ألسنة من اللهب.. دخان متصاعد.. صافرات تدوي.. وسيارات إسعاف تهرع، هكذا هي الصورة في ميناء أسدود التي لم تستطع السلطات "الإسرائيلية" حجبها، فادعت أنه "حريق" شب بمصنع المواد الكيميائية "غان كيميكاليم" الواقع في المنطقة الصناعية بأسدود.
الدخان الذي يسهل رؤيته من مشارف المدينة الساحلية كان سببه صاروخ أطلقته كتائب القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس على أسدود مساء اليوم الأربعاء.
وهرعت طواقم الإنقاذ والإطفاء إلى موقع الحريق مع تصاعد المخاوف من حدوث تسرب لمواد خطرة من المصنع. وطلبت السلطات "الإسرائيلية" من جميع القاطنين بالتجمعات السكنية القريبة التزام منازلهم وعدم الخروج خوفا من استنشاقهم لأدخنة الحريق التي تحمل مواد كيماوية خطره.
لقد باتت قوة صواريخ كتائب القسام واضحة وإن حجب الدخان الرؤية. فقد قدرت سلطات الاحتلال أن أكثر من مليون "إسرائيلي" (15% من إجمالي السكان) أصبحوا في مرمى صواريخ القسام، خاصة بعد أن تخطت الصواريخ حاجر الـ 40 كم ووصلت إلى مدن رئيسية مثل بئر السبع وعسقلان وأسدود. ومنذ بداية الحرب "الإسرائيلية" الغاشمة على غزة، توعدت المقاومة بالمزيد من الصواريخ، وأصبحت بقعة الزيت تتسع.
وفي أبعد مدى تصل إليه الصواريخ إلى الآن، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس يوم السبت تمكنها لأول مرة من قصف قاعدة بلماخيم الجوية التي تبعد 50 كيلومترا عن قطاع غزة بصواريخ جراد. وتعد القاعدة منشأة التطوير والأبحاث الرئيسة لدى الجيش "الإسرائيلي"، وفيها يتم تجميع واختبار الصواريخ والقذائف الصاروخية، كما أنها تبعد عن تل أبيب 15 كيلومترا فقط.
كما قصفت الحركة قاعدة "تل نوف" الجوية العسكرية الصهيونية الجمعة الماضي بصاروخ من طراز "جراد. وتبعد القاعدة عن قطاع غزة 45 كيلومتر وهي الأكبر وسط فلسطين المحتلة وتقع شمال شرق مدينة "جديرا" الصهيونية، وتضم القاعدة طائرات حاملة لصواريخ نووية، وتقع على بعد بضعة أميال من منشأة تخزين الأسلحة النووية "تيروش" ومن قاعدة الصواريخ "هيربات زخاريا".
وفي المدن "الإسرائيلية" الأقرب للقطاع، أصبحت صافرات الإنذار هي الصوت الأكثر سماعا في آذان المغتصبين.
45 ثانية فقط هي الوقت المتاح أمام 200 ألف من سكان أسدود للفرار والاختباء في المخابئ والجحور، وفي عسقلان 30 ثانية فقط، أما في سديروت فالخطر يصل خلال 15 ثانية.
وبعيدا عن القتلى والمصابين بجروح نتيجة الصواريخ، سجلت المستشفيات "الإسرائيلية" دخول أكثر من 600 إلى المستشفيات بسبب الخوف والرعب، حتى أن بعضهم أصيب بأزمات وجلطات. ورفعت مستشفيات عسقلان حالة الطوارئ حيث تم تأجيل جميع الحراجات غير العاجلة، وتلقت المستشفيات خلال الأيام الأربعة الأولى من الحرب "الإسرائيلية" ضد غزة أكثر من 116 شخص منهم 42 أصيبوا بشطايا الصواريخ أما الـ74 الباقين فكلهم تلقوا علاجا نفسيا..
هي قذائف رعب إذن.. تحمل رسالة صنع في فلسطين بأيدي المقاومة. وعلى عكس ما يقول بعض الساسة المستسلمين بـ"عبثية" صواريخ المقاومة، أثبتت تلك الصواريخ أنها تستطيع الانتصار ودك قلاع العدوان.
وتشير بيانات حركة حماس إلى امتلاكها أنواع متعددة من الصواريخ والقذائف التي تستخدمها في مواجهة الاحتلال "الإسرائيلي" منها صاواريخ "قسام 1" و"قسام 2" و"قسام 3"، بالإضافة إلى صواريخ "جراد"، فضلا عن قذائف "البنا 1" و"البنا 2" التي تستخدم في العمليات النوعية، وقذائف "الياسين" التي تستخدم في المواجهات القريبة.
ودأبت كتائب القسام على تطوير أسلحتها باستمرار واستحداث نسخ منها تلائم الأوضاع القتالية. وازدادت مع مرور الأيام دقة تصويبها وقدرة رؤوسها على حمل مقدار أكبر من المتفجرات، بالإضافة إلى زيادة مداها بشكل ملحوظ.
إنتاج صواريخ القسام قسم تاريخ المقاومة الفلسطينية إلى مرحلة ما قبل الصواريخ ومرحلة ما بعدها، وشكل علامة فارقة في لعبة توازن القوى بين الاحتلال والمقاومة. فقبل ظهور "قسام1" افتقر مجاهدو حماس إلى وسيلة للتعامل مع الاحتلال "الإسرائيلي" على مدى بعيد، واقتصرت عمليات المقاومة على المواجهات التي كانت تسفر في الغالب عن عدد من الشهداء ربما يفوق أعداد القتلى في صفوف العدو.