وأغرب ما قرأت في هذا المجال في كتاب يتحدث عن إشكاليات السلام وكيف يجب حلهامن تأليف أحد الشخصيات السياسية الأردنية(عدنان ابوعودة)ومن هذه الإشكاليات الصراع على(القدس) بين اليهود والمسلمـين،حيث يقترح المؤلف في كتابه بأن(القدس القديمة المُسورة والتي تضم أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى محمد صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون رمزاً للسلام،وذلك من خلال تنازل المسلمين عن المطالبة بإستعادة السيـادة عليها،وأن يتم توزيع هذه السيادة بين الأديان الثلاث،لأنها تضم أقدس الأماكن عند الديانات الثلاث كما يزعم),فلا ندري من أين جاء بأقدس الأماكن بالنسبة لليهود مع أنهم منذ عام 1967حاولوا المستحيل من أجل إيجاد أثر تاريخي واحد ليُدللوا على وجود حق لهم في (القدس) ومع ذلك عجزوا وفشلوا حتى إن ما يُسمى ب(حائط المبكى) وهو(حائط البراق) عندنا نحن المسلمين أقرت إحدى المحاكم في زمن الاحتلال البريطاني بمُلكيته للمسلمين،وذلك بعد(أحداث البراق المشهورة في عام 1929),وقبل عدة أيام قام اليهود بسرقة حجر من أحد القصور الأموية المُلاصقة لحائط (المسجد الأقصى) والمُطل على حي سلوان لتزييفه ووضعه على مدخل مبنى مقر الشيطان ما يُسمىعندهم (الكنيست) أي مجلس البرلمان.
لذلك إن اقتراح توزيع السيادة في(القدس) على الأديان الثلاثةماهوإلا نقض(للعُهدة العمرية)التي لايملك أحد من المُسلمين نقضها،وهوإعتداءعلى عقيدة المسلمين واستفزازلمشاعرهم،وهو تطاول على الإسلام والمسلمين ومصادرة لحقهم ب(القدس) كاملة غيرمنقوصة،وهوإستسلام لإرادة اليهود وليس سلاماً,وهو تثبيت لما عجزاليهود بكل ما أوتوا من قدرة على الكذب والخداع والتزوير والتزييف عن إثباته.
وبماأن الله علام الغيوب يعلم بأن الصراع على(القدس) سيستمرالى يوم الدين, وأن أمتنا سيُصيبها الضعف والهوان في بعض المراحل التاريخية تضيع فيها(القدس) كما حصل في الحروب الصليبية الأولى وإستيلاء اليهود عليها الأن,وبأنه سيظهرفي أمتنا في هذه المراحل أمثال هؤلاء من الذين يدعون الى التفريط بـ(القدس) ويتبنون البعد العقائدي اليهودي المزور والمفبرك,من أجل ذلك لم يكن عبثا أن سجل الله سبحانه وتعالى(القدس ومسجدها الأقصى)في كتابه عندماأسرى بعبده محمدا صلى الله عليه وسلم إليه,فكل من يطعن في هذا التسجيل فهوخائن وعدو لله ورسوله وللمؤمنين ومنحازلليهود الظالمين الغاصبين،ولم يكن بغيرحكمة من الله سبحانه وتعالى أن جعل الله(بيت المقدس)القبلة الأولى للمسلمين ولمدة ستة عشرةشهراً،ولم يكن بغيرقصد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهولاينطق عن الهوى عندما ربط(المسجد الأقصى بمكة والمدينة) عندما جعل من(المسجد الأقصى ثالث مسجد يشد المسلمون له الرحال بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة)،ولم يكن عفواً مجيء(الفاروق عمر بن الخطاب) رضي الله عنه وأرضاه إلى( القدس) لإستلام مفاتيحهامن راهبها(صفرونيوس)ولم يذهب لإستلام(المدائن عاصمة كسرى ودمشق عاصمة قيصر),فهويعرف منزلتهاعند الله ورسوله والمؤمنين ولعلمه عن رسول الله صلى الله عليـه وسلم بأن (القدس)ستكون محـل صراع دائم بين المسلمين وأعدائهم من أهل الكتاب وخصوصا أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود الذين ينكرون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولايعترفون بالإسلام خاتم الديانات،فكانت(العهدةالعمرية)وثيقة تاريخية إعترف بموجبها سكان(القدس) من أهل الكتاب من النصارى بالسيادة الإسلامية عليها،واشترط أهل(القدس)من النصارى في هذه الوثيقة بأن لا يسكنهاأحد من اللصوص واليهود.
ف(القدس)لنا لا لليهود الظلمة اللصوص شُذاذ الأفاق الذين إستجلبهم الغرب الصليبي من جميع أصقاع الأرض ليغرسهم كالنبت الشيطاني في فلسطيننا الحبيبة المُباركة ويُسكنهم في تجمعات سرطانية شوهت وجه فلسطيننا الوادعة الجميلة الأرض المباركة
فالمسلمون هُم أصحاب(فلسطين) دينياًوتاريخياً,فهم سكانها الأصليون منذعهد (الكنعانيين) فعندما جاء الدين اليهودي صاروا يهوداً, وعندماجاءت المسيحية صاروا نصارى ولم يبقى فيها يهود ا,وعندماجاء الإسلام خاتم الديانات وجد النصارى بأن المسلمين الفاتحين يتعاملون معهم بمنتهى الرحمة والرأفة والإنسانية ولم يُكرهوهم على تغييردينهم أوإجبارهم على دخول الإسلام,ولم يرتكبوا بحقهم المذابح,فهذه رحمة الإسلام وتسامحه بعكس جميع الغزاة في التاريخ،فدخلوا في دين الله أفواجـاً،فمعظم أهل(فلسطين)الذين كانوا يسكنونها قبل مجيء الإسلام أصبحوا من المسلمين وبقي قلة منهم على نصرانيته دون أن يتعرض إلى إيذاء من المسلمين،بل عاشوا جنباً إلى جنب تحت راية الإسلام بأمن وسلام ووئام كأهل ذمة,وكما يفرض علينا الإسلام أن نعامل أهل الكتاب من الذين لم ينقضوا العهد والميثاق مع المسلمين ولم يقاتلوهم في الدين ويظاهرواعليهم أعدائهم كمافعل اليهود الغادرون من نقضهم للعهد والميثاق,وبقيت(فلسطين)خالية من اليهود إلى ما قبل قرنين من الزمن،حيث بدأت المؤامرات الدولية والأطماع الصليبية تستهدف(فلسطين وجوهرتهاالقدس)فبدأ اليهود يتسللون لها خلسة وبالتحايل على المسلمين ومستغلين إحسان(الدولة العثمانية)لهم بصفتهم أهل ذمة الى أن تنبه لهم السلطان عبد الحميد رحمه الله ففرض إجراءات مشددة زيارتهم الى فلسطين وربط إدارة القدس به مباشرة إلى أن جاءت الحرب العالمية الأولى،والتي كان من نتيجتها انهيار(الدولة العثمانية) التي حمت(القدس)أكثر من خمسمائة عام.
ف(فلسطين وقلبها(القدس)ليست ملكاً لمفكرأوسياسي أوزعيم أوقائد أوجماعة أومنظمة أوشعب أومفاوض سكيرعربيد يستهزء بعقيدة الأمة،فالمسلمون في فلسطين هم طليعة أمة تمتد من المحيط الى المحيط,وهم الطائفة التي تمثل رأس الحربة في مواجهة التحالف اليهودي الصليبي الذي يستهدف الإسلام والمسلمين و(القدس وفلسطين)وجميع ديار المسلمين وهذه الطائفة هي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم
((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ، قالوا : أين هم يا رسول الله ، قال : في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس))
لذلك إن(القدس) ستعود يوما إلى حياض الإسلام،لتوحد ربها تحت راية التوحيد مهماطال الصراع ومهما طال الزمن كما عادت في الحروب الصليبية,وذلك بعد أن رفض المسلمون أن يُسلموا بالأمر الواقع.
وهنا يحضرني تصريح لأول رئيس وزراء للكيان اليهوي بن غوريون حيث صرح يوما(لوكنت مكان العرب لا يمكن أن أقبل الإعتراف بهم أوالتفاوض معهم أو مهادنتهم أوالتنازل عن شبرواحد من فلسطين فنحن سرقنا وطنهم فكيف أعترف لمن سرق وطني بسرقته وبحقه فيه) فما بال البعض يريد أن يدخل التاريخ وهو معترف بحق اليهود في(القدس وفلسطين الأرض المباركة).
فالحق يتنازل عنه المستسلمون العاجزون والمرجفون الخائنون ولا يستعيده إلا المخلصون