منتدى التربية و التعليم تلمسان
اهلا بالزائر الكريم يرجى التسجيل للافادة و الاستفادة
سجل لتتمكن من تصفح المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان
اهلا بالزائر الكريم يرجى التسجيل للافادة و الاستفادة
سجل لتتمكن من تصفح المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى التربية و التعليم تلمسان

لتحضير جيد للامتحانات و الاختبارات لجميع المستويات
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  العاب فلاشالعاب فلاش  
تعلم ادارة المنتدى انه تم فتح مؤسسة رياض باروتجي لبيع ادوات الحاسوب و الشبكة باسعار جد مناسبة على الرغبين في التواصل و تقديم اللطلبات ترك رسالة خاصة لمدير المنتدى
تعلم ادارة المنتدى انه تم فتح مؤسسة رياض باروتجي لبيع ادوات الحاسوب و الشبكة باسعار جد مناسبة على الرغبين في التواصل و تقديم اللطلبات ترك رسالة خاصة لمدير المنتدى
Awesome Hot Pink
Sharp Pointer
المواضيع الأخيرة
» حصرى تحويل رائع لirissat6800 hd الى جهاز AB CryptoBox 400HD وFerguson Ariva 102E-202E-52E HD
النظان النقدي الاوربي Emptyالجمعة ديسمبر 06 2019, 00:54 من طرف saad sa

» أسطوانة الاعلام الآلي سنة أولى ثانوي علمي
النظان النقدي الاوربي Emptyالجمعة أبريل 07 2017, 13:09 من طرف mhamedseray

» مذكرات تخرج في التاريخ
النظان النقدي الاوربي Emptyالأحد يناير 08 2017, 23:30 من طرف hawarkmirza

» _ كــيفــيــة ادخــال شفرة الجزائر الارضية الجديدة على مختلف الاجهزة
النظان النقدي الاوربي Emptyالسبت يناير 07 2017, 01:29 من طرف bobaker1992

» قرص خاص بالتدريس عن طريق المقاربة بالكفاءات
النظان النقدي الاوربي Emptyالخميس نوفمبر 24 2016, 22:48 من طرف حسان عبدالله

» شروط و طلبات الاشراف للاعضاء
النظان النقدي الاوربي Emptyالسبت سبتمبر 10 2016, 21:37 من طرف محمد عصام خليل

» فروض واختبارات لمادة العلوم الطبيعية ثانية ثانوي
النظان النقدي الاوربي Emptyالجمعة فبراير 26 2016, 10:19 من طرف mhamedseray

» مواضيع مقترحة للسنة الخامسة ابتدائي لمادة دراسة النص
النظان النقدي الاوربي Emptyالجمعة يناير 22 2016, 00:32 من طرف ouassila-2012

» قرص اللغة العربية
النظان النقدي الاوربي Emptyالجمعة نوفمبر 27 2015, 13:57 من طرف بنت القالة

» القانون الأساسي لجمعية أولياء التلاميذ
النظان النقدي الاوربي Emptyالأربعاء نوفمبر 25 2015, 13:40 من طرف belounis

» فروض واختبارات مقترحة في العلوم الطبيعية 4 متوسط
النظان النقدي الاوربي Emptyالخميس نوفمبر 12 2015, 14:09 من طرف بدر الصافي

» مذكرة الانتقال من المخطط المحاسبي الوطني الى النظام المحاسبي المالي الجديد
النظان النقدي الاوربي Emptyالأربعاء نوفمبر 11 2015, 00:29 من طرف rachid s

» كتاب رائع جدا فيزياء وكيمياء يشمل كل دروس 4 متوسط
النظان النقدي الاوربي Emptyالسبت أغسطس 29 2015, 14:59 من طرف abbaz29

» لأساتذة الفيزياء...قرص شامل لكل ما تحتاجه لسنوات التعليم المتوسط الأربع
النظان النقدي الاوربي Emptyالخميس أغسطس 27 2015, 01:49 من طرف abbaz29

» قرص في مادة الفيزياء حسب المنهاج
النظان النقدي الاوربي Emptyالأربعاء أغسطس 26 2015, 20:02 من طرف mhamedseray

» قرص السبيل في العلوم الفيزيائية (دروس شاملة صوت و صورة)
النظان النقدي الاوربي Emptyالسبت أغسطس 15 2015, 05:00 من طرف mhamedseray

» ملخص دروس الفيزياء في الفيزياء
النظان النقدي الاوربي Emptyالأحد أغسطس 09 2015, 00:29 من طرف mhamedseray

» جميع دروس وتمارين محلولة فيزياء وكيمياء أولى ثانوي
النظان النقدي الاوربي Emptyالسبت أغسطس 08 2015, 17:33 من طرف mhamedseray

» شاهد كيف تحصل ببساطة على "إنترنت مجاني" من القمر الأصطناعي؟
النظان النقدي الاوربي Emptyالثلاثاء مايو 19 2015, 19:40 من طرف ocean

» قرص رائع في الفيزياء للسنة الرابعة
النظان النقدي الاوربي Emptyالأحد مارس 22 2015, 22:06 من طرف sbaa

ساعة 258
عدد مساهماتك: 105
الملف البيانات الشخصية تفضيلات التوقيع الصورة الشخصية البيانات الأصدقاء و المنبوذين المواضيع المراقبة معلومات المفضلة الورقة الشخصية المواضيع والرسائل الرسائل الخاصة أفضل المواضيع لهذا اليوم مُساهماتك استعراض المواضيع التي لم يتم الرد عليها استعرض المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لي
سحابة الكلمات الدلالية
متصفح سريع جهاز تحويل
عدد مساهماتك: 105
الملف البيانات الشخصية تفضيلات التوقيع الصورة الشخصية البيانات الأصدقاء و المنبوذين المواضيع المراقبة معلومات المفضلة الورقة الشخصية المواضيع والرسائل الرسائل الخاصة أفضل المواضيع لهذا اليوم مُساهماتك استعراض المواضيع التي لم يتم الرد عليها استعرض المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لي
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 105 وننتظر المزيد

المواضيع الأكثر نشاطاً
الدولة العباسية
اكلات مغربية شهية
قرص خاص بالتدريس عن طريق المقاربة بالكفاءات
موسوعة الطب لتعميم الفائدة
Informatique
موسوعة الطب لتعميم الفائدة2
للتعليم الجامعي بحوث مذكرات مواقع هامة جدا
هل تعلم ’?
كلمة مدير المنتدى
اسطوانات تعليمية من الابتدائي الى الثانوي - موقع مهم -
pirate
United Kingdom Pointer

 

 النظان النقدي الاوربي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

النظان النقدي الاوربي Empty
مُساهمةموضوع: النظان النقدي الاوربي   النظان النقدي الاوربي Emptyالجمعة فبراير 12 2010, 22:48

مقـدمــــــة :
كثيرة هي تجارب التكامل التي عرفها العالم عبر أنحائه بين مجموعة من الدول تربطها علاقات اقتصادية و جغرافية جعلتها أقرب إلى التعاون فيما بينها، و تختلف هذه التجارب من منطقة إلى أخرى سواء من حيث أحجامها أو من حيث الطرق التي انتهجتها و الأهداف التي جاءت من أجلها.

ففي هذا الفصل سنحاول إلقاء الضوء على أحد أهم هذه التجارب ألا و هي التجربة الأوروبية و التي ترجع بدورها إلى معاهدة روما سنة 1957 التي ضمت كل من ألمانيا، فرنسا، إيطاليا من جهة و بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ و تسمى بدول البينيلوكس من جهة ثانية.

و الجدير بالذكر أن معاهدة روما سبقتها تجارب أخرى في إطار التعاون بين هذه الدول، ففي 8 أفريل 1951 وقعت في باريس اتفاقية لتأسيس الهيئة الأوروبية للفحم و الفولاذ من جانب فرنسا، ألمانيا، إيطاليا و دول البينيلوكس و التي عرفت بإتحاد الفحم و الفولاذ(1)، و في 25 مارس 1957 وقعت الدول الستة في روما اتفاقية إنشاء الطاقة الذرية و السوق الأوروبية المشتركة لتندمج فيما بعد المنظمات الثلاثة لتشكل المجموعة الاقتصادية الأوروبية و ترسم لنفسها بذلك روافد التعاون فيما بينها في المجالات الاقتصادية بالأساس، ليتوج مسعاهم بعد قرابة 50 سنة من العمل المتواصل و الدؤوب بأهم حلقات التكامل الاقتصادي الأوروبي المتمثل في النظام النقدي الأوروبي و استحداث العملة الموحدة في مطلع سنة 1999، لتصبح بذلك التجربة الأوروبية أرقى التجارب في العالم عبر تطوره.










(1) Documentation européenne : L’union européenne, Bruxelles, Luxembourg1992, p08.

المبحث الأول: النظام النقدي الأوروبي من النشأة إلى الإيكو.

تمهيـــــــد:
إن فكرة تكوين وحدة نقدية اقتصادية فكرة ظهرت منذ الخمسينات، و لكن على الرغم من ذلك لم يكن هناك حماس ملحوظ لإنشاء نظام نقدي منفصل داخل أوروبا لوجود نظام "بريتن وودز" العالمي لتثبيت أسعار الصرف، غير أنه عندما انهار هذا النظام و زادت معدلات العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي و انخفاض الدولار بـ 10% و توقيف تحويله إلى الذهب في 1971، ظهرت الحاجة إلى إصدار وحدة نقد أوروبية مستقلة بدأت بالترتيبات التي سميت "الثعبان الأوروبي" ثم النظام النقدي الأوروبي الذي تبعه تقرير ديلور و أخيرا اتفاقية ماستريخت.
المطلب الأول: نشأة النظام النقدي الأوروبي.

أولا: خطة وارنر:
لقد رغبت الدول الأوروبية في إنشاء نظام نقدي بينها، و ذلك لاستكمال جوانب الوحدة الاقتصادية و التوصل إلى آلية للتنسيق بين السياسات المالية و النقدية في هذه الدول و تحقيق درجة عالية من الاستقرار النقدي، و زيادة قدرة هذه الدول على مواجهة الإضطرابات التي يمكن أن تتعرض لها أسواقها النقدية و المالية بسبب تغيرات أسعار الصرف.
و لقد بدأت الدول الأوروبية التفكير في إنشاء النظام النقدي الأوروبي في آواخر الستينات، و ذلك في أعقاب انهيار النظام النقدي العالمي و ما صاحب ذلك من مشاكل.
ففي نوفمبر 1969تم تشكيل لجنة أوروبية تحت رئاسة السيد "وارنر" رئيس الوزراء و وزير مالية لوكسمبورغ في ذلك الوقت (1) و كلفت هذه اللجنة بوضع خطة مفصلة لتحقيق الوحدة النقدية بين الدول الأوروبية بصورة تدريجية، و عرفت هذه الخطة التي قامت اللجنة بإعدادها "بخطة وارنر".
و بعد انتهاء هذه اللجنة من أعمالها و وضع تصورها في هذا الشأن، قامت بتقديم تقريرها إلى المجلس الأوروبي في عام 1971، الذي عرف"بتقرير وارنر"، حيث أوصت بإنشاء إتحاد نقدي أوروبي على عدة مراحل تتراوح بين 7 و 10 سنوات و أوصت اللجنة بتطبيق هامش أسعار صرف بين العملات الأوروبية يتراوح بين +- 0.6 %، كما احتوى التقرير كذلك على مطالبة البنوك المركزية

(1) موقع الانترنيت: http : // www.Islamoline.net
لدول الجماعة الاقتصادية الأوروبية بضرورة التعاون فيما بينها، من خلال التدخل المشترك في سوق الصرف الأجنبي(1).
إلا أنه قبل البدء في تنفيذ توصيات اللجنة في أوت 1971 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية قرارها الخطير بوقف تحويل الدولار إلى ذهب، من هذا المنطلق سارعت دول الجماعة الأوروبية إلى البحث في أبعاد هذه الأزمة.

ثانيا: نظام الثعبان الأوروبي:
لقد كانت البنوك المركزية لدول المجموعة الأوروبية تحافظ على أسعـار عملاتها بالنسبة للدولار- و هو عملة خارج المجموعة الأوروبية- في حدود +- 0.75 %و معنى ذلك أن هوامش عملات المجموعة الأوروبية فيما بينها كانت تبلغ +- %1.5، و قد دعت خطة وارنر في 1971 إلى تقييد هوامش أسعار الصرف بين دول المجموعة الأوروبية إلى +- 1.2 % بدلا من +- %1.5 وفقا للتنظيم السابق. و مع ذلك لم يستطيع هذا التنظيم الصمود نتيجة لاهتزاز نظام النقد الدولي في أواخر عام 1971 و اضطراب وضع الدولار.
و في 18 ديسمبر 1971 تم الاتفاق في واشنطن على إعادة وضع الدولار كعملة دولية و السماح باتساع هوامش التقلبات للعملات الأوروبية بالنسبة الدولار إلى +-2,25% بدلا من 1,5 %و هذا يعني أن يصبح مدى التغيير بالنسبة لعملات دول المجموعة الأوروبية +- 4.5% في علاقاتها مع الدولار، و يمكن أن تصل فيما بينها إلى %9 (2)، و هي نسبة عالية جدا يمكن أن تؤثر على علاقات التبادل التجاري فيما بين دول المجموعة الأوروبية.
و لذلك فقد تم الاتفاق في مدينة "بال" السويسرية في 21 أفريل 1972 على إنشاء تنظيم لتحديد هوامش أسعار الصرف فيما بين عملات المجموعة الأوروبية المشتركة في الثعبان إلى+-2.25% أي نفس الهامش المتفق عليه بالنسبة لعملاتها في علاقتها بالدولار، وبالنظر للعلاقات الخاصة لدول البينيلوكس ( بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ) فإنها ترتبط باتفاقيات خاصة تحصر هوامش التغيير في عملاتها في حدود +- %1.5 فقط (3)، و يترتب على ذلك أن تتحرك العملات الأوروبية في شكل شريط في علاقاتها مع العملات الخارجية مما يعطيها شكل "الثعبان" و هذا ما يوضحه الشكل الموالي:

(1) مغاوري شلبي علي: اليورو، الأثر على اقتصاديات البلدان العربية و العالم، مكتبة زهراء الشرق، 2000، ص9.
(2) Claude Gnos : L’euro monnaie pour l’an 2000, édition management, Mai 1999. P19.
(3)حازم البيلاوي: دليل الرجل العادي إلى التعبير الاقتصادي، دار الشروق، سنة 1993، ص137.
شكل رقم (2-1) الثعبان النقدي الأوروبي


P+2.25%

p
%2,25

p-2.25%


Source Pascal Kauffman : l’euro, Dunod, 2éme édition, Paris, 1999. P56.

.و قد تم الاتفاق على عدة إجراءات لضمان استقرار الثعبان الأوروبي بالنسبة للدولار ( و هو ما يسمى بالثعبان في النفق)، و تتلخص هذه الإجراءات في السماح للسلطات النقدية لهذه الدول، ممثلة في بنوكها المركزية التدخل في أسواق الصرف الأجنبي، سواء بائعة أو مشترية للعملات الأوروبية مستخدمة في ذلك سياسة السوق المفتوح.
إلا أن التذبذبات الناجمة عن عدم استقرار النظام النقدي الدولي و قيام بريطانيا في 1972، بالإعلان عن تعويم عملتها "الجنيه الإسترليني" و ذلك بسبب التدهور الشديد في قيمتها نتيجة لعمليات المضاربة الواسعة على هذه العملة أعقب ذلك انخفاض شديد في أسعار صرف الليرة الإيطالية و الكرون الدانماركي و حدث اضطراب واسع في أسواق المال الأوروبية(1)، مما دفع كل من ألمانيا الغربية، فرنسا، إيطاليا، هولندا، بلجيكا، لوكسمبورغ في 1973، إلى إتباع التعويم الجماعي لعملاتها، و ذلك بالمحافظة على هامش التقلب المسموح به بين أسعار صرف عملاتها بنسبة 2,25% كحد أقصى و إعفاء بنوكها المركزية من التدخل في أسواق الصرف الأجنبي لتدعيم سعر الدولار و ذلك بعدم السماح لسعره بالانخفاض عن نسبة 2,25% عن سعر التعادل، و هذا ما يعني في الأخير أن النفق أصبح غير موجود (2).
و لما انتهى دور النفق - نتيجة التعويم الحر المطبق من قبل أكبر العملات- الثعبان بقي لفترة معينة محاولا الحفاظ على أدنى استقرار نقدي في أوروبا، إلا أن الدول التي بقيت تعمل بتنظيم الثعبان واجهت العديد من المشاكل، من بينها الأزمة البترولية في 1973-1974 و ما نتج عنها من آثار تضخمية، بالإضافة إلى ردود الفعل المختلفة من قبل الدول الأعضاء في سياستها الاقتصادية.
كل هذه الصعوبات عملت على استحالة احترام هامش التقلب بالنسبة لمعظم الدول، كما عرف

(1) مغاوري شلبي علي: مرجع سبق ذكره، ص09.
(2) Claude Gnos : Op.Cit.P19.

الثعبان دخول و خروج متكرر للدول المشاركة فيه، فمثلا فرنسا خرجت منه في 19 جانفي 1974
ثم عادت إليه في 10 جون 1975، ثم تركته ثانية في 15 مارس 1976.(1)
إلا أن السبب الرئيسي الذي دفع هذه الدول بترك هذا النظام هو الرغبة في جعل سعر الصرف ينخفض إلى مستوى أدنى من الحد الذي يسمح به تنظيم الثعبان (2.25% من سعر التعادل المركزي) و من ثم تشجيع صادراتها على حساب صادرات الدول التي بقيت في التنظيم.
كل هذه الأسباب عملت على انهيار الثعبان داخل النفق.
المطلب الثاني: النظام النقدي الأوروبي و محاوره الرئيسية.

أولا: النظام النقدي الأوروبي:
لم تعرف مسيرة التكامل النقدي الانتعاش إلا في الفترة 1977- 1978 بعد اتفاق الزعماء السياسيين الفرنسيين و الألمان على إعادة إطلاق مساعي عملية التكامل النقدي على صعيد الجماعة الأوروبية، و لقد كانت لاتفاقية " بريمن" (*)Brême في 07 جويلية 1978 الفضل الكبير في رسم الخطوط العريضة للنظام النقدي الأوروبي.
لقد جاء إنشاء النظام النقدي الأوروبي من طرف دول الجماعة الأوروبية لدعم مسيرة النظام النقدي الدولي، من خلال إقامة تعاون نقدي وثيق، حيث تم الاتفاق في 5 و 7 ديسمبر 1978 في "بروكسل" بغرض وضع النظام النقدي الأوروبي حيز التنفيذ مواصلة لمسيرة الثعبان، رغم أن العمل الفعلي به بدأ في 13 مارس 1979(2) .

و يسعى نظام النقد الأوروبي الذي يضم اثني عشرة دولة ( إسبانيا، ألمانيا، ايرلندا، إيطاليا، البرتغال، بلجيكا، الدانمارك، فرنسا، لكسمبورغ، هولندا، إنجلترا و اليونان) إلى خلق منطقة استقرار نقدي في أوروبا تتمتع باستقرار في أسعار الصرف، و ذلك للحد من آثار تقلبات هذه الأسعار على كل من المستثمرين و المقترضين، و كذلك لتسهيل التنسيق بين الدول الأعضاء في مجال السياسات النقدية و المالية، و لتحقيق هذه الأهداف اتفق أن يقوم النظام النقدي الأوروبي على ثلاثة محاور رئيسية و هي:


(1) Pascal Kauffman : l’euro, Dunod, 2éme édition, Paris, 1999.P56.
(*) Brêmeمدينة ألمانية اجتمع فيها الرئيسان الفرنسي و الألماني، و تم الاتفاق على وضع مشروع لإنشاء منطقة إقليمية أوروبية بعد فشل كل المحاولات السابقة.
(2) حازم البيلاوي: مرجع سبق ذكره، ص137.

*آلية سعر الصرف.
* آليات الائتمان.
* وحدة النقد (العملة الأوروبية).

ثانيا: المحاور الرئيسية للنظام النقدي الأوروبي.(1)
* آلية سعر الصرف:
تعتبر آلية سعر الصرف الأوروبي محور النظام النقدي الأوروبي و هذه الآلية تعتمد على ركيزتين أساسيتين، أولهما أنه يجب على كل دولة من دول المجموعة أن تحفظ سعر صرف عملتها مقابل عملات باقي دول المجموعة بحيث لا يتعدى هامش تغيير مقداره +- 2,25 % بمعنى أنه مسموح لعملة دولة ما أن يرفع سعر صرفها مقابل العملات الأوروبية (عملات دول المجموعة) بما لا يتجاوز2,25 % و كذلك يمكن لسعر صرف عملة أي دولة من دول المجموعة أن ينخفض مقابل عملات دول المجموعة بالنسبة نفسها، و قد تم استثناء الجنيه الإسترليني بعد دخوله مؤخرا في سنة 1990 إلى آلية سعر الصـرف الأوروبي حيث سمح لسـعر صرفه أن يتحرك في هـامش مقداره +- 0,6% (2) مقابل عملات دول المجموعة الأخرى.
أما الركيزة الثانية التي تعتمد على آلية سعر الصرف الأوروبي فهي تتطلب أن لا يتم تعديل الأسعار المركزية إلا باتفاق دول المجموعة، و قد تم الاتفاق على هذه الآلية من جانب محافظي البنوك المركزية لكل من بلجيكا و الدانمارك و فرنسا و ألمانيا و ايرلندا و لوكسمبورغ و هولندا و إيطاليا في مارس 1979 على أن يكون الهامش المسموح به لتغير سعر صرف عملة أي دولة من المجموعة مقابل عملات دول المجموعة الأخرى +- 2,25% لجميع عملات الدول الموقعة على الاتفاق باستثناء إيطاليا التي سمح لها بأن يكون الهامش مرتفعا حيث حدد بـ 6% ، و كذلك نفس الإستثناء بالنسبة للمنضمين الجدد كإسبانيا في جوان في 1989 ، البرتغال في أفريل 1992 (3)، و تم تعديل هذه الهوامش لاحقا حيث أصبحت +- 2,25% مثل باقي دول المجموعة.


(1) Horst Ungerer: The European Monetary System and Perspectives, IMF, Occasional Paper 73, November 1990, P66.
(2) هورست أونجرر:أوروبا تسعى إلى الوحدة النقدية، مجلة التمويل و التنمية، العدد04، ديسمبر 1990، ص14.
(3) Andrew Brociner : L’Europe Monétaire, SME, UEM, Monnaie unique, Memo Seuil, Paris, Mars 1997, P09.
من الجدير بالذكر أن آلية سعر الصرف الأوربي تعتمد في تطبيقها على وحدة النقد الأوروبي (سوف نشير إليها بالتفصيل لاحقا) التي تم تكوينها لخدمة و تسهيل عمل النظام النقدي، حيث أنها
تستخدم كمرجع معياري لأسعار الصرف المركزية. و تستخدم أيضا كوسيلة لتقييم الإلتزامات و الحقوق الناتجة عن التدخل في الأسواق المالية للمحافظة على إستقرار أسعار صرف عمولات دول المجموعة بحيث تبقى في حدود الهوامش المقررة.

* آلية الإئتمان:
نظرا لاختلاف الأوضاع الاقتصادية من دولة إلى أخرى و خصوصا العوامل التي تؤثر في سعر صرف العملة فقد تم توصل المجموعة إلى ضرورة توفير تسهيلات ائتمانية قصيرة الأجل و متوسطة الأجل بالإضافة إلى تقديم دعم نقدي قصير الأجل(1). مما لا شك فيه أن الغرض الأساسي من هذه التسهيلات هو مساعدة الدول التي تواجه مشاكل اقتصادية و خصوصا اختلال ميزان المدفوعات في النمو الاقتصادي و المحافظة على استقرار سعر صرف عملتها في إطار آليات سعر الصرف الأوروبي.
فيما يتعلق بالتسهيلات الائتمانية قصيرة الأجل فقد أقر مجلس محافظي دول المجموعة الأوروبية توفير تسهيلات ائتمانية قصيرة الأجل لدول الأعضاء لفترة تبلغ 45 يوما حيث انه يجب إجراء التسويات المترتبة على اقتراض الدول المدينة بعد هذه الفترة و يتم حساب فترة الـ 45 يوما من نهاية الشهر الذي تم تقديم تسهيلات ائتمانية فيه، و قد أجازت قرارات مجلس المحافظين تمديد هذه الفترة لمدة ثلاثة أشهر، و هذه التسهيلات تتم بصورة تلقائية و غير مشروطة.
و الجدير بالذكر أن صندوق التعاون النقدي الأوربي الذي أنشئ في عام 1973 مناط بإجراء عمليات تقديم التسهيلات الائتمانية و إجراء التسويات اللازمة.
أما فيما يتعلق بالدعم النقدي قصير الأجل فقد تم العمل بهذا النظام اعتبارا من سنة 1970 بموجب اتفاقية وقعها محافظو البنوك المركزية لدول المجموعة، و تم إدخال تعديلات عديدة بغرض زيادة حجم هذا الدعم و الذي يتمثل في تقديم مساعدات نقدية لدول الأعضاء التي تعاني عجزا مؤقتا في ميزان المدفوعات و ليس هناك شروط مسبقة لأي دولة من دول الأعضاء في الحصول على هذا الدعم و لكن يجب أن يتم اتخاذ قرار تقديم الدعم لدولة ما من عدمه و كذلك تحديد قيمة الدعم من قبل لجنة محافظي البنوك المركزية و يعتمد قرار اللجنة على دراسة الوضع النقدي و السياسية النقدية في الدولة


(1) حشاد نبيل: الإتحاد الاقتصادي و النقدي الأوربي من الفكرة إلى اليورو، سلسلة رسائل البنك الصناعي، بنك الكويت الصناعي، العدد55، ديسمبر1998، ص32.

الطالبة للدعم، و يتم تقديم الدعم لمدة ثلاثة أشهر و يمكن تجديد هذه الفترة لمدة ثلاثة أشهر أخرى،
و في اجتماع "بروكسل" في 15 ديسمبر 1978 أقرت الجماعة تجديد الدعم النقدي لفترة ثانية لمدة ثلاثة أشهر و من ثم يصبح أقصى مدة للدعم قصيرة الأجل تسعة أشهر.
أما بالنسبة المساعدة المساعدات المالية المتوسطة الأجل فقد تم إقرارها بموجب قرار الجماعة الأوربية في شهر مارس 1971، و تمت زيادة المبلغ المتاح للمساعدات متوسطة الأجل حتى بلغ 11 بليون وحدة نقد أوربية. و تختلف المساعدات المتوسطة الأجل عن كل من التسهيلات الائتمانية و الدعم النقدي قصير الأجل من حيث الجهة المناطة باتخاذ قرار الموافقة على تقديم التسهيلات الائتمانية، حيث إن قرار منح تسهيلات ائتمانية و دعم نقدي قصير الأجل يتم اتخاذه من قبل لجنة المحافظين بينما يتم اتخاذ قرار المساعدات المالية متوسطة الأجل من قبل مجلس الجماعة و يصبح القرار ساري المفعول بعد موافقة أغلبية المجلس (1).
أما بالنسبة إلى مدة المساعدات متوسطة الأجل فإنها تتراوح ما بين سنتين إلى خمس سنوات، و لا يتم إقرار تقديم هذه المساعدات لدولة ما إلا بشروط معينة أهمها اختلال ميزان مدفوعات الدولة الطالبة للمساعدة و التدهور المستمر في إحتياطاتها من النقد الأجنبي. و يتم تقديم هذه المساعدات بغرض مساعدة الدولة في التغلب على مشاكلها الاقتصادية و خصوصا فيما يتعلق بعجز ميزان مدفوعاتها و انخفاض إحتياطاتها من النقد الأجنبي.

* وحدة النقد الأوربية.
رغم أن وحدة النقد الأوربية (اليورو) و التي كانت تعرف بالإيكو لم تكن في شكل عملة ورقية أو في شكل قطع نقدية معدنية منذ إنشائها إلا أنها من الناحية العملية تتمتع بخصائص النقود، حيث تعتبر وحدة حسابية تستخدم كوحدة للحساب و التبادل و الاحتياطي بين البنوك المركزية، كما أنها تستخدم منذ بدايتها في إصدار السندات و منح القروض(2).

و نظرا لأهمية وحدة النقد الأوروبية كمحور من محاور النظام النقدي الأوروبي، سوف نتناولها بمزيد من الشرح و التفصيل في المطلب الموالي من هذه الدراسة.


(1) نفس المرجع السابق، ص34.
(2) مغاوري شلبي علي، مرجع سبق ذكره، ص18.

المطلب الثالث: وحدة النقد الأوربية "الإيكو"(*)
اتفقت فرنسا و ألمانيا الغربية في عام 1975 على وضع مشروع لخطة اقتصادية تهدف إلى إنشاء وحدة النقد الأوروبية بحيث تحل محل الدولار الأمريكي في التسويات و المعاملات الخارجية و في الوقت نفسه إنشاء صندوق التعاون النقدي الأوروبي بمبلغ 50 مليار دولار تتكون موجوداته من الذهب و الإحتياطات العالمية. و قد تمت الموافقة على هذا المشروع من قبل زعماء دول المجموعة في عام 1978.و قد بدأ العمل بالنظام النقدي الأوروبي الجديد اعتبارا من جويلية 1979، حيث تم استحداث وحدة النقد الأوروبية التي تتكون من أوزان نسبية من عملات دول المجموعة التي كانت في ذلك الوقت تسع دول ثم انضمت بعد ذلك اليونان في عام 1981 و إسبانيا و البرتغال في عام 1986. و أصبحت عملات تلك الدول جزءا من وحدة النقد الأوروبية بعد انضمامها.
و يقابل إصدار وحدة النقد الأوروبية قيام البنوك المركزية للدول الأعضاء بإيداع نسبة قدرها 20 % من إحتياطاتها الذهبية و كذلك 20 % من أرصدتها الدولارية لدى صندوق التعاون النقدي الأوروبي.
بالإضافة إلى وحدة النقد الأوروبية(ECU)، هناك الوحدة النقدية الأوروبية الخاصة و هي عبارة عن نقود محاسبية تستخدم في المعاملات الدولية كوسيلة لتوقى مخاطر تقلبات العملات، و تحتل هذه العملة المحاسبية المركز الخامس أو السادس من حجم التعاملات الدولية (1).
و تعتبر وحدة النقد الأوروبية بمثابة سلة عملات تتكون من كميات محددة من عملة كل دولة عضو في المجموعة و أوزان نسبية لكل عملة تختلف باختلاف الوضع الاقتصادي و قوته و استقرار عملته بالنسبة إلى كل دولة على أن تتم مراجعة تلك الأوزان مرة كل خمس سنوات، و يمكن تغيير تلك الأوزان طبقا للمستجدات التي تطرأ.

و يوضح الجدول الموالي نسب تكوين وحدة النقد الأوروبية في بداية العمل بها عام 1979 حتى فيفري 1997.




(*) يلاحظ أن فرنسا قد عرفت في تاريخها السابق مع لويس التاسع في القرن الثالث عشر عملة بهذا الاسم أيضا.
(1) حازم الببلاوي: مرجع سبق ذكره، ص139.

جدول رقم (2-1): تطور الأوزان(*) النسبية لعملات الدول الأوربية في العملة الأوربية.
الوحدة: نسبة مئوية.
العملة المشاركة/السنوات 1979 1984 1989 1995 فيفري1997
المارك الألماني 33 32 30.1 33.33 31.9
الجنيه الإسترليني 13.3 15 13 10.44 12.4
الفرنك الفرنسي 19.8 19 19 20.49 20.2
الليرة الإيطالية 9.5 10.2 10.15 7.17 7.9
الجيلدر الهولندي 10.5 10.1 9.4 10.47 10
الفرنك البلجيكي 9.6 8.5 7.9 8.57 8.5
الكرون الدنماركي 3.1 2.7 2.45 2.72 2.6
الجنيه الإيرلندي 1.2 1.2 1.1 1.04 1.2
الدراخمة اليونانية 0 1.3 0.8 0.47 0.5
البيزيتا الإسبانية 0 0 5.3 4.24 4.2
الإسكودو البرتغالي 0 0 0.8 0.71 0.7
الفرنك اللوكسمبورجي 0 0 0 0.34 0
إجمالي الأوزان 100 % 100 % 100 % 100 % 100 %

المصـدر:مغاوري شلبي علي، مرجع سبق ذكره، ص153.

و من خلال البيانات الموضحة في الجدول أعلاه، يتبيّن لنا أن المارك الألماني يمثل النسبة الكبرى في مكونات العملة الأوروبية الموحدة حيث تمثل نسبة مساهمته 33 % (مجموع وزن العملة الأوروبية 100 % ) تأتي بعد ذلك العملات الفرنسية و البريطانية على الترتيب.

كما يلاحظ أن النسب لم تتغير كثيرا في عام 1979 مقارنة بنسب 1997، إلا أن الملاحظ أن الوزن النسبي لمساهمة العملة الإسبانية في الوحدة الأوربية يعتبر كبيرا نوعا ما و خصوصا ما إذا تمت مقارنته بالوزن النسبي لمساهمة كل من العملة البرتغالية و العملة اليونانية.

(*):يقصد بوزن العملة، المقدار الثابت من وحدات العملة في السلة، و التي تم تحديدها في 21/09/1989، و سعر العملة ( سعر صرف العملة ) مقوما بوحدة النقد الأوربية في تاريخ معين.

و نود أن نشير إلى أن وحدة النقد الأوروبية "الإيكو" بالرغم من أنها لم تسك كعملة نقدية معدنية أو كعملة ورقية، إلا أنها تقوم بوظائف النقود، حيث تستخدم وحدة النقد الأوروبية "الإيكو" كوسيط للمبادلة و ذلك من خلال التعامل بها في القطاع البنكي، إذ أن القروض المقيّدة بالعملات الأوروبية أصبحت تسدد بالإيكو منذ 1978 (1)، كما فتحت البنوك حسابات بوحدة النقد الأوروبية، كما أصدرت سندات و أسهم بالإيكو، و من ثم فهي مخزنا للقيمة كما تستخدم لقياس القيّم بين البنوك المركزية للدول التي تشكل المجموعة الاقتصادية الأوروبية، كما أصبح بمقدرة الأفراد فتح حسابات جارية و حسابات توفير بالوحدة النقدية الأوروبية "الإيكو".



















(1) هايير مايير، أو نجرر هورست: مجلة التمويل و التنمية، عملة واحدة للإتحاد الأوربي، العدد03، سبتمبر 1992، ص26

المبحث الثاني: مراحل و أزمات النظام النقدي الأوروبي.

تمهـيــــــد:
إن المتتبع لتطورات النظام النقدي الأوروبي منذ نشأته، يجد أنه حقق بعض الاستقرار النسبي خاصة ذلك الاستقرار المحقق على مستوى أسعار صرف العملات للدول الأعضاء في النظام النقدي الأوروبي، و هذا ما يمكننا من التمييز بين ثلاثة مراحل أساسية.
و رغم الاستقرار النسبي المحقق، إلا أن النظام النقدي الأوروبي في المقابل تعرض لعدة هزات و أزمات منذ نشأته.
و من خلال المطلبين التاليين سنحاول دراسة بنوع من الشرح و التفصيل لهاتين النقطتين الهامتين (التطور و الأزمات ) في النظام النقدي الأوروبي.
المطلب الأول: مراحل نظام النقد الأوروبي.
منذ إنشاء نظام النقد الأوروبي إلى أوائل أزمة المضاربة في سبتمبر 1992، يمكن ملاحظة نوعا من الميول نحو ثبات معدلات الصرف، تقارب معدلات التضخم و معدلات الفائدة الاسمية لدول الأعضاء، فهذا التطور لم يكن جيّد و لا دائم، و عليه يمكننا أن نقسمه إلى ثلاث مراحل أساسية، كل مرحلة تعكس شكل خاص لـ"مثلث عدم الانسجام".(1)
الشكل وضع من قبل R. MENDEL الذي يبين أنه من غير الممكن للدولة الاحتفاظ في نفس الوقت على معدل صرف ثابت، حرية حركة رؤوس الأموال (غياب الرقابة على الصرف) و حرية اختيار السياسة النقدية (تثبيت في مستوى معين لمعدل الفائدة في مدى القصير)(2)
و هكذا حين يقرر بلد معين أن تكون له انطلاقة مستقلة قائمة على تخفيض معدلات الفائدة بتحويل مباشر لرؤوس الأموال الموظفة لعملتها الصعبة القائمة على عملات أخرى، مقابل التخلي عن أحد الشروط الثلاثة يسمح بمتابعة الشرطين الباقيين: فمثلا لو كان الصرف ثابتا، بالامكان إتباع سياسة نقدية مستقلة (تخفيض أو رفع معدلات الفائدة مقارنة بالمشاركين) شريطة أن يكون هناك مراقبة للصرف و تمنح حركة رؤوس الأموال (احترام عملية الدخول و الخروج) التي تنتج حتما منه، بمعنى أن حركة رؤوس الأموال مرتبطة بمعدلات الصرف.



(1) Allegret Jean Pierre : Economie Monétaire International, Hachette Supérieur, Paris 1997. P257
(2) Friedman. M : L’impossible passage à l’Euro, problème économique. P29.
.
لو فرضنا أننا نتبع نظام صرف ثابت، عندها لن تكون هناك مراقبة للصرف و بالتالي سوف تتبعها سياسة نقدية مستقلة، و أخيرا من المسموح لأي حكومة إتباع السياسة النقدية التي تريدها عند غياب مراقبة للصرف حتما تتخلى عن جميع أهداف الصرف الثابت.(1)
و عليه سوف نرى أهم المراحل التي شهدها النظام النقدي الأوروبي.

أولا: المرحلة الممتدة من 1979-1987.
في هذه المرحلة، نظام النقد الأوروبي صمد أكثر من الثعبان، بحيث إمتص مختلف الأزمات النقدية و المالية خلال العشرية الأولى إذ كان الدولار متذبذبا، معدل الفائدة الحقيقي مرتفع و أزمة البورصة. و في المقابل تطور الإيكو الخاص بطريقة جيّدة، إلا أنه في المقابل عرفت معدلات الصرف خلال هذه الفترة ما يقارب 11(*) إعادة تسعيرة أي ما يعادل إعادة تسعيرة واحدة كل سنة (2) مما يؤكد على دوام السياسة النقدية المستقلة.
إن اختلاف السياسات النقدية أمر يمكن القضاء عليه من خلال الاختلافات المسجلة في معدلات التضخم، فإذا ما حققت دولة ما ارتفاعا في معدل التضخم مقارنة بالأعضاء الآخرين، فإنها ستتبع سياسة نقدية أكثر تسامحا.
هذا الاختلاف في التضخم يبيّن الانخفاض في القدرة الشرائية لعملة ذلك البلد مقارنة بالدول الأخرى(3). فمعدل الصرف الاسمي يبقى ثابتا بالنسبة للعملات الصعبة المنتمية إلى ميكانيزم الصرف، مما يعني أن العملات الصعبة تتبادل مقابل نفس القيمة من العملة الوطنية و التي تسمح بشراء كميات أقل من السلع، و منه يصبح المالكين لهذه العملة غير المقيمين يفضلون عدم الإبقاء عليها بسبب قدرتها الشرائية الضعيفة.
لذا تشكل المضاربة ضغطا على معدل الصرف الاسمي، و منه على معدل الصرف الحقيقي حتى يلغى هذا الاختلاف في التضخم، و بالتالي يصبح غير مهما بالنسبة لغير المقيمين أن يتحصلوا على العملة الوطنية أو عملة أخرى، و تخفيض العملة هي نتيجة لمعدل تضخم مرتفع.
و الحالة العكسية إذا ما تم تعويض الفرق التضخمي، فالعملة سوف تستحوذ على قدرتها التنافسية
و منه الرجوع إلى معدل صرف أعلى.

(1) كبور رشيدة: مرجع سبق ذكره، ص169.
(*) منذ مارس 1979 إلى غاية جوان 1997 سجل نظام النقد الأوروبي 18 إعادة تسعيرة.
(2) Brociner Andrew: Op.Cit.P41.
(3) Friedmen .M: Op.Cit.P31.


ثانيا: المرحلة الممتدة من 1987إلى 1990.
منذ 1987 إلى 1990، كان الشغل الشاغل هو البحث عن نظام نقدي يضمن استقرار أسعار الصرف الاسمية و انطلاقا من هنا فإن السياسة النقدية قد اختارت إبقاء سعر الصرف الاسمي، على عكس المرحلة السابقة أين كانت الدول قادرة على التحكيم بين سياسة نقدية مستقلة و أولوية بقاء معدلات الصرف ثابتة، و في هذا الشكل، فإن بعض الدول الأعضاء استطاعت الاستفادة من ضرورة إعادة تسطير سياستهم النقدية حسب السياسة الألمانية و هذا بالخضوع لنظام نقدي صارم و الذي جعلته الاعتبارات السياسية الداخلية مستحيلة.
إن ثبات التكافؤات الاسمية محقق بشرط أن البلدان الأكثر إصابة بالتضخم من ألمانيا و هولندا (اللتان كانتا الأقرب إلى تحقيق الشروط النقدية للنظام) هذه البلدان تضيف إلى قيمة معدل الفائدة قيمتين، هما فرق التضخم و كذا قسط خسارة الصرف، بمعنى آخر معدلات الفائدة الحقيقية تكون أكبر من معدلات الدولتين السابقتين.
من جهة أخرى، السياسة النقدية تعطي نوعا من المصداقية لمعدل الصرف إذا كانت لها مصداقية أولا، أي يجب إقناع الأسواق بأن السياسة لن تمس في حالة تعرضها العملة النقدية إلى أزمة مضاربة(1).
و عن مصداقية معدل الصرف لا تستطيع أن تبقى مبنية على نظام نقدي فقط، يجب أن تتدخل سياسة تخفيض الفرق التضخمي بالنسبة للدول الأقل إصابة بالتضخم، فعملية اتخاذ سياسة دعم تسعيرة جديدة يؤدي بالضرورة إلى تخفيض الفرق التضخمي، و بدل الخضوع في مرحلة تخفيض العملة إلى تخفيض الأسعار و الأجور الوطنية، الأمر الذي سيؤدي إلى نقص بالنسبة للأسعار الخارجية، هذا ما يطلق عليه تسمية التخفيض التضخمي التنافسي.
و يعتبر تثبيت معدلات الصرف الاسمي بالنقد الألماني هدف السياسة الاقتصادية، و وسيلة لمكافحة التضخم بالنسبة للمشاركين الأوروبيين باستيراد المصداقية ضد التضخم للبنك المركزي الألماني BUNDES BANK (2).
و منه وزعت نشرة على المتعاملين الاقتصاديين تدعوهم إلى عدم الاعتماد على الانخفاض في معدلات الصرف الاسمية كي تبقى قادرة على المنافسة، بل يجب أن يتحكموا في تكاليف الإنتاج و بالدرجة الأولى الأجور، و بما أن تكاليف الإنتاج في أوروبا لا يمكن أن تنخفض إطلاقا، فإن التعديل

(1) حشاد نبيل: مرجع سبق ذكره، ص55.
(2) موقع الأنترنيت: http : // www.Euro-institut.org.
يتحقق عن طريق الانخفاض في مستوى التشغيل، فسياسة الركود المنتهجة باسم البحث عن مصداقية معدلات الصرف لها ثمن تدفعه و هو الارتفاع في البطالة و بالمقابل ينتظر أن تنتهي البطالة بالضغط على مستوى الأجور و هو بإدخال مرونة أكثر على الأجور.

ثالثا:مرحلة ما بعد 1990 تحرير رؤوس الأموال.
إن المرحلة الثالثة من تطور النظام تبدأ من الفاتح جويلية 1990 مع تحرير حركة رؤوس الأموال من خلال وثيقة الوحدة المصادق عليها في 1986، التي أتت بإنشاء سوق موحدة و كبيرة تضمن حرية تنقل السلع و الخدمات، رؤوس الأموال و الأشخاص.
في هذه المرحلة، لم تصدر الدول الأعضاء لمدة أكثر من سنتين أي إعادة لتسطير أسعار الصرف، كما أنها لم تلجأ إلى الرقابة على الصرف في حالة تعرضهم إلى هجمة مضاربة (ما عدا النمسا و البرتغال) اللتان تستفيدان من آجال الإعفاء حتى 31 ديسمبر 1995، و أيضا إسبانيا و ايرلندا اللتان تستفيدان كذلك من آجال الإعفاء حتى 31 ديسمبر 1992.
في نهاية الثمانينات كانت اقتصاديات الدول الأعضاء في حالة نمو، فلم تكن مجبرة بدمج معدل صرفها بمعدل المارك الألماني، فالأرباح التي حققتها الدول الأوروبية أكثر من تلك التي تحملتها، و خير دليل على ذلك هو التحاق كل من إسبانيا في جويلية 1989 بميكانزم الصرف للنظام (+-2.25(% كما قلصت إيطاليا من مجال تذبذب عملتها في جانفي 1990 من +-6 % إلى +-2.25% و تبعتهم المملكة المتحدة في أكتوبر 1990 ثم تلتها البرتغال في أفريل 1992.
إن هذا الشكل الجديد لنظام النقد الأوروبي يعتبر نوعا ما ضعيف و إجباري، ففي حالة ما إذا قرر البنك المركزي الألماني أن يغيّر سياسته النقدية لأسباب و لأحوال اقتصادية داخلية، فإن دول الأعضاء المشاركة مجبرة على إتباع نفس الخطوة أو أن تخرج من النظام.
و بالنظر إلى هذا المشكل اهتمت الدول الأعضاء بأن لا تخضع إلى هذا الالتزام باختيار أحد الأمرين، حيث المبادرة جاءت من فرنسا التي اقترحت تغيير و استبدال الرائد الأوروبي (البنك المركزي الألماني) ببنك مركزي أوروبي BCE (*) مهمته تسيير العملة الموحدة في إطار وحدة نقدية و اقتصادية.





. Banque Central Européen (*)
و قد ظهرت بوادر هذه الفكرة إلى الوجود في المجلس الأوروبي لـ هانوفر HANOVER في ماي 1988، و بعدها بسنة، تم إعادة اقتراح الفكرة في مدريد و ذلك ضمن مخطط "ديلور" الذي يحدد الخطوط العريضة لما سوف يعرف بالوحدة الاقتصادية و النقدية UEM (*).
في البداية تذمر البنك المركزي الألماني و محافظه "كوهل" على أن قدرة السلطة النقدية الألمانية سوف تنقسم، إلا أنه وافق في الأخير و ذلك بعد الإتحاد مع ألمانيا الشرقية، و المشاكل التي نجمت عنه و تحت ضغط الأعضاء الآخرين على تغيير الرائد الأوروبي.(1)

المطلب الثاني: الأزمات التي صادفت النظام النقدي الأوروبي.
باستعراض تاريخ النظام النقدي الأوروبي منذ نشأته حتى الآن نلاحظ أن هذا النظام قد حافظ نسبيا على استقرار أسعار صرف عملات دول الأعضاء طوال هذا التاريخ و ذلك رغم قيام الإتحاد الأوروبي بتغيير أسعار التعادل للعملات الأوروبية مقابل العملات الأخرى عدة مرات، لكن رغم هذا الاستقرار النسبي إلا أن النظام النقدي الأوروبي قد تعرض لعدة أزمات أهمها:

أولا: أزمة انخفاض قيمة الإسترليني و الليرة الإيطالية (سبتمبر 1992).
في أوت 1992 قام البنك المركزي الألماني برفع سعر الفائدة على المارك، و ذلك بغرض مواجهة ارتفاع معدل التضخم و كذا زيادة الاقتراض لمواجهة تكاليف الوحدة مع ألمانيا الشرقية، و قد ترتب على ذلك حدوث زيادة كبيرة في تدفق رؤوس الأموال من الولايات المتحدة الأمريكية إلى ألمانيا مما أدى إلى ارتفاع قيمة المارك الألماني بصورة ملموسة(2).
و في ظل حالة الركود الذي كان يعاني منه الاقتصاد البريطاني و ارتفاع معدلات البطالة حدث تدهور في سعر صرف الجنيه الإسترليني، و حتى يحافظ البنك المركزي البريطاني على مكانة الجنيه استلف من احتياطات صرفه لشراء عشرة ملايير جنيه إسترليني، كما رفع سعر الفائدة مرتين إلى أن وصل 15%.
إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل و لم تنجح بريطانيا في المحافظة على سعر صرف الجنيه الإسترليني و انتهت بخروجها من النظام النقدي الأوروبي.
و من جهة أخرى، تسببت تدفقات رؤوس الأموال الأمريكية إلى ألمانيا تراجع تدفقات رؤوس الأموال إلى البنوك الإيطالية و حدوث عجز في ميزان مدفوعاتها، و صاحب ذلك ارتفاع في معدل

(*)Union Economique et Monétaire.
(1)Dhordan.R ,Clodongo : Les Banques Centrales, leurs indépendances dans la construction européenne, Paris, Les éditions d’organisations 1994, P67-P68.
(2) مغاوري شلبي علي: مرجع سبق ذكره، ص19.
التضخم في إيطاليا و كذا في معدلات البطالة، و عجز في الميزانية و تدني معدل النمو، و لمواجهة ذلك تدخل البنك المركزي الإيطالي برفع سعر الخصم أكثر من مرة للمحافظة على سعر صرف الليرة.
و بالإضافة إلى ذلك فإن ظروف الاقتصاد الإيطالي الداخلية ساعدت على خفض سعر الليرة، حيث انخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1,2% عام 1992، و كذا ارتفاع معدل التضخم إلى 5.4% و ارتفاع معدل البطالة إلى 11,1% و ارتفاع عجز الموازنة العامة ليصل إلى 11% من الناتج المحلي الإجمالي.(1)
كل هذه الظروف مجتمعة أدت إلى تراجع سعر صرف الليرة الإيطالية، و بالتالي انخفاض قيمتها، مما جعل إيطاليا هي الأخرى تنسحب من النظام النقدي الأوروبي.(2)
كما أصيبت في نفس الفترة عدة عملات من جراء المضاربة، حيث انخفضت قيمة الإسكودو البرتغالي بنسبة 6% و البيزيتا الإسبانية بنسبة 5% ثم 6% و ذلك في 22 نوفمبر 1992 إلا أنهما لم يخرجا من آلية سعر الصرف الأوروبي.

ثانيا: أزمة انخفاض قيمة الفرنك الفرنسي (أوت 1993)
تعرض الفرنك الفرنسي لمضاربة شديدة في عام 1993 و حدث تراجع مفاجىء في سعر صرفه أمام المارك الألماني ليصل إلى 3,42 فرنك للمارك(3) مقتربا من أدنى مستوى له داخل آلية سعر الصرف . كما حققت أسعار الفائدة ارتفاعا مقارنة بأسعار الفائدة على المارك الألماني، و يعود السبب الرئيسي لانخفاض الفرنك الفرنسي إلى التوقعات المتشائمة بخصوص مستقبل الاقتصاد الفرنسي.
و قد طالبت كافة الأوساط الاقتصادية في أوروبا و العالم (الدول الأعضاء في النظام النقدي الأوروبي، الولايات المتحدة الأمريكية و صندوق النقد الدولي) البنك الألماني إلى الإسراع في تخفيض أسعار الفائدة و ذلك من أجل تحفيز النمو و إخراج ألمانيا من الركود.
إلا أن البنك المركزي لم يوافق على هذا الطلب و برر موقفه بالإبقاء على سعر الفائدة المرتفع للمارك نتيجة للزيادة في كمية وسائل الدفع في الاقتصاد الألماني التي وصلت إلى 7,1% بدلا من

(1) النظام النقدي الأوروبي (النشأة الأزمات): النشرة الاقتصادية، بنك مصر، العدد الأول، المجلة الخمسون، سنة1997، ص52.
(2) François Deshemaekere : Mieux comprendre l’euro, Paris ; Editions d’organisation, 1998. P28.
(3) Jean Pierre Faugére.Colette Voisin : Le Système financier et monétaire international, crises et mutation, 3emme Edition.Nathan, Paris, 1994.P130.
النسبة المخطط لها و المقدرة بـ 6,5% مما دفعه للإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة لمواجهة التضخم.(1)
و لعلاج هذه الأزمة اجتمعت لجنة محافظي البنوك المركزية للإتحاد الأوروبي و كذلك وزراء المالية و تم الاتفاق على توسيع هامش التذبذب للعملات الأوروبية ليصل إلى 15 %مستثنيا من ذلك عملة كل من ألمانيا و هولندا حيث تم بقاؤهما عند هامش التذبذب القديم.(2)

المطلب الثالث: أسباب الأزمات و طرق تسييرها.

أولا: أسباب الأزمات التي عرفها النظام النقدي الأوروبي.
في الواقع توجد العديد من الأسباب التي أدت إلى هذه الأزمات، فبعضها متعلق بطبيعة عمل النظام النقد الأوروبي بحد ذاته و البعض الآخر راجع للأوضاع الاقتصادية لدول المجموعة الأوروبية و البعض الآخر مرتبط بأوضاع الاقتصاد العالمي، و قد أدت هذه النوعية من الأزمات التي تعرض لها النظام النقدي الأوروبي إلى قيام جهات الاختصاص في الإتحاد الأوروبي بمحاولة التعرف عن الأسباب الحقيقية التي تسبب هذه الأزمات و قد رأت أن العوامل و الظروف التي أدت إلى هذه الأزمات هي:
- حالة الركود العام التي أصابت الاقتصاد العالمي، و التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية و تأثيرها على حركة التجارة العالمية، و معدلات النمو الاقتصادي، و امتداد آثارها في النهاية إلى أسعار صرف العملات الأوروبية؛
- النشاط الزائد لعمليات المضاربة في أسواق المال الدولية على عملات دول الإتحاد الأوروبي سعيا وراء الربح؛
- وجود عدم اقتناع من دول الإتحاد الأوروبي بالجدول الزمني لانتقال سلطة التحكم في السياسة المالية و النقدية من السلطات الوطنية إلى المفوضية و كذلك وجود تخوف من التأثير على السلطة الوطنية للدول الأوروبية؛
- عدم قدرة بعض الدول الأعضاء على تحمل الآثار السلبية لانخفاض قيمة عملتها إلى أقل من الحد الأدنى لهوامش التذبذب داخل نظام النقد الأوروبي و هو ما حدث مع كل من بريطانيا و إيطاليا عام 1992 و انتهى بخروجهما من النظام النقدي الأوروبي؛

(1) النظام النقدي الأوروبي (النشأة، الأزمات)، مرجع سبق ذكره، ص53.
(2) مغاوري شلبي علي: مرجع سبق ذكره، ص20.
- وجود تفاوت ملحوظ في الأداء الاقتصادي للدول الأعضاء ينعكس في تفاوت كبير بين مؤشراتها الاقتصادية مثل التضخم و عجز الموازنة و سعر الفائدة، و بالتالي يكون هناك تناقض بين أهداف السياسة الاقتصادية في الدول الأعضاء و تكون هناك صعوبة في التنسيق بين هذه السياسات، و هو ما جعل هناك حتمية لإحداث نوع من التقارب في الأداء الاقتصادي؛
- عدم الوضوح في تعريف بعض المعايير المحددة، كشروط الانضمام للوحدة النقدية الأوروبية، و خاصة ما يتعلق بتعريف دين القطاع العام، و ذلك بسبب اختلال هيكل و مفهوم القطاع من دولة إلى أخرى.
و رغم تدارك دول الإتحاد الأوروبي لمعظم هذه العوامل خلال السنوات الأخيرة، إلا أن هذه الدول قد وقعت في جويلية 1997 على "ميثاق الاستقرار" و الذي يهدف إلى ضبط إيقاع السياسات المالية و النقدية لدول العملة الأوروبية الموحدة بحيث يتم الحفاظ على التوازن بين الإيرادات و النفقات العامة في هذه الدول، و أن يتم فرض عقوبات أو غرامات مالية على الدول غير الملتزمة، و ذلك بهدف ضمان استقرار العملة الموحدة و ضمان استمرار النظام النقدي الأوروبي.

ثانيا: تسيير أزمات نظام النقد الأوروبي.(1)
إن الأزمات التي تعرض لها النظام النقدي الأوروبي كشفت عدم جدوى الوسائل النقدية التي وضعتها الحكومات لمواجهة المضاربة، عندما لا يمكنها اللجوء إلى مراقبة رؤوس الأموال، و عليه فتسيير هذه الأزمات تم من خلال التلاعب بمعدلات الفائدة في المدى القصير و التدخلات في أسواق الصرف.

* التلاعب بمعدلات الفائدة في المدى القصير:
عندما يتوقع المضاربون انخفاضا في العملة التي وظفوا بها أصولهم ( السندات أو ودائع بنكية)، فإنهم يحاولون أن يحمّلوا أنفسهم بتحمل أقل خسارة التي يمكن أن تنتج، و عليه يمكنهم أن يوظفوا أصولهم بعملة تكون أكثر ضمانا، و بهذا الإجراء فهم يساهمون في زيادة احتمال الانخفاض، و تصبح المضاربة محققة تلقائيا و بإمكان السلطات النقدية عندها أن تقلل من هذه الحركة برفع معدلات الفائدة المتعلقة بالعملة المضارب عليها، ومنه الفائدة المتحصل عليها من ذلك التوظيف تغطي الخسارة المحتملة للانخفاض، و تكون هناك صعوبة عند غياب أي عرقلة لحركة رؤوس الأموال و بالتالي يتم التحكم


(1) كبور رشيدة: مرجع سبق ذكره، ص ص168-182.

في ارتفاع المعدلات المقترحة في تلك التوقعات، بل العكس تستطيع أن تنشطها.
و من جهة أخرى كلما كانت احتمالات الانخفاض كبيرة كلما كان ارتفاع المعدلات في تزايد، و قد قام كل من EICHENGREEN و WYPLOSZ بحساب تعويض الانخفاض بنسبة 10% و الذي يكون احتماله 90% فالتدخل يكون خلال 10 أيام، عندها لا بد من رفع معدل الفائدة في المدى القصير إلى 7,62% و إذا تواصل ارتفاع المعدلات فإن ذلك يكون على درجة التكليف للاقتصاد الداخلي (الاستثمار غير مشجع، نسبة الديون العمومية على الناتج الداخلي الخام في تدهور و فوائد البنك مهددة) و تكون غير كافية لاسترجاع رؤوس الأموال التي خرجت.
إن احتمالات الانخفاض ترفع من مبيعات العملات و بالتالي لن يتوازن هذا السوق نتيجة ارتفاع المعدلات، و لن يجري أي تدخل للبنوك المركزية، فالفارق بين معدلات الفائدة للعملات في الأسواق الأوروبية و في أسواقها المحلية كان دليل لتوقعات انخفاض العملة و معبر عن درجة انعزال اقتصادها حيث أن الضغوطات على أسواق الصرف لا يتم تحويلها في الاقتصاد الداخلي بنفس الآلية.

* التلاعب في أسواق الصرف:
تتمثل الوسيلة الثانية للتدخل الخاصة بنظام النقد الأوروبي في تسهيلات الاقتراض في الآجال القصيرة جدا. لقد كانت متوقعة أن تسمح للسلطات النقدية بالتدخل في أسواق الصرف بدون حدود، إذ حددت ميدانيا بـ 45 يوما، ( مع تحديد تلقائي في كل ثلاثة أشهر)، كما حددت إلى 75 يوم في 1987 من خلال "اتفاقية بازل".

و حتى سنة 1987، كان ميكانيزم التسهيلات يعمل جيّدا لأنه كان يسمح بالقيام بعملية إعادة التسطير منظمة لكن نجاحها أظهر بأن هذه التسهيلات لم تكن محدودة، فبعد 1987 و عند غياب عملية إعادة التسطير ( و ذلك بعد 1990 عندما تحررت حركة رؤوس الأموال) فإن للبنوك المركزية صلاحية واحدة هي التدخل في توقيف المضاربة عندما يتخذ قرار الخروج من نظام النقد الأوروبي أو عملية إعادة التعديل الإجبارية، و طالما أن السلطات النقدية ترفضها، فالبنوك المركزية التي تسيّر أسعار الصرف المقدرة مقابل العملات المضارب عليها التي يجب أن تقابل التزاماتها للتدخل، كما هو الحال في 1992 و 1993 كل العملات المضارب عليها كانت مقابل المارك الألماني، فالبنك المركزي الألماني كان مؤهلا للدفاع عن العملات.
فالدعم الوحيد لليرة هو مبيعات المارك الألماني للبنك المركزي الألماني زاد احتياطات صرفها بما يقارب 100 مليار من المارك الألماني إلى غاية خروج الليرة الإيطالية من نظام النقد الأوروبي، و منه ارتفعت الكتلة النقدية الألمانية بأكثر من 10% و هي نسبة تتجاوز السقف المحدد( 3,5-%5,5%).
و إذا ما تتبعنا تدخلات البنك الألماني فإننا نجدها متناقضة مقارنة بمهمتها الأولى و هي الحفاظ على استقرار الأسعار، فالدخول في سياسة نقدية مشددة منذ إعادة توحيد ألمانيا، لم يكن البنك المركزي قادرا على أن يتدخل دون حدود للمحافظة على نظام النقد الأوروبي، و قد اقترح الرئيس HELMUT SCHLESINGUER تسوية تقوم باتخاذ القرار برفع قيمة المارك الألماني و تخفيض معدلات الفائدة معا، فالبنك المركزي الألماني قد تخلص من التزاماته في التدخل حيث أعطى الأولوية للقضاء على التضخم كما سمحت به النصوص المؤسسة للنظام النقد الأوروبي، و العملتان الوحيدتان اللتان دعمهما البنك الألماني هما الفرنك الفرنسي و الكورون الدانماركي.
و حسب EICHENGREEN و WYPLOSZ فهذا التدعيم كان مرتبطا في المقابل بنجاح تقارب معدلات التضخم لاقتصاد كل من فرنسا و الدانمارك، فالألمان يعتبرون كل من فرنسا و الدانمارك جزء من النواة الصلبة المطالبين بالعملة الموحدة، و عليه لا يجب أن تقضي على هذه الفرصة من خلال ترك العملتين ضحية المضاربة، و بالتالي تخرج من النظام أو تخفض عملتها، كما يوجد سبب سياسي محض، إذ أنه من غير المعقول أن تبقى فرنسا تابعة لمنطقة المارك.
أما فيما يخص الدانمارك فعليه أن يغتنم من جديد فرصة الموافقة الشعبية من معاهدة "ماستريخت" فبدون دعم من البنك المركزي الألماني يعد خروج الدانمارك من النظام محتم.
و قد توصل وزراء مالية المجموعة الأوروبية يوم 02 أوت إلى اتفاق يتم بمقتضاه توسيع هوامش تغير أسعار العملات في النظام إلى نسبة 15% بدلا من النسب السابقة 2,25% للعملات القوية و 6% للعملات الضعيفة.
و عليه أصبحت صورة نظام النقد الأوروبي بعد هذا الاتفاق كما يلي:
- بقي كل من المارك الألماني و الجيليدر الهولندي تحت نظام الصرف الأوروبي القديم؛
- يضم النظام الجديد كلا من الفرنك الفرنسي، الفرنك البلجيكي و الكرونة الدانماركية و الليرة الإيطالية و البيزيتا الاسبانية و الجنية الايرلندي و الأسكودو البرتغالية و الدراخمة اليونانية؛
- خروج الجنيه الإسترليني من النظام النقدي الأوروبي؛
- أصبحت المضاربة أكثر عشوائية بعد توسع الهوامش بحيث تستطيع الدول أن تثبت و بكل حرية معدلات فائدتها، بينما تحدد الأسواق معدلات الصرف.
المبحث الثالث: الوحدة الاقتصادية و النقدية الأوروبية.

تمهيـــــــد:
لقد تطور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النظان النقدي الاوربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التاريخ النقدي للتخلف
» البنك المركزي الاوربي.rar
» : آليات الخطاب النقدي العربي الحديث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان :: التربية التعليم :: التعليم الجامعي-
انتقل الى: