مقدمة:
تبلغ مساحة الجزائر 2.381.741 km و يقطنها 27,9 مليون نسمة، و ينبني اقتصادها على موردين أساسيين هما البترول و الغاز الطبيعي. و قد حظي القطاع الصناعي بالأولوية في مخططاتها الاقتصادية، و تم ذلك على حساب الفلاحة. لكن الاقتصاد الجزائري يشهد في السنوات الأخيرة تحولا تدريجيا نحو الليبرالية.
تواجه الفلاحة الجزائرية عدة صعوبات تجعل الإنتاج لا يكفي لسد الحاجات الداخلية:
1- تعاني الفلاحة في الجزائر من عدة صعوبات طبيعية و تقنية:
• صعوبات طبيعية:
- امتداد المجال الصحراوي فوق مساحة تفوق مليوني كيلومتر مربع أي حوالي 90% من المساحة العامة.
- صغر مساحة المجال المتوسطي و اختلاف جزئه الشرقي (مرتفع و رطب حيث يتلقى أزيد من 600 mm سنويا) عن الجزء الغربي (أقل ارتفاعا تتخلله سهول فيضية و مناخه شبه جاف).
ضيق المجال الزراعي حيث لا تتعدى المساحة الصالحة للوراعة 3,1% من مجموع مساحة البلاد + ضعف المساهمة في الناتج الوطني الإجمالي + عدم تلبية الحاجات الغذائية للبلاد.
• صعوبات هيكلية و تقنية:
- وجود ثلاثة قطاعات متباينة في تنظيمها و طرق استغلالها و هي:
*قطاع التسيير الذاتي: و يهم الأراضي الزراعية التي كانت سابقا في ملكية المستعمر و قد أصبح العمال الزراعيون منذ الاستقلال يشاركون في تسيير شؤونها بحيث يقومون بانتخاب "لجنة للتسيير" و كذلك "الرئيس" يساعده مدير تقني تعينه الدولة.
و قد عرفت أراضي التسيير الذاتي عدة صعوبات مـن بينهـا: نقص الأطر + عدم انضباط العمال + عدم كفاءة الأجهزة المسيرة + قلة ورشات إصلاح الآلات.
*القطاع التعاوني: و يضم أراضي الجماعات و الأحباس و أراضي كبار الملاكين و المتغيبين التي أممتها الدولة سنة 1971 بموجب قوانين الإصلاح الزراعي، ثم خولت حق استغلالها للفلاحين الصغار و المعوزين و عملت على تنظيمهم في تعاونيات إنتاجية.
غير أن هذه التعاونيات تعاني من عدة مشاكل من بينها: رداءة بعض الأراضي الموزعة + تأخر الدولة في تجهيزها بالآلات و الوسائل العصرية + بعد سكنى بعض المتعاونين.
*القطاع الخاص: و يشمل الأراضي التي يمتلكها و يستغلها الفلاحون الصغار و المتوسطـون، و يشغل 60% من الأراضي المستغلة، يستقر في الأراضي الأقل خصوبة و هو مكون في معظمه من مستغلات صغيرة تمارس بها فلاحة تقليدية.
2- تتخذ الدولة عدة إجراءات قصد تطوير القطاع الفلاحي:
• العمل على توسيع الرقعة المخصصة للزراعة و ذلك عن طريق استصلاح الأراضي الجبليـة و الصحراوية و تقليص الأراضي المستريحة.
• العمل على توسيع المساحات السقية.
• القيام بتكثيف العمل الفلاحي و ذلك بتطوير المستوى التقني و تطوير الأساليب المتبعة باستعمال المكننة و الاهتمام بمجال التكوين و البحث الفلاحيين.
• تقديم الدعم المالي للفلاحين عن طريق رفع أسعار المنتجات الفلاحية و منح قروض بفوائد قليلة.
• العمل على تطبيق إصلاح فلاحي جديد منذ 1987 يقوم على:
- إعادة تنظيم المستغلات الفلاحية التابعة للقطاع الاشتراكي عن طريق إنشاء مستغلات جديدة جماعية و فردية صغيرة و ضيعات نموذجية متخصصة.
- منح الفلاحين كامل الحرية في اتخاذ المبادرة و تحمل المسؤولية في ميدان الإنتاج إلى جانب إمكانية التنازل عن الأرض أو تفويتها، و تبقى ملكيتها في يد الدولة التي قد تجبر الفلاح على استغـلالها و عدم تحويلها عن 18 نونبر 1990 .
3- يتنوع الإنتاج الفلاحي في الجزائر لكنه لا يكفي لسد الحاجيات الخارجية:
• الحبوب: تشكل أهم المحاصيل الزراعية، إذ تغطي حوالي 50% مـن المسـاحة المـزروعة. و يخضع الإنتاج للتقلبات المناخية.
• الكروم: تدهور إنتاجها بسبب صعوبات تصريف منتجاتها من الخمور و شيخوخة بعض المغروسات، مما اضطر الدولة إلى اقتلاع بعض مغارسها و تعويضها بمزروعات صناعية حديثة مثل الشمندر السكري و التبغ و عباد الشمس و القطن.
• الحوامض: تنتشر في بعض المناطق المسقية من السهول الساحلية و تعمل الدولة على تطوير تقنيات زراعتها للرفع من المردود.
تنتج الجزائر كذلك التمور الجيدة ثم الخضروات حول المدن الكبرى و كذا المزروعات الصناعية.
• تربية الماشية: عرف قطاع الماشية تطور كميا منذ 1979، و رغم ذلك فـإن إنتـاج اللحـوم و الألبان لا يلبي حاجات السكان بسبب اعتماد طرق تقليدية. و لتغطية النقص الحاصل في إنتاج اللحوم و الألبان اتجهت الدولة إلى تنمية قطاع الدواجن.
عرف القطاع الصناعي الجزائري تطورا مهما رغم الصعوبات التي تواجهه:
1- تقوم الصناعة الجزائرية على أسس طبيعية و تنظيمية و تعاني من عدة صعوبات:
• الأسس الطبيعية: تتوفر الجزائر على ثروات طاقية و معدنية هامة:
- المحروقات: تساهم بما يقرب من 30% من الناتج الوطني الإجمالي، حيث توجد بالجزائر احتياطات هامة من البترول تقدر بحولي 300 مليار متر مكعب، إلى جانب إنتاج ما يقرب من 16,3 مليار كيلواط ساعة من الكهرباء سنة 1992.
- المعادن: في مقدمتها الحديد ثم الفوسفاط إضافة إلى معادن أخرى.
• الأسس التنظيمية: و تتمثل في:
- إعطاء المخططات الاقتصادية الأولوية للنشاط الصناعي و ذلك منذ المخطط الثـلاثي الأول ( 1967-1969)، حيث عملت هذه المخططات على إحداث بنية صناعية قوية و منح الأسبقية لبناء صناعة أساسية و تجهيزية.
- قيام الدولة بالإشراف على عملية التصنيع و توفير رؤوس الأموال الكبرى الضرورية لإنشاء صناعات ثقيلة و تجهيزية.
• يواجه القطاع الصناعي عدة صعوبات:
- تركيز النشاط الصناعي في يد مؤسسات و مركبات صناعية كبرى مما أدى إلى احتكار الإنتاج من طرف هذه المؤسسات، و هكذا مثلا احتكرت الشركة الوطنية بنقل و تجارة المحروقات SONATRACH، الصناعات البترولية و الغازية.
- ارتفاع تكلفة التصنيع بسبب استيراد المصانع الجاهزة و اعتمـاد علـى الخبـراء الأجـانب و ارتفاع عدد عمال بعض الشركات بشكل مبالغ فيه، حيث بلغ عدد عمال شركة سون تراك 120.000 عامل سنة 1980.
- ضعف مردودية القطاع الصناعي حيث أن الإنتاجية ظلت ضعيفة و لم تساهم الصناعة في رفع مستوى معيشة السكان بالشكل الذي كان متوقعا.
2- تتميز الصناعة الجزائرية بغلبية الصناعات الأساسية و بنمركزها شمال البلاد:
• الصناعات الأساسية: و تضم الصناعة البتروكيماوية، الصناعة الكيماوية، الصناعة الميكانيكية.
• الصناعات الخفيفة: صناعة النسيج و الصناعة الغذائية.
• صناعات أخرى: صناعة الجلد و الأحذية، مواد البناء، الزجاج.
عملت الدولة على تجهيز البلاد بشبكة من طرق المواصلات لخدمة التجارة الداخلية و الخارجية:
1- طورت الجزائر شبكة المواصلات الموروثة عن الاستعمار:
• الطرق البرية: و تشمل السكك الحديدية التي تعد أهم وسيلة لنقل البضائع و خـاصة المعـادن، و يبلغ طولها حوالي 4000 km، ثم الطرق 55.000 km و يتركز معظمها في القسم الشمالي.
- تتوفر الجزائر على شبكة من أنابيب نقل البترول و الغاز الطبيعي.
- كما تتوفر الجزائر على 10 موانئ رئيسية أهمها ميناء الجزائر العاصمة ثم أرزيو (أول ميناء لتصدير الغاز في العالم) و مطارات أهمها مطار العاصمة.
2- يغلب على بنية المبادلات التجارية الخارجية تصدير المحروقات:
• كانت التجارة الخارجية لفترة طويلة تخضع كليا لاحتكار الدولة تضخم الشركات التجـارية و وقوعها في مشاكل التسيير و غياب الدقة في تحديد المسؤوليات + ندرة البضائع في الأسواق.
• و تشهد التجارة في السنوات الأخيرة نموا تدريجيا نحو الليبرالية تجلى في:
- إنهاء احتكار الدولة لهذا القطاع عن طريق إصدار مرسوم تحرير التجارة الخارجية في أبريل 1991، و تدعيم ذلك بإعادة النظر في القانون التجاري.
- القيام منذ سنة 1992 بتحرير الأسعار فيما يخص التجارة الداخلية.
• تعتمد التجارة الخارجية على تصدير المحروقات حيث شكلت 96% من قيمة الصادرات سنة 1990، و استيراد مواد التجهيز.
• و يتعامل الجزائر تجاريا مع بلدان الاتحاد الأوربي أساسا و أمريكا الشمالية.
خاتمة:
و إن كانت الجزائر قد بذلت مجهودات كبيرة للنهوض باقتصادها الوطني، فإنها مع ذلك تواجه عدة صعوبات اقتصادية نظرا لاعتمادها الكامل على تصدير المحروقات إضافة إلى مشكل الديون