منتدى التربية و التعليم تلمسان
اهلا بالزائر الكريم يرجى التسجيل للافادة و الاستفادة
سجل لتتمكن من تصفح المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان
اهلا بالزائر الكريم يرجى التسجيل للافادة و الاستفادة
سجل لتتمكن من تصفح المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى التربية و التعليم تلمسان

لتحضير جيد للامتحانات و الاختبارات لجميع المستويات
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  العاب فلاشالعاب فلاش  
تعلم ادارة المنتدى انه تم فتح مؤسسة رياض باروتجي لبيع ادوات الحاسوب و الشبكة باسعار جد مناسبة على الرغبين في التواصل و تقديم اللطلبات ترك رسالة خاصة لمدير المنتدى
تعلم ادارة المنتدى انه تم فتح مؤسسة رياض باروتجي لبيع ادوات الحاسوب و الشبكة باسعار جد مناسبة على الرغبين في التواصل و تقديم اللطلبات ترك رسالة خاصة لمدير المنتدى
Awesome Hot Pink
Sharp Pointer
المواضيع الأخيرة
» حصرى تحويل رائع لirissat6800 hd الى جهاز AB CryptoBox 400HD وFerguson Ariva 102E-202E-52E HD
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالجمعة ديسمبر 06 2019, 00:54 من طرف saad sa

» أسطوانة الاعلام الآلي سنة أولى ثانوي علمي
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالجمعة أبريل 07 2017, 13:09 من طرف mhamedseray

» مذكرات تخرج في التاريخ
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالأحد يناير 08 2017, 23:30 من طرف hawarkmirza

» _ كــيفــيــة ادخــال شفرة الجزائر الارضية الجديدة على مختلف الاجهزة
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالسبت يناير 07 2017, 01:29 من طرف bobaker1992

» قرص خاص بالتدريس عن طريق المقاربة بالكفاءات
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالخميس نوفمبر 24 2016, 22:48 من طرف حسان عبدالله

» شروط و طلبات الاشراف للاعضاء
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالسبت سبتمبر 10 2016, 21:37 من طرف محمد عصام خليل

» فروض واختبارات لمادة العلوم الطبيعية ثانية ثانوي
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالجمعة فبراير 26 2016, 10:19 من طرف mhamedseray

» مواضيع مقترحة للسنة الخامسة ابتدائي لمادة دراسة النص
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالجمعة يناير 22 2016, 00:32 من طرف ouassila-2012

» قرص اللغة العربية
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالجمعة نوفمبر 27 2015, 13:57 من طرف بنت القالة

» القانون الأساسي لجمعية أولياء التلاميذ
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالأربعاء نوفمبر 25 2015, 13:40 من طرف belounis

» فروض واختبارات مقترحة في العلوم الطبيعية 4 متوسط
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالخميس نوفمبر 12 2015, 14:09 من طرف بدر الصافي

» مذكرة الانتقال من المخطط المحاسبي الوطني الى النظام المحاسبي المالي الجديد
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالأربعاء نوفمبر 11 2015, 00:29 من طرف rachid s

» كتاب رائع جدا فيزياء وكيمياء يشمل كل دروس 4 متوسط
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالسبت أغسطس 29 2015, 14:59 من طرف abbaz29

» لأساتذة الفيزياء...قرص شامل لكل ما تحتاجه لسنوات التعليم المتوسط الأربع
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالخميس أغسطس 27 2015, 01:49 من طرف abbaz29

» قرص في مادة الفيزياء حسب المنهاج
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالأربعاء أغسطس 26 2015, 20:02 من طرف mhamedseray

» قرص السبيل في العلوم الفيزيائية (دروس شاملة صوت و صورة)
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالسبت أغسطس 15 2015, 05:00 من طرف mhamedseray

» ملخص دروس الفيزياء في الفيزياء
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالأحد أغسطس 09 2015, 00:29 من طرف mhamedseray

» جميع دروس وتمارين محلولة فيزياء وكيمياء أولى ثانوي
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالسبت أغسطس 08 2015, 17:33 من طرف mhamedseray

» شاهد كيف تحصل ببساطة على "إنترنت مجاني" من القمر الأصطناعي؟
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالثلاثاء مايو 19 2015, 19:40 من طرف ocean

» قرص رائع في الفيزياء للسنة الرابعة
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالأحد مارس 22 2015, 22:06 من طرف sbaa

ساعة 258
عدد مساهماتك: 105
الملف البيانات الشخصية تفضيلات التوقيع الصورة الشخصية البيانات الأصدقاء و المنبوذين المواضيع المراقبة معلومات المفضلة الورقة الشخصية المواضيع والرسائل الرسائل الخاصة أفضل المواضيع لهذا اليوم مُساهماتك استعراض المواضيع التي لم يتم الرد عليها استعرض المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لي
سحابة الكلمات الدلالية
متصفح سريع تحويل جهاز
عدد مساهماتك: 105
الملف البيانات الشخصية تفضيلات التوقيع الصورة الشخصية البيانات الأصدقاء و المنبوذين المواضيع المراقبة معلومات المفضلة الورقة الشخصية المواضيع والرسائل الرسائل الخاصة أفضل المواضيع لهذا اليوم مُساهماتك استعراض المواضيع التي لم يتم الرد عليها استعرض المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لي
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 105 وننتظر المزيد

المواضيع الأكثر نشاطاً
الدولة العباسية
اكلات مغربية شهية
قرص خاص بالتدريس عن طريق المقاربة بالكفاءات
موسوعة الطب لتعميم الفائدة
Informatique
موسوعة الطب لتعميم الفائدة2
للتعليم الجامعي بحوث مذكرات مواقع هامة جدا
هل تعلم ’?
كلمة مدير المنتدى
اسطوانات تعليمية من الابتدائي الى الثانوي - موقع مهم -
pirate
United Kingdom Pointer

 

 نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Empty
مُساهمةموضوع: نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية    نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Emptyالجمعة أكتوبر 08 2010, 17:47

أضــواء عـلـى التراث الحضاري المعماري الإسلامي فـي الــعــراق

د. اعتماد يوسف القصيري


نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية  Large


الفصل الأول

نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق

المبحث الثاني

نشأة المدن العباسية
بغداد عاصمة الخلافة العباسية

كان طبيعياً أن يرفض العباسيون بعد أن أقاموا الدولة العباسية الإبقاء على مدينة دمشق حاضرة الخلافة الأموية، حيث إن بلاد الشام كانت مقر بني أمية وبها عصبتهم من العنصر العربي الذي يناصرهم ويرفض انتقال الخلافة إلى غيرهم، لذا قرروا أن تكون حاضرة دولتهم في العراق، ولأسباب معروفة منها موقع العراق ودور أهل العراق في دعم الثورة العباسية، ثم الثقل الاقتصادي والسياسي والبشري الذي يتصف به العراق. لذا نزل مؤسس الدولة العباسية عبد الله محمد بن علي الملقب بالسفاح أول الأمر الكوفة سنة (132هـ/749م)(1). وفي الكوفة تمت البيعة له ثم ألقى خطبته المشهورة في مسجد الكوفة، وكان قد أدرك أنه من الصعب عليه البقاء بالكوفة لضعف ثقته بإخلاص أهلها للعباسيين، وذلك لحبهم للعلويين، لذا خشي أبو العباس أن يقيم بين الكوفيين، وسارع إلى الأنبار وبنى فيها مدينة أشار إليها اليعقوبي في كتابه البلدان بقوله : "تقع المدينة على بعد 10 فراسخ عن بغداد وأطلالها اليوم في شمال غربي مدينة الفلوجة على بعد 4 كم منها". فبنى مدينة على شاطئ الفرات سماها الهاشمية نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف(2)، وانتقل إليها سنة (134هـ/751م)، ولا نعرف شيئاً عن تخطيط المباني والعمائر التي شيدها الخليفة أبو العباس في الأنبار، كما نجهل طبيعة الطراز الذي اختاره لمبانيه، إذ لم تشر إليها المصادر التاريخية. إلا أنها تشير إلى أن أبا العباس بنى فيها قصوراً(3)، وأسس فيها مدينته، ولا ندري هل أقام مسجداً جديداً ؟، أم عمر المسجد الذي كان قد أقامه القائد سعد بن أبي وقاص في الأنبار ؟.
بقي أبو العباس في الأنبار منذ تأسيسها حتى وفاته بمرض الجدري(4)، ودفن بالأنبار، وقبره ظاهر يقع بين الفلوجة وبين ضفة نهر الفرات في قرية تعرف بالفياض. بعد وفاة السفاح بويع بالخلافة أبو جعفر المنصور، وكان يومئذ بمكة، وعندما استخلف المنصور بنى الهاشمية. وهاشمية المنصور تقع، استناداً إلى الطبري، قبالة مدينة أبي هبيرة بين الكوفة والحيرة، ولم يبق المنصور كثيراً بالهاشمية فقد كرهها بعد ثورة الراوندية(5)، والتي كان هدفها تقويض الحكم العباسي، لذا عزم المنصور على بناء عاصمة جديدة له تخلد اسمه وتتناسب مع عظمته وطموحه، لذا خرج بنفسه مع خاصته ليختار مكاناً يتخذه مسكناً لنفسه وجنده، ويكون موضع مدينته المدورة، على أن يكون هذا الموضع موضع خصب وخيرات يتوسط أقاليم دولته، ويشرف على أطرافها، ويتصل بسهولة بكل جزء من أجزائها، فاستقرت على موقع بغداد، فأصر أن يبدأ البناء فيه، ووضع أول لبنة، وقال : >بسم الله والحمد لله، والأرض يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين<.
ومن الطبيعي أن بواعث بناء المدن في الماضي أو الحاضر يختلف بعضها عن البعض الآخر، فمن المدن ما شيد لأغراض عسكرية مثل مدينتي البصرة والكوفة، أو لأهداف إدارية كبناء مدينة واسط.
أما بالنسبة لبغداد، فقد أراد المنصور أن يبني عاصمة للدولة العباسية، دولة الحضارة والسلام، فقرر بناء عاصمة جديدة تكون رمزاً للحضارة والسلام، وأراد أن يكون موقعها يضمن حصانة الدفاع عنها عسكرياً وصعوبة الوصول إليها عسكرياً، وسهولة الدخول إليها سلماً تفتح ذراعيها بحب الأمة القادمين، وتغلق أبوابها بوجه الغزاة الطامعين(6).
وأخيراً نستطيع القول إن بناء مدينة المنصور المدورة تعتبر أهم تجربة معمارية في القرن الثاني الهجري، وضعت خبرات المهندسين والفنانين والعمال العرب المسلمين، مع خبرة القيادة والتوجيه، والقدرة على التذوق والابتكار.
اختيار الموقع :
يقال إن المنصور كلف أهل العلم والمعرفة لاختيار الموضع المناسب ضمن مواصفات معينة إدارية واقتصادية واستراتيجية، ووقع اختيار الهيئة بعد أن طافت في القطر على موقع يتوسط العراق(7)
والمعروف عن المسلمين منذ فجر الإسلام، وحتى بناء بغداد، أنهم كانوا يتخيرون مواضع مدنهم ويتفحصون أمكنتها تفحصاً طوبوغرافياً، ووضعوا شروطاً وقواعد لبناء المدن وتخطيطها. وإذا ما دققنا في الموضع الذي اختاره المنصور تبين لنا أن المكان يمتاز بمزايا عديدة، وأن الله قد منحه مكاناً جعله ملائماً للدولة العباسية الجديدة، وهو موضع استراتيجي طيب، فضلاً عن وقوعه على طرق القوافل التجارية، كما أنه يتميز بمزايا صحية ملموسة. والواقع فقد كان الخليفة أبو جعفر المنصور منطقياً ودقيقاً في اختيار بغداد موضعاً لعاصمته الجديدة. إن هذه المنطقة هي أحسن منطقة لتشييد عاصمتة، إلى جانب ذلك كان الموقع من الأماكن المتميزة ،إذ كان شاخصاً بالآثار في الأماكن المحيطة ببغداد، نذكر منها المدائن وسلوقية وبابل وعكركوف، وسجل التاريخ لشعوبها حضارة قديمة، وكانت هذه المناطق قد جذبت إليها الناس، وسكن فيها البابليون والكاشيون والبارثيون والسلوقيون.
إلى جانب ذلك شهدت منطقة بغداد، وخصوصاً الأقسام الغربية والجنوبية منها، تتابع حضارات متعددة أسهمت جميعها في بناء وتوطيد مجد العراق القديم، وحينما جاء الإسلام شهدت هذه المدينة بعد حوالى قرن ونصف القرن من ميلادها، فجر الدولة العباسية، ثم شهدت بغداد الشرقية بقية مجد العباسيين. وظل اسم هذه المدينة يشير إلى تألق الحضارة العربية الإسلامية وانبعاث مجدها رغم ما كابدته من مصائب وويلات على أيدي المغتصبين.
لمـدينة بغـداد مكـانة مهـمة فـي تاريـخنا العـربي الحـضاري، إذ أن تأسـيسها يعـد أنـموذجاً متـطوراً للفـن والتخطيط العـمراني العـربي الإسلامي بعد تأسيس الأمصار الإسلامية (البصرة والكوفة والموصل والقيروان والفسطاط وغيرها من المدن).
وبغـداد "دار السـلام"، المـدينة الـمدورة، تقـع فـي الـجانب الغـربي مـن دجـلة إلـى الجـنوب مـن الـكاظـمية الحـالية فـي البقـعة المـمتدة بـين الكاظمية ومحلة الكـرخ، وتقوم محل السكك الحديدية الحالية في الشالجية قسم من بقاياها، وكان ينتشر في أطرافها قرى آهلة وديارات عامرة وتتخللها البساتين والرياض الزاهرة.
كانت بغداد قبل بنائها قرية قديمة تقع على الشاطئ الغربي لنهر دجلة في أعلى المكان الذي يقترب فيه نهر الفرات من نهر دجلة، وكان يعقد فيها سوق شهري أو سنوي يأتيه التجار من بلاد فارس واليمن والحجاز وبلاد الشام.
التسمية :
اجتهد المؤرخون والبلدانيون القدامى والمحدثون في أصل اسم بغداد وخرجوا بآراء عديدة ومتباينة، فمنهم من يعتقد أن أصل الاسم آرامي مؤلف من كلمتي (بـغ) المقتضبة من كلمة بيت (داد) بمعنى غنم. وهناك رأي آخر يرى أن الاسم استعمله الكشيون في النصف الثاني من الألف الثاني ق م، ومعناه عطية الصنم وعطية الإله. ويعتقد البعض الآخر أن كلمة باغ تعني كلمة بستان وداد اسم شخص فيكون بستان داد. ولكن هناك دلائل موثقة أوردتها النصوص المسمارية تشير إلى أن اسم بغداد ورد بصيغتين هي بكداد ــ بكدادا، كما وصلت إلينا وثيقة تاريخية ترجع إلى عهد حمورابي ورد فيها اسم بغداد، ونصوص أخرى من فترات متعاقبة من العهدالكشى ورد اسم بغداد فى حجر حدود.
كما تبين لنا أن مدينة بغداد الحالية كانت إقليماً أيضاً كان يعرف بمثل هذا الاسم حينذاك، فالاسم الحالي انحدر إلينا من الاسم القديم. وفي ضوء ما تقدم، فإن بغداد اسم قديم في التراث اللغوي القديم لوادي الرافدين، وقد يرجع أيضاً إلى الفترة التي سبقت التحرير الإسلامي للعراق، وعلى الدنانير التي ضربت بمدينة السلام، ورد هذا الاسم على دينار ضرب في عهد الواثق (232-227هـ) والمهدي والمقتفي والمستنجد والمستضيئ والناصر والظاهر بأمر الله، بالإضافة إلى الاسمين السابقين للمدينة المدورة، بغداد، مدينة السلام، وتسمية دار السلام.
وأخيراً لابد من القول إن اسم بغداد اقترن بأضخم حضارة شهدها العالم في القرون الوسطى، وإذا كنا نفتخر بأن اسم بغداد قد اقترن بأضخم حضارة شهدها العالم في القرون الوسطى، فلا يهمنا بعد ذلك قول الباحثين حول التسمية، لأن ما يهمنا فعلاً الحضارة التي نشأت ونمت على ثرى الأرض الخيرة على أيدي شعبها الذي خط صفحات التاريخ العربي الإسلامي.
اختلف المؤرخون في اشتقاق هذا الاسم، فبعضهم ينسبون المدينة إلى نهر دجلة المدعو نهر السلام، إلا أن المنصور سماها دار السلام تفاؤلاً بما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى : { لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون }(Cool.
أما عامة الناس والمؤرخون فإنهم ظلوا يدعون المدينة بغداد. ويبدو إن اسم مدينة السلام أطلق على مدينة المنصور المدورة التي كانت تشبه حصناً منيعاً، فتسمية بغداد مدينة السلام كان من باب إطلاق اسم الجزء على الكل والرجوع إلى اسم مدينة السلام، وهو الرجوع إلى الأصل وإلى الاسم الأقدم، وهو أخف في الاستعمال من مدينة السلام. وأطلق عليها اسم الزوراء، وذلك لازورار نهر دجلة وانعطافه نحو الغرب عند موضع بغداد، وهو الذي أرجحه لهذه التسمية.
بناء مدينة بغداد :
بدأ المنصور في تخطيط هذه المدينة سنة (145هـ/762م)، وانتهى العمل من البناء سنة (149هـ/766م)، وقد استغرق بناء المدينة المدورة ما بين (145هـ/149هـ)، حيث أصبحت جاهزة للعمل بعد أن أنفق عليها المنصور أربعة ملايين وثمانمائة وثلاثاً وثلاثين ألف درهم(9). وذكر اليعقوبي أنه قد اشترك في تخطيط المدينة خمسة من المهندسين هم : عبد الله بن محرز، والحجاج بن أرطأة، وعمران بن الرواح وشهاب بن كثير، وبشير بن ميمون. وأشار البلاذري أن الأخير قد عهد إليه بناء الطاقات عند باب الشام. وقد اشترك أربعة من المشرفين على البناء نذكر منهم : الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت مؤسس المذهب الحنفي في بغداد.
ويذكر المؤرخون أن المنصور استعان بعمال وفنانين ومهندسين جيء بهم من الشام والموصل والجبل والكوفة وواسط والبصرة(10)، وهذا يؤكد لنا أن الذين أشرفوا على بناء المدينة المدورة كانوا من العرب المسلمين الذين عاشوا في المدن الإسلامية.
ولابـد مـن الإشـارة إلـى أن فـكرة التخـطيط الـدائـري للـمدن قـد عرف في الفـترة التي سـبقت الإسـلام فـي مـديـنة مـأرب فـي اليـمن والحـضر فـي العـراق، وبـعد الإسـلام فـي مـدينة الكـوفة. وجـاء في كـتاب البـلدان بأن الكـوفة سميت كذلك لاسـتدارة بـنائها، وقـال ياقـوت أيـضاً : "والـكوفان الاستـدارة"(11). ثـم تكـامل هـذا التخـطيط لـدى الـعرب بـعد أن تـمرسوا فـي مجـال البنـاء والتعـمير، فنـضجت ملـكاتهم الفنـية والعمارية، ونفذت هذه الملكات في بناء مدينة بغداد، فجاءت مدينة فريدة، اعتبر تخطيطها المستدير أنموذجاً رائعاً في جمال تخطيط المدن التي عرفت في التاريخ. وتؤكد معظم المصادر والمراجع التاريخية أن فكرة تخطيط المدينة مبتكر من خيال الخليفة المنصور(12)، إذ أشار الخطيب في كتابه إلى أن المنصور عندما عزم على بناء مدينته أحضر اثنين من المهندسين هما : الحجاج بن ارطأة وأبو حنيفة، ومثل لهم صفة المدينة التي في نفسه ؛ أي أن المنصور أملاها بنفسه ووفق رغبته على المهندسين والبنائين. وليس في المصادر والمراجع التاريخية إشارة إلى اقتباس التخطيط الدائري من معسكر أو حصن أو مدينة سابقة، ومنهم من يقول إن المهندس الحجاج ابن ارطأة هو الذي قام بتصميم المدينة الجديدة، وهذا الرأي أقرب إلى الصحة، فتخطيط المدينة يكشف على أن العقلية التي وضعته هي عقلية هندسية ذات إلمام واسع بعلوم تخطيط المدن وهندستها.
وربما جاء تأثر تصميم مدينة المنصور بمدينة واسط، فالتشابه واضح في موقع القصر والجامع، وتقسيم المدينة إلى أربعة أرباع، ومكان الأسواق منها وتحصيناتها، إذ كان لمدينة واسط كما قلنا سابقاً سوران وخندق، ولمدينة السلام ثلاثة أسوار وخندق، إضافة إلى استخدام أبواب سور واسط الحديدية لمداخل مدينة أبى جعفر المنصور. هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن الخليفة أبا جعفر مكث في واسط حيناً من الزمن واستعان بصناعها من مهندسين وبنائين وفعلة عندما بنى مدينة السلام. ويذهب د. عيسى سليمان إلى أبعد من ذلك (التشابه في التخطيط)، إلى تسمية قصره في مدينة السلام بقصر القبة الخضراء كما كان يدعى قصر الحجاج في واسط، كما تتطابق مدينة السلام مع واسط في قياسات وموضع القصر والجامع.
وأخيراً، إن تخطيط بغداد هو عبارة عن الاستمرار لتخطيط واسط، وطور في مجالات معينة ليتناسب مع أهمية المدينة التي أريد لها أن تكون عاصمة العالم الإسلامي، كما ظهر تأثير تخطيط مدينة المنصور في بناء مدينة هبرة بشمال أفريقيا(13).
إن اختيار المنصور لمدينته شكلاً مدوراً يتصف بتنظيم هندسي دقيق، يعد بحق أعلى ما بلغه فن تخطيط المدن من نضج هندسي وتناسق، غير أن هذا الإبداع حمل البــاحثين لتخطيط المدن من المستشرقين إلى إثارة بعض التساؤلات حول المصدر الذي اقتبس منه، لكن الحقائق العمارية والتخطيطية القديمة تؤكد لنا بأن البناء عربي أصيل.
لم تكن مدينة السلام واسعة المساحة، بل كانت عبارة عن مركز إداري ضخم ضم مجموعة من البشر. وإذا ما اعتبرنا أن طول قطر مدينة السلام لا يزيد عن كيلو متر ونصف، فهذا يعني أنها ليست كبيرة، وقد يظن الإنسان لأول وهلة أن مدينة المنصور هذه هي من المدن الفسيحة الكبيرة، والحقيقة أنها لم تكن إلا حصناً عظيماً تتألف استحكاماتها من خندق عميق أجري فيه الماء من نهر (كرخايا) يدور حولها، وتقوم على جانبيه مسناة محكمة بنيت بالآجر والصاروج، ترتفع عالياً يلاصقها سور المدينة الأول. وأقيم لها فى أول الأمر سوران، ثم قام حول مركز المدينة سور ثالث داخلاً فتألف من مجموع الأسوار الثلاثة دوائر ذات مركز واحد هو جامعه وقصره المعروف بقصر الذهب.
وقد هيأ المنصور في هذه المدينة جميع وسائل الدفاع وكل الاستعداد للسلم والحرب، لذلك ترك المواضع بين السورين العظيمين والمحيطة بالمدينة خالية من البناء ليتمكن الجيش من التحرك أثناء الحرب والهجوم على المدينة. وكان عرض هذا الفاصل (100 ذراع)، وكان في السور أبراج عظيمة عليها شرفات، وعرض أساس هذا السور (9 أذرع) وارتفاعه (60 ذراعاً). إن مشروعاً كمشروع المنصور هذا لابد أن يكون قد وضع له مجسم، إذ أن نموذج تخطيط المدينة قد تم في الموضع الذي شيدت فيه المدينة وبنفس المساحة والأبعاد. فقد روى الطبري أن المنصور لما عزم على بنائها أحب أن ينظر إليها عياناً، فأصر أن يخط بالرماد، ثم أخذ يدخل من كل باب ويمر فى فصلائها وطاقاتها ورحابها، وهي مخطوطة بالرماد، ولم يكتف بذلك، وإنما أمر أن يجعل على تلك الخطوط حب القطن ويصب(14).
من هذا النص نستطيع القول إن للخليفة العباسي أبي جعفر المنصور نظرة خاصة وصائبة في ميدان العمارة، ومعرفة بالنواحي الهندسية والمعمارية، وهذه المعرفة امتزجت مع آراء هندسية ومعمارية، فكان نتاج هذا الالتقاء ثمرة يانعة في عالم العمارة يفتخر بها المسلمون فيما يفتخرون به من مفاخر تراثهم المعماري الحضاري.
وبعـد أن شـاهد المنـصور مخـطط مدينـته عـلى الأرض، أمـر أن تحـفـر الأســـس وفـقاً لتـلك المخـططات ووضـع أول لبـنة بـيده، وقـال : "بـسم الـله والحـمد للـه والأرض يـورثها مـن يشـاء مـن عـباده والعاقبة للمتقين"، ثم قال : ابنوا على بركة الله.
التخطيط العام للمدينة :
اختط المنصور مدينته وجعلها مدورة، وقد اشتملت هذه المدينة على بعض العناصر العمارية المهمة، والتي تكاد أن تكون بمثابة الأمثلة العمارية الفريدة في العمارة والفن والتخطيط. ومن روايات المؤرخين يظهر لنا أن مدينة بغداد الغربية كانت دائرية الشكل، أي دائرة هندسية منتظمة، وهذا ما يؤكده لنا(15) أن قطر مدينة بغداد المدورة من باب خراسان إلى باب الكوفة (ألفا ذراع ومائتا ذراع) ومن باب البصرة إلى باب الشام (ألفا ذراع ومائتا ذراع)، وأن أبعاد أبوابها الأربعة متساوية. وكيفما كانت الحال، فإن أبرز ما يميز مدينة السلام هو شكلها المدور (شكل رقم 7)، فقد أتقن فى تصميم مدينة بغداد وتدويرها، وجعلها بهيئة حلقات متتابعة تصغر كلما اقتربت من المركز، حيث شغل قصر الخليفة النقطة المركزية المحورية فيه. والميزة الثانية لهذه المدينة هي تحصينها القوي جداً، والذي يتألف من خندق وثلاثة أسوار، والميزة الثالثة هي ترتيب الأسواق على جانبي الشوارع الأربعة الرئيسة التي تربط قلب المدينة بجسور الخندق الأربعة، والتي يؤدي كل منها إلى أحد المداخل الأربعة في سور المدينة الخارجي، وأخيراً جعل خطط الناس بين السور الأعظم والسور الفاصل بينها، وبين القسم المركزي في المدينة، والذي دعي بالرحبة العظمى. كما تتصف المدينة بعدم وجود الحدائق والأسواق، فالداخل إلى المدينة يجب أن يعبر إحدى القناطر الأربعة المشيدة على الخندق العميق الذي يطوق المدينة ويغذى بالماء من نهر كرخايا، وتدعم الخندق هذا مسناة مشيدة بالآجر والنورة، أما أسوارها فهى ضخمة ومتينة وأسواقها معزولة وخطط الناس فيها محصورة، إذ قسمت المدينة إلى شوارع سماها السكك، يسكنها من اختارهم من الموظفين والموالين لهم، سكة الشرطة وسكة السجن المعروف بـ (المطبق). وكان لهذه السكك أبواب وثيقة من طرفيها، وحفر في المدينة نفقاً يمتد تحت الأرض إلى مسافة فرسخين خارج المدينة أعد للهرب إن حاصره عدوه ودخل عليه في مدينته الحصينة(16).
وكان في الرحبة الوسطى من المدينة قصر المنصور (القبة الخضراء)، ومساحة جامعها نصف مساحة قصرها، يلاصق القصر الجامع في جدار القبلة، ويحيط بالقصر والجامع دواوين الدولة داخل فناء واسع. ومن هذه المباني دار تقع من جهة باب الشام يجلس فيها صاحب الشرطة وصاحب الحرس، وكان حول الرحبة منزل في خط دائري هي منازل أولاد المنصور والمقربين من خدمه، وبيت المال، وخزائن السلاح، ودواوين الدولة، وديوان الرسائل، وديوان الخراج، وديوان الخاتم، وديوان الجند، ودواوين الحوائج، ودواوين النفقات، ودواوين الصدقات(17).
يفصلها عن السور الداخلي فناء واسع، يحيط بهذا الفناء الأسوار الثلاثة، السور الداخلي والسور الأعظم ثم السور الخارجي، وجعلت خطط الناس بين السور الأعظم والسور الداخلي، ووضعت الخطط بهيئة هندسية متقنة حيث تخترقها شوارع مستقيمة تؤدي من جهة إلى السور الداخلي، ومن جهة أخرى إلى السور الأعظم، أما الفراغ بين السور الخارجي والسور الأعظم فهو خال من السكن. وزيادة في تحصين المدينة يطل السور الخارجي على خندق المدينة الذي يمكن اجتيازه عن طريق أربعة جسور (قناطر) كل منها يؤدي إلى أحد أبواب المدينة، وأفردت جوانب هذه الشوارع بمنطقة الطاقات بحوانيت التجار.
إن الشكل الدائري الذي اختاره المنصور لمدينته يعتبر من أفضل ما بلغه تخطيط المدن في العالم، إذ ليس المقصود هو الشكل الدائري بقدر ما يعني شكل حلقات متتالية تتوسع بالابتعاد عن المركز، إضافة إلى أن الحصون الدفاعية القائمة على السور المحيط بالشكل لا تسمح بوجود أية زاوية زوراء يمكن التظلل بها أو النفاذ من خلالها، حيث لا توجد منطقة لا تقع عليها أنظار أفراد الحرس الموزعين في حصونهم.
لقد جاءت المدينة باستعمالات مترامية هرمية من أي جهة كانت، وبأداء معماري مخطط له، وهي كما يلي : موقع الخلافة، المسجد الجامع، الخدمات التجارية، المحلات العامة، موقع الوزراء و القادة والأمراء، موقع السكن العام لعموم سكان المدينة، مواقع الأسوار والأبواب والحصون والخنادق. هذا التنسيق في البناء يعكس تحديدات وظيفية تجعل سكان المدينة في ظروف حياتية ملائمة جداً لمتطلبات الوقت والجهد والإمكانيات التي يحتاجها الفرد.
المساحة والقياسات :
اختلف المؤرخون في تحديد مساحة المدينة المدورة وأبعادها، فالتفاوت الكبير بين الروايات يجعل التحقيق في بنائها أمراً عسيراً، فقد أشار اليعقوبي إلى أن كل باب من المدينة يبعد عن الباب الذي يليه من خارج الخندق بخمسة آلاف ذراع، فعلى هذا الأساس يكون محيط المدينة المدورة عشرة كيلومترات، أما طول قطر المدينة فهو (3151.5 متراً)، أما مساحتها بموجب هذا القياس، فتكون حوالى (705كم2). وأشار الأزدي في كتابه مختصر مناقب بغداد إلى أن المهندس الذي تولى إنشاء سور المدينة أعطى لنا قياسات تختلف عما أشار إليها اليعقوبي، قال : >من كل باب من أبواب المدينة إلى الباب الآخر ميل<. وكان طول محيط المدينة (7893م) وطول قطر المدينة (2512م)، فالمساحة الكلية للمدينة المدورة تكون (4956756م2). وهذه القياسات والأبعاد اعتمد عليها عالما العمارة الإسلامية كريزويل وهزر فيلد واتخذاها أساساً لوضع تخطيط المدينة المدورة، في حين أعطى لنا كل من الخطيب البغدادي وابن الجوزي وياقوت الحموي قياسات مختلفة عن التي ذكرناها، وهذا يجعلنا لا نستطيع أن نصل إلى حقيقة مساحة الأبعاد إلا عن طريق الحفريات الأثرية. إلا أن هناك عقبات تحول دون تنفيذ هذه الحفريات كزوال معالم السور من جهة والزحف السكاني إلى المنطقة وقيام المنشآت والمؤسسات والمباني الأخرى عليها من جهة أخرى مما يجعل من الصعوبة القيام بالتنقيب على أسس هذه المدينة.
قصر المنصور :
سـمي القـصر الـواقـع فـي وسـط المدينة المدورة بـ (قصر باب الذهب)، وكان فـي صـدر هـذا القـصر إيـوان فـي صـدره مجـلس قيـاسه (20x20 ذراع)، وارتفاعه (20 ذراعاً)، تغطـيه قـبة، وعـلى رأسـها تمـثال فـرس عـليها فـارس، وفـي يـده رمـح يتـجه حـيث تتـجه الريـح، وكـانت قـبة المجـلس الخـضراء تشـاهد مـن أطـراف بـغداد. سقـط الجـزء العلـوي منها عام (339هـ/950م) على أثر مطر غزير ورعد هـائل وبـرق، ثـم انهـارت وسـقطـت كلـياً عام (653هـ/1255م)(18) بسـبب الفيـضان الـذي أغـرق الـمدينة. وكـان القـصر مـربع الـشكل مـثل قـصر الحـجاج فـي واسط طـول ضـلعه (200م)، ومعلـوماتنا عـن تخطيـطه غـير معـروفة عـدا إشـارة واحـدة إلـى غـرفة نـوم الخلـيفة الـتي تـطل عـلى رواق، ويقوم سقفها على أعمدة ويشرف علـى الصـحن. ومن المـعروف أن هذا القصر لم يسـكنه أحـد مـن الخـلفاء بعـد أبـي جـعفر المنـصور، إلا الخليـفة عندما بويع بالخلافة، وكان قبل ذلك يسكن قصر الخلد الذي أنشئ خارج أسوار مدينة بغداد عام (157هـ/774م) بأمر من أبي جعفر المنصور.
المسجد الجامع :
بنى المنصور المسجد في قلب المدينة وجعله ملاصقاً للضلع الجنوبي من القصر. وقد أجمعت المصادر التاريخية على أنه بني باللبن والطين على شكل مربع طول ضلعه (مائتا ذراع)، وكان عدد الأعمدة فيه (80) عموداً. ويرجح أنه كان على غرارتخطيط مسجد الرسول"ص" يتكون من رواق القبلة والمصلى ومجنبتين ومؤخرة. جعلت الأروقة أساطين من الخشب كانت كل أسطوانة فيها مكونة من قطعتين ثبتت بالغراء ومنابت الحديد. وقد بنيت في المسجد مقصورة ليصلي فيها المنصور. وكانت لهذا المسجد منارة على مقربة من المصلى وله محراب يتوسط جدار القبلة. ويبدو أن القبلة كانت منحرفة قليلاً عن الكعبة، لأن بناء المسجد المتصل بالقصر جاء لاحقاً للقصر الذي كان غير مستقيم على القبلة. لم يبق الجامع على حالته الأولى، فقد طرأت عليه عدة تغييرات على عهد الخليفة هارون الرشيد سنة (192هـ/808م) الذي أمر بهدمه وتوسيعه وإعادة بنائه بالآجر والجص، كما تم توسيعه سنة (260هـ/874م) بإضافة دار القطان له. إلا إن أهم زيادة حدثت كانت سنة (280هـ/893م) في زمن الخليفة المعتضد الذي أضاف اليه جزءاً من قصر المنصور ووصله به وفتح بين القصر والجامع في الجدار العتيق سبع عشرة طاقة، منها إلى الصحن ثلاث عشرة وإلى الأروقة أربعاً، وحوَّل المنبر والمقصورة إلى المسجد الجديد، وصار هذا القسم يعرف بالصحن الأول لتمييزه عن الصحن العتيق.
ومـن رسـوم هرسـفيلد للجـامع يبـدو أن بـيت الصـلاة كـان يحـتوي علـى ســبع عشـرة بـلاطة وكـانـت الأروقــة الجـانـبية تتألف مـن رواقـين، أما عدد أساكيب المـصلى فكانت خمسة.
ظـل الجـامع مـستخدماً للـصلاة خلال العصرين العباسي الأول والثاني، وحتـى بعــد ســقـوط الـدولــة العـبـاسـية سنــة (656هـ/1258م)، حيــث زاره ابـن بـطوطــة سـنة (727هـ/1326م)، ثم قـال عـنه إن معـالمه انـدثرت في نهاية القرن الثامن، ولم يـبق منـه أثـر سـوى مـحراب من الـرخام الجميل المعروف بمحراب الخاصكي وضعه الخليفة هارون الرشيد للجامع، وحالياً هذا المحراب معروض في المتحف العراقي.
الأسوار و الأبواب
كما قلنا سابقاً تطوق القصر والجامع أبنية وقصور شغلتها دواوين الحكومة، وبفضل هذه المجموعة من عمارات السور الداخلي المشيد باللبن والطين، يظهر أن هذا السور لم يكن ضخماً مرتفعاً مثل السور الأعظم(19).
أما دور أهل المدينة فكانت بين السورين، الأعظم والداخلي في فناء واسع بعرض (150م).
وتخطيط هذا الجزء هندسي متقن، وكانت الخطط مفصلة بشوارع مستقيمة تؤدي إلى طريق يوصل إلى السور الداخلي ويتصل بقلب المدينة عن طريق أربع بوابات هي امتداد للأبواب الرئيسية الأربعة التي تقع على الشوارع الأربعة التي تقسم المدينة إلى أربعة أرباع. وقد سقفت الشوارع الأربعة وجعلت بهيئة دهاليز مشغولة بطاقات أو حنايا خصصت للباعة والأسواق.
إن أضخم أسوار مدينة السلام هو السور الأعظم، وكان ارتفاعه بحدود 30 متراً، مشيداً باللبن والطين. وزيادة في قوة هذا السور فقد دعم بأبراج نصف أسطوانية عددها (113) برجاً، ويخترق هذا السور أربعة مداخل رئيسية محورية مزورة الهدف منها زيادة القوة الدفاعية لها.
وهذه المداخل هي باب خراسان، ويقع في الجهة الشمالية الشرقية، ثم باب الشام، ويقع في الجهة الشمالية الغربية، وباب البصرة في الجهة الجنوبية الشرقية، ويفضي إلى الرياض والحقول الممتدة على ضفة دجلة، وأخيراً باب الكوفة الذي يقع في الجهة الجنوبية الغربية، ويخرج منه طريق الحج المار جنوباً.
ويفصل السور الأعظم عن السور الخارجي مسافة بعرض (50 متراً) خالية من السكن. والسور الخارجي يطل على الخندق تفصله عنه مسناة متينة مشيدة بالآجر والنورة. ومما لاشك فيه أن السور الخارجي لم يكن مثل فخامة وارتفاع السور الأعظم.
ويحيط بهذا السور خندق، وهذا الخندق يمثل آخر الحلقات في الخطوط الدفاعية للمدينة. وكان يأخذ ماءه من نهركرخايا ويمكن اجتيازه عن طريق أربعة قناطر تؤدي إلى البوابات الأربع الحديدية التي نقلت من مدينة واسط.
والمعروف أيضاً أن أبا جعفر المنصور استعان بعدد كبير من الصناع المهرة والمهندسين من كافة أقاليم الدولة العباسية، ويقال إن عددهم قد بلغ مائة ألف عامل وأوكل الإشراف عليهم للفقيه النعمان بن ثابت (أبو حنيفة).
وقد استغرق البناء في مدينة بغداد حوالي خمس سنوات، تم في البداية إكمال القصر والمسجد، وقصور الأمراء، ودواوين الدولة، ثم الأسوار والخندق.
ارتفـعت مـكانة مـدينة السـلام بسـرعة وعـلت شهـرتها، ونالت إعجاب من زارهـا، ولـكنها لم تـعمر طـويلاً، أو تتـوسع بالطريقة التي توسعت بها الكوفة والبـصرة وواسـط. ولاشـك أن التـخطيط الدائري المحدد المساحة لا يمكن أن تكون فـيه المـرونة الكافية للتوسع والنمو بعد سنوات من تأسيس مدينة بغداد. وهذا ما دفـع النـاس إلـى الإنشـاء والتعـمير خـارج السـور، فـقامت حـارة الكـرخ عبـر باب الكـوفة، فاقتـطع المـنصور فـي هـذا الجانب الأراضى لقواد الجيش وأرباب الحظوة، فنمت الكرخ وما حولها بسرعة حتى فاقت المدينة المدورة أهمية وسعة، وأصبحت قلب بغداد التجاري، كما أصبحت محلات أخرى تدعى الحربية، وكذلك محلة العتابة التي كانت تنسج فيها ثياب الحرير، ومحلة الرملة التي تعرف بخضر إلياس، وهي محلة اليهود في أيام العباسيين، وسكن النصارى بدار الروم في شمال شرقي بغداد، ودرب دينار بسوق الثلاثاء وراء محلة الحربية حيث تقع مقابر قرشي بجوارها (محلة باب التبن)، وعندها يقع مشهد الإمام موسى بن جعفر حيث قامت حوله بلدة الكاظمية، وخارج باب البصرة أقيمت محلة البصرة، وتتاخمها المحلة الشرقية.
في غضون القرون الخمسة التي عاشت فيها الخلافة العباسية تغيرت خطط بغداد تغيراً كبيراً، لاتساع المدينة من جهة، وخراب بعض أقسامها من جهة أخرى نتيجة الحروب الداخلية التي نشبت بين الأمين والمأمون بعد وفاة الرشيد، وقل شأن المدينة المدورة وتراجعت مكانتها عندما نقل الخليفة العباسي المعتصم بن هارون الرشيد مقام الخلافة في سنة (221هـ/836م) إلى سامراء، وأقام في هذه العاصمة الجديدة سبعة من الخلفاء بعده. ومما زاد في سرعة هجرانها وتهديمها، الفيضانات التي عرفها كل من دجلة والفرات. وكان لطبيعة المواد الإنشائية التي بنيت بها الأسوار ودور الناس، أي مادة اللبن والطين، أثر في سرعة التخريب والاندثار. هذه العوامل مجتمعة أدت إلى عدم بقاء المدينة كما أراد لها الخليفة أن تكون.
وقد أثار تخطيط وبناء مدينة السلام إعجاب المؤرخين، والجغرافين، وكتاب السير والخطط، فوصفت بأنها فريدة في شكلها، وروعة ودقة تخطيطها.
الرصافة ـ الجانب الشرقي من بغداد :
امتد عمران بغداد إلى الجانب الشرقي فعرف بمعسكر المهدي، إذ سمح المنصور لابنه أن يعسكر فيه وأن ينتقل إليها بجنده ويبني له قصراً، فبدأ البناء سنة (143هـ/760م) وسمي قصر الرصافة، وسميت المحلة الجديدة بمعسكر المهدي ثم دعيت بالرصافة. ويرى بعض المؤرخين أن المهدي بدأ البناء سنة (151هـ/768م)، وهي السنة التي عاد فيها مع جيشه من الري(20)، وسميت مدينته هذه بالرصافة. والرصافة كانت تطلق على المواضع التي توجد فيها طرق مرتفعة. وأول بناء شيد في الرصافة هو جامع الرصافة الكبير وبجواره القصر، وكان أوسع من جامع مدينة المنصور وأجمل منه، ثم أقام المهدي الدور والقطائع حوله. أما أهم هذه القطائع المحيطة بالرصافة، فهي ترب الخلفاء التي دفن فيها الخلفاء العباسيون المتأخرون، ثم قبر الإمام أبي حنيفة الذي صار مركز المحلة التى أطلق عليها فيما بعد اسم محلة أبي حنيفة (الأعظمية حالياً)، ومقبرة الخيزران، ثم محلة باب الطاق، ومحلة الخضرية، ومحلة الشماسية، ودير الروم، وقطائع البرامكة، ومحلة المخزم، ومحلة سوق الثلاثاء، ومحلة سوق الروم وغيرها.
[وكان الجانب الشرقي من بغداد ينقسم إدارياً إلى قسمين : القسم الشمالي، ويعرف باسم طسوج نهر بوق، والقسم الجنوبي، وكان يعرف باسم طسوج كلواذا. وقد اتصلت الرصافة بالجانب الغربي بجسر أقيم عند باب الشعير، وسمي هذا الجسر باسم الجسر الكبير، وجسر الرصافة ويعتبر أول جسر أقيم بعد إنشاء مدينة بغداد. وقسمت ثكنات الجيش فيها إلى ثلاثة أقسام، قسمان لعرب اليمن ومصر، والقسم الثالث لأهل خراسان، وكان هناك طريق يبدأ بباب خراسان ويؤدي إلى الرصافة، ويمر فوق الجسر. واقتطع المهدي لضباطه والمقربين له مساحات لبناء بيوت لهم، فامتد العمران فيها، فأصبحت مدينة الرصافة بعد مدينة المنصور من حيث المساحة (شكل رقم Cool.
وأخذت الرصافة تتسع وتزدهر الحياة فيها، وتم نقل دواوين الدولة إليها، وسكنها معظم الخلفاء الذين خلفوا المهدي، واتسعت أكثر عندما عاد الخلفاء إلى مدينة بغداد بعد أن هجرت سامراء سنة (279هـ/892م)، وتركز السكن فيها، ولكن دون أن يهمل الجانب الغربي. واشتهرت الرصافة بقصورها ومساجدها ودور العلم فيها، بالإضافة إلى دور الخلفاء. وعرف من قصورها القصر الجعفري، والتاج والفردوس، ودار الشجرة. ويذكر المؤرخون أن المأمون لما عاد إلى بغداد بعد انتصاره على أخيه الأمين، اختار السكن في قصر الرصافة، وترك قصره الأول لزوجته وأولاده، وظل مقيماً فيه إلى أن بنى منزله على شاطئ دجلة عند قصره الأول في بستان موسى
تم تشييد سور الرصافة، ودعم بالأبراج، وأحيط بخندق عميق زيادة في تحصين المدينة، وكان هذا سنة (251هـ/865م) عندما فر من سامراء مع الجند الأتراك الثائرين عليه واحتمى ببغداد، وأنشأ سورين حول المدينة للدفاع عنها، الأول يحيط بالجانب الشرقي، ويضم بداخله المحطات الثلاث الشماسية والرصافة والمخزم، والسور الثاني يحيط ببغداد الغربية، وكان يضم بداخله المحلات المهمة حول مدينة المنصور. ثم توسعت المدينة خارج أسوار المستعين، واتخذ الخلفاء مدينة بغداد الشرقية (الرصافة) هذه المرة عاصمة لهم بدلاً من بغداد المدورة حتى نهاية حكم الخلافة العباسية سنة (656هـ/1258م). واتخذوا من القصر المعروف الحسنى فيها دار خلافة لهم، بعد أن أضافوا إليه، ووسعوه، وأحاطوه بسور يميزه عن غيره من القصور المحيطة به، ودور الرعية والأسواق، والتي صارت تسمى حريم دار الخلافة، ويحيط بها جميعاً سور نصف دائري تقريباً تخترقه سبعة أبواب، وترجح معظم المصادر بداية بنائه إلى عهد المعتضد (289-279هـ/901-892م) وأتمه من جاء بعده.
واستمرت عملية البناء والتوسع في هذا الجانب من مدينة بغداد فى عصور لاحقة بعد عودة مركز الخلافة من مدينة سامراء إلى مدينة بغداد، وهذا ما سنذكره في الصفحات القادمة.
مدينة سامراء الأثرية
ليس في العراق الغني بآثاره الفريدة ما يثير في النفس من إعجاب واندهاش وألم كتلك التي تثيرها أطلال مدينة سامراء، تلك المدينة التي تمتد مسافة تقارب (34كم) على شاطئ دجلة (شكل رقم 9)، حيث تقع ثمانية منها جنوب المدينة الحالية و(26كم) شمالها، وعرضها يتراوح بين كيلومترين والأربعة كيلومترات(21). ومدينة على مثل هذا الاتساع لابد أن تثير اهتمام الكتاب والمؤرخين، فهي حملت القزويني على أن يقول : >أنها أعظم بلاد الله بناء وأهلاً، وأنها لم يكن في الأرض أحسن ولا أجمل ولا أوسع ملكاً منها<(22).
ولمدينة سامراء أهمية أثرية وتاريخية، حيث أظهرت التنقيبات أن موضع سامراء قد استوطنه العراقيون القدماء منذ عصور ما قبل التاريخ، منها تل الصوان الواقع على بعد (10كم) جنوب سامراء، حضارته ترجع إلى الألف السادس قبل الميلاد. وقد كان لسكان هذا الموقع نصيب من الحضارة تمتد إلى عصور سحيقة في التاريخ، وهذا يدل على أن الموقع الذي شيدت فيه العاصمة العباسية الثانية كان معروفاً في العصور التي سبقت العصر العباسي.
لقد كانت سامراء متنزهاً للمناذرة ولبني العباس، وموضع أنس ينتابه كبار رجال الدولة المجاورة. ومن المشاريع المعمارية التي نفذت في هذه المدينة قبل عهد المعتصم مشروع الرشيد(23) . قد أشار المؤرخون إلى هذا المشروع أثناء حـديثــهم عن اختـيار المعتصم لمنطقة سامراء عاصمة له، منهم البلاذري الذي قال : "ونزلها أمير المؤمنين المعتصم ثم شخص عنها إلى القاطول، فنزل قصر الرشيد كان ابتناه حين حفر قاطوله الذي دعاه أبا الجند"(24). ويبدو أن الرشيد لم يشيد قصره فحسب في القاطول، وإنما كان غرضه بناء مدينة في هذا الموضع، وهذا واضح من رواية الطبري حيث أشار إلى رواية منسوبة إلى مسرور الذي قال : >سألني المعتصم أين كان الرشيد يتنزه إذا ضجر من المقام ببغداد، قال : قلت له : بالقاطول (نهر القائم حالياً)، وقد كان قد بنى هناك مدينة آثارها وأسوارها لا تزال قائمة<(25). إلا أن هذه لم تتم، إذ أن الرشيد قد ترك العمل بها وتوجه إلى الرقة ليدير فيها إخماد ثورة أهل الشام، وبقيت مدينة الرشيد (القاطول) دون أن تستكمل. ويفهم من رواية ياقوت الحموي أن قصر الرشيد كان على مقربة من أثر قديم (حصن القادسية)، واستناداً إلى الدكتور سوسة الذي قام بدراسة مدينة سامراء الأثرية جغرافياً، يرجح أن يكون موقع مدينة الرشيد في المكان المعروف (المشرحات) الذي يقع شمال شرقي سور القادسية على الضفة اليسرى لمجرى القائم لنهر أبي الجند وعلى بعد 6 كم منه. بقي قصر الرشيد قائماً عامراً في زمن المعتصم، إذ أضاف إليه بعض المباني عندما رغب السكن فيه، ثم منحه بعد ذلك إلى أشناس، وقد بقي قصر الرشيد على حاله إلى أن جاء الخليفة المتوكل الذي أمر بنقض القصر وبنى قصراً جديداً مكانه، وأنشأ أمام القصر البركة الجعفرية المشهورة(26).
واصلت مدينة سامراء نموها الحضاري حتى بلغت في العصر العباسي أوج الازدهار، وامتد بها العمران مما جعلها حاضرة العالم الإسلامي، وذلك في عهد الخليفة المعتصم ثامن خلفاء بني العباس الذي أسس فيها مدينته الجديدة، وجعلها مقر قيادته العسكرية، ونقل إليها مركز الخلافة عام (221هـ/835م).
حـكم فـي سـامراء ثـمانية خـلفاء مـنهم المعـتصم، الـواثق، المتوكل، المنتـصر، المستـعين، المعتز، المهتدي، المعتمد. وآخر من أقام في سامراء ثم هجرها هو المعتمد، قيل إنه غادرها قبيل وفاته بستة أشهر، فتولى الخلافة من بعده المعتضد.
وسامراء الحديثة اليوم تقع على مسافة (120كم) إلى الشمال من بغداد، حيث نشأت هذه المدينة على جزء من أطلال العاصمة العباسية المندثرة، وحول مشهد الإمامين علي الهادي الذي كان يسكن سامراء أيام المعتصم، وولده الحسن العسكري الذي عاصر المتوكل، واللذين توفيا في أواسط القرن الثالث الهجري، وتم دفنهما في بيتهما بمدينة سامراء، وأقيمت لهما حضرة في حدود سنة (1200م) وطليت القبة بالذهب سنة 1285/1868م.
وإلى جانب هذا المبنى أقيم سرداب الغيبة، زود مدخله بباب جميل يعود تاريخه إلى عهد الخليفة العباسي الناصر لدين الله606 هـ/1209م(27)، وهذا المبنى أضفى على المدينة أهمية دينية إلى جانب أهميتها الأثرية.
وخلال الحكم العثماني، وعلى عهد الوالي مدحت باشا، جعلت مدينة سامراء ولاية عام1286 هـ/1869م، حيث كان يحيط بالمدينة سور ضخم مضلع الشكل يميل إلى الاستدارة يبلغ محيطه كيلومترين، وقطره حوالى680 م، أقامه زين العابدين عام1250 هـ/1834م، ولهذا السور (شكل رقم 10) أربعة أبواب. ونتيجة للتوسع العمراني لمدينة سامراء الحالية هدم السور والأبواب ماعدا باب بغداد، فقد حول إلى متحف محلي تعرض فيه الآثار المستخرجة من المواقع الأثرية لهذه المدينة.

ومـدينة سـامـراء الحـديثة تقـع عـلى الضـفة اليـسرى لنـهر دجـلة، وعــلى بــعد (130كم) إلـى الشـمال مـن مـدينـة بغـداد، وقـد شـيدت هـذه المـدينة فوق آثار العاصمة العباسية (سر من رأى) التي تمتد أطلالها مع الضفة العليا لوادي نهر دجلة.
مميزات موقع المدينة وتسميتها :
يمتاز موقع مدينة سامراء بمميزات استراتيجية يضعها في موضع ملائم للسيطرة على أجزاء مختلفة من الإمبراطورية الإسلامية، بالإضافة إلى وقوعها في مكان تحيط به المياه، منها نهر دجلة يحدها من جانبها الغربي ابتداءً من أقصى موقعها حتى حدودها الجنوبية، ويساعد هذا النهر على سهولة الاتصال بين المدن الشمالية والجنوبية من العراق، كما أن النهروان بفرعيه يحف بها من جانبها الشرقي، وهذان الجداران المائيان يمنحان هذا الموقع أهمية عسكرية عظيمة، كما أن ارتفاع أرض المدينة عن مستوى النهر جعلها في مأمن من خطر الفيضان الذي كان يهدد بغداد كل عام، وكان هذا من العوامل التي أدت إلى اختيار المعتصم هذا المكان لإنشاء العاصمة الجديدة.
لقد أكدت معظم المصادر التاريخية أن المعتصم سكن في قصر الرشيد بعد أن أضاف إليه بعض المباني، ولم يمكث في هذا الموضع أكثر من ثلاثة أشهر لضيق موقع القاطول(28)، ثم غادرها وأخذ يفتش عن أرض جديدة يقيم عليها عاصمته الجديدة لتحمل اسمه، فوقع اختياره على أرض واسعة لا عمران فيها سوى دير للنصارى، وهو الموقع الذي يقوم فيه حالياً باب العامة فاشتراه من أصحابه(29).
بدأ المعتصم في تشييد مدينته في سنة (220هـ/834م)، ونقل إليها مركز الخلافة الإسلامية سنة (221هـ/835م)، وجعلها مقر قيادته العسكرية، وحين أقام بها أمر أن تسمى سر من رأى، وبهذه الصيغة وجد اسمها مدوناً على النقود العباسية المضروبة فيها، ويقول حمد الله المتوفى سنة (740هـ/1339م) : لما كان إقليماً طيباً عرفت بـ (سر من رأى)، ويقال إن الناس خففوا هذه التسمية فقالوا (سامراء)، وقد ذكرها البحتري شاعر المتوكل بهذه الصيغة في قصيدته عند إعدام بابك الخرمي(30).
ويقول اليعقوبي إن اسم سامراء في الكتب المتقدمة زوراء بني العباس، أما العالم الآثاري د. فوزي رشيد فأشار إلى أن تسمية سامراء وسر من رأى هما استمرار للتسميات القديمة للمدن التي أقيمت في المنطقة المذكورة، حيث إن كلمة سامراء منحدرة من تسيمة سيمروم التي ظهرت إلى حيز الوجود في بداية الألف الثاني قبل الميلاد، وأما سر من رأى، فإن نصوص الألف قبل الميلاد سواء كانت مسمارية أم آرامية، فقد ذكرت لنا اسم المدينة سر من رأى(31)، وهكذا فإن سامراء وسر من رأى كلاهما تسميات عراقية عربية قديمة(32).
ولمدينة سامراء أهمية خاصة بين مدن العراق القديمة، كونها شيدت وازدهرت وهجرت خلال فترة قصيرة، وأمدها نصف قرن، لهذا، فإن كل ما فيها من مبان، وما عثر عليه بين أنقاضها من لقى يعود تاريخها إلى زمن معين وتاريخ معين يمكن تحديده بالقرن الثالث الهجري.
وخلال حكم الخليفة المعتصم في مدينة سامراء، وقعت أحداث جسام، منها : تهديد المعتصم سنة (223هـ/837م) مدينة القسطنطينية، وفتح عمورية، وكان عهدها عهد قمم من أعلام الرجال ممن تفتخر بهم الأمة في مختلف الميادين والعلوم والأدب، فقد عاصرها أحمد بن حنبل، والبخاري، والطبري، وإمام النحو المبرد، والشاعر أبو تمام، والبحتري، وفيلسوف العرب الكندي.
التخطيط العام للمدينة :
تخـطيط المـدينة ونـظام الـري يـدل عـلى بـراعة فـائقة في هندسة تخطيط الـمدن، كمـا أن فـيه كـثيراً مـن الابتـكارات التـي تتجـلى فـي تنـظيم الشوارع والمـساكن، وتنـسيق الأبنـية العـامة والأسواق والمساجد والأرصفة، إذ أقطع المعتـصم للـقواد والكتـاب والمـوظفين. وكـان كـل قـسم منـها مخـصصاً للأفـراد الـمنحدرين فـي الأصـل من إقـليم واحـد، كـما عنـي بعزل الجيش عن الأهلين ودواويـن الـدولة، فـأنزلهم بأحيـاء معـزولة وبعـيدة عن الاتـصال بعـامة الناس، كما أمـر أن تكـون إقطـاعات الأتراك بعيدة عن الأسواق المزدحمة، ورغب أن تخط مسـاكنهم علـى شـوارع واسعة وأزقة طويلة كي توفر لهم الأجواء التي تلائم صـفاتهم. وأقـطع المعتصم مولاه اشناس التركي وأصحابه في آخر البناء في الشـمال من الكرخ، وسماه الدور (دور عربايا)، كما أقطع الأفشين في آخر البناء وسمـاه المطيرة (تقع جنوب سامراء)، وكانت من منتزهات بغداد، وأقطع عرطوج وأصحابه ما يلي الجوسق الخاقاني، وأقطع وصيفاً وأصحابه ما يلي الحير، وبنى حائطاً سماه الحير(33)، كما شيد مبانى عسكرية (ثكنات) لسكنى 250 ألف جندي، وإصطبلات واسعة لاستيعاب160 ألف حصان(34). وحصن القادسية يشغل مساحة تقرب من ثمانمائة دونم، وللحصن سور عظيم يحيط بمساحة واسعة مثمنة الشكل، طول كل ضلع من أضلاعها (360م)، وقطرها يبلغ حوالى (1650م)(35)، كما أقطع القطائع إلى القواد الذين بنوا لهم قصوراً ضخمة، وأسس عدة مصانع لصناعة الزجاج والخزف والأصباغ وصناعة القراطيس، وأقام في سامراء أسواقاً لتصريف هذه البضائع.
لقد بلغ طول مدينة سامراء تسعة عشر كيلومتراً، وقد مدت على طول هذه المدينة شوارع عامة متوازية أبرزها شارع، الخليج وشارع يلي الخليج شرقاً هو الشارع الأعظم، ويعرف بشارع السريجية، وهو يمتد من آخر البناء في المطيرة ج
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نشأة المدن العربية الإسلامية في العراق / نشأة المدن العباسية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نشأة المدن الاسلامية في العراق في العهد الاموي
» الموسوعية في الحضارة العربية الإسلامية
» تحميل موسوعة الحضارة العربية الإسلامية
» موسوعة المدن العربية
» الحضارة العربية الإسلامية في العصور الوسطى والتحدي المعاصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان :: المراجع والبحوث :: المراجع و البحوث-
انتقل الى: