واجمع المؤرخون من المسلمين وغيرهم ان ذروة مجد الدولة العثمانية وأعظم أيامها كان فى أيام السلطان سليمان القانونى , وأنه كان آخر سعد الدولة العثمانية , وكان رحمه الله روؤفا برعيته وترأف بحال الناس فأطلق سراح 600 مسجون من مأسورى مصر ...
وردع الظالمين عن المظالم , وردع أهل الشرور والمفاسد , وأمن الناس فى أيامه وانتشر العدل فى سائر الأركان , واندثر الظلم , واجتهد رحمه الله فى أول جلوسه فى نفى الزنادقة والمبتدعين فى الدين .. !!
حتى قال الشاعر فى قصيدته العصماء التى ساوردها كلها فى نهاية الموضوع :-
مليكٌ يرى أن ليس فى الأرض مشتهى *** سوى منع دين الله مما يُغيّرُ
الله أكبر والعزة لله ... افلح من كان هذا هدفه وتلك غايته !!!
وعمل السلطان سليمان تعديلات إدارية فى إدارة الدولة الاسلامية وشئون أفرادها من مختلف الديانات والجنسيات والأعراق والأقليات , فجلب السلطان سليمان العلماء الربانيين وجلس معهم ووضع قوانين إدارية مستمدة من الشريعة الإسلامية , وبالفعل كان من أهم أعمال السلطان سليمان الإدارية انه وضع قانون الدولة العثمانية المسمى " قانون سليمان نامه" اى "قانون السلطان سليمان " وكان الذى شاركه فى وضع تلك القوانين من القرآن والسنة هو العالم الجليل أبو السعود أفندى المفسر الكبير وصاحب التفسير العظيم " إرشاد العقل السليم الى مزايا الكتاب الكريم" المشهور بـ "تفسير أبى السعود" ....
.
فانظروا كيف كان حكام المسلمين يستعينون بالعلماء ولا يستغنون عن مشورتهم , وجعل السلطان سليمان منصب الفتوى أعلى المناصب قاطبةً بعد منصب الخلافة !!!
وبعد وضع تلك القوانين الإدارية التى تحكم الدولة الاسلامية , أخذ السلطان سليمان بتطبيقها بكل عدل ومساواة وبكل حزم , فكما قيل : الحزم سياج العدل !!
ومن هنا جاءت تسمية السلطان سليمان الأول بـ"القانونى" , ليس لأنه من وضع القوانين , بل لتطبيقه تلك القوانين بكل صرامة لا يفرق بين كبير او صغير ولا بين عامة وخاصة !!
الله أكبر .. وااااااااهٍ يا أيام العزة !!
منذ تولى السلطان سليمان القانونى الخلافة , لم يركن الى الدعة والراحة , بل لبس لأمة الحرب من أول يوم وظل مجاهدا الى آخر يوم فى عمره وما ترك الجهاد قط , ما كان ينزل من على صهوة جواده إلا ليمتطى جوادا آخر ليمضى مجاهدا فى سبيل الله ولإعلاء كلمة الله !!
ولا عجب من ان معظم الحديث عن السلطان سليمان القانونى سيكون عن جهاده , لأنه لا يوجد جانب أعظم ولا أروع فى سيرة السلطان سليمان إلا جهاده ضد المشركين فى أوروبا وفتوحاته المجيدة !!
جهاد السلطان سليمان القانونى :
استطاع السلطان سليمان القانونى ان يوسع رقعة الدولة الإسلامية فى ثلاث قارات حتى أصبحت دولة مترامية الأطراف , وكان سبيله فى تحقيق هذا الهدف هو سيفه ودرعه !!
لكم ان تعلموا ان المؤرخين ذكروا ان عدد ما افتتحه السلطان سليمان القانونى فى حياته من الحصون والقلاع والمدن ما يناهز 360 حصنا !!
وما علمنا ان من قادة المسلمين قديما وحديثا افتتح مثل هذا العدد !!
تعالوا نرى نبذا من جهاد السلطان سليمان القانونى وسأكتفى بالمحطات الرئيسية ...
فتح بلجراد ( 25 رمضان 926هـ , 31 أغسطس 1521م)
عندما جلس السلطان سليمان القانونى على كرسى الخلافة , كان أول ما فعله هو إرسال رسالة الى ملوك أوروبا يُعلمهم بتوليه الخلافة ويأمرهم بدفع الجزية المقررة عليهم كما كانوا يفعلون فى عهد أبيه السلطان سليم الأول .
فما كان من ملك المجر إلا أن قتل رسول السلطان سليمان !!
فاستشاط السلطان سليمان غضبا وانفعل قائلا : أيُقتل سفير دولة الإسلام !!! .. أيهددنى ملك المجر !!
فما أصبح الصباح إلا وقد أعدّ السلطان سليمان جيشا جرار مدعوما بالسفن الحربية وكان السلطان سليمان بنفسه على رأس هذا الجيش وكان قاصدا مدينة بلجراد المنيعة والتى تُعد بوابة أوروبا الوسطى وحصن المسيحية كما كانوا يطلقون عليها !!
ولكم أن تعلموا ان محمد الفاتح رحمه الله حاول أن يفتح بلجراد ولكنه فشل , بل وأصيب إصابات خطيرة أثناء حصارها ... ولما انصرف عنها قال : عسى ان يخرج الله من أحفادى من يفتح تلك المدينة على يديه !!
بلجراد كانت لها مكانة عظيمة فى قلوب النصارى وخصوصا بعد سقوط القسطنطينية وسمّوها (حصن المسيحية) !!