد أبو عيسى ومحمد أبو يعقوب ومحمد أبو العباس ومحمد أبو سليمان ومحمد أبو علي ومحمد أبو أحمد وهم لأمهات أولاد شتى. وتزوج الرشيد بست زوجات مات عن أربع منهن وهن زبيدة وأم محمد بنت صالح المسكين والعباسة بنت سليمان بن المنصور والجرشية بنت عبد اللَّه العثمانية.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 16:50 | |
| الأمين ترجمته: هو محمد الأمين بن هارون الرشيد وأمه زبيدة بنت جعفر بن المنصور فهو هاشمي أباً وأماً ولم يتفق ذلك لغيره من الخلفاء إلا لعلي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه ولابنه الحسن. ولد سنة170 من الهجرة وولاه أبوه العهد سنة185 وكان قائماً مقام أبيه ببغداد حينما سافر إلى خراسان ولما مات الرشيد بطوس بويع له في عسكر الرشيد بالخلافة ووصل الخبر إلى بغداد فبايعه الخاصة والعامة واستمر في الخلافة إلى أن قتل في25 محرم سنة198 (5 سبتمبر سنة813 فكانت مدته أربع سنوات إلا أربعة أشهر تقريباً.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 16:50 | |
| الحال الداخلية لذلك العهد: كانت هذه المدة التي وليها الأمين مملوءة بالمشاكل والاضطرابات بين الأخوين الأمين والمأمون وكادت الأمة تذهب بينهما ضياعاً وسبب ذلك ما فعله الرشيد من ولاية العهد لأولاده الثلاثة أحدهم بعد الآخر وقسمته البلاد بينهم ونحن نبين كيف ابتدأت المشاكل وكيف انتهت ونبين آثارها في الأمة: لما كان الرشيد بطوس جدد البيعة لابنه المأمون على القواد الذين معه وأشهد من معه من القواد وسائر الناس أن جميع من معه من الجند مضمومون إلى المأمون وأن جميع ما معه من مال وسلاح وآلة وغير ذلك للمأمون. ولما علم الأمين وهو ببغداد مرض أبيه وأنه لمآبه أرسل من يفيده الأخبار كل يوم وأرسل كتباً تسلم إلى من أرسلت إليه بعد وفاة الرشيد فلما توفي كان من تلك الكتب كتاب للمأمون يعزيه فيه عن أبيه ويأمره أن يأخذ البيعة على من قبله للأمين بالخلافة وللمأمون بولاية العهد وللقاسم المؤتمن بعده. ومنها كتاب لصالح بن الرشيد وقد كان أكبر ولد الرشيد الذين معه وهو الذي صلى عليه حين مات وقد أمره فيه بالاجتهاد والتشمير وأن يأخذ البيعة على من معه للأمين ثم المأمون ثم المؤتمن على الشريطة التي اشترطها الرشيد وأمره بالمسير إليه مع جميع الجنود والذخائر والسلاح وقال له في الكتاب وإياك أن تنفذ رأياً أو تبرم أمراً إلا برأي شيخك وبقية آبائك الفضل بن الربيع وفيه وإن أمرت لأهل العسكر بعطاء أو أرزاق فليكن الفضل بن الربيع المتولي لإعطائهم على دواوين يتخذها لنفسه بمحضر من أصحاب الدواوين فإن الفضل بن الربيع لم يزل مثل ذلك لمهمات الأمور. لما قرأ الذين وردت عليهم كتب محمد الأمين بطوس من القواد والجند وأولاد هارون تشاوروا في اللحاق بمحمد فقال الفضل بن الربيع: لا أدع ملكاً حاضراً لآخر لا يدري ما يكون من أمره، وأمر الناس بالرحيل ففعلوا ذلك محبة منهم للحوق بأهلهم ومنازلهم ببغداد وتركوا العهود التي كانت أخذت عليهم للمأمون. انتهى خبر ذلك إلى المأمون وهو بمرو فجمع من معه من قواد أبيه واستشارهم فأشاروا عليه أن يلحقهم في ألفي فارس تجريدة فيردهم فدخل عليه الفضل بن سهل وهو عنده من أعظم الناس قدراً وأخصهم به فقال له إن فعلت ما أشاروا به عليك جعلت هؤلاء هدية إلى محمد ولكن الرأي أن تكتب إليهم كتاباً وتوجه إليهم رسولاً فتذكرهم البيعة وتسألهم الوفاء وتحذرهم الحنث وما يلزمهم في ذلك في الدين والدنيا فعل ذلك المأمون ووصل الكتاب والقوم بنيسابور قد رحلوا ثلاث مراحل فلم يفد هذا الجواب فائدة وتم الفضل بن الربيع على سيره. ولما جاء المأمون خبر ذلك كان الفضل بن سهل حاضراً فأزال عنه الانزعاج أمله في الخلافة فجعل أمره إليه وأمره أن يقوم به بعد أن رفضه كبار القواد الذين معه فكان من أول تدبيره أن يبعث إلى من بالحضرة من الفقهاء فيدعوهم إلى الحق والعمل به وإحياء السنة وأن يقعد على اللبود ويرد المظالم ليكون بذلك قريباً من نفوس الجمهور ففعل. ولم يبدأ المأمون أخاه بشيء يريبه بل تواترت كتبه إليه بالتعظيم والهدايا إليه من طرف خراسان من المتاع والآنية والمسك والدواب والسلاح. أما الأمر في بغداد فقد كان يدل على شر مستطير فإن الفضل بن الربيع بعد مقدمه العراق ناكثاً للعهود التي كان الرشيد أخذها عليه للمأمون رأى أن الخلافة إن أفضت إلى المأمون يوماً وهو حي لم يبق عليه فحث محمداً على خلفه وأن يولي العهد من بعده ابنه موسى ولم يكن ذلك من رأي محمد ولا عزمه بل كان عزمه الوفاء لأخويه بما أخذ عليه الرشيد لهما من العهود فلم يزل به الفضل حتى أزاله عن رأيه فأول ما بدأ به أن كتب إلى جميع العمال في الأمصار كلها بالدعاء لابنه موسى بالأمرة بعد الدعاء له وللمأمون والقاسم. فلما بلغ ذلك المأمون وبلغه أن الأمين عزل أخاه القاسم عما كان الرشيد ولاه من الأعمال وأقدمه بغداد علم أنه يدبر في خلعه فقطع البريد عنه وأسقط اسمه من الطرار. كرر الأمين تجربته فكتب إلى العباس بن عبد اللَّه بن مالك وهو عامل المأمون على الري وأمره أن يبعث إليه بغرائب غروس الري مريداً بذلك امتحانه فبعث إليه بما طلب فبلغ ذلك المأمون فعزل العباس عن ولايته. ثم بعث الأمين إلى المأمون ثلاثة نفر أحدهم العباس بن موسى بن عيسى والغرض من هذا الوفد أن يطلبوا من المأمون رضاه بتقديم موسى بن الأمين على نفسه في ولاية العهد فلما اطلع المأمون على مرادهم رد ذلك وأباه، وعرض الفضل بن سهل على العباس بن موسى أن يكون عوناً لهم ومنوه الأماني إن هو أجاب إلى ذلك فرضي وكان بعد ذلك يكتب إليهم بالأخبار ويشير عليهم بالرأي عاد الوفد إلى الأمين وأخبروه بامتناع المأمون. لم يخفض ذلك من غلواء الفضل بن الربيع بل ما زال يلح على الأمين حتى رضي أن يخلع المأمون ويبايع لابنه موسى بولاية العهد، ونهى الفضل عن ذكر المأمون والقاسم والدعاء لهما على شيء من المنابر ووجه إلى مكة كتاباً مع رسول من حجبة البيت في أخذ الكتابين اللذين كتبهما هارون وجعلهما بالكعبة فأحضرهما إلى بغداد فمزقا. وكان الأمين قبل أن يكاشف أخاه بذات نفسه أرسل إليه يسأله أن يتجافى له عن كور من كور خراسان سماها وأن يوجه العمال إليها من قبل محمد وأن يحتمل توجيه رجل من قبله يوليه البريد عليه ليكتب إليه بخبره فكتب إليه جواب ذلك: بلغني كتاب أمير المؤمنين يسأل التجافي عن مواضع سماها مما أثبته الرشيد في العقد وجعل أمره إليّ وما أمره رآه أمير المؤمنين أحد يجاوز أكثره غير أن الذي جعل إلى الطرف الذي أنا به لا ظنين في النظر لعامته ولا جاهل بما أسند إليّ من أمره ولو لم يكن ذلك مثبتاً بالعهود والمواثيق المأخوذة ثم كنت على الحال التي أنا عليها من إشراف عدو مخوف الشوكة وعامة لا تتألف عن هضمها وأجناد لا يستتبع طاعتها إلا بالأموال وطرف من الأفضال لكان في نظر أمير المؤمنين لعامته وما يحب من أطرافه ما يوجب عليه أن يقسم له كثيراً من عنايته وأن يستصلحه ببذل كثير من ماله فكيف بمسألة ما أوجبه الحق ووكدته مأخوذة العهد؟ وإني لأعلم أن أمير المؤمنين لو علم من الحال ما علمت لم يطلع ما كتب بمسألته إليّ ثم أنا على ثقة من القبول بعد البيان إن شاء الله. وكان المأمون قد وجه حارسه إلى الحد فلا يجوز رسول من العراق حتى يوجهوه مع ثقات من الأمناء ولا يدعه يستعلم خبراً ولا يؤثر أثراً ولا يستتبع بالرغبة ولا بالرهبة أحداً ولا يبلغ أحداً قولاً ولا كتاباً فحصر أهل خراسان من أن يستمالوا برغبة أو أن تودع صدورهم رهبة ويحملوا على منوال خلاف أو مفارقة ثم وضع على مراصد الطرق ثقات من الحراس لا يجوز عليهم إلا من لا يدخل الظنة في أمره ممن أتى بجواز في مخرجه إلى دار مآبة أو تاجر معروف مأمون في نفسه ودينه ومنع الاشتاتات من جواز السبل والقطع بالمتاجر والوغول في البلدان في هيئة الطارئة والسابلة وفتشت الكتب. هكذا دبر الفضل بن سهل أمر صاحبه فلم يدع للفضل بن الربيع مجالاً لرسله ورواده أن يبثوا شيئاً في عامة أهل خراسان ولما أتت رسل الأمين بجواب كتب الأمين وجدوا جميع ما كانوا يؤملونه ممنوعاً عنهم موصداً بابه دونهم. لم يكن لهذه المكاتبات بين الأخوين نتيجة لأنه كان لكل منهما سائق يسوقه فللأمين الفضل بن الربيع الذي لم يكن يحب المأمون ولا ولايته وللمأمون الفضل بن سهل الذي كان يأمل الخلافة لصاحبه وأن تكون مرو حاضرة الخلافة العظمى وتعود لخراسان عظمتها. بلغ المأمون ما أقدم عليه أخوه من خلعه عن ولاية العهد وترك الدعاء له فكان أول ما فعله الفضل ابن سهل من التدبير أن جمع الأجناد التي كان أعدها بجنبات الري مع أجناد قد كان مكنها فيها وأجناد للقيام بأمرهم وأقامهم بالحد لا يتجاوزونه ولا يطلقون يداً بسوء في عامة ولا مجتاز ثم اختار لقيادة الجند طاهر بن عيسى الخزاعي مولاهم فسار طاهر مغذاً لا يلوي على شيء حتى ورد الري فنزلها ووكل بأطرافها ووضع مسالحه وبث عيونه وطلائعه. أما الفضل بن الربيع فإنه اختار لجند العراق علي بن عيسى بن ماهان وولاه الأمين كور الجبل كلها نهاوند وهمذان وقم وأصبهان وأعطى جنده من الأرزاق شيئاً كثيراً وأمدهم بالسلاح والعدة فشخص من بغداد في منتصف جمادى الآخرة سنة195 وكان معه زهاء أربعين ألفاً وحمل معه قيد فضة ليقيد به المأمون كما شاءت زبيدة أم الأمين وقد خدم الأمين أخاه بهذا التعيين خدمة عظيمة فإن أهل خراسان لم ينسوا ما عاملهم به علي بن عيسى من الفظائع مدة ولايته في عهد الرشيد فكان تعيينه لحربهم مما أثار في قلوبهم الحمية لرد هذا العدو بعد أن أبدلهم اللَّه خيراً منه عدلاً ورفقاً وحسن سياسة وهو عبد اللَّه المأمون. وبينما كان هذا القائد يسير مدلاً بنفسه وبمن معه مستخفاً بعدوه كان طاهر يدبر أمره مع قواده ويسير سير من يريد مواقعة عدو أكثر منه عدداً وعدة وقد استقر رأيه على أن يجعل مدينة الري وراء ظهره ويقاتل بعيداً عنها فعسكر على خمسة فراسخ منها وأقبل إليه علي بن الحسين وقد عبأ جنده وهم في أكمل عدة وأحسن زي فكتب طاهر كتائبه وكردس كراديسه وسوى صفوفه وجعل يمر بقائد قائد وجماعة جماعة يعظهم ويثبتهم ثم تلاحم الفريقان واقتتلوا قتالاً شديداً فعلت ميمنة علي على ميسرة طاهر ففضتها فضاً منكراً وميسرته على ميمنته فأزالتها عن موضعها فقال طاهر: اجعلوا بأسكم وجدكم على كراديس القلب فإنكم لو قد فضضتم منهم راية واحدة رجعت أوائلها على أواخرها فصبر أصحابه صبراً صادقاً ثم حملوا على أولي رايات القلب فهزموهم وأكثروا فيهم القتل. وصل هذا الخبر بغداد على غير ما ينتظر القوم فانتخب الأمين جيشاً ثانياً جعله تحت قيادة عبد الرحمن بن خبلة الأنباري وعدة هذا الجيش عشرون ألف رجل من الأبناء وحمل معه الأموال وقواه بالسلاح والخيل وأجازه بجوائز وندب معه فرسان الأبناء وأهل البأس والنجدة والغناء منهم وأوصى قائده بالتحفظ والاحتراس وترك ما عمل به علي بن عيسى من الاغترار والتضجع فسار عبد الرحمن حتى نزل همذان فضبط طرقها وحصن سورها وأبوابها وسد ثلمها وحشر إليها الأسواق والصناع وجمع فيها الآلات والمير واستعد للقاء طاهر ومحاربته. ولما بلغ طاهراً خبره توجه إليه حتى أشرف على همذان فخرج إليه عبد الرحمن فيمن معه على تعبئة فاقتتل الفريقان قتالاً شديداً إلى أن انهزم عبد الرحمن ودخل همذان فلبث فيها حتى قوي أصحابه واندملت جراحهم ثم خرج ثانية إلى اللقاء فلقيه طاهر وفعل به ما فعل في المرة الأولى فعاد إلى همذان فحصره فيها طاهر حتى جهد من قلة المادة فطلب الأمان له ولمن معه فأمنه طاهر. ولما تم لطاهر هذا النصر طرد عمال محمد من قزوين. كان ذلك سبباً لارتباك الفضل بن الربيع وشعوره بزوال الدولة فدعا أسد بن يزيد بن مزيد وهو من قواد الدولة المعدودين وقال: له أنت فارس العرب وابن فارسها فزع إليك الأمين في لقاء هذا الرجل وأطمعه فيما قبلك أمران أما أحدهما فصدق طاعتك وفضل نصيحتك والثاني يمن نقيبتك وشدة بأسك وقد أمرني بإزاحة علتك وبسط يدك فيما أحببت غير أن الاقتصاد رأس النصيحة ومفتاح اليمن والبركة فانجز حوائجك وعجل المبادرة إلى عدوك فإني أرجو أن يوليك اللَّه شرف هذا الفتح ويلم بك شعث هذه الخلافة والدولة فلم يمتنع أسد وإنما طلب لجنده مطالب هي أن يؤمر لأصحابه برزق سنة ويخص من لا خاصة له منهم من أهل الغناء والبلاء وأبدل من فيهم من الزمني والضعفاء وأحمل ألف رجل ممن معي على الخيل ولا أسأل عن محاسبة ما افتتحت من المدن والكور فقال له: الفضل قد اشتططت ولا بد من مناظرة أمير المؤمنين ثم ركبا إليه فدخل عليه الفضل أولاً ثم دخل أسد فما كان بينهما إلا كلمتان حتى غضب الأمين وأمر بحبس أسد ثم قال: هل في أهل بيت هذا من يقوم مقامه فإني أكره أن أستفسدهم مع سابقتهم وما تقدم من طاعتهم ونصيحتهم فقالوا: نعم فيهم أحمد بن مزيد وهو أحسنهم طريقة وأصلحهم نية في الطاعة وله مع هذا بأس ونجدة وبصر بسياسة الجنود ولقاء الحروب فاستدعاه محمد وقال له إنه قد كثر عليّ تخليط ابن أخيك وتنكره وطال خلافه عليّ حتى أوحشني ذلك منه وولد في قلبي التهمة له وصيرني بسوء المذهب وحنث الطاعة إلى أن تناولته من الأدب والحبس بما لم أحب أن أكون أتناوله به وقد وصفت لي بخير ونسبت إلى جميل فأحببت أن أرفع قدرك وأعلي منزلتك وأقدمك على أهل بيتك وأن أوليك جهاد هذه الفئة الباغية الناكثة وأعرضك للأجر والثواب في قتالهم ولقائهم فانظر كيف تكون وصحح نيتك وأعن أمير المؤمنين على اصطناعك وسره في عدوه ينعم سرورك وتشريفك. ثم أمر الفضل أن يدفع إليه دفاتر أسد وأن يضم إليه من شهد العسكر من رجال الجزيرة والأعراب، فخرج أحمد فانتخب الرجال واعترض الدفاتر فبلغت عدة من معه عشرين ألف رجل ووجه الأمين عبد اللَّه بن حميد بن قحطبة في عشرين ألفاً أخرى وأمرهما أن ينزلا حلوان ويدفعا طاهراً عنها وتقدم إليهما في اجتماع الكلمة والتواد والتحاب على الطاعة فتوجها حتى نزلا قريباً من حلوان بخانقين. أما طاهر فإنه أقام بموقعه وخندق عليه وعلى أصحابه ودس العيون والجواسيس إلى عسكر عدوه فكانوا يأتونهم بالأراجيف ولم يزل يحتال في وقوع الخلاف بينهم حتى اختلفوا وانتقض أمرهم وقاتل بعضهم بعضاً فأخلوا خانقين ورجعوا عنها من غير أن يلقوا طاهراً فتقدم طاهر حتى نزل حلوان. ثم لم يلبث إلا قليلاً حتى ورد عليه هرثمة بن أعين أحد قواد المأمون ومعه كتاب من المأمون والفضل بن سهل يأمره فيه بتسليم ما حوى من الكور والمدن إليه ويتوجه إلى الأهواز فسلم ذلك إليه وأقام هرثمة بحلوان فحصنها ووضع مسالحه ومراصده في طرقها وجبالها وتوجه طاهر إلى الأهواز ليكون الهجوم على بغداد من جهتين. هذه حال الاضطراب في جند الأمين أما جند المأمون فكان على العكس من ذلك كان هادئاً منتظماً لا تزيده الأيام إلاّ قوة. انقسم إلى قوتين قوة مع هرثمة بن أعين تريد بغداد من جادة المشرق وقوة مع طاهر بن الحسين تريد بغداد من جادة الأهواز والبصرة. ذهب طاهر إلى فارس فاستولى عليها بعد أن أوقع بعاملها محمد بن يزيد المهلبي وقعة شديدة بسوق الأهواز وقتل محمد بن يزيد وكان ترتيب جند طاهر في مسيره وحربه حائزاً الغاية من النظام والاحتراس فضلاً عما حازه من الاسم الكبير الذي يفت في الأعضاد. أقام بفارس مدة أنفذ فيها العمال إلى الكور وولي على اليمامة والبحرين وعمان مما يلي الأهواز ومما يلي عمل البصرة ثم سار متوجهاً إلى واسط فجعلت المسالح والعمال تتقوض مسلحة مسلحةوعاملاً كلما قرب منهم طاهر تركوا أعمالهم وهربوا عنها حتى قرب من واسط فهرب عنها عاملها قائلاً إنه طاهر ولا عار في الهرب منه دخل طاهر واسطاً ومنها وجه قائداً إلى الكوفة وعليها العباس بن موسى الهادي فبادر إلى خلع الأمين ومبايعة المأمون وأرسل بذلك إلى طاهر فتم له ما بين واسط إلى الكوفة وأنفذ كتب التولية إلى العمال وكذلك بايع المأمون أمير البصرة وهو المنصور بن المهدي وكان ذلك كله في رجب سنة196. ثم سار طاهر إلى المدائن فاستولى عليها من غير قتال. فيتلك الأثناء حصل في الحجاز ما زاد المأمون قوة والأمين خذلاناً ذلك أن داود بن عيسى كان عاملاً للأمين على مكة والمدينة فلما بلغه ما فعل الأمين من خلع المأمون وأخذه الكتابين اللذين كانا بجوف الكعبة وتمزيقهما جمع حجبة الكعبة والقرشيين والفقهاء ومن كان شهد على ما في الكتابين من الشهود وكان داود أحدهم فذكرهم بما كان الرشيد أخذ عليهم من العهود أن يكونوا مع المظلوم من ولديه على الظالم وأخبرهم أن محمداً كان الذي قد بدأ بالظلم فخلع أخويه وبايع لابنهالصغير لذلك رأيت خلعه وأن أبايع للمأمون فأجابه إلى ذلك أهل مكة وفي 27 رجب سنة196 نادى داود في البيت الحرام بخلع الأمين وبيعة المأمون ثم كتب إلى ابنه سليمان وهو خليفة على المدينة يأمره أن يفعل بها فعل أهل مكة ففعل. ولما تم ذلك سار داود بنفسه إلى مرو وأعلم المأمون بما تم في الحجاز فسر المأمون جد السرور وتيمن ببركة مكة والمدينة وكتب إلى أهل الحجاز كتباً يعدهم فيها الخير ويبسط أملهم وأقر داود على ولاية الحجاز فعاد مغذاً ليدرك الحج ومر وهو عائد على طاهربن الحسين فوجه معه يزيد بن جرير القسري والياً على اليمن وكان يزيد هذا داعية أهل اليمن إلى بيعة المأمون فأجابوه. اجتمعت جيوش طاهر وهرثمة حول بغداد وحوصرت من ثلاث جهات فنزل هرثمة نهر بين وأعد المجانيق والعرادات وأنزل عبيد اللَّه بن الوضاح الشماسية ونزل طاهر البستان بباب الأنبار ونزل المسيب بن زهير قصر ورقة كلواذي. وقد نصب المسيب المجانيق والعرادات واحتفر الخنادق وجعل يخرج في الأيام عند اشتغال الجند بحرب طاهر فيرمي بالعرادات من أقبل ومن أدبر ويعشر أموال التجارة ويجبي السفر وبلغ من الناس كل مبلغ. أحسّ محمد بالضيق ومنعت عنه الأموال فأمر ببيع كل ما في الخزائن من الأمتعة وضرب آنية الذهب والفضة دنانير ودراهم وحملها لأصحابه في نفقاته. استمرت هذه الشدائد على بغداد وما فيها حتى استنفد الأمين كل وسائل الدفاع أيقن بالعطب إن هو استمر على الممانعة فاستشار من بقي من قواده فأشار عليه بعضهم أن يطلب لنفسه الأمان من هرثمة بن أعين ويسلم له فرضي وكتب إلى هرثمة بذلك فأجابه إليه ولما علم طاهر أبى إلا أن يكون خروجه إليه إذا شاء ولما لم يكن الأمين ميالاً إلى الخروج إلى طاهر اتفق القواد أن يخرج ببدنه إلى هرثمة وأن يدفع إلى طاهر الخاتم والقضيب والبردة ثم علم طاهر أنهم يمكرون به فاستعد للأمر وكمن حول القصر كمناء بالسلاح فلما خرج الأمين كانت حراقة هرثمة تنتظره فركبها ولم تسر بهم إلا قليلاً حتى خرج أصحاب طاهر فرموا الحراقة بالسهام والحجارة فانكفأت الحراقة وغرق هرثمة ومحمد الأمين فأما هرثمة فأدركه أصحابه وأما محمد فسبح في الماء حتى أدركه أصحاب طاهر فأسروه فأمرهم طاهر بقتله فقتل ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم سنة198 وفي الصباح كتب طاهر إلى المأمون يخبره بما تم وبالأسباب التي جعلته يأمر بقتل الأمين. ثم دخل طاهر المدينة فأمن أهلها وهدأ الناس وكان دخوله إليها يوم الجمعة فصلى بالناس وخطبهم خطبة بليغة حضهم فيها على الطاعة ولزوم الجماعة ورغبهم في التمسك بحبل الطاعة وانصرف إلى معسكره.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 16:55 | |
| الحال الداخلية لذلك العهد: كانت هذه المدة التي وليها الأمين مملوءة بالمشاكل والاضطرابات بين الأخوين الأمين والمأمون وكادت الأمة تذهب بينهما ضياعاً وسبب ذلك ما فعله الرشيد من ولاية العهد لأولاده الثلاثة أحدهم بعد الآخر وقسمته البلاد بينهم ونحن نبين كيف ابتدأت المشاكل وكيف انتهت ونبين آثارها في الأمة: لما كان الرشيد بطوس جدد البيعة لابنه المأمون على القواد الذين معه وأشهد من معه من القواد وسائر الناس أن جميع من معه من الجند مضمومون إلى المأمون وأن جميع ما معه من مال وسلاح وآلة وغير ذلك للمأمون. ولما علم الأمين وهو ببغداد مرض أبيه وأنه لمآبه أرسل من يفيده الأخبار كل يوم وأرسل كتباً تسلم إلى من أرسلت إليه بعد وفاة الرشيد فلما توفي كان من تلك الكتب كتاب للمأمون يعزيه فيه عن أبيه ويأمره أن يأخذ البيعة على من قبله للأمين بالخلافة وللمأمون بولاية العهد وللقاسم المؤتمن بعده. ومنها كتاب لصالح بن الرشيد وقد كان أكبر ولد الرشيد الذين معه وهو الذي صلى عليه حين مات وقد أمره فيه بالاجتهاد والتشمير وأن يأخذ البيعة على من معه للأمين ثم المأمون ثم المؤتمن على الشريطة التي اشترطها الرشيد وأمره بالمسير إليه مع جميع الجنود والذخائر والسلاح وقال له في الكتاب وإياك أن تنفذ رأياً أو تبرم أمراً إلا برأي شيخك وبقية آبائك الفضل بن الربيع وفيه وإن أمرت لأهل العسكر بعطاء أو أرزاق فليكن الفضل بن الربيع المتولي لإعطائهم على دواوين يتخذها لنفسه بمحضر من أصحاب الدواوين فإن الفضل بن الربيع لم يزل مثل ذلك لمهمات الأمور. لما قرأ الذين وردت عليهم كتب محمد الأمين بطوس من القواد والجند وأولاد هارون تشاوروا في اللحاق بمحمد فقال الفضل بن الربيع: لا أدع ملكاً حاضراً لآخر لا يدري ما يكون من أمره، وأمر الناس بالرحيل ففعلوا ذلك محبة منهم للحوق بأهلهم ومنازلهم ببغداد وتركوا العهود التي كانت أخذت عليهم للمأمون. انتهى خبر ذلك إلى المأمون وهو بمرو فجمع من معه من قواد أبيه واستشارهم فأشاروا عليه أن يلحقهم في ألفي فارس تجريدة فيردهم فدخل عليه الفضل بن سهل وهو عنده من أعظم الناس قدراً وأخصهم به فقال له إن فعلت ما أشاروا به عليك جعلت هؤلاء هدية إلى محمد ولكن الرأي أن تكتب إليهم كتاباً وتوجه إليهم رسولاً فتذكرهم البيعة وتسألهم الوفاء وتحذرهم الحنث وما يلزمهم في ذلك في الدين والدنيا فعل ذلك المأمون ووصل الكتاب والقوم بنيسابور قد رحلوا ثلاث مراحل فلم يفد هذا الجواب فائدة وتم الفضل بن الربيع على سيره. ولما جاء المأمون خبر ذلك كان الفضل بن سهل حاضراً فأزال عنه الانزعاج أمله في الخلافة فجعل أمره إليه وأمره أن يقوم به بعد أن رفضه كبار القواد الذين معه فكان من أول تدبيره أن يبعث إلى من بالحضرة من الفقهاء فيدعوهم إلى الحق والعمل به وإحياء السنة وأن يقعد على اللبود ويرد المظالم ليكون بذلك قريباً من نفوس الجمهور ففعل. ولم يبدأ المأمون أخاه بشيء يريبه بل تواترت كتبه إليه بالتعظيم والهدايا إليه من طرف خراسان من المتاع والآنية والمسك والدواب والسلاح. أما الأمر في بغداد فقد كان يدل على شر مستطير فإن الفضل بن الربيع بعد مقدمه العراق ناكثاً للعهود التي كان الرشيد أخذها عليه للمأمون رأى أن الخلافة إن أفضت إلى المأمون يوماً وهو حي لم يبق عليه فحث محمداً على خلفه وأن يولي العهد من بعده ابنه موسى ولم يكن ذلك من رأي محمد ولا عزمه بل كان عزمه الوفاء لأخويه بما أخذ عليه الرشيد لهما من العهود فلم يزل به الفضل حتى أزاله عن رأيه فأول ما بدأ به أن كتب إلى جميع العمال في الأمصار كلها بالدعاء لابنه موسى بالأمرة بعد الدعاء له وللمأمون والقاسم. فلما بلغ ذلك المأمون وبلغه أن الأمين عزل أخاه القاسم عما كان الرشيد ولاه من الأعمال وأقدمه بغداد علم أنه يدبر في خلعه فقطع البريد عنه وأسقط اسمه من الطرار. كرر الأمين تجربته فكتب إلى العباس بن عبد اللَّه بن مالك وهو عامل المأمون على الري وأمره أن يبعث إليه بغرائب غروس الري مريداً بذلك امتحانه فبعث إليه بما طلب فبلغ ذلك المأمون فعزل العباس عن ولايته. ثم بعث الأمين إلى المأمون ثلاثة نفر أحدهم العباس بن موسى بن عيسى والغرض من هذا الوفد أن يطلبوا من المأمون رضاه بتقديم موسى بن الأمين على نفسه في ولاية العهد فلما اطلع المأمون على مرادهم رد ذلك وأباه، وعرض الفضل بن سهل على العباس بن موسى أن يكون عوناً لهم ومنوه الأماني إن هو أجاب إلى ذلك فرضي وكان بعد ذلك يكتب إليهم بالأخبار ويشير عليهم بالرأي عاد الوفد إلى الأمين وأخبروه بامتناع المأمون. لم يخفض ذلك من غلواء الفضل بن الربيع بل ما زال يلح على الأمين حتى رضي أن يخلع المأمون ويبايع لابنه موسى بولاية العهد، ونهى الفضل عن ذكر المأمون والقاسم والدعاء لهما على شيء من المنابر ووجه إلى مكة كتاباً مع رسول من حجبة البيت في أخذ الكتابين اللذين كتبهما هارون وجعلهما بالكعبة فأحضرهما إلى بغداد فمزقا. وكان الأمين قبل أن يكاشف أخاه بذات نفسه أرسل إليه يسأله أن يتجافى له عن كور من كور خراسان سماها وأن يوجه العمال إليها من قبل محمد وأن يحتمل توجيه رجل من قبله يوليه البريد عليه ليكتب إليه بخبره فكتب إليه جواب ذلك: بلغني كتاب أمير المؤمنين يسأل التجافي عن مواضع سماها مما أثبته الرشيد في العقد وجعل أمره إليّ وما أمره رآه أمير المؤمنين أحد يجاوز أكثره غير أن الذي جعل إلى الطرف الذي أنا به لا ظنين في النظر لعامته ولا جاهل بما أسند إليّ من أمره ولو لم يكن ذلك مثبتاً بالعهود والمواثيق المأخوذة ثم كنت على الحال التي أنا عليها من إشراف عدو مخوف الشوكة وعامة لا تتألف عن هضمها وأجناد لا يستتبع طاعتها إلا بالأموال وطرف من الأفضال لكان في نظر أمير المؤمنين لعامته وما يحب من أطرافه ما يوجب عليه أن يقسم له كثيراً من عنايته وأن يستصلحه ببذل كثير من ماله فكيف بمسألة ما أوجبه الحق ووكدته مأخوذة العهد؟ وإني لأعلم أن أمير المؤمنين لو علم من الحال ما علمت لم يطلع ما كتب بمسألته إليّ ثم أنا على ثقة من القبول بعد البيان إن شاء الله. وكان المأمون قد وجه حارسه إلى الحد فلا يجوز رسول من العراق حتى يوجهوه مع ثقات من الأمناء ولا يدعه يستعلم خبراً ولا يؤثر أثراً ولا يستتبع بالرغبة ولا بالرهبة أحداً ولا يبلغ أحداً قولاً ولا كتاباً فحصر أهل خراسان من أن يستمالوا برغبة أو أن تودع صدورهم رهبة ويحملوا على منوال خلاف أو مفارقة ثم وضع على مراصد الطرق ثقات من الحراس لا يجوز عليهم إلا من لا يدخل الظنة في أمره ممن أتى بجواز في مخرجه إلى دار مآبة أو تاجر معروف مأمون في نفسه ودينه ومنع الاشتاتات من جواز السبل والقطع بالمتاجر والوغول في البلدان في هيئة الطارئة والسابلة وفتشت الكتب. هكذا دبر الفضل بن سهل أمر صاحبه فلم يدع للفضل بن الربيع مجالاً لرسله ورواده أن يبثوا شيئاً في عامة أهل خراسان ولما أتت رسل الأمين بجواب كتب الأمين وجدوا جميع ما كانوا يؤملونه ممنوعاً عنهم موصداً بابه دونهم. لم يكن لهذه المكاتبات بين الأخوين نتيجة لأنه كان لكل منهما سائق يسوقه فللأمين الفضل بن الربيع الذي لم يكن يحب المأمون ولا ولايته وللمأمون الفضل بن سهل الذي كان يأمل الخلافة لصاحبه وأن تكون مرو حاضرة الخلافة العظمى وتعود لخراسان عظمتها. بلغ المأمون ما أقدم عليه أخوه من خلعه عن ولاية العهد وترك الدعاء له فكان أول ما فعله الفضل ابن سهل من التدبير أن جمع الأجناد التي كان أعدها بجنبات الري مع أجناد قد كان مكنها فيها وأجناد للقيام بأمرهم وأقامهم بالحد لا يتجاوزونه ولا يطلقون يداً بسوء في عامة ولا مجتاز ثم اختار لقيادة الجند طاهر بن عيسى الخزاعي مولاهم فسار طاهر مغذاً لا يلوي على شيء حتى ورد الري فنزلها ووكل بأطرافها ووضع مسالحه وبث عيونه وطلائعه. أما الفضل بن الربيع فإنه اختار لجند العراق علي بن عيسى بن ماهان وولاه الأمين كور الجبل كلها نهاوند وهمذان وقم وأصبهان وأعطى جنده من الأرزاق شيئاً كثيراً وأمدهم بالسلاح والعدة فشخص من بغداد في منتصف جمادى الآخرة سنة195 وكان معه زهاء أربعين ألفاً وحمل معه قيد فضة ليقيد به المأمون كما شاءت زبيدة أم الأمين وقد خدم الأمين أخاه بهذا التعيين خدمة عظيمة فإن أهل خراسان لم ينسوا ما عاملهم به علي بن عيسى من الفظائع مدة ولايته في عهد الرشيد فكان تعيينه لحربهم مما أثار في قلوبهم الحمية لرد هذا العدو بعد أن أبدلهم اللَّه خيراً منه عدلاً ورفقاً وحسن سياسة وهو عبد اللَّه المأمون. وبينما كان هذا القائد يسير مدلاً بنفسه وبمن معه مستخفاً بعدوه كان طاهر يدبر أمره مع قواده ويسير سير من يريد مواقعة عدو أكثر منه عدداً وعدة وقد استقر رأيه على أن يجعل مدينة الري وراء ظهره ويقاتل بعيداً عنها فعسكر على خمسة فراسخ منها وأقبل إليه علي بن الحسين وقد عبأ جنده وهم في أكمل عدة وأحسن زي فكتب طاهر كتائبه وكردس كراديسه وسوى صفوفه وجعل يمر بقائد قائد وجماعة جماعة يعظهم ويثبتهم ثم تلاحم الفريقان واقتتلوا قتالاً شديداً فعلت ميمنة علي على ميسرة طاهر ففضتها فضاً منكراً وميسرته على ميمنته فأزالتها عن موضعها فقال طاهر: اجعلوا بأسكم وجدكم على كراديس القلب فإنكم لو قد فضضتم منهم راية واحدة رجعت أوائلها على أواخرها فصبر أصحابه صبراً صادقاً ثم حملوا على أولي رايات القلب فهزموهم وأكثروا فيهم القتل. وصل هذا الخبر بغداد على غير ما ينتظر القوم فانتخب الأمين جيشاً ثانياً جعله تحت قيادة عبد الرحمن بن خبلة الأنباري وعدة هذا الجيش عشرون ألف رجل من الأبناء وحمل معه الأموال وقواه بالسلاح والخيل وأجازه بجوائز وندب معه فرسان الأبناء وأهل البأس والنجدة والغناء منهم وأوصى قائده بالتحفظ والاحتراس وترك ما عمل به علي بن عيسى من الاغترار والتضجع فسار عبد الرحمن حتى نزل همذان فضبط طرقها وحصن سورها وأبوابها وسد ثلمها وحشر إليها الأسواق والصناع وجمع فيها الآلات والمير واستعد للقاء طاهر ومحاربته. ولما بلغ طاهراً خبره توجه إليه حتى أشرف على همذان فخرج إليه عبد الرحمن فيمن معه على تعبئة فاقتتل الفريقان قتالاً شديداً إلى أن انهزم عبد الرحمن ودخل همذان فلبث فيها حتى قوي أصحابه واندملت جراحهم ثم خرج ثانية إلى اللقاء فلقيه طاهر وفعل به ما فعل في المرة الأولى فعاد إلى همذان فحصره فيها طاهر حتى جهد من قلة المادة فطلب الأمان له ولمن معه فأمنه طاهر. ولما تم لطاهر هذا النصر طرد عمال محمد من قزوين. كان ذلك سبباً لارتباك الفضل بن الربيع وشعوره بزوال الدولة فدعا أسد بن يزيد بن مزيد وهو من قواد الدولة المعدودين وقال: له أنت فارس العرب وابن فارسها فزع إليك الأمين في لقاء هذا الرجل وأطمعه فيما قبلك أمران أما أحدهما فصدق طاعتك وفضل نصيحتك والثاني يمن نقيبتك وشدة بأسك وقد أمرني بإزاحة علتك وبسط يدك فيما أحببت غير أن الاقتصاد رأس النصيحة ومفتاح اليمن والبركة فانجز حوائجك وعجل المبادرة إلى عدوك فإني أرجو أن يوليك اللَّه شرف هذا الفتح ويلم بك شعث هذه الخلافة والدولة فلم يمتنع أسد وإنما طلب لجنده مطالب هي أن يؤمر لأصحابه برزق سنة ويخص من لا خاصة له منهم من أهل الغناء والبلاء وأبدل من فيهم من الزمني والضعفاء وأحمل ألف رجل ممن معي على الخيل ولا أسأل عن محاسبة ما افتتحت من المدن والكور فقال له: الفضل قد اشتططت ولا بد من مناظرة أمير المؤمنين ثم ركبا إليه فدخل عليه الفضل أولاً ثم دخل أسد فما كان بينهما إلا كلمتان حتى غضب الأمين وأمر بحبس أسد ثم قال: هل في أهل بيت هذا من يقوم مقامه فإني أكره أن أستفسدهم مع سابقتهم وما تقدم من طاعتهم ونصيحتهم فقالوا: نعم فيهم أحمد بن مزيد وهو أحسنهم طريقة وأصلحهم نية في الطاعة وله مع هذا بأس ونجدة وبصر بسياسة الجنود ولقاء الحروب فاستدعاه محمد وقال له إنه قد كثر عليّ تخليط ابن أخيك وتنكره وطال خلافه عليّ حتى أوحشني ذلك منه وولد في قلبي التهمة له وصيرني بسوء المذهب وحنث الطاعة إلى أن تناولته من الأدب والحبس بما لم أحب أن أكون أتناوله به وقد وصفت لي بخير ونسبت إلى جميل فأحببت أن أرفع قدرك وأعلي منزلتك وأقدمك على أهل بيتك وأن أوليك جهاد هذه الفئة الباغية الناكثة وأعرضك للأجر والثواب في قتالهم ولقائهم فانظر كيف تكون وصحح نيتك وأعن أمير المؤمنين على اصطناعك وسره في عدوه ينعم سرورك وتشريفك. ثم أمر الفضل أن يدفع إليه دفاتر أسد وأن يضم إليه من شهد العسكر من رجال الجزيرة والأعراب، فخرج أحمد فانتخب الرجال واعترض الدفاتر فبلغت عدة من معه عشرين ألف رجل ووجه الأمين عبد اللَّه بن حميد بن قحطبة في عشرين ألفاً أخرى وأمرهما أن ينزلا حلوان ويدفعا طاهراً عنها وتقدم إليهما في اجتماع الكلمة والتواد والتحاب على الطاعة فتوجها حتى نزلا قريباً من حلوان بخانقين. أما طاهر فإنه أقام بموقعه وخندق عليه وعلى أصحابه ودس العيون والجواسيس إلى عسكر عدوه فكانوا يأتونهم بالأراجيف ولم يزل يحتال في وقوع الخلاف بينهم حتى اختلفوا وانتقض أمرهم وقاتل بعضهم بعضاً فأخلوا خانقين ورجعوا عنها من غير أن يلقوا طاهراً فتقدم طاهر حتى نزل حلوان. ثم لم يلبث إلا قليلاً حتى ورد عليه هرثمة بن أعين أحد قواد المأمون ومعه كتاب من المأمون والفضل بن سهل يأمره فيه بتسليم ما حوى من الكور والمدن إليه ويتوجه إلى الأهواز فسلم ذلك إليه وأقام هرثمة بحلوان فحصنها ووضع مسالحه ومراصده في طرقها وجبالها وتوجه طاهر إلى الأهواز ليكون الهجوم على بغداد من جهتين. هذه حال الاضطراب في جند الأمين أما جند المأمون فكان على العكس من ذلك كان هادئاً منتظماً لا تزيده الأيام إلاّ قوة. انقسم إلى قوتين قوة مع هرثمة بن أعين تريد بغداد من جادة المشرق وقوة مع طاهر بن الحسين تريد بغداد من جادة الأهواز والبصرة. ذهب طاهر إلى فارس فاستولى عليها بعد أن أوقع بعاملها محمد بن يزيد المهلبي وقعة شديدة بسوق الأهواز وقتل محمد بن يزيد وكان ترتيب جند طاهر في مسيره وحربه حائزاً الغاية من النظام والاحتراس فضلاً عما حازه من الاسم الكبير الذي يفت في الأعضاد. أقام بفارس مدة أنفذ فيها العمال إلى الكور وولي على اليمامة والبحرين وعمان مما يلي الأهواز ومما يلي عمل البصرة ثم سار متوجهاً إلى واسط فجعلت المسالح والعمال تتقوض مسلحة مسلحةوعاملاً كلما قرب منهم طاهر تركوا أعمالهم وهربوا عنها حتى قرب من واسط فهرب عنها عاملها قائلاً إنه طاهر ولا عار في الهرب منه دخل طاهر واسطاً ومنها وجه قائداً إلى الكوفة وعليها العباس بن موسى الهادي فبادر إلى خلع الأمين ومبايعة المأمون وأرسل بذلك إلى طاهر فتم له ما بين واسط إلى الكوفة وأنفذ كتب التولية إلى العمال وكذلك بايع المأمون أمير البصرة وهو المنصور بن المهدي وكان ذلك كله في رجب سنة196. ثم سار طاهر إلى المدائن فاستولى عليها من غير قتال. فيتلك الأثناء حصل في الحجاز ما زاد المأمون قوة والأمين خذلاناً ذلك أن داود بن عيسى كان عاملاً للأمين على مكة والمدينة فلما بلغه ما فعل الأمين من خلع المأمون وأخذه الكتابين اللذين كانا بجوف الكعبة وتمزيقهما جمع حجبة الكعبة والقرشيين والفقهاء ومن كان شهد على ما في الكتابين من الشهود وكان داود أحدهم فذكرهم بما كان الرشيد أخذ عليهم من العهود أن يكونوا مع المظلوم من ولديه على الظالم وأخبرهم أن محمداً كان الذي قد بدأ بالظلم فخلع أخويه وبايع لابنهالصغير لذلك رأيت خلعه وأن أبايع للمأمون فأجابه إلى ذلك أهل مكة وفي 27 رجب سنة196 نادى داود في البيت الحرام بخلع الأمين وبيعة المأمون ثم كتب إلى ابنه سليمان وهو خليفة على المدينة يأمره أن يفعل بها فعل أهل مكة ففعل. ولما تم ذلك سار داود بنفسه إلى مرو وأعلم المأمون بما تم في الحجاز فسر المأمون جد السرور وتيمن ببركة مكة والمدينة وكتب إلى أهل الحجاز كتباً يعدهم فيها الخير ويبسط أملهم وأقر داود على ولاية الحجاز فعاد مغذاً ليدرك الحج ومر وهو عائد على طاهربن الحسين فوجه معه يزيد بن جرير القسري والياً على اليمن وكان يزيد هذا داعية أهل اليمن إلى بيعة المأمون فأجابوه. اجتمعت جيوش طاهر وهرثمة حول بغداد وحوصرت من ثلاث جهات فنزل هرثمة نهر بين وأعد المجانيق والعرادات وأنزل عبيد اللَّه بن الوضاح الشماسية ونزل طاهر البستان بباب الأنبار ونزل المسيب بن زهير قصر ورقة كلواذي. وقد نصب المسيب المجانيق والعرادات واحتفر الخنادق وجعل يخرج في الأيام عند اشتغال الجند بحرب طاهر فيرمي بالعرادات من أقبل ومن أدبر ويعشر أموال التجارة ويجبي السفر وبلغ من الناس كل مبلغ. أحسّ محمد بالضيق ومنعت عنه الأموال فأمر ببيع كل ما في الخزائن من الأمتعة وضرب آنية الذهب والفضة دنانير ودراهم وحملها لأصحابه في نفقاته. استمرت هذه الشدائد على بغداد وما فيها حتى استنفد الأمين كل وسائل الدفاع أيقن بالعطب إن هو استمر على الممانعة فاستشار من بقي من قواده فأشار عليه بعضهم أن يطلب لنفسه الأمان من هرثمة بن أعين ويسلم له فرضي وكتب إلى هرثمة بذلك فأجابه إليه ولما علم طاهر أبى إلا أن يكون خروجه إليه إذا شاء ولما لم يكن الأمين ميالاً إلى الخروج إلى طاهر اتفق القواد أن يخرج ببدنه إلى هرثمة وأن يدفع إلى طاهر الخاتم والقضيب والبردة ثم علم طاهر أنهم يمكرون به فاستعد للأمر وكمن حول القصر كمناء بالسلاح فلما خرج الأمين كانت حراقة هرثمة تنتظره فركبها ولم تسر بهم إلا قليلاً حتى خرج أصحاب طاهر فرموا الحراقة بالسهام والحجارة فانكفأت الحراقة وغرق هرثمة ومحمد الأمين فأما هرثمة فأدركه أصحابه وأما محمد فسبح في الماء حتى أدركه أصحاب طاهر فأسروه فأمرهم طاهر بقتله فقتل ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم سنة198 وفي الصباح كتب طاهر إلى المأمون يخبره بما تم وبالأسباب التي جعلته يأمر بقتل الأمين. ثم دخل طاهر المدينة فأمن أهلها وهدأ الناس وكان دخوله إليها يوم الجمعة فصلى بالناس وخطبهم خطبة بليغة حضهم فيها على الطاعة ولزوم الجماعة ورغبهم في التمسك بحبل الطاعة وانصرف إلى معسكره.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:00 | |
| الأحوال في المدة الأولى: لما تم الأمر للمأمون بالعراق على يد القائدين العظيمين طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين كان الذي يدير الأمر بمرو الفضل بن سهل الذي يرى لنفسه الفضل الأكبر في تأسيس دولة المأمون فأراد أن يستفيد من هذه الدولة فيستأثر بنفوذ الكلمة فيها وليس يتم له ذلك والعراق بين يدي طاهر وهرثمة فأصدر أمرين على لسان المأمون أولهما بتولية الحسن بن سهل جميع ما افتتحه طاهر من كور الجبال وفارس والأهواز والبصرة والكوفة والحجاز واليمن. وكتب إلى طاهر أن يسلمه جميع ما بيده من الأعمال وأن يشخص إلى الرقة لمحاربة نصر بن شبث وولاه الموصل والجزيرة والشام والمغرب فلم يسع طاهراً إلا أن يسمع ويطيع فسلم ذلك كله. والأمر الثاني إلى هرثمة يأمره بالشخوص إلى خراسان فشخص وبذلك خلا العراق من أسديه وأهل العراق من قديم عبيد القوة ولا سيما أنهم خارجون من ثورة وهيجان فكان من اللازم أن تظل تلك الأيدي المرهوبة حتى يستكين الناس ويخضعوا. ولم يبق المأمون بعد ذلك بخراسان. هل كان الفضل بن سهل يريد أن يحول الخلافة الإسلامية إلى مرو فيجعلها حاضرة البلاد الإسلامية أو رأى أن نفوذه يضعف إذا حل الخليفة بغداد وبها الألسنة التي لا تمل الوشايات فخشي من ذلك على مركزه سواء كان السبب في تخلفه هذا أو ذاك فقد نتج عن هذا التدبير مضار شديدة واضطرابات كادت ترجع ملك المأمون أثراً بعد عين؟ شاع بالعراق بعد خروج طاهر وولاية الحسن بن سهل أن الفضل بن سهل قد غلب على المأمون وأنزله قصراً حجبه فيه عن أهل بيته ووجوه قواده وأنه يبرم الأمور على هواه فغضب لذلك من كان بالعراق من بني هاشم ووجوه الناس وأنفوا من غلبة الفضل على المأمون واستخفوا بالحسن بن سهل وهاجت الفتن في الأمصار وأول فتنة كانت خروج محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي خرج بالكوفة وقام بأمر رجل كبير من رجال هرثمة بن أعين وهو أبو السرايا السري بن منصور الشيباني فاستولى على الكوفة من يد نائب عاملها سليمان بن أبي جعفر المنصور فأرسل إليه الحسن بن سهل جيشاً يقوده زهير بن المسيب عشرة آلاف فهزمه أبو السرايا واستباح عسكره وأخذ ما كان معه من مال وسلاح ودواب وفي غد ذلك اليوم مات محمد بن إبراهيم فجأة وذلك يوم الخميس أول رجب سنة199 فولى أبو السرايا بدله غلاماً أمرد حدثاً وهو محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي وكان أبو السرايا هو الذي ينفذ الأمور ويولي من رأى ويعزل من شاء وإليه الأمور كلها. أرسل الحسن جيشاً ثانياً بقيادة عبدوس بن محمد بن أبي خالد المروروذي فتوجه إليه أبو السرايا وأوقع به وقعة في17 رجب سنة199 فقتله وأسر أخاه هارون واستباح عسكره وكانوا نحو أربعة آلاف رجل فلم يفلت منهم أحد. انتشر بعد ذلك الطالبيون في البلاد وضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة ونقش عليها {إن اللَّه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص}. وكان للطالبيين في تلك الفتن أسوأ أثر بمكة والمدينة فإن أبا السرايا كان قد ولي مكة حسين بن حسن بن علي بن الحسين بن علي وكان بها داود بن عيسى بن موسى العباسي والياً فلم يرض القتال في الحرم وخرج عن مكة فدخلها الحسين قبل مغرب يوم عرفة ولما تفرق الحاج من مكة جلس خلف المقام على نمرقة مثنية فأمر بثياب الكعبة التي عليها فجردت حتى لم يبق عليها من كسوتها شيئاً ثم كساها ثوبين من خز رقيق كان أبو السرايا وجه بهما معه مكتوب عليهما أمر به الأصفر بن أبي الأصفر أبو السرايا داعية آل محمد لكسوة بيت اللَّه الحرام وأن يطرح عنه كسوة الظلمة من ولد العباس ليطهر من كسوتهم وكتب سنة199 ثم قسم الكسوة التي كانت على الكعبة بين أصحابه وعمد إلى ما في خزانة الكعبة من مال فأخذه ولم يسمع بوديعة عند أحد لبني العباس وأتباعهم إلا هجم عليه في داره فإن وجد من ذلك شيئاً أخذه وعاقب الرجل وإن لم يجد عنده شيئاً حبسه وعذبه حتى يفتدي نفسه بقدر طوله ويقر عنده الشهود أن ذلك للمسودة من بني العباس وأتباعهم حتى عم ذلك خلقاً كثيراً وكان لهم دار اسمها دار العذاب يعذب فيها الناس حتى هرب منهم خلق كثير من أهل النعم فيتبعوهم بهدم دورهم وجعلوا يحكون الذهب الرقيق الذي في رؤوس أساطين المسجد فيخرج من الأسطوانة بعد التعب الشديد قدر مثقال ذهب أو نحوه حتى عم ذلك أكثر أساطين المسجد الحرام وقلعوا الحديد الذي على شبابيك زمزم وخشب الساج فبيع بالثمن الخسيس. انتهت هذه الفتن العلوية التي عادت بالضرر على البلاد والعباد والفضل في انتهاء أمرها لهرثمة بن أعين القائد المحنك. ولما فرغ هرثمة من أداء تلك المهمة أراد أن يتوجه إلى المأمون بمرو ليطلعه على حقيقة الحال وما ينكره الناس عليه من استبداد الفضل بن سهل على أمره ولم يكن مما يروق في عين الفضل فأفهم المأمون أن هرثمة قد أفسد البلاد وأنه هو الذي دس إلى أبي السرايا حتى صنع ما صنع ولو شاء أن لا يفعل ذلك أبو السرايا ما فعل لأنه كان من ضمن جنوده. وكان المأمون قد كتب لهرثمة كتاباً من الطريق ليرجع ويلي الشام والحجاز فأبى هرثمة أن يرجع حتى يرى أمير المؤمنين ويبين له حقيقة الحال فكان ذلك مما زاد المأمون وحشة منه. ولما بلغ هرثمة مرو خشي أن يكتم المأمون خبر قدومه فضرب الطبول كي يسمعها المأمون فلما سمعها سأل فقالوا هرثمة جاء يبرق ويرعد وظن هرثمة أن قوله المقبول فأدخل على المأمون وقد أشرب قلبه منه ما أشرب فلم يسمع منه كلمة وأمر به فوجىء عنقه وديس بطنه وسحب بين يديه وقد تقدم الفضل إلى الأعوان بالتغليظ عليه والتشديد فمكث في حبسه أياماً ثم دسوا إليه فقتلوه وقالوا إنه مات. هكذا ذهب القائد العظيم من غير جناية ضحية خبث البطانة. ومما كان في تلك الآونة أن المأمون اختار لولاية عهده عليّ الرضا بن موسى بن جعفر الصادق وهو الثامن من أئمة الشيعة الإمامية الاثنا عشرية وسماه الرضا من آل محمد وأمر جنده بطرح السواد شعار العباسيين ولبس ثياب الخضرة الذي اختاره شعاراً للدولة الجديدة وكتب بذلك إلى الآفاق ويغلب على الظن أن هذا من عمل الفضل بن سهل لأن الفرس يعجبهم أن يكون إمام المسلمين علوياً وطالما قاتلوا في سبيل رجوع السلطان إلى بني علي وهذه فرصة يأخذون فيها الخلافة من غير حرب ولا قتال وساعد على ذلك ما كان يراه المأمون نفسه من تفضيل عليّ على غيره من الخلفاء الراشدين وأنه كان أحق بالخلافة منهم ولا نرى ذلك جاء المأمون إلا من البيئة التي تربى فيها فإنه كان في أول أمره في حجر جعفر البرمكي ثم انتقل إلى الفضل بن سهل وكلهم ممن يتشيع فاختمرت عنده هذه الفكرة على غير ما كان عليه آباؤه. بلغ ذلك أهل بغداد فاختلفوا فقال بعضهم نبايع ونلبس الخضرة وقال بعضهم لا نبايع ولا نلبس الخضرة ولا نخرج هذا الأمر من ولد العباس وإنما هذا دسيس من الفضل بن سهل فمكثوا على ذلك أياماً وغضب ولد العباس من ذلك واجتمع بعضهم إلى بعض وتكلموا فيه وقالوا نولي بعضنا ونخلع المأمون واتفقوا أخيراً على مبايعة إبراهيم المهدي عم المأمون بالخلافة وخلعوا المأمون وكان ذلك في أول المحرم سنة202. بلغت هذه الأحوال المأمون ويقال إن الذي أبلغه إياها عليّ الرضا ولي عهده فإنه أخبره بما فيه الناس من الفتنة والقتال منذ قتل أخوه وبما كان الفضل بن سهل يستر عنه من الأخبار وأن أهل بيته قد نقموا عليه أشياء فبايعوا لإبراهيم بن المهدي بالخلافة فقال له المأمون: إنما بايعوه ليكون أميراً لهم يقوم بأمرهم على ما أخبره به الفضل فأعلمه أن الفضل قد كذبه وغشه وأن الحرب قائمة بين إبراهيم بن المهدي والحسن بن سهل وأن الناس ينقمون عليه مكانه ومكان أخيه ومكاني ومكان بيعتك لي من بعدك وسمى له عدة من القواد يشهدون بما قال فأحضرهم المأمون وسألهم فأخبروه بالخبر على وجهه بعد أن أعطاهم أماناً من الفضل بن سهل وأخبروه بما موّه عليه الفضل في أمر هرثمة وأن هرثمة إنما جاء ناصحاً ليبين له ما يعمل وأنه إن لم يتدارك الأمر خرجت الخلافة منه ومن أهل بيتته وأن الفضل دس إلى هرثمة من قتله وأن طاهر بن الحسين قد أبلى في طاعته ما أبلى حتى إذا وطأ الأمر أخرج من ذلك كله وصير في زاوية من الأرض بالرقة قد حظرت عليه الأموال حتى ضعف أمره فشغب عليه جنده وأنه لو كان على خلافتك ببغداد لضبط الملك ولم يجترأ عليه بمثل ما اجترىء به على الحسن بن سهل وأن الدنيا قد تفتقت من أقطارها وسألوا المأمون الخروج إلى بغداد فإن بني هاشم والموالي والقواد والجنود لو رأوك سكنوا وفاءوا بالطاعة لك. لما تحقق ذلك المأمون أمر بالرحيل إلى بغداد ولم يسلم هؤلاء القواد من شر الفضل بل عاقبهم بالحبس والطرد فراح عليّ الرضا إلى المأمون وأعلمه بما كان من ضمانه لهم فأعلمه أنه يداري ما هو فيه. ارتحل المأمون من مرو حتى سرخس وهناك شد قوم على الفضل بن سهل وهو في الحمام فضربوه بسيوفهم حتى مات وذلك في2 شعبان سنة202 فأخذ ضاربوه وهم أربعة من خدم المأمون فلما جيء بهم إليه قالوا أنت أمرتنا بقتله فأمر بهم فضربت أعناقهم. وسوابق العلة تؤكد أن صدورها كان بتدبير المأمون لأنه أحسّ بثقل يد الفضل عليه وبما كان من غشه له وأنه ما دام معه لا يرى من أهل بغداد طاعة فاحتال بهؤلاء الخدم ثم قتلهم وبعث برؤوسهم إلى الحسن بن سهل وعزاه وأخبره أنه صيره مكانه. رحل المأمون من سرخس يوم عيد الفطر وكان هذا الرحيل سبباً لاختلاف القواد ببغداد على إبراهيم بن المهدي لأن السبب الذي من أجله خلعوا المأمون قد زال فاضطرب أمر إبراهيم ببغداد. لما صار المأمون بطوس حدثت حادثة أخرى وهي وفاة علي الرضا ويتهمون المأمون بأنه سمه وليس عندنا من البراهين ما يؤكد هذه التهمة لأنه بقدر ما يقربها إرادة المأمون التقرب إلى أهل بغداد والعباسيين بالتخلص منه يبعدها ما كان مغروساً في نفس المأمون من محبة آل أبي طالب وأنه صاهر علياً وأن علياً هو الذي أظهر له حقيقة ما كان يدور بالعراق من الفتن ولا يبعد عندي أنه من فعل بعض البطانة المأمونية ليخففوا عن المأمون اضطراب العباسيين ويخلصوا مما يعتقدونه شراً وهو خروج الخلافة من آل العباس. وهناك كتب المأمون إلى بني العباس والموالي وأهل بغداد يعلمهم موت علي بن موسى. رحل المأمون من طوس إلى الري وهناك تحبب إلى أهلها بإسقاط ألفي ألف درهم من خراجها. وكان كلما قرب من بغداد زاد الاضطراب على إبراهيم بن المهدي وقام القواد في وجهه حتى كتبوا إلى قائد من قواد الحسن بن سهل يطلبون إليه الحضور ليسلموا إليه بغداد فلم يلبث أن حضر وسلم له جند بغداد المدينة وأعلن خلع إبراهيم بن المهدي والدعوة للمأمون فاختفى إبراهيم ليلة الأربعاء 17ذي الحجة سنة203 فكانت أيامه كلها ببغداد سنة واحدة وأحد عشر شهراً وأثني عشر يوماً. ما زال المأمون ينتقل من منزلة إلى منزلة حتى وصل النهروان وهناك خرج إليه أهل بيته والقواد ووجوه الناس فسلموا عليه ووافاه طاهر بن الحسين من الرقة لأنه أمره بذلك وفي يوم السبت لأربع عشر بقيت من صفر سنة204 دخل مدينة بغداد في لباسه ولباس أهله الخضرة أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم فلبس ذلك أهل بغداد وبنو هاشم أجمعون. ومكثوا على ذلك ثمانية أيام فتكلم في ذلك بنو هاشم وولده العباس خاصة وقالوا يا أمير المؤمنين تركت لباس آبائك وأهل بيتك ودولتك ولبست الخضرة وكتب إليه في ذلك قواد أهل خراسان وسأله طاهر بن الحسين أن يرجع إلى لبس السواد فلما رأى المأمون طاعة الناس له في لبس الخضرة وكراهتهم لها قعد لهم وعليه ثياب خضر فلما اجتمعوا عنده دعا بسواد فلبسه ودعا بخلعة سواد فألبسها طاهراً ثم دعا بعدة من قواده فألبسهم أقبية وقلانس سوداً فلما خرجوا من عنده وعليهم السواد طرح سائر القواد والجند لبس الخضرة ولبسوا السواد وابتدأ من ذلك الوقت ملك المأمون الحقيقي.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:01 | |
| الوزارة في عهد المأمون: أول وزراء المأمون الفضل بن سهل وهو فارسي الأصل أسلم على يد المأمون سنة190 ويقال إن أباه سهلا أسلم على يد المهدي والذي اختار الفضل للمأمون هو الرشيد بإشارة جعفر بن يحيى فكان مدبر أمره وهو ولي عهده ولما فعل الأمين ما فعل دبر الفضل أمر إرسال الجنود وتدبير ما يلزمهم فأرسل طاهر بن الحسين لمحاربة علي بن عيسى بن ماهان. ولما انتصر طاهر لقب الفضل ذا الرياستين وجعل له علماً على سنان ذي شعبتين وكتب على سيفه من جانب رياسة الحرب ومن الجانب الآخر رياسة التدبير وولاه المأمون في هذه السنة وهي سنة196 على المشرق كله وجعل عمالته ثلاثة آلاف ألف درهم نحو ستين ألف جنيه. استوزر المأمون بعد وفاة الفضل بن سهل أحمد بن أبي خالد وأصله شامي مولى لبني عامر بن لؤي وكان أبوه كاتباً لعبيد اللَّه كاتب المهدي أحضره المأمون بعد وفاة الفضل بن سهل وقال له إني كنت عزمت ألا أستوزر أحداً بعد ذي الرياستين وقد رأيت أن أستوزرك، فقال: يا أمير المؤمنين اجعل بيني وبين الغاية منزلة يتأملها صديقي فيرجوها لي ولا يقول عدوي قد بلغ الغاية وليس إلا الانحطاط. فاستحسن المأمون كلامه واستوزره. وكان أحمد هذا من خيار الوزراء يحب أن تخلص قلوب الرعية لإمامه فكان دائم المشورة بما يسر أنفسهم ويسل دفين الأحقاد من صدورهم. ومن عيوب أحمد بن أبي خالد أنه كان شرهاً يتقرب إليه الناس بالمآكل لينالوا ما عنده من المصالح وكان المأمون يعرف ذلك منه فأجرى عليه كل يوم لمائدته ألف درهم لئلا يشره إلى طعام أحد من بطانته وكان مع هذا يشره إلى طعام الناس وتمتد عينه إلى هدية تأتيه وكان مع هذا أسي اللقاء عابس الوجه يهر في وجوه الخاص والعام غير أن فعله كان أحسن من لقائه وكان من عرف أخلاقه وصبر على مداراته نفعه وأكسبه. توفي أحمد بن أبي خالد في ذي القعدة سنة211 وصلى عليه المأمون ولما دلي في حفزته ترحم عليه. استوزر المأمون بعده أحمد بن يوسف كان كاتباً من خيرة الكتاب وأجودهم خطاً حتى قال له المأمون يوماً: يا أحمد لوددت أني أخط مثل خطك وعلى صدقة ألف ألف درهم وكان يجيد الكتابة حتى كان المأمون إذا كان يتولى عمرو بن مسعدة ديوان الرسائل كان يكلف أحمد بن يوسف بكتابة الكتب التي يريد أن تشهر وتذكر وولاه المأمون ديوان السر وبريد خراسان وصدقات البصرة ولما مات أحمد بن أبي خالد استوزره مكانه. استوزر المأمون بعده القاضي يحيى بن أكثم التميمي كان من جلة العلماء الفقهاء الذين لهم قدم ثابتة في الحديث والفقه والأصول تولى قضاء البصرة وسنه عشرون سنة ثم اتصل بالمأمون وصله به ثمامة بن أشرس العالم المتكلم الذي كان المأمون يثق به كثيراً فلما احتاج المأمون إلى من يوليه الوزارة عرضها على ثمامة فامتنع منها ووصف له يحيى فاستوزره وولاه مع ذلك قاضي القضاة فكان إليه تدبير المملكة والقضاء وقلما اجتمعا في شخص.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:03 | |
| العلويون وآثارهم في الدولة: قدمنا ما كان من المأمون من اختياره لولاية عهده علي الرضا بن موسى الكاظم وهو الثامن من أئمة الشيعة الإمامية الإثني عشرية واتخاذه الشعار الأخضر بدل الأسود وما ترتب على ذلك من الاضطراب في بغداد وقيام أبي السرايا والعلويين الذين قاموا من أجل قيامه في الأمصار الكبرى ثم ما كان من وفاة علي الرضا بطوس وانتهاء فتنة أبي السرايا وسقوط جميع العلويين الذين خرجوا في ذلك الوقت بالبصرة والحجاز واليمن. ونزع المأمون للشعار الأخضر بعد حلوله ببغداد وعودته إلى شعار أهل بيته وهو السواد. وكان المأمون قد صاهر علياً فزوجه ابنته ثم زوج محمد بن علي المعروف بالجواد وهو الإمام التاسع من أئمة الشيعة ابنته الأخرى ولم يكن من محمد هذا ما يريب المأمون وكان المأمون يعامل الطالبيين معاملة تناسب اعتقاده في فضل أبيهم إلى أن خرج في سنة207 باليمن من آل أبي طالب عبد الرحمن بن أحمد بن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب فوجه إليه المأمون دينار بن عبد اللَّه في جيش كثيف وكتب معه بأمانه فحضر دينار بن عبد اللَّه الموسم وحج ولما فرغ من حجه سار إلى اليمن حتى أتى عبد الرحمن فبعث إليه بأمانه من المأمون فقبل ذلك ودخل ووضع يده في يد دينار فخرج به إلى المأمون فمنع المأمون عند ذلك الطالبيين من الدخول عليه وأمر بأخذهم بلبس السواد. وبسبب اختلال الأمن في البلاد اليمنية ورسوخ التشيع فيها أراد المأمون أن يختار لولاية تهامتها من يأخذ على أيدي المفسدين فيها فأشار عليه الحسن بن سهل برجل من ولد زياد بن أبي سفيان وهو محمد بن إبراهيم الزيادي فولاه إياها سنة203 فتوجه فحج ثم ذهب إلى اليمن ففتح تهامة واختط مدينة زبيد سنة204 وهي التي صارت حاضرة تهامة. وقد عظم أمر الزيادي بعد ذلك باليمن وصار كملك مستقل إلا أنه كان يخطب لبني العباس ويحمل إليهم الخراج والهدايا وطال ملكه إلى سنة245 ثم صار الملك في أبنائه ثم في مواليهم وموالي مواليهم إلى سنة554 وتعرف هذه الدولة بالدولة الزيادية وهي أول الدول استقلالاً باليمن. | |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:04 | |
| إبراهيم بن المهدي: قدمنا ما كان من بيعة أهل بغداد لإبراهيم بن المهدي إذ كان المأمون بمرو فلما شخص المأمون إلى بغداد وعلم بقدومه القواد الذي كانوا مع إبراهيم تركوه فلما رأى ذلك اختفى وظل مختفياً ببغداد يتنقل من دار إلى دار سنة210 وفي تلك السنة أخذه حارس أسود وهو متنقب مع امرأتين في زي امرأة فأعلم المأمون بخبره فأمر بالاحتفاظ به ثم دخل عليه فقال له: هيه يا إبراهيم فقال: يا أمير المؤمنين ولي الثأر محكم في القصاص والعفو أقرب للتقوى ومن تناوله الاعتزاز بما مد له من أسباب الشقاء أمكن عادية الدهر من نفسه وقد جعلك اللَّه فوق كل ذنب كما جعل كل ذي ذنب دونك فإن تعاقب فبحقك وإن تعف فبفضلك. قال: بل أعفو يا إبراهيم. فذكر أن المأمون حين أنشده إبراهيم هذه قصيدة قال: أقول ما قال يوسف لإخوته {لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللَّه لكم وهو أرحم الراحمين}.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:04 | |
| بابك الخرمي: بين أذربيجان وأران في شمال بلاد الفرس كورة تدعى البذ يمر بها نهر الرس العظيم بهذه الكورة خرج بابك التي امتدت فتنته زمناً طويلاً في عهد المأمون والمعتصم وكان خروجه سنة221 في عهد المأمون ومنتهاه سنة231 في عهد المعتصم. أخذ بابك ومن معه في العيث والفساد وإخافة السبل وأول ما عرف ذلك من أمره كان سنة والمأمون بمرو لم يبرحها إلى بغداد فلما شخص المأمون إلى بغداد عين أحد قواده يحيى بن معاذ لحرب بابك فكانت بينهما وقعة لم ينتصف فيها أحدهما من الآخر فاختار المأمون قائداً آخر هو عيسى بن محمد بن أبي خالد فولاه أرمينية وأذربيجان ومحاربة بابك فنكب ثم وجه إليه صدقة بن علي المعروف بزريق وندب للقيام بأمره أحمد بن الجنيد الإسكافي فأسره بابك ثم وجه إليه محمد بن حميد الطوسي فقتله بابك سنة214 بهشتادسر وفض عسكره وقتل جمعاً كثيراً ممن كان معه هكذا كان كلما أرسل لحرب بابك قائداً لم يصنع شيئاً لمكان بابك الحصين وقوته الكبيرة وشدة تأثيره في قلوب الجمهور الذين كانوا معه وقد ذكر في حوادث سنة228 دخول جماعة كثيرة من أهل الجبال من همذان وأصبهان وماسبذان ومهرجان قذق في دين الخرمية وتجمعوا فعسكروا في عمل همذان ذلك أول ولاية المعتصم فوجه إليهم الجنود وكان آخر عسكر وجه إليهم وجهه المعتصم مع إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وعقد له على الجبال فشخص إليهم وفض جموعهم وقتل في عمل همذان ستين ألفاً منهم وهرب سائرهم إلى بلاد الروم فقبلهم ملك الروم أحسنقبول وفرض لهم وزوجهم وصيرهم مقاتلة يستعين بهم في أهم أموره. وكان من وصية المأمون لأخيه المعتصم حين أدركته المنية والخرمية فاغزهم ذا جزامة وصرامة وجلد واكنفه بالأموال والسلاح والجنود من الفرسان والرجالة فإن طالت مدتهم فتجرد لهم بمن معك من أنصارك وأوليائك واعمل في ذلكعمل مقدم النية فيه راجياً ثواب اللَّه عليه لذلك بذل المعتصم جهده في كسر شوكة بابك لئلا يمتد شر بدعته في البلاد الفارسية فاختار لحربه قائداً تركياً من كبار قواده وهو حيدر بن كلوس الأشروسني المعروف بالأفشين (الأفشين لقب لملوك أشروسنة) وذلك سنة230. توجه الأفشين حتى أتى برزندفعسكر بها ورم الحصون فيما بين برزند وأردبيل وأنزل قواداً من قواده ببعض الحصون هناك لحراسة القوافل والسابلة وأطلق الأفشين عيونه وجواسيسه لتعرف الأخبار عن بابك. وأول وقعة كانت بينه وبين عسكر بابك بأرشق أحد حصون الأفشين حيث خرج بابك ليقنص مالاً أرسله المعصتم مع أحد قواده فبلغ خبره الأفشين فخرج إليه سراً والتقيا على مقربة من الحصن فأتى جند الأفشين على جميع رجالة بابك وأفلت هو في نفر يسير ودخل موفان ومنها توجه إلى البذ وعاد الأفشين إلى عسكره ببرزند. استمرت الحروب بين الأفشين وبابك مدة طويلة وكانوا لا يتحاربون إلا إذا انصرم الشتاء لمكان الثلوج الشديدة التي كانت تكسو رؤوس الجبال وتمنع المشاة من التقدم إلى أن كان الربيع سنة221 فسار الأفشين من مكانه يريد مهاجمة البذ وأخذه عنوة فسار محترساً وقد رتب أموره أدق ترتيب لما هو قادم عليه فاستعرت لظى الحرب بين الفريقين واستبسلا كلاهما وانتهى الأمر باقتحام المسلمين البذ واستيلائهم عليها وقد أراد بابك الهرب وشرع فيه فأفسد عليه الأفشين تدبيره وسد عليه المسالك وأوقف عليها جنداً من جيشه وأخيراً قبض عليه وعلى أخيه عبد اللَّه وعاد بهما الأفشين إلى شامرا كما أمره المعتصم ومعهما17رجلاً من أهل بيته ومن البنات والكتاب23 امرأة وكان يوم دخولهم سامرا يوماً مشهوداً ثم قتل بابك وصلب بسامرا وفعل مثل ذلك بأخيه عبد اللَّه ببغداد. وكان جميع من قتل بابك في عشرين سنة25500 إنسان وغلب كثيراً من القواد الذين ذكرناهم وكان عنده من الأسرى الذين استنقذهم الأفشين7600.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:05 | |
| بابك الخرمي: بين أذربيجان وأران في شمال بلاد الفرس كورة تدعى البذ يمر بها نهر الرس العظيم بهذه الكورة خرج بابك التي امتدت فتنته زمناً طويلاً في عهد المأمون والمعتصم وكان خروجه سنة221 في عهد المأمون ومنتهاه سنة231 في عهد المعتصم. أخذ بابك ومن معه في العيث والفساد وإخافة السبل وأول ما عرف ذلك من أمره كان سنة والمأمون بمرو لم يبرحها إلى بغداد فلما شخص المأمون إلى بغداد عين أحد قواده يحيى بن معاذ لحرب بابك فكانت بينهما وقعة لم ينتصف فيها أحدهما من الآخر فاختار المأمون قائداً آخر هو عيسى بن محمد بن أبي خالد فولاه أرمينية وأذربيجان ومحاربة بابك فنكب ثم وجه إليه صدقة بن علي المعروف بزريق وندب للقيام بأمره أحمد بن الجنيد الإسكافي فأسره بابك ثم وجه إليه محمد بن حميد الطوسي فقتله بابك سنة214 بهشتادسر وفض عسكره وقتل جمعاً كثيراً ممن كان معه هكذا كان كلما أرسل لحرب بابك قائداً لم يصنع شيئاً لمكان بابك الحصين وقوته الكبيرة وشدة تأثيره في قلوب الجمهور الذين كانوا معه وقد ذكر في حوادث سنة228 دخول جماعة كثيرة من أهل الجبال من همذان وأصبهان وماسبذان ومهرجان قذق في دين الخرمية وتجمعوا فعسكروا في عمل همذان ذلك أول ولاية المعتصم فوجه إليهم الجنود وكان آخر عسكر وجه إليهم وجهه المعتصم مع إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وعقد له على الجبال فشخص إليهم وفض جموعهم وقتل في عمل همذان ستين ألفاً منهم وهرب سائرهم إلى بلاد الروم فقبلهم ملك الروم أحسنقبول وفرض لهم وزوجهم وصيرهم مقاتلة يستعين بهم في أهم أموره. وكان من وصية المأمون لأخيه المعتصم حين أدركته المنية والخرمية فاغزهم ذا جزامة وصرامة وجلد واكنفه بالأموال والسلاح والجنود من الفرسان والرجالة فإن طالت مدتهم فتجرد لهم بمن معك من أنصارك وأوليائك واعمل في ذلكعمل مقدم النية فيه راجياً ثواب اللَّه عليه لذلك بذل المعتصم جهده في كسر شوكة بابك لئلا يمتد شر بدعته في البلاد الفارسية فاختار لحربه قائداً تركياً من كبار قواده وهو حيدر بن كلوس الأشروسني المعروف بالأفشين (الأفشين لقب لملوك أشروسنة) وذلك سنة230. توجه الأفشين حتى أتى برزندفعسكر بها ورم الحصون فيما بين برزند وأردبيل وأنزل قواداً من قواده ببعض الحصون هناك لحراسة القوافل والسابلة وأطلق الأفشين عيونه وجواسيسه لتعرف الأخبار عن بابك. وأول وقعة كانت بينه وبين عسكر بابك بأرشق أحد حصون الأفشين حيث خرج بابك ليقنص مالاً أرسله المعصتم مع أحد قواده فبلغ خبره الأفشين فخرج إليه سراً والتقيا على مقربة من الحصن فأتى جند الأفشين على جميع رجالة بابك وأفلت هو في نفر يسير ودخل موفان ومنها توجه إلى البذ وعاد الأفشين إلى عسكره ببرزند. استمرت الحروب بين الأفشين وبابك مدة طويلة وكانوا لا يتحاربون إلا إذا انصرم الشتاء لمكان الثلوج الشديدة التي كانت تكسو رؤوس الجبال وتمنع المشاة من التقدم إلى أن كان الربيع سنة221 فسار الأفشين من مكانه يريد مهاجمة البذ وأخذه عنوة فسار محترساً وقد رتب أموره أدق ترتيب لما هو قادم عليه فاستعرت لظى الحرب بين الفريقين واستبسلا كلاهما وانتهى الأمر باقتحام المسلمين البذ واستيلائهم عليها وقد أراد بابك الهرب وشرع فيه فأفسد عليه الأفشين تدبيره وسد عليه المسالك وأوقف عليها جنداً من جيشه وأخيراً قبض عليه وعلى أخيه عبد اللَّه وعاد بهما الأفشين إلى شامرا كما أمره المعتصم ومعهما17رجلاً من أهل بيته ومن البنات والكتاب23 امرأة وكان يوم دخولهم سامرا يوماً مشهوداً ثم قتل بابك وصلب بسامرا وفعل مثل ذلك بأخيه عبد اللَّه ببغداد. وكان جميع من قتل بابك في عشرين سنة25500 إنسان وغلب كثيراً من القواد الذين ذكرناهم وكان عنده من الأسرى الذين استنقذهم الأفشين7600.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:06 | |
|
الأحوال الخارجية: لم يكن بين المسلمين والروم حروب في أول عهد المأمون إلى سنة215 وفيها شخص المأمون بنفسه من مدينة السلام لغزو الروم في المحرم (مارس سنة830 ) واستخلف على المدينة إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وسلك طريق الموصل حتى صار إلى منبج ثم دابق ثم أنطاكية ثم المصيصة ومنها خرج إلى طرسوس وهي الثغر الإسلامي ومن طرسوس دخل إلى بلاد الروم في منتصف جمادى الأولى (يوليه سنة830) ففتح حصن قرة عنوة وأمر بهدمه. ولما تم فتحه اشترى السبي بستة وخمسين ألف دينار ثم خلى سبيلهم وأعطاهم ديناراً ديناراً وكان قبل ذلك الفتح حصناً اسمه ماجدة فمن على أهله ثم أرسل أشتاس إلى حصن سندس فأتاه برأسه ووجه عجيفاً وجعفر الخياط إلى صاحب حصن سنان فسمع وأطاع. وبعد ذلك شخص إلى الشام وهناك ورد الخبر عليه بأن ملك الروم قتل قوماً من أهل طرسوس والمصيصة عدتهم فيما يقال 6600 فأعاد الكرة على بلاد الروم فنزل على أنطيفوا فخرج أهلها على صلح وصار إلى هرقلة فخرج أهلها على صلح ووجه أخاه إسحاق فافتتح ثلاثين حصناً ووجه يحيى بن أكثم من طوانة فأغار وغنم ورجع إلى العسكر ثم خرج المأمون إلى كيسوم ثم إلى دمشق ومنها خرج إلى مصر في16 الحجة سنة216 ثم عاد منها إلى دمشق سنة217 فدخل أرض الروم ثالث مرة فأناخ على لؤلؤة مائة يوم ثم رحل عنها وخلف عليها عجيفاً فاختدعه أهلها وأسروه فمكث أسيراً في أيديهم ثمانية أيام ثم أخرجوه وسار توفيل إلى لؤلؤة فأحاط بعجيف فصرف المأمون الجنود إليه فارتحل توفيل لموافاتهم وخرج أهل لؤلؤة إلى عجيف بالأمان. وكاتب ملك الروم المأمون في سفرته هذه وأجابه المأمون على كتابه.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:07 | |
| أخلاق المأمون: أول ما ظهر من حلي المأمون ميله للعفو وكراهته للانتقام فإنه عفا عن جميع من ساعدوا خصومه عليه ولم يهجهم بشيء حتى الفضل بن الربيع الذي أخذ قواده وسلاحه وجنوده وجميع ما أوصى به أبوه له فذهب به إلى الأمين وتركه بمرو مجرداً عن كل ذلك ثم أفسد عليه أخاه وأغراه على خلعه وكان أشد عليه من كل شيء ومع هذا لم يؤاخذه بجرمه ولما دخل على المأمون وأعلنه المأمون بالعفو سأله الرضا فقال المأمون: أجل العفو لا يكون إلا عن رضا وسجد المأمون شكراً للَّه على أن ألهمه نعمة العفو عنه وقال: الحمد للَّه قديماً كنت أسلم عليه فأفرح برده فسبحان الذي ألهمني الصفح عنه فلذلك سجدت قال طاهر بن الحسين: فعجبت لسعة حلمه. وقال زيد بن علي بن الحسين جلس المأمون يوماً للغداء وعلى رأسه سعيد الخطيب وهو يذكر مناقبه ويصف سيرته ومجلسه إذ انهملت عين المأمون فلما سئل عن سبب بكائه قال ما ذلك من حدث ولا لمكروه هممت به لأحد ولكنه جنس من أجناس الشكر للَّه لعظمته وذكر نعمته التي أتمها عليَّ كما أتمها على أبوتي من قبلي. وكان له في العفو لذة لا يعادلها الذة حتى أنه لما ظفر بعمه إبراهيم عفا عنه مع عظيم جرمه وهذا خلق كاد ينساه التاريخ حتى حازه للمأمون الذي أحس من نفسه بقدرة السلطان فأذهب ذلك عنه الحفيظة. ومن مزايا المأمون أنه كان في جدله ميالاً إلى الإقناع فكان يناقش من خالفه حتى يبين له الحجة وله في ذلك مجالس مأثورة مشهورة وله في الجدل حجج قوية ناصعة مع سعة الصدر والاحتمال لما يبدر ممن حضره في المناقشة وكان أصحابه ووزراؤه يدلونه على موضع الخطأ مما يريد أن يفعل. أراد مرة أن ينتقص معاوية بن أبي سفيان ويلعنه فقال له يحيى بن أكثم إن العامة لا تحتمل مثل هذا لا سيما أهل خراسان ولا تأمن أن يكون لهم نفرة وإن كانت لم تدر ما عاقبتها والرأي أن تدع الناس على ما هم عليه ولا تظهر لهم أنك تميل إلى فرقة من الفرق فإن ذلك أصلح في السياسة وأحرى في التدبير فاتبع المأمون نصيحته وطوى الكتاب الذي كان قد أنشىء في هذا المعنى فلم يقرأ على العامة ولكنه بقي في دفاترهم مسجلاً. كان المأمون مع حلمه يعلم ما عليه رؤساء جنده ورجال دولته فلم يكن بالمغفل الذي ينخدع برياء الناس ونفاقهم وظهورهم بما ليس من شيمهم قال يوماً وفي مجلسه جماعة: ما في عسكرنا من يطلب ما عندنا بالرياء فقال كل واحد بما عنده إما أن يقول في عدو يقدح فيه أو يقول بما يعلم أنه يسر خليفته فلما قالوا ذلك، قال: ما أرى عند أحد منكم ما يبلغ إرادتي ثم أنشأ يحدث عن أهل عسكره أهل الرياء حتى لو كان قد أقام في زحل كل واحد منهم حولاً ما زاد على معرفته. قعد مرة للمظالم فقدم إليه أصحاب الحاجات فقضى ما شاء من حاجاتهم وكان فيهم نصراني من أهل كسكر كان قد صاح بالمأمون غير مرة وقعد له في طريقه فلما بصر به المأمون أثبته معرفة فأمر سلما صاحب الحوائج أن يبطحه ويضربه عشرين درة وقال لسلم: قل له لا يعود يصيح بي فقال له سلم ذلك وهو مبطوح فقال الرجل: أعود وأعود وأعود حتى تنظر في حاجتي فأبلغه سلم ذلك فقال: هذا مظلوم موطن نفسه على القتل أو قضاء حاجته ثم قال لأبي عياد: اقض حاجة هذا كائنة ما كانت الساعة فلا أدري مم يعجب الإنسان أمن ملاحظة المأمون وعرفان الرجل لأنه هو الذي صاح به مرة أو مرتين أم من تأميل الرجل فيه بعد أن أمر بضربه أم من رجوع المأمون عن خطأه فيما صنع وأمره بقضاء حاجة الرجل كائنة ما كانت. وكان مع هذه الأخلاق أديباً يعرف جيد الشعر ورديئه ويثيب على ما أعجبه منه ثواباً فوق كل أمل. أما كرمه فمما سارت به الأمثال فقد أربى على جميع خلفاء بني العباس حتى على أبيه الذي كان يعطي عطاء من لا يخاف فقراً ولا يخشى إقلالاً وحكايات المأمون في العطاء كثيرة فلا نطيل بذكرها إلا أنا نذكر حادثة تدل علىء مقدار الترف في القوم وسعة اليد وكثرة البذل. بنى المأمون سنة120 ببوران بنت الحسن بن سهل في فم الصلح واحتفل أوبها بأمرها وعمل من الولائم والأفراح ما لم يعهد مثله في مصر من الأمصار وانتهى أمره إلى أن نثر على الهاشميين والقواد والكتاب والوجوه بنادق مسك فيها رقاع بأسماء ضياع وأسماء جوار وصفات دواب وغير ذلك فكانت البندقة إذا وقعت في يد الرجل فتحها وقرأ ما فيها ثم يمضي إلى الوكيل المرصد لذلك فيدفعها إليه ويتسلم ما فيها ثم نثر بعد ذلك على سائر الناس الدنانير والدراهم ونوافج المسك وبيض العنبر وأنفق على المأمون وقواده وجميع أصحابه وسائر من كان معه من أجناده وأتباعه حتى على الجمالين والمكارية والملاحين وكل من ضمه عسكره فلم يكن في العسكر من يشتري شيئاً لنفسه ولا لدوابه تسعة عشر يوماً وكان مبلغ النفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم وأمر المأمون له عند انصرافه بعشرة آلاف ألف درهم وأقطعه فم الصلح وأطلق له خراج فارس، وكرر الأهواز مدة سنة. وهذا سرف عظيم سهل أمره الوارد الكثير.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:07 | |
| وفاة المأمون: بينما كان المأمون ببلاد الروم في آخر غزواته وهو بالبدندون شمالي طرطوس أصابته حمى لم تمهله كثيراً وفي 18 رجب سنة218 أدركته منيته فحمل إلى طرطوس ودفن بها وكانت سنه إذ توفى 48 سنة.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:07 | |
| عهد المأمون وهو مريض إلى أخيه أبي إسحاق بن الرشيد ولم يخطىء خطأ من قبله بالعهد إلى اثنين وأوصاه بوصية مأثوره تقدم منها أشياء ومما جاء فيها واعمل في الخلافة إذا طوقكها اللَّه عمل المريد للَّه الخائف من عقابه وعذابه ولا تغتر بالله ومهلته فكأن قد نزل بك الموت ولا تغفل أمر الرعية الرعية الرعية العوام العوام فإن الملك بهم وبتعهدك المسلمين والمنفعة لهم اللَّه اللَّه فيهم وفي غيرهم من المسلمين ولا ينهين إليك أمر فيه صلاح للمسلمين ومنفعة لهم إلا قدمته وآثرته على غيره من هواك وخذ من أقويائهم لضعفائهم ولا تحمل عليهم في شيء وأنصف بعضهم من بعض بالحق بينهم وقربهم وتأنهم وعجل الرحلة عني والقدوم إلى دار ملكك بالعراق وانظر هؤلاء القوم الذين أنت بساحتهم فلا تغفل عنهم في كل وقت . 8- المعتصم ترجمته: هو أبو إسحاق محمد بن الرشيد بن المهدي بن المنصور وأمه أم ولد اسمها ماردة ولد سنة179 فبينه وبين أخيه المأمون تسع سنوات وكان في عهد أخيه المأمون والياً على الشام ومصر وكان المأمون يميل إليه لشجاعته فولاه عهده وترك ابنه وفي اليوم الذي توفي فيه المأمون ببلاد الروم بويع له بالخلافة ولقب بالمعتصم باللَّه في19 رجب سنة218 (10 أغسطس سنة833 ولم يزل خليفة إلى أن توفي بمدينة سامرا في 18 ربيع الأول سنة227(4 فبراير سنة842 فكانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام. | |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:08 | |
| الأحوال في عهد المعتصم: بعد أن تمت البيعة للمعتصم ببلاد الروم عاد بالعسكر قاصداً بغداد بعد أن أمر بهدم ما كان المأمون أمر ببنائه بطوانة وحمل ما كان بها من السلاح والآلة وغير ذلك مما قدر على حمله وأحرق ما لم يقدر على حمله وأمر بصرف من كان المأمون أسكنه ذلك من الناس إلى بلادهم. وكان دخول المعتصم بغداد يوم السبت مستهل رمضان سنة218.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:09 | |
| وزراء المعتصم: الفضل بن مروان بن ماسرخس. كان رجلاً نصرانياً من أهل البردان وكان متصلاً برجل من العمال يكتب له وكان حسن الخط ثم صار مع كاتب كان للمعتصم قبل أن يستخلف وهذا الكاتب هو يحيى الجرمقاني فلما مات يحيى صير الفضل في موضعه ولم يزل كذلك حتى بلغ المعتصم الحال التي بلغها والفضل كاتبه. واستوزر محمد بن عبد الملك بن أبان بن حمزة المعروف بابن الزيات كان جده أبان رجلاً قروياً من الدسكرة يجلب الزيت من موضعه إلى بغداد فعرف محمد به. وكان محمد بن عبد الملك مع علمه وأدبه ومعرفته بخدمة الملوك شاعراً ظريفاً.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:10 | |
| العلاقات الخارجية: قدمنا أن الذي كان يعاصر المعتصم من ملوك الروم توفيل بن ميخائيل وكان ينتهز الفرص لينتقم من المسلمين الذين دوخوه وألزموه أن يدفع الفدية قهراً فحدث أنه لما كان الأفشين يحارب بابك وقد ضيق عليه أن كتب بابك إلى ملك الروم يقول: إن ملك العرب قد وجه معظم عساكره إليّ ولم يبق على بابه أحد فإن أردت الخروج إليه فليس في وجهك أحد يمنعك وكان يطمع أن ملك الروم إذا تحرك ينكشف عنه بعض ما هو فيه فلم يلبث توفيل أن خرج في مائة ألف مقاتل حتى أتى زبطرة ومعه جمع من المحمرة الذين أجلاهم إسحاق بن إبراهيم عن الجبال كما ذكرنا ذلك في حروب البابكية فلما دخل زبطرة قتل من فيها من الرجال وسبى النساء والذرية وأحرق المدينة ومضى من فوره إلى ملطية فأغار على أهلها وعلى أهل حصن من حصون المسلمين وسبى من المسلمات فيما قيل أكثر من ألف امرأة ومثل بمن صار في يده من المسلمين وسمل أعينهم وقطع آذانهم وآنافهم. بلغت ذلك الأخبار المعتصم بسامرا فاشتد عليه وصاح في قصره النفير ثم ركب دابته وسمط خلفه شكالاً وسكة حديد وحقيبة فلم يستقم له الخروج إلا بعد التعبئة ولكنه أرسل مقدمته لتكون مدداً لأهل زبطرة فلما شارفتها وجدت ملك الروم قد رحل عنها فوقفوا قليلاً حتى تراجع الناس إلى قراهم واطمأنوا.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:10 | |
| فتح عمورية: فلما انتهى أمر بابك سأل المعتصم أي بلاد الروم امنع وأحصن فقيل عمورية وهي مسقط رأس توفيل كما أن زبطرة مسقط رأس المعتصم ولم تكن غزيت قبل ذلك فتجهز المعتصم جهازاً لم يتجهزه خليفة قبله من السلاح والعدد والآلة وحياض الأدم والبغال والروايا والقرب وآلة الحديد والنفط وكانت التعبئة هكذا على المقدمة أشناس ويتلوه عمد بن إبراهيم المصعبي وعلى الميمنة إيتاخ وعلى الميسرة جعفر بن دينار بن عبد اللَّه الخياط وأمر الأفشين أن يمضي فيدخل بلاد الروم من درب الحدث وسمى له يوماً أمره أن يكون وصوله فيه إلى أنقرة وقدر هذا اليوم بنفسه لأشناس الذي أمره أن يكون دخوله من درب طرسوس. ولما وصل أشناس إلى مرج الأسقف ورد عليه كتاب من المعتصم يأمره بالتوقف لأنه بلغه عن ملك الروم أنه على نهر اللامس ويريد العبور ليكبس أشناس وجنده فأقام بالمرج ثالاثة أيام ثم علم بواسطة الجواسيس أن ملك الروم ارتحل عن نهر اللامس يريد مقابلة الأفشين فأرسل بخبر ذلك إلى المعتصم فبعث الأدلاء مسرعين يخبرون الأفشين بذلك وأمره أن يقف مكانه حذراً من مواقعة ملك الروم قبل أن تجتمع الجيوش فلم تصل هذه الأدلاء إلى الأفشين فتم على مسيره حتى التقى بملك الروم فكانت بينهما موقعة هائلة كانت على الأفشين أول النهار ثم أعاد الكرة في الفرسان فغلب ملك الروم وهزمه هزيمة منكرة وتفرقت عنه الجنود. أما عسكر أشناس والمعتصم فإنهما وردوا أنقرة من غير أن يلقيا حبرباً لتفرق الجمود التي كان الملك قد جعلها لمحاربة المعتصم ثم ورد الأفشين بعد مقدمهما بيوم أنقرة. وحينئذ قسم المعتصم الجيش ثلاثة أقسام قسم فيه أشناس في الميسرة وقسم فيه المعتصم وهو القلب وقسم فيه الأفشين وهو الميمنة وبين كل قسم فرسخان فسارت هذه الأقسام على تعبئة وسارت هذه الأقسام حتى بلغت عمورية وبينها وبين أنقرة سبع مراحل كان أول من وردها أشناس فدار حولها دورة ثم نزل على ميلين منها وجاء بعده المعتصم فدار حولها دورة ثم جاء الأفشين فكذلك تحصن أهل عمورية وتحرزوا فحصرها الجيش المعتصمي وكان لكل واحد من القواد أبراج على قدر أصحابه قلة وكثرة ونصبت المجانيق فضربه بها الأسوار لإتلافها حتى سقط منها جانب في ناحية المعتصم بعد معاناة شديدة وعمال جسام ثم حصل القتال في ناحية هذه الثلمة بعد أن ردمت الخنادق ولم يزل القتال مستمراً حتى اقتحم المسلمون عمورية عنوة وغنموا مغانم كثيرة. وانتقم المعتصم من الروم بما فعلوه في زبطرة وملطية وبعد انتهاء الواقعة عاد المعتصم إلى طرسوس وكانت إناخته على عمورية في 6رمضان سنة223 وقفل عنها بعد55 يوماً. ومن غريب الأمور وأكبر الجرائم أن العباس بن المأمون اتفق مع بعض قواد المعتصم من الأتراك على أن يغتالوا المعتصم ويقيموه خليفة مقامه، تآمروا على ذلك وهم في وجه العدو والعهد قريب باصطناع المعتصم لهم وإغداق النعم عليهم فلم يتم لهم غرض واطلع المعتصم على سر مؤامرتهم فأخذ جميع أولئك القواد وقتلهم وحبس العباس حتى مات من شدة الأذى وكان الذي تولى كلّ ذلك عجيب بن عنبسة. ولما ورد المعتصم سامرا كان دخوله إليها يوماً مشهوداً وامتدحه أبو تمام حبيب بن أوس بقصيدته المشهورة التي أولها السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:11 | |
| صفات المعتصم: كانت أظهر صفات المعتصم الشجاعة والإقدام وشدة البأس وكان يحب العمارة ويقول إن فيها أموراً محمودة فأولها عمران الأرض التي يحياها العالم وعليها يزكو الخراج وتكثر الأموال ويعيش البهائم وترخص الأسعار ويكثر الكسب ويتسع المعاش وكان يقول لوزيره محمد بن عبد الملك إذا وجدت موضعاً متى أنفقت فيه عشرة دراهم جاءني بعد سنة عشر درهم فلا تؤامرني فيه. ولم يكن للمعتصم نفوذ في العلم كأخيه المأمون ولا كأبيه الرشيد وإنما كان همه الجيش وتحسينه. ومن آثاره اختطاط مدينة سامرا.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:11 | |
| صفات المعتصم: كانت أظهر صفات المعتصم الشجاعة والإقدام وشدة البأس وكان يحب العمارة ويقول إن فيها أموراً محمودة فأولها عمران الأرض التي يحياها العالم وعليها يزكو الخراج وتكثر الأموال ويعيش البهائم وترخص الأسعار ويكثر الكسب ويتسع المعاش وكان يقول لوزيره محمد بن عبد الملك إذا وجدت موضعاً متى أنفقت فيه عشرة دراهم جاءني بعد سنة عشر درهم فلا تؤامرني فيه. ولم يكن للمعتصم نفوذ في العلم كأخيه المأمون ولا كأبيه الرشيد وإنما كان همه الجيش وتحسينه. ومن آثاره اختطاط مدينة سامرا.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:12 | |
| ولاية العهد: ولى المعتصم عهده ابنه هارون ولم يجعل معه في الولاية غيره.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:13 | |
| - الواثق ترجمته: هو أبو جعفر هارون الواثق باللَّه بن المعتصم بن الرشيد وأمه ولد رومية اسمها قراطيس ولد سنة186 بطريق مكة وبويع بالخلافة عقب وفاة والده في يوم الخميس8 ربيع الأول سنة227(5 يناير سنة 842 ولم يزل خليفة إلى أن توفي لست بقين من ذي الحجة سنة 232 (أغسطس سنة 847 فكانت مدته خمس سنين وتسعة أشهر و15يوماً وسنه36 سنة.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:14 | |
| وزراء الواثق: لم يستوزر الواثق غير محمد بن عبد الملك الزيات وزير أبيه وكان الواثق متغيراً عليه في حياة أبيه حتى حلف أنه لينكبه إذا صار خليفة لكنه لما استخلف غلب عقله على هواه لأنه لم يجد بين رجاله من يقوم مقام محمد بن عبد الملك فكفر عن يمينه وصار هذا الوزير في عهده صاحب الأمر والنهي أكثر مما كان في عهد أبيه.
| |
|
| |
ocean Admin
مزاجي *: : الجنسيه *: : عدد المساهمات : 16284 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: رد: الدولة العباسية الثلاثاء نوفمبر 23 2010, 17:14 | |
| الجيش: كانت حال الجيش لعهد الواثق كما كانت في حياة أبيه إلا أن قدم المماليك التي اصطنعهم المعتصم قد توطدت وصار رؤساء الأتراك أصحاب نفوذ عظيم ولا سيما أشناس الذي توجه الواثق وألبسه وشاحين بالجوهر في شهر رمضان سنة228 وقد قام قواد الأتراك بأعظم الأعمال الحربية حتى في جزيرة العرب نفسها التي كانت حمى ما يستطاع أن تتعدى حدوده.
| |
|
| |
| الدولة العباسية | |
|