الإمبراطورية الأخمينيةhttp://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/b/bc/Persian_empire_490bc.gif
وسع قورش الإمبراطورية الميدية باحتلاله مملكة ليديا حوالي 545ق م، ثم ضم تدريجيًا المستعمرات اليونانية في إيونيا غربي آسيا الصغرى، وسماها الإمبراطورية الأخمينية على اسم سلفه أخمينيوس. وقد تمكن قورش من هزيمة بابل في 539ق.م. وحرر اليهود الذين سباهم نبوخذنصر وكانوا في الأسر هناك. كما أنشأ إمبراطورية امتدت من البحر الأبيض المتوسط وغربي آسيا الصغرى إلى أعالي نهر السند، وهو ما يُعرف اليوم بشمال الباكستان، ومن خليج عمان إلى بحر الآرال.
استطاع قمبيز، ابن قورش، هزيمة مصر حوالي عام 525ق.م، لكنه توفي في طريقه وهو عائد إلى فارس. وقد أعقبت ذلك حرب أهلية بسبب النزاع حول الحكم، وتمكّن داريوس الأول، أحد أقرباء قمبيز، من أن يصبح ملكًا حوالي 522ق.م.
أعاد داريوس تنظيم الحكومة بنظام المرزبانيات، وأقام السلطة المطلقة للشَّاهان شاه، كما طوّر نظامًا مُحكمًا للضرائب. كذلك بنى القصور في عاصمتين من عواصمه هما برسيبوليس وسوسا. ووسّع داريوس الإمبراطورية الفارسية داخل جنوب شرقي أوروبا وداخل مايسمى الآن جنوب الباكستان.
وفي حوالي عام 513ق.م، قام الفرس بغزو المنطقة التي تقع غربي البحر الأسود وجنوبيه ولكنهم لم يحتلوا أراضي واسعة. وأرسل داريوس جيشًا إلى اليونان حوالي عام 490ق.م، ولكن القوات الأثينية هزمته في ماراثون. ثم توفي داريوس حوالي عام 486ق.م عندما كان يعد العدة لهجوم جديد على اليونان.
غزا أحشورش بن داريوس، اليونان حوالي عام 480ق.م، وهزم قوة من الأسبرطيين وغيرهم من اليونانيين بعد معركة شرسة في الثرموبايلي. لكن الفرس واجهوا هزائم طاحنة في سلاميز وبلاتايا وأُخرجوا من أوروبا حوالي عام 479ق.م.
تدهورت فارس بعد موت أحشورش، ولكن الإمبراطورية استمرت بالرغم من الانتفاضات حتى حوالي عام 331ق.م، عندما هزم الإسكندر المقدوني جيشًا فارسيًا ضخمًا في معركة أربيل (تُسمى أحيانًا معركة جوجاميلا). وانتهت بذلك الإمبراطورية الأخمينية وأصبحت فارس جزءًا من إمبراطورية الإسكندر.
حكمت الإمبراطورية الأخمينية مجالس جيدة التنظيم (حوالي 550-331ق.م). وقد تم تقسيم الإمبراطورية إلى ولايات تُسمى المرزُبانيات، كل مرزبانية يحكمها موظف يسمى المرزبان. وحكام المرزبانيات عاشوا كملوك صغار. ولكن الشاهان شاه ـ أو ملك الملوك ـ الذي حكم الإمبراطورية من فارس كانت له السلطة المُطلقة والنهائية. وقد نظّم الملوك القوانين في مختلف أجزاء الإمبراطورية، وسيطرت الحكومة المركزية على الجيوش في الولايات. وكان هناك جهاز سري أُطلق عليه الإغريق عيون وآذان الملك، يُخبر الملك بالأحوال في كل أنحاء الإمبراطورية.
احتفظ الفرس في ظل الفرثيين (البارثيين) (155ق.م - 225م) والساسانيين ( 224 - 641م ) بمنصب ملك الملوك الصغير. وقد كان بعض هؤلاء الحكام الفرس أقوياء، على حين أن بعضهم الآخر كانوا ضعافًا. ومارس النبلاء المحليون سلطات عظيمة خلال فترة الفرثيين. ووجدت هيئة دينية قوية تابعة للدولة خلال فترة الساسانيين. وقد عمل رجال الدين في مناصب مدنية مهمة، لكن الدين والدولة ظلا منفصلين.
الأسرة السلوقية
بعد أكثر من عشر سنوات من موت الإسكندر في 323ق.م، أسس سلوقوس، أحد قواده، أسرة لتحكم فارس والمناطق المجاورة. أنشأ السلوقيون العديد من المدن وأدخلوا الثقافة اليونانية في غربي آسيا وفي أواسطها، وتمكن الفرثيون من حكم فارس بدءًا من 155ق.م.
الإمبراطورية الفرثية
استمرت حتى عام 224م. وقد أسس الفرثيون إمبراطورية واسعة بامتداد شرقي آسيا الصغرى وجنوب غربي آسيا. وفي المائتي عام الأخيرة من حكمهم، كان على الفرثيين أن يُحاربوا الرومان في الغرب وفي الكوشان، وهو مايعرف حاليًا باسم أفغانستان، ومن ثم اندلعت الحروب الأهلية في الإمبراطورية الفرثية.
وفي حوالي عام 224م، قام فارسي يُدعى أردشير بإطاحة الفرثيين، وتسلم الإمبراطورية الفرثية. وبعد أكثر من 550 سنة، وفي ظل حكام آخرين، استطاع الفرس أن يحكموا فارس مرة أخرى.
الأسرة الساسانيةhttp://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/a/ae/Full_sasan.jpg
سُمِّيت كذلك تكريمًا لاسم ساسان؛ الجد الأكبر لأردشير. وقد حكمت الأسرة الساسانية في فارس حتى منتصف القرن السابع الميلادي. وقد استمرت الحرب بين الفرس والرومان طوال فترة حكم الساسانيين. وبعد أن اعتنق الرومان النصرانية في القرن الرابع الميلادي، بدأ الصراع يأخذ شكلاً دينيًا بين النصرانية والزرادشتية.
بلغت الحضارة الساسانية أوج قمتها في منتصف القرن السادس الميلادي حيث حقق الفرس عددًا من الانتصارات على الرومان وأعادوا احتلال أراضٍ كانت جزءًا من الإمبراطورية الأخمينية. تقدمت القوات الفارسية حتى أبواب القسطنطينية (إسطنبول، في تركيا حاليًا) التي كانت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية (الرومانية الشرقية)، ولكنهم هزموا هنالك وأجبروا على الانسحاب من كل الأراضي التي احتلوها.
أدى ظهور الإسلام، في جزيرة العرب، إلى نهاية سريعة للأسرة الساسانية في منتصف القرن السابع الميلادي، حين فتح المسلمون فارس حوالي عام 15هـ، 637م، ولم تمض سنوات قلائل إلا وكان الإسلام قد انتشر في سائر بلاد فارس. وكما صان الإسلام أرواح الناس بعد اعتناقهم له، فقد أبقى الحكام المسلمون على العمارة الفارسية، وفنونها، وآدابها مالم يتعارض ذلك مع جوهر الدين. لمزيد من المعلومات عن تاريخ فارس بعد دخول الإسلام، .