واثق معالي
نشرت صحيفة يديعوت احرنوت الصهيونية في عددها الصادر بتاريخ 30/4/2008 صوراً لعلم جديد للكيان الصهيوني قامت مجموعة صهيونية متطرفة بتصميمه وتنوى نشره في الذكرى الستين لقيام الكيان الصهيوني المسخ,المجموعة التي تطلق على نفسها"المجموعة العالمية لإنقاذ الشعب والأرض" هي مجموعة توصف بالمتطرفة وتضم اكثر الصهاينة تشدداً,العلم الجديد الذي وضع مكان "نجمة داود" صورة للمجلس الديني المدمر في مستوطنة "نفيه دكاليم" عقب الاندحار الصهيوني من غزة,وقد وعدت هذه المجموعة بنشر العلم الجديد في كل أرجاء الكيان الصهيوني تزامناً مع الذكرى الستين للنكبة.
رئيس المجموعة قال "قررنا الاحتفال بمناسبة الذكرى 60 لإقامة دولة (إسرائيل) ونحن نعيش الخراب الذي يواجهه شعبنا من خلال التعامل مع حركة حماس وحزب الله والقاعدة", داعياً الذين لا يريدون بأن يعود الخراب والطرد للشعب اليهودي أن يقولوا كفى إلى هنا.
هذا السلوك الذي خرج من رحم التطرف الصهيوني يدل على مدى الانهيار النفسي الذي يواجهه الكيان الصهيوني في نفوس أبنائه, خاصة بعد الهزائم التي لحقت به في جنوب لبنان والانسحاب من غزة واليوم صمود أهل غزة أمام الحصار الخانق وكذلك الصواريخ التي تتساقط يومياً على سكان سديروت,وربما يتناسب ذلك مع طبيعة الإنسان عندما يمتلك القوة لكنه لا يستطيع استخدامها.
الكيان الصهيوني يعيش اليوم أصعب حالاته النفسية,وبنيته الداخلية منهارة وثقة الجماهير بقادته لا تكاد تذكر,والقدرة على الصمود والمواجهة ضعيفة جداً,وربما هذه إحدى أهم الركائز التي دفعت حكومة الكيان للقيام بالتدريبات الداخلية والتي أعادت للصهاينة شيئا من نفسيتهم التي سرعان ما انهارت عندما تبين لهم أن هذه التدريبات فشلت في تحقيق هدفها,خاصة وفي ذروة التدريبات كان يُقتل جنود الكيان على الحدود مع غزة.
العلم الجديد الذي ابتكره المتطرفون يحتوي على الفكرة الأساسية في قُرب انهيار هذا الكيان,فإشارة المعبد المدمر بدل النجمة تدل على أنهم يعرفون من أين يكون المقتل للكيان,فهم يدركون أن المقاومة هي السبيل الأكثر فتكاً بهم,وأن الاندحار هو أول الحجارة التي فُكت في بنية هذا الكيان.
ليس وحدهم المتطرفون الذين بدأ يدب فيهم الضعف والهوان النفسي وإنما كل طبقات المجتمع الصهيوني من علمانيين ويساريين ومتطرفين,الكل الآن يكتب عن الإحباط النفسي والشعور بالخوف وعدم ضمان البقاء والعيش بسلام,وما أعداد المهاجرين بشكل عكسي إلا دليل دامغ على الشعور العام للإحباط الموجود في الكيان.
هذا الشعور انتقل إلى أكثر سياسيي الكيان الصهيوني مكراً وحقداً,فباراك وزير الحرب بَشر الأوروبيين والأمريكان بأن الأمل في القضاء على حماس ضعيف,وأن عليهم مواجهة هذه الحقيقة كحقيقة انهزام الجيش الأمريكي في العراق.
حتى على المستوي البنيوي للكيان فإن هنالك إضطرابا بين الأجيال,مع انخفاض نسبة الإنجاب وبالتالي قلة عدد الشباب ,الكاتب الصهيوني موتي رابيد كتب مقال في جريدة يديعوت بتاريخ 10/4/2008 عنوانه "دولة إسرائيل تشيخ يوماً بعد يوم",وقد تناول فيه توزيع الأعمار لدى الكيان الصهيوني وكيف به بعد فترة من الزمن سيكون كياناً هرماً.
كثيرة هي مؤشرات التفكك الداخلي لدى الكيان,وربما تُعد هاتان النقطتان شيئا بسيطا من عمق التفكك في المجتمع الصهيوني,فالمخدرات والانتحار والاغتصاب والسرقة والاعتداءات تزاد بشكل كبيرفي الكيان,ومعظم الحالات التي تتسبب بمثل هذه الظواهر تعود في الأساس إلى الإحباط والخوف من المستقبل.
الهروب من الخدمة العسكرية ظاهرة أخرى تزاد يوماً بعد يوم,وتزاد معها التحذيرات بأن الكيان كي يسقط من الداخل قبل أي ضربة من الخارج,وأن عزوف الشباب عن الخدمة العسكرية يشكل ضربة قاسية لفكرة الجيش الذي لا يقهر,والذي قُهر من قبل في غزة ولبنان .
تصاعد وتيرة المقاومة وتعدد أساليبها,والصبر والاحتمال في مواجهة الغطرسة الصهيونية تجعل من هذا الكيان يفقد زمام المبادرة ويفقد الآلية التي يستطيع من خلالها التأثير في نفوس الشعب الفلسطيني والوصول به إلى حالة من الإحباط والاستسلام,لكن إرادة المقاومة قلبت موازين المحتل وجعلته حتى في أهم إنجازاته السياسية وهي التفاوض مع فريق فلسطيني جعلته يتخبط,ورغم كل المقدمات " الإيجابية" التي يقدمها فريق السلطة من ملاحقة مقاومين وتجريمهم ومصادرة سلاحهم والتشهير بهم والإعلان على الملأ تبرأها من المقاومة وقبولها بأي حل يعطيه الصهاينة,إلا أن الكيان ما زال لا يثق بهؤلاء ليعطيهم شيئا.
الحالة الداخلية للكيان بحاجة إلى دراسات معمقة,قد تفضي إلى نتائج تساعد و تسرع من وتيرة سقوطه,ومع مرور الستين عاما على النكبة وعلى قيام المسخ الصهيوني إلا أن كل المؤشرات تدل على أنه بدأ بالعد العكسي لوجوده.