السطح
تكون الجبال و الهضاب و السهول و الوديان و الأنهار و البحيرات معالم السطح الرئيسة في العراق. و تترك أشكال السطح
آثاراً مهمة في أنماط الحياة و الاقتصاد فيه .
و تكون أشكال السطح مع ظروف المناخ السائدة ظهيراً ثابتاً يستند إليه تاريخ العراق .
و من الطريف أن نجد في مساحة محدودة مثل مساحة العراق أمثلة جيدة لمختلف أشكال السطح التي تكون ظواهر الكرة الأرضية، و تمكننا أن نقسم سطح العراق إلى أربعة أقاليم:
1- إقليم الجبال:
تشغل الجبال مساحة قدرها 92000 كيلومتر مربع أو حوالي 21 بالمائة من مجموع مساحة القطر. و تمتد هذه على نحو رئيس في شمالي و شمال شرقي العراق .
و تتكون من سلاسل جبلية تسير موازياً بعضها بعضاً تفصل بينها أودية طولية.
و تفصل بين هاتين المنطقتين الجبليتين سهول كثيرة مثل سهل رانية و شهرزور و الأول شهر كلوي الشكل يقع في منطقة الزاب الصغير و يتراوح ارتفاعه بين 1600-2000 قدم و يمتد مسافة 20 كيلومتراً ، أما اتساعه فيتراوح بين 20-30 كيلومتر أما شهرزور فهو سهل حوضي الشكل يتراوح ارتفاعه بين 1500-2000 قدم فوق سطح البحر، و يمتد مسافة 45 كيلومتراً من الشرق إلى الغرب و لكن اتساعه يضيق من الشمال إلى الجنوب حتى يبلغ 15 كيلومتراً.
و تسود الزراعة الواسعة سهول هذا الإقليم حيث تستغل الأراضي من سهلي رانية و راوندوز شتاء في زراعة القمح و الشعير . أما بقية فصول السنة فتسود فيهما زراعة
كثيفة مختلطة و قد أصبحت زراعة الخضراوات و الفواكه و البنجر السكري من المحاصيل الزراعية الرئيسة في هذا الإقليم.
2- الأراضي المتموجة:
يقع هذا الإقليم إلى الجنوب و الغرب من إقليم الجبال و تغلب على مظهر سطحه كثرة التلال . و يشغل مساحة تبلغ حوالي 42000 كيلومتر مربع، أو حوالي 9،6 بالمائة من مساحة العراق الكلية ، و مع أن هناك بعض الشبه بينه و بين إقليم الجبال إلا أن ثمة اختلافا ًواضحاً في ظواهر السطح بينهما. و يبدو أن هذا الإقليم قد تعرض لحركة التواء من حركات القشرة الأرضية في مرحلة متأخرة . لذا فإنه يتكون من سلاسل تلال تمتد على نحو يوازي فيه بعضها بعضاً ، و أودية واسعة قليلة العمق و سهول واسعة حفرت الأنهار فيها أوديتها النهرية. و يتراوح ارتفاع تلاله على العموم بين 200و1000 متر. و للسهول حظها في هذا الإقليم مثل سهل سنجار و أربيل .
و ساعدت تربته الخصبة و أمطاره الشتوية الوافية إلى إيجاد قاعدة جيدة لاستغلال زراعي ناجح ، و تحتل زراعة القمح و الشعير مكان الصدارة بين محاصيل الشتاء في حين تؤمن مصادر المياه الجوفية ما يلزم من الماء لري كثير من المنتجات في بقية فصول السنة .
3- السهل الرسوبي:
و هو سهل دجلة و الفرات الذي كان يعرف في التاريخ القديم باسم سهل شنعار ثم سمي فيما بعد بأرض السواد لكثرة إنتاجه الزراعي. و يقع وسط العراق و جنوبه. تبلغ مساحة السهل الرسوبي بما في ذلك الأهوار و البحيرات حوالي 30،2 في المائة من مساحة العراق ، و يمتد عموماً من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي مسايراً اتجاه دجلة و الفرات و شط العرب.و ينبسط سطح السهل الرسوبي في معظم أنحائه انبساطاً شديداً إذ يستطيع الناظر ، إذا بَعُد عن الأنهار و الأراضي الزراعية ، أن يرى استدارة الأفق كاملة دون أن يلحظ انحداراً ملموساً ، و لكن أكتاف الأنهار و جداول الري و بعض التلال الواطئة تحول دون استمرار هذا الانبساط الرتيب .
إن شدة الانبساط جعلت السهل في كثير من أنحائه يعاني مشكلة صرف مياه الري و لا سيما الجزء الجنوبي منه الواقع شمالي البصرة. فلا غرو إن اتسعت الأهوار و البحيرات فيه حتى غطت مساحة تزيد على 35000 كيلومتر مربع. و يمكن أن يظهر التوزيع الجغرافي لهذه المناطق المغمورة بالماء في ثلاثة مجالات واضحة. يقع أولها إلى شرقي دجلة و غربيها ، و يتمثل الثاني ببحيرة الحمار و يقع الثالث بين شط الحلة و نهر الفرات.
و يعد الرز و الذرة البيضاء من المحاصيل الرئيسة التي تزرع عند حافات الأهوار صيفاً في حين تكثر زراعة الخضراوات و لاسيما الطماطم شتاء، أما الحيوانات فتنحصر في الجاموس حيث تلائم ظروف البيئة بمياهها و نباتاتها الغضة ما يتفق و متطلبات تربية هذا النوع من الماشية. و يؤدي هذا الإقليم دوراً اقتصادياً هاماً ، ففي هذا السهل توجد أوسع الأراضي الزراعية في العراق و تنتشر في أرجائه أكبر مدنه مثل بغداد و البصرة و كثير غيرهما. فإضافة إلى المحاصيل التي ذكرت آنفاً ينتج هذا السهل كميات كبيرة من القمح و الشعير و القطن و الذرة و قصب الذرة و قصب السكر و الفواكه و الخضراوات . و تعد منطقة شط العرب أكبر منطقة لزراعة النخيل و إنتاج التمور في العالم . كما يكثر في هذا السهل إنتاج الألبان و تنتشر فيه حقول تربية الدواجن.
4- الهضبة الغربية( الصحارى) :
و تعد أكبر الأقاليم التضاريسية في العراق ، إذ تشمل مساحة قدرها 171817 كيلومتر مربع أو حوالي 39،2 في المائة من مجموع مساحة العراق ، يرتفع سطح الهضبة تدريجياً من مستوى 400 قدم فوق سطح البحر في الشرق إلى 2000 قدم في الغرب، و على النقيض من ذلك تتغير تكويناتها الصخرية و تصبح أكثر حداثة من الناحية الجيولوجية كلما اتجهنا من الغرب إلى الشرق فيها ، أما تصريف مياهها السطحية فيتجه عموماً من الغرب إلى الشرق مسايراً اتجاه السطح العام.
و لكن تفاصيل تضاريس السطح تصرف مياه كثير من الجداول المنحدرة من جبل سنجار إلى الجنوب حتى تنتهي بوادي الثرثار، أكبر منخفضات العراق و قد استخدم منذ سنة 1956 لخزن الفائض من مياه دجلة عن طريق قناة تحويل تبدأ عند سد سامراء ، و قد ربط الثرثار بنهري الفرات و دجلة و أصبح بالإمكان إعادة كميات وافية من مياه الري إلى النهرين كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
و توجد ضمن هذا الإقليم الواسع مجموعة من السهول مثل سهل الوديان و سهل الجزيرة و سهل الحجارة و سهل الحماد و سهل الدبدبة ، و ينحصر الاختلاف بين هذه السهول في ظواهر طبيعية كالتضاريس المحلية و نوع التكوينات الصخرية. و تكثر في الهضبة الغربية ظواهر تضاريسية كونتها حركات القشرة الأرضية من طي و التواء و انكسار ، إذ يشغل منخفض السلمان على سبيل المثال ، قبة ذهبت بأعاليها عوامل التعرية. و توجد في كثير من المواقع أيضاً أشكال تضاريسية صحراوية، فبقايا الصخور الكلسية التي صمدت لعوامل التعرية ما تزال تعلو سطحها مكونة موائد صحراوية و هضيبات صغيرة ، كما توجد كثبان رملية تشغل مساحة غير صغيرة يصل ارتفاع بعضها إلى نحو 30 متراً إضافة إلى أخرى واطئة.