معاملات إسلامية
الميراث
أعطى الإسلام الميراث اهتمامًا كبيرًا، وعمل على تحديد الورثة، أو من لهم الحق في تركة الميت، ليبطل بذلك ما كان يفعله العرب في الجاهلية قبل الإسلام من توريث الرجال دون النساء، والكبار دون الصغار، فجاء الإسلام ليبطل ذلك لما فيه من ظلم وجور، وحدد لكل مستحق في التركة حقه، فقال سبحانه: {يوصكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله إن الله كان عليمًا حكيمًا} [النساء: 11].
التركة
هى ما يتركه الميت من الأموال مطلقًا، سواء كانت أموالا عينية مثل الذهب، والنقود، والأراضى والعمارات، أو المنافع مثل إيجار شقة معينة تورث لورثته عند الجمهور ماعدا الأحناف، والحقوق مثل حق التأليف، وحق الشفعة، وحق قبول الوصية، فلو أوصى أحد لشخص بمبلغ معين، ومات الموصى له قبل قبضه قبضه ورثته.
الحقوق المتعلقة بالتركة:
1- تكفين الميت وتجهيزه.
2- قضاء دين الميت.
3- تنفيذ وصيته في حدود الثلث إلا إذا أجاز الورثة.
4- تقسيم الباقى بين الورثة.
أسباب الإرث :
1- النسب الحقيقى: لقوله تعالي: {وأولو الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله} [الأنفال: 75].
2- الزواج الصحيح: ويدخل فيه المطلقة رجعيًا مادامت في عدتها، والمطلقة للمرة الثالثة إذا وجدت قرائن تؤكد أن الطلاق كان بهدف حرمانها من الميراث، وكانت في عدتها، ولم تكن قد رضيت بالطلاق.
موانع الإرث:
1- الرق: فالعبد لا يرث سيده.
2- القتل العمد: الذي يوجب القصاص أو الكفارة عند المالكية، وأيضًا شبه العمد والخطأ عند الجمهور.
3- اختلاف الدين: كمن يتزوج مسيحية فلا يتوارثان، ومن ارتد فلا يرث أقاربه، وهم يرثونه على المختار.
شروط الميراث:
1- موت المورث حقيقة أو حكمًا كأن يحكم القاضى بموت المفقود، أو تقديرًا كانفصال الجنين نتيجة لجناية كضرب الأم مثلا.
2- حياة الوارث حياة حقيقة، أو تقديرية كالحمل.
3- ألا يوجد مانع للإرث.
علم المواريث:
هو القواعد التي يعرف بها نصيب كل مستحق في التركة.
الفرائض وأصحابها:
الفرائض: جمع فريضة، وهى النصيب الذي قدره الشارع للوارث، وتطلق الفرائض على علم الميراث.
وأصحاب الفرائض: هم الأشخاص الذين جعل الشارع لهم قدرًا معلومًا من التركة وهم اثنا عشر: ثمان من الإناث، وهن الزوجة، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والأم، والجدة الصحيحة. وأربعة من الذكور: هم: الأب، والجد الصحيح، والزوج، والأخ لأم.
العصبة:
هم بنو الرجل وقرابته لأبيه الذين يستحقون التركة كلها إذا لم يوجد من أصحاب الفروض أحد، أو يستحقون الباقى بعد أصحاب الفروض وهم ثلاثة أصناف.
ميراث المرأة نصف ميراث الرجل:
الرجل من واجبه الإنفاق على من في حوزته من النساء، وكذلك مطالب بتوفير مسكن للزوجية وتجهيزه، ومطالب بدفع المهر للزوجة، ومطالب بالإنفاق عليها، وعلى الأولاد، وهذا كله يستغرق جانبًا من ماله قد يفوق بكثير ذلك النصف الذي فضل به على الأنثى، فمال الرجل عرضة للنقصان، ومال المرأة موضع للزيادة لأنها ليست ملزمة بشيء من ذلك.
ومع ذلك نجد أن هناك حالات في الميراث تتساوى فيها المرأة مع الرجل، وحالات أخرى تزيد فيها المرأة على الرجل، مثل ذلك إذا مات الرجل تاركًا زوجة وبنتين وأمّا وأخًا، فيكون وللزوجة الثمن، وللبنتين الثلثان، وللأم السدس وللأخ الباقي، فيكون نصيب الزوجة ثلاثة أمثال هذا الأخ، ونصيب البنت ثمانية أمثاله، ونصيب الأم أربعة أمثاله، وقد يموت الرجل تاركًا بنتين وأما وأبا، فيكون للبنتين الثلثان، وللأم السدس، وللأب السدس، فيكون نصيب كل من البنتين ضعف نصيب الأب، ويكون نصيب الأم مساويًا لنصيبه، بينما الإخوة لأم يرثون على التساوى فيما بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
الحجب في الميراث:
الحجب: منع شخص من ميراثه كله أو بعضه، فمثلاً: الزوج يرث من زوجته النصف إن لم يكن لها ولد ، فإن كان لها ولد فإنه يرث الربع، وهذا يسمى حجب نقصان، أي أن وجود الولد أنقص ميراث الزوج من النصف إلى الربع، والجد في غياب الأب يرث، فإن وجد الأب فلا يرث الجد، فالأب هنا حجب الجد حجبًا تامًا عن الميراث، وهو ما يسمى بحجب حرمان أو حجب إسقاط.
الفرق بـين المحروم من الميراث والمحجوب عنه:
المحروم ليس أهلاً للإرث كالقاتل، بينما المحجوب أهل له إلا أن شخصا أولى منه بالميراث حجبه عنه.
والمحروم لا يحجب غيره من الميراث أصلاً، ولكن قد يحجب المحجوب غيره، فالإخوة محجوبون بالأب، والأم، ومع ذلك فوجودهم يحجب الأم حجب نقصان فترث السدس بدلاً من الثلث.
التخارج في الميراث:
إذا ارتضى أحد الورثة أن يأخذ قدرًا معلومًا من التركة قبل توزيعها ويخرج من الميراث، فلا يرث مع باقى الورثة، جاز له ذلك، وهذا هو التخارج.
ويستبعد الجزء الذي أخذه الخارج من أصل التركة، ثم يوزع الباقى من التركة على باقى الورثة حسب أنصبتهم.
الرد في الميراث:
إذا أخذ أصحاب الفروض أنصبتهم من التركة، وبقى منها شيء، ولم يكن للميت عاصب يرث الباقى بالتعصيب، يرد الباقى على أصحاب الفروض، ويقسم بينهم حسب أنصبتهم من التركة.
ميراث الخنثى:
الخنثى: هو الشخص المشكل، فلا يعرف أذكر هو أم أنثى.
وعند توريثه ينظر إلى حاله، فإن تبين أنه ذكر يعطى ميراث الذكر، وإن تبين أنه أنثى يعطى ميراث الأنثى.
أما إذا خفى أمره، فيقسم الميراث مرة باعتباره ذكرًا، ومرة باعتباره أنثى، ثم ينظر إلى الحالين يكون نصيب الخنثى فيه أقل، فيقسم الميراث على أساسه.
ميراث الحمل:
إذا مات الرجل تاركًا وراءه زوجة حاملا، فقد اختلف الأئمة في أمر ميراثه: فذهب المالكية إلى وقف القسمة حتى تضع المرأة، وكذلك قال الشافعية إلا أنهم قسموا لمن لا يتغير نصيبه، وذهب الحنابلة إلى تقدير الحمل باثنين، ذكورًا أو إناثًا بحسب الأكبر نصيبًا، وتوزيع التركة على هذا الأساس إلا أن تلد المرأة فتعدل القسمة بحسبه، أما الأحناف فيرون أن يوقف للحمل نصيب ابن واحد أو بنت واحدة، أيهما أكثر نصيبًا، ثم توزع التركة على هذا الأساس إلى أن تلد المرأة فتعدل القسمة بعد ذلك.
ميراث المفقود:
المفقود : هو الغائب المجهول الحال، فلا يدرى أهو حى أم ميت.
حكمه في الميراث: يوقف ميراثه إلى أن يتبين موته حقيقة أو يقضى بموته بعد مدة محددة، حددها بعض الفقهاء بأربعة أعوام، وتوزع تركته على ورثته الموجودين بعد تحقق موته، أو انقضاء المدة، ولا ميراث لمن مات منهم قبل ذلك، أما إذا كان للمفقود ميراث من ميت مات، فيوقف له نصيبه إلا أن يعود أو يتبين موته، فإذا تبين موته عاد نصيبه إلى شركائه في التركة.
ميراث الأسير:
الأسير كغيره من المسلمين يرثهم ويرثونه، إلا أن ينجح الأعداء في فتنته في دينه، فيتركه. فيكون حكمه حكم المرتد، فإذا لم يعلم حاله من ناحية دينه وحياته، فحكمه حكم المفقود.
الوصية الواجبة:
إذا مات الولد في حياة أبويه، وخلف وراءه أولادًا، ثم مات أبواه أو أحدهما فالميراث لأولاد هذا الولد مع إخوته، فليس من الحكمة أن يترك أولاد ذلك الولد يقاسون الفقر والحاجة بعد أن قاسوا ألم اليتم لفقد العائل الذي لو قدر له أن يعيش إلى موت أبويه لورث كما ورث إخوته، لهذا فقد جعل الله لهؤلاء الأولاد حقًا في التركة التي خلفها جدهم أوجدتهم.
وتكون الوصية الواجبة لأبناء الولد (ذكرًا أو أنثى) الذي مات في حياة أبويه.
حكم الوصية الواجبة:
- إذا كان الولد المتوفى في حياة أبويه ذكرًا، كانت الوصية الواجبة حقا لابنه وابن ابنه وإن نزل، فإن كان المتوفى أنثى كان ذلك الحق لأولاد البنت فقط، أما أولاد أولادها فلا شيء لهم.
- يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره.
- تكون الوصية الواجبة في فرع الولد الذي مات مع والديه في حادث سيارة أو ما شابه ذلك .
- المقدار الحاصل للفروع بالوصية يوزع فيما بينهم طبقًا لقواعد الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين.
- يرث الفرع نصيب الأصل ما لم يزد نصيبه عن ثلث التركة، فإذا زاد عنها رد إلى الثلث، فإن الوصية لا تجوز أن تكون أكثر من الثلث .
شروط الوصية الواجبة:
- ألا يستحق أولاد الابن الذي توفى في حياة والديه شيئًا من الميراث، فإن استحقوا شيئًا فلا وصية لهم.
- ألا يكون الميت قد وهب لأبناء الابن المتوفى ما يساوى القدر المستحق بالوصية، فإن كان قد أعطاهم أقل من القدر المستحق، استكملوا ما نقص من نصيبهم بالوصية الواجبة.
توزيع التركة في حالة الوصية الواجبة:
- تقسم التركة بين المستحقين بما فيهم الولد الميت.
- إن كان نصيب الولد الميت في حياة أبويه مساويًا لثلث التركة أو يقل عنه، يدفع نصيبه إلى ورثته للذكر مثل حظ الأنثيين.
- إن زاد نصيبه عن الثلث، يرد إلى الثلث، ويعطى لورثته، ثم يقسم باقى التركة وهو ثلثها مع باقى الورثة حسب فرائضهم الشرعية.
الكلالة:
هم من يرثون الميت من غير فرعه ولا أصله عند غياب الفرع والأصل، فإذا مات الميت ولم يكن له من ولد ولا والد، وورثه غيرهم من قرابته، فالتوريث بهذه الطريقة يسمى ميراث الكلالة.
أمور عامة في الميراث:
* إذا اجتمع في الوارث سببان مختلفان يرث بهما الميت، ورث بهما معًا.
مثال: إذا ترك الميت ابنى عم، وكان أحدهما أخاه لأمه، فإن أخاه لأمه يرث السدس من التركة، ثم يوزع الباقى بينه وبين الآخر على التساوي.
* قد تزيد أنصبة أصحاب الفرائض عن الواحد الصحيح، فلابد هنا من تقليل هذه الأنصبة كى تتساوى مع الواحد الصحيح، حتى يتسنى توزيع التركة من غير جور على أحد، فإذا ماتت امرأة مثلاً وتركت زوجًا وأختين شقيقتين فيأخذ الزوج النصف، والأختان الثلثين، فيكون مجموع الأنصبة أكبر من الواحد الصحيح:
فعندئذ نجعل البسط مقامًا ويكون نصيب الزوج 2/1 ونصيب الأختين 3/2 وهذا ما يسمى بالعول فيقال إن المسألة عالت من 6 إلى 7 وهكذا.
* إذا مات جماعة من أسرة واحدة معًا كما يحدث إذا تحطمت طائرة أو غرقت سفينة فلا يعرف من مات منهم أولا، فإنهم لا يتوارثون فيما بينهم، ويكون مال كل واحد منهم لورثته الأحياء.
* لا يرث ذوو الأرحام الأقارب من جهة النساء إلا عند انعدام العصبات وأصحاب الفروض. قال تعالي: {وألوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله} [الأحزاب: 6]. وذوو الأرحام يرثون وفقًا لهذا الترتيب، بحيث يحجب صاحب الترتيب المتقدم من بعده:
1- فرع الميت كأولاد البنت وإن نزلوا، وأولاد بنات الابن كذلك .
2- أجداده الفاسدون وإن علوا كأب الأم، وكذلك الجدات الفاسدات والجد الفاسد أو الجدة الفاسدة هى التي بينها وبين الميت أنثى كأم أمه، وأبي الأم.
3- فرع أبويه كبنات الأخ.
4- فرع أجداده كالعمة والخالة.
- لا يعتد بإخراج المورث أحد ورثته من التركة، فإن التركة بعد وفاة صاحبها تكون حقا لغيره وهم الورثة، فلا يملك المورث التصرف فيها.
* إذا طلق الرجل امرأته طلاقًا رجعيًا فلها الحق في الميراث مادامت في فترة العدة.
* إذا تأخر تقسيم التركة، فزادت قيمتها في هذه الفترة، فإن التركة وزيادتها ملك لجميع الورثة، ومن حق أي وارث أن يأخذ نصيبه في التركة ومن الربح الناتج من العمل فيها.
الحقوق محفوظة لكل مسلم
Powered by
www.tgc2006.info