"العلاقات بين البلدين ستكون أقل تعقيدا برحيل جيل الثورة"
السفير الفرنسي بصدد ترك منصبه بالجزائر بسبب قانون تجريم الاستعمار
في سابقة خطيرة من نوعها، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشينر في مقابلة نشرت أول أمس،على صفحات أسبوعية "لوجورنال دو ديماش" أن العلاقات بين فرنسا والجزائر ستكون "أقل تعقيدا" حين يغادر جيل الثورة السلطة ويأخذ جيل الاستقلال زمام الأمور في الجزائر.
وأضاف قائلا "علاقتنا كانت عاطفية جدا وعنيفة وانفعالية إلى درجة أن كل شيء أضحى معها صعبا ومؤلما جدا، وكانت الجزائر تعتبر في فرنسا فرنسية حين كانت مستوطنة، حيث كان مواطنوها يملكون نفس الحقوق مع الفرنسيين"، مذكرا بأن مناهضة الاستعمار يمثل "أول التزاماته".
هذه التصريحات التي تعد مجرد حلقة من مسلسل الحشد الإعلامي الذي أطلقه نظام ساركوزي ضد مشروع تجريم الاستعمار الفرنسي، خاصة بعد إعلان نواب البرلمان عن ذهابهم بعيدا في اقتراحهم بشأن هذه القضية وإقامة محاكم جزائية مختصة في هذا المجال، وهو ما أثار ردود فعل منددة بين نواب فرنسيين لأول مرة، تأتي موازة مع اقتراب افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان الجزائري، والذي سيكون مع بداية شهر مارس الداخل، لذلك فإن باريس تبذل قصارى جهدها من اجل إفشال المصادقة على هذا المقترح أو تبنيه، أو على الأقل تأجيله إلى فترة لاحقة قد تصب خلالها الظروف التي تحكم علاقات البلدين لصالحها.
وفي رده على موقف الجزائر بعد إدراجها ضمن قائمة البلدان التي تخضع رعاياها إلى الرقابة المشددة في مطاراتها من خلال استعمال "الماسح الإليكتروني"، قال كوشنير لأسبوعية "جورنال دو ديمانش" "إنه إجراء أمني والجزائر ليست وحدها معنية بهذا الإجراء، بل هناك 14 دولة ستطبق عليها قراراتنا.. وبطبيعة الحال فإن الجزائريين مصدومون بهذا القرار ونعترف نحن كحكومة فرنسية أن الجزائر قاتلت وحاربت وجاهدت بشجاعة ضد الإرهاب الدموي، لكننا نطبق القواعد الأمنية لا غير وخاصة أن تهديدات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تتواصل ضد فرنسا بشأن الاختطافات والاعتداءات".
يأتي هذا في الوقت الذي أبدى فيه السفير الفرنسي بالجزائر كسافيي دريانكور رغبته في ترك منصبه والرحيل من الجزائر، حيث أعرب عن ملله في البقاء بالرغم أنه لم يمض سوى سنة ونصف منذ تعيينه نظرا لعدم استطاعته معالجة القضايا الخلافية بين البلدين والتأقلم معها، خاصة بعد عزم البرلمان الجزائري إصدار قانون لتجريم الاستعمار، وهو الشيء الذي لا يسهل القيام بمهامه على أحسن وجه، حيث أقر دريانكور لمحيطه بهذا القرار بعد حفل استقبال أقامه الأسبوع الماضي، والذي التقى فيه مع بعض النواب من حزب جبهة التحرير الوطني، حيث قال لهم "إنه بصدد ترك منصبه بالجزائر العاصمة"، مؤكدا "أن تصاعد التوتر السياسي بين الجزائر وفرنسا لا يُسهل من مهمة الدبلوماسي في الجزائر"، موضحا "التوترات الحالية تقف عائقا أمام ممارسة مهامي كسفير".
إلى جانب عدم نجاحه في إيجاد الحلول لبعض الملفات التي صنفت ضمن ورشات تم فتحها منذ أزيد من 7 أشهر على غرار ملف الهجرة والأرشيف ومدى قدرة فرنسا على استخراج التاريخ بصفة دقيقة وسليمة إلى جانب إدراج الجزائر ضمن قائمة البلدان التي تخضع رعاياها إلى الرقابة المشددة في مطاراتها من خلال استعمال الماسح الإلكتروني.