القاهرة تقحم الدوحة في أزمتها مع الجزائر

لم تسلم العديد من البلدان من بينها قطر من الاتهامات المصرية على خلفية التقارب الجزائري القطري، وتنامي دور شركة كيوتل للاتصالات مالكة متعامل الهاتف النقال الثالث بالجزائر، حيث لم تعد السلطات المصرية ترى بعين الرضى ما اعتبر تحركا ''مريبا'' يرمي إلى تقويض التواجد الاقتصادي المصري في الجزائر، وتهديد مصالحه.
بدا واضحا أن القاهرة تسعى إلى تصعيد لهجتها واتهاماتها التي مست العديد من الأطراف، وقد كان آخرها ''الإيحاءات'' المتعددة للعديد من الأطراف المصرية بأن ما يحصل لمجمع أوراسكوم تيليكوم في الجزائر وراءه ''منافسين''. كما اتهمت قناة الجزيرة بالانحياز في العديد من المواطن، ضمن تغطيتها للأحداث سواء في القاهرة أو الخرطوم، إذ بدا الانزعاج الكبير على القاهرة التي سعت إلى استقطاب الإعلام العربي لجانبها في حربها ضد الجزائر، إلا أن التغطية الموضوعية للقناة أعادت إلى السطح كافة الاتهامات التي روجتها القاهرة من قبل، خاصة سنوات 2006 و2008 خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة.
وفي الواقع أن خلفية الامتعاض المصري، مرده أساسا القلق من تنامي الدور الاقتصادي والسياسي القطري، فالقاهرة التي اعتبرت نفسها أكبر قوة اقتصادية وسياسية والدولة المفتاحية، في جميع القضايا الرئيسية الإقليمية والعربية، بدأت ترى دورها يتقلص من جراء الدبلوماسية القطرية الفعالة، خاصة لدى تعاطيها للملف اللبناني ولكن أيضا الفلسطيني التي اعتبرته القاهرة خطا أحمر.
وقد ساهمت القاهرة في إجهاض القمة العربية الـ 21 في الدوحة التي غاب عنها الرئيس مبارك ووزير الخارجية أحمد أبوالغيط؛ لكن القمة لم تفشل، وذات الأمر بالنسبة للقاءات الاقتصادية. كما لم تنس الدوحة الدور المصري السلبي ضد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني منذ توليه الإمارة، فيما لقي الشيح حمد دعما جزائريا.
أما اقتصاديا، فإن الزيارة التي قام بها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني رفقة وفد اقتصادي كبير للجزائر، الشهر الماضي، كرست التقارب الجزائري القطري الذي كان واضحا من خلال دعم الجزائر للدور القطري في الملف الفلسطيني خاصة أثناء العدوان على غزة ودعم مساعي قطر في المصالحة اللبنانية وحضور قمة الدوحة، والتقارب الجزائري القطري في مجال صناعة الغاز والاتفاق على توسيع الشراكة في هذا القطاع وإنشاء منتدى الدول المصدرة للغاز، موازاة مع مباشرة استثمارات قطرية بقيمة 230 مليون دولار في مجال السياحة والفندقة ومراكز الأعمال، فضلا عن توسيع استثمارات متعامل الهاتف النقال ''كيوتل'' القطرية في الجزائر، في وقت سعت أطراف مصرية إلى الترويج للشرط القطري للجزائر ''قطر ترفض أي استثمارات في الجزائر إلا في حالة انسحاب أو سحب مصر لاستثماراتها''.
ولعل الاختراق القطري في المنطقة المغاربية بعد الشرق الأوسط بدأ يزعج كثيرا القاهرة، وهو ما يفسر الاتهامات المصرية بأن ما يحدث للمصالح الاقتصادية المصرية في الجزائر وراءه ''منافسين'' وأطرافا عربية، ومحاولة إحلال الاستثمارات القطرية محل الاستثمارات المصرية في الجزائر.