تظاهرة غاضبة
وآشتون تطلب من إسرائيل «تحقيقاً نزيهاً»
5
ساعات من الاجتماع في بروكسل تثمر «أسفاً» أوروبياً على الضحايا
وسيم ابراهيم
بروكسل :
عندما كان الممثلون الدائمون للاتحاد الاوروبي في اجتماعهم الطارئ، إثر
الهجوم العسكري الاسرائيلي على اسطول المساعدات الإنسانية، كان مئات
المتظاهرين في بروكسل يصرخون غضباً من الجريمة الإسرائيلية، وينددون من
امام وزارة الخارجية البلجيكية بـ«اوروبا شريكة في الجريمة».
وبعد حوالى خمس ساعات من الاجتماع، والخط المفتوح بين المفوضية
الأوروبية ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، كاثرين آشتون، للاتفاق على صيغة
البيان الذي سيخرج عن الممثلين الدائمين، أصدرت آشتون بياناً قالت فيه إن
«الاتحاد الأوروبي يأسف للخسائر البشرية خلال العملية العسكرية الإسرائيلية
في مياه دولية» ضد اسطول الحرية، وأضافت ان الاتحاد الاوروبي «يشجب
استخدام العنف الذي سبب عدداً كبيراً من الضحايا».
وقدّمت آشتون تعازيها لعائلات الضحايا، وطالبت بـ«تحقيق فوري وكامل
ونزيه في الاحداث والظروف التي حولها»، كما طالبت اسرائيل بان تسمح «بشكل
عاجل» لقنصليات بلدان الاتحاد الاوروبي بالتواصل مع مواطني بلدانها الذين
كانوا على متن سفن الأسطول المتجه الى غزة.
واعتبر البيان ان «الوضع الإنساني في غزة يبقى مصدر قلق شديد»، واضاف
ان الاتحاد الاوروبي لا يقبل نظام سياسة الإغلاق المستمرة لقطاع غزة، ويشدد
على «فتح مباشر وغير مشروط ومستمر» لوصول المساعدات الانسانية والمواد
الاستهلاكية والاشخاص من غزة واليها.
وقال البيان ان الاتحاد الاوروبي «يهيب» بكل الاطراف والممثلين ذوي
الصلة «لمنع المزيد من تصاعد التوتر»، مشدداً على «الحاجة الى استمرار
مباحثات التقارب بهدف استئناف مفاوضات مباشرة» بين الاسرائيليين
والفلسطينيين.
ورأت مصادر دبلوماسية أن الاجتماع المطول الذي تطلبه اصدار البيان يأتي
نتيجة «حرص دول اوروبية على عدم ذكر اي كلمة تسيء لإسرائيل»، وقالت
المصادر إن بيان آشتون «هزيل ومتردد»، متسائلة «كيف تطلب آشتون من اسرائيل
اجراء تحقيق نزيه بظروف اعتداء عسكري قامت به وسقط فيه ضحايا؟». وأضافت
المصادر الدبلوماسية ان هذه اللهجة المترددة تتناسب مع المواقف الاميركية
«وهي التي تشجع اسرائيل على الاستمرار في اعتداءاتها».
وامام الخارجية البلجيكية تظاهر مئات الغاضبين من الجريمة الإسرائيلية.
وجاء التجمع بدعوة من بعض الاحزاب البلجيكية، ومنظمات مدنية تدعم القضية
الفلسطينية. وحمل المتظاهرون إعلاماً فلسطينية، ولافتات تدين انتهاكات
اسرائيل، وردد المتظاهرون «اسرائيل ارهابية، أوروبا شريكة في الجريمة»، كما
هتفوا «كلنا فلسطينيون»، و«صهيونيون وفاشيون، انتم الارهابيون». وتوجّه
المتظاهرون، الذين زاد عددهم عن 500 شخص، الى بيت السفير الإسرائيلي، حيث
وقفوا هناك ونددوا بسياسات اسرائيل وطالبوه بالرحيل، وهتفوا «سفارة
الارهابيين».
وبين المتظاهرين حضر افراد من عائلات البلجيكيين الخمسة الذين كانوا
على متن سفن «اسطول الحرية». وقالت اسماء المرابطي، شقيقة فاطمة المرابطي،
إنها لا تعرف اي شيء عن وضع شقيقتها، واضافت «كانت اختي وزميلتها كنزة
(اسناسني) في السفينة التي وقع فيها ضحايا». وأوضحت ان اجتماعهم مع وزير
الخارجية البلجيكي، ستيفن فانكرا، لم يقدم لهم أي تطمينات، وقالت «بدل أن
نعتمد عليهم، هم يعتمدون علينا ويسألوننا اذا سمعنا شيئاً».
وطلبت يوكا كالوارت، وهي محامية عن بلجيكيين مشاركين في «اسطول
الحرية»، من الحكومة البلجيكية أن تقوم بنفسها بإجراء تحقيق في ظروف
الاعتداء، وقالت المحامية «بلجيكا يمكنها ذلك لان هناك مواطنين لها تمّ
الاعتداء عليهم، وتستطيع طلب تحقيق دولي».
واستدعت وزارة الخارجية البلجيكية السفير الإسرائيلي في بروكسل، لسؤاله
عن ظروف الاعتداء على سفن المساعدة الإنسانية، وللاطمئنان على وضع
البلجيكيين الذين كانوا على متنها.
وقال المتحدث باسم الخارجية البلجيكية برات أوفري لـ«السفير» إنه «ليس
لدينا معلومات تجعلنا نؤكد ان البلجيكيين الخمسة في وضع آمن»، موضحاً انه
حتى مساء الاثنين لم يستطيعوا القيام باي اتصال مع مواطنيهم. واشار أوفري
إلى ان وزير الخارجية البلجيكي طالب السلطات الاسرائيلية بتأمين تواصل فوري
بين القنصلية البلجيكية ومواطنيها الخمسة.
ووزعت الخارجية البلجيكية بياناً أمس، اعتبرت فيه أنه «لا شيء يبرر
استعراض القوة غير المتناسبة ضد مبادرة انسانية».
وقبل إصدار بيان باسمها نيابة عن الاتحاد الأوروبي، عادت وزيرة خارجية
الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، مساء أمس لتكرر من اوسلو ما قاله المتحدث
باسمها قبل ساعات، اذ قالت إنها طالبت الإسرائيليين بإجراء «تحقيق فوري»،
واشارت الى انها اتصلت بوزير الخارجية الاسرائيلية افيغدور ليبرمان لهذا
الغرض، وعبرت له عن «قلقنا البالغ من المأساة التي حدثت»، لافتة الى اهمية
فتح المعابر امام المساعدات الانسانية المتوجهة الى غزة.
وكان المتحدث باسم آشتون نقل عنها انها «تأسف بشدة» لوقوع ضحايا نتيجة
الهجوم العسكري الاسرائيلي، مشيراً الى ان الاتحاد الاوروبي «يدين كافة
اشكال العنف ويأسف للمبالغة في استخدامه».
في مقابل اللهجة الحذرة التي اعتمدتها وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي،
جاء رد فعل رئيس البرلمان الأوروبي جرزي بوزيك قوي اللهجة، اذ قال إن
الاعتداء الاسرائيلي يشكل «انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي»، داعياً الى
تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للوقوف على ملابسات الاعتداء كما دعا الى رفع
الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وبدون شروط.
وكذلك فعل اعضاء في البرلمان الاوروبي، اذ عقد عضوا البرلمان لوي ميشيل
وايزابيل دوران مؤتمرا صحافيا في بروكسل، وقالا انهما «ساخطان بشدة على
انتهاك اسرائيل لحقوق الانسان التي يقرها القانون الدولي»، وأضافا «العنف
والتخويف لا يحلان الوضع في المنطقة، واعمال كهذه لا تشجع على حل سلمي».
كما قالت عضوة البرلمان الاوروبي، البلجيكية فيرونيك دو كيزر، انه «لا
يكفي ان تطلب آشتون من اسرائيل اجراء تحقيق، يجب ان نفرض انهاء الحصار على
غزة، ونعود لاستخدام ادوات غير عنيفة»، واضافت «احتراماً لاسرائيل يجب ان
نمنع هذا البلد (اسرائيل) من الغرق في الجنون».