ظهور الفساد في البر
أفادت دراسة علمية بأن التغيرات المناخية قد تؤدي إلى انقراض ملايين الكائنات الحية بحلول عام 2050 وأوضح معدو الدارسة التي نشرت في دورية "نيتشر" أنه بعد دراسة مطولة لست مناطق في العالم أن ربع الكائنات الحية التي تعيش في البر قد تنقرض. وأضافوا أن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقليل نسبة الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون قد ينقذ العديد من أنواع الكائنات الحياة من الاندثار. وها هي الأمم المتحدة تؤكد أن هذه الظاهرة الخطيرة تهدد ملايين البشر الذي يعتمدون على الطبيعة للبقاء على قيد الحياة.
وفي تقرير يحمل اسم "خطر الانقراض الناجم عن التغيرات المناخية"، نشر العلماء نتائج دراستهم لست مناطق تتميز بالتنوع الأحيائي وتمثل 20 بالمئة من مساحة اليابسة على كوكب الأرض. واستخدمت الدراسة نماذج إلكترونية لمحاكاة رد فعل 1103 نوعاً من الكائنات الحية بما فيها الثدييات والنباتات والطيور والزواحف والضفادع والفراشات، إزاء أي تغير في درجات الحرارة ومناخ الأراضي التي تعيش بها. ووضع العلماء ثلاثة احتمالات لتغير مناخ الأرض وهي أقل تغير ممكن وتغير متوسط وأقصى تغير ممكن. وتم إعداد هذه الاحتمالات على أساس بيانات مستقاة من اللجنة الحكومية البريطانية للتغيرات المناخية. كما اشتملت الدراسة على تقييم ما إذا كانت تلك الحيوانات والنباتات ستكون قادرة على الانتقال إلى مناطق جديدة.
يؤكد فريق العمل الذي شارك في الدراسة إلى أن ما بين 15 و37 من كافة الكائنات الحية التي تعيش في المناطق التي شملتها الدراسة قد تتعرض للانقراض بسبب التغيرات المناخية على الأعوام القادمة وحتى سنة 2050 ويقول الأستاذ كريس توماس من جامعة ليدز الإنجليزية والذي يترأس فريق البحث: إذا تم تعميم هذه الاستنتاجات في جميع أنحاء العالم وعلى أنواع أخرى من الحيوانات والنباتات البرية فإننا نرجح أن ملايين أنواع الكائنات الحية قد تتعرض لخطر الانقراض، فبعض الأنواع ستحرم من البيئة المناخية المواتية لمعيشتها، كما لن تتمكن بعض الأنواع الأخرى من الهجرة إلى مواقع ذات بيئة ملائمة.
العديد من الآثار الخطيرة للتغيرات المناخية سوف تؤدي إلى التفاعل بين التهديدات المختلفة وليس تغير المناخ نفسه، وهذا الأمر لم يتوقعه العلماء، لكنهم أوضحوا أن هناك بعض المؤشرات على أن الأمور لن تتدهور بدرجة كبيرة حيث أكدوا أنه في حالة حدوث أقل تغير مناخي حتى عام 2050، وهو ما اعتبروه أمراً حتمياً، فإن ذلك يعني أن 18 بالمئة من أنواع الكائنات الحية المتضررة ستندثر. أما في حالة حدوث تغير مناخي متوسط المستوى فإن معدل الانقراض سيصل إلى 24 بالمئة، بينما سيبلغ معدل الانقراض 35 بالمئة إذا وقع أقصى تغير مناخي يمكن أن تتعرض له الأرض خلال الأعوام القادمة.
وقال جون لانشبيري من الجمعية البريطانية الملكية لحماية الطيور الذي درس علوم وأنماط التغير المناخي لسنوات: "يبدو الأمر كما لو أننا ليس بوسعنا اتخاذ أي إجراء لتفادي انقراض بعض الأنواع. يجب علينا دائما محاولة الالتزام بأقل السيناريوهات ضررا التي وردت في الدراسة."
يقول الدكتور كلاوس توبفير رئيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة "إذا انقرض مليون نوع من الكائنات فإن الضرر لن يقع فقط على مملكة النبات أو الحيوان أو الشكل الجميل للأرض بل المليارات من البشر وخاصة سكان الدول النامية سيتضررون هم الآخرون لأنهم يعتمدون على الطبيعة التي توفر لهم حاجاتهم الأساسية من غذاء وأدوية ومأوى."
ظهور الفساد في البحر
يؤكد العلماء أن كمية غازات ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها المحيطات في العالم قد قلت. وأخذ باحثون من جامعة إيست أنجليا أكثر من 90 ألف قياس بفضل سفن تجارية مزودة بأجهزة إلكترونية لتحديد كمية ثاني أكسيد الكربون التي امتصتها المحيطات. وأظهرت نتائج الدراسة التي أنجزها فريق البحث على مدى عشر سنوات في شمال المحيط الأطلسي أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي امتصها المحيط قلت بنسبة النصف ما بين أواسط التسعينيات من القرن الماضي وعام 2005. ويعتقد العلماء أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يزداد سوءا في حال امتصاص المحيطات كميات أقل من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وقال الباحثون إن نتائج أبحاثهم التي نُشرت في مجلة " جيوفيزكال ريسرتش" العلمية كانت مفاجئة ومقلقة في الوقت ذاته لأنه كانت هناك أسباب تدعو للاعتقاد أن عامل الزمن من شأنه جعل المحيطات مُشبعة بالانبعاثات الغازية. ويعتقد العلماء أن الاحتباس الحراري يزداد سوءاً في حال امتصاص المحيطات كميات أقل من الغازات.
ويقول محلل بي بي سي لشؤون البيئة، روجر هارابين: الباحثون لا يعرفون ما إن كان التغير الحاصل ناتج عن التغير المناخي أو يُعزى إلى تغيرات أخرى تحدث في الطبيعة، غير أن الباحثين يقولون إن نتائج أبحاثهم تمثل مفاجأة كبرى ومصدر قلق لهم بسبب وجود ما يدعو إلى الاعتقاد أنه مع مرور الوقت، فإن المحيط قد يصبح مشبعاً بانبعاثاتنا أي أنه غير قادر على امتصاص كميات إضافية، وأن هذا الوضع سيجعل الانبعاثات التي نتسبب فيها ترفع درجة حرارة الجو. ولا يبقى من غازات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة إلى الجو سوى نصف الكمية بينما يتحول النصف الآخر إلى ترسبات فحمية.
تنبأ فريق من الباحثين البريطانيين والفنلنديين بأن منسوب مياه البحر قد يرتفع مع نهاية القرن الحالي بمعدل يصل إلى متر ونصف المتر مقارنة بالوضع الراهن. ويتجاوز الرقم الجديد بشكل كبير المستوى الذي كانت اللجنة الدولية لتغير المناخ (آي بي سي سي) قد تنبأت بالوصول إليه في إطار التقييم الذي كانت قد أجرته العام الماضي وشكل علامة فارقة في مجال دراسة علم المناخ، حيث رأت ان الارتفاع سيكون عام 2100 بين 28 و43 سنتمترا فقط.
وتقول الدكتورة سفيتلانا جيفريجيفا، من مختبر براودمان لعلوم المحيطات ببريطانيا وهي أحد أعضاء فريق البحث العلمي: إن المعدل العالمي لمستوى مياه البحر العالمي كان مستقرا للغاية على مر السنوات الـ 2000 الماضية، إذ أنه تغيير بحدود 20 سنتمترا فقط خلال كل تلك الفترة، إلا أنه مع نهاية القرن الحالي، فإننا نتوقع أن يرتفع منسوب مياه البحر بمعدل يتراوح بين 0.8 و1.5 متراً. إن الزيادة السريعة في ارتفاع منسوب مياه البحر خلال السنوات المقبلة مرتبط بسرعة ذوبان الطبقات الجليدية.
فوفقاً للدراسة الجديدة التي أعدها فريق الباحثين المشترك، سيكون لمثل هذا الارتفاع إلى هذا الحد في مستوى مياه البحر آثار جوهرية على البلدان التي تضم أراضٍ منخفضة مثل بنجلاديش. وقد عرض الباحثون النتائج التي توصلوا إليها في دراستهم أمام المؤتمر السنوي للاتحاد الأوروبي للعلوم الجيولوجية الذي عُقد في العاصمة النمساوية فيينا مؤخراً.
ويقول الخبير سايمون هولجيت إن هنالك القليل من الأدلة الملموسة التي تشير إلى تغير في مستويات مياه البحر على مدى آلاف السنين قبل فترة الثلاثمائة سنة الماضية. هنالك بعض الأدلة الأثرية المحدودة التي تعتمد على ارتفاع أحواض الأسماك التي كان يستخدمها الرومان، وربما شكلت تلك الدليل الأقوى على أنه لم يكن هنالك ثمة تغير كبير في منسوب مياه البحر على مر السنوات الـ 2000 الماضية. إن الارتفاع المسجل حاليا في منسوب مياه البحر، والذي يصل إلى حوالي ثلاثة سنتمترات في العام الواحد، يُعتبر كبيراً جداً، وإن العديد من العلماء العاملين في هذا الميدان يتوقعون أن يشهدوا تسارعاً أكبر في ارتفاع مستوى مياه البحر في المستقب
الباحث الألماني ستيفان راهمستورف كان قد استخدم العام الماضي (2007) طريقة مختلفة لقياس ارتفاع مستوى مياه البحر، لكنه توصل إلى نتيجة مشابهة لتلك التي توصل إليها فريق الدكتورة جيفريجيفا، إذ توقع ارتفاعا في منسوب مياه البحر يتراوح ما بين 0.5 و 1.4 مترا في عام 2100. وتشير آخر المعلومات التي تم الحصول عليها عن طريق الأقمار الاصطناعية إلى أن طبقات الجليد في جرينلاند ومناطق غربي القطب الجنوبي بدأت بالفعل تفقد جزءا من كتلتها بفعل ذوبان الجليد، على الرغم من أن الطبقات الجليدية في شرقي القارة القطبية الجنوبية قد تكون آخذة بدورها بالازدياد.