خطة البحث.
مقدمة.
المبحث الأول: التوازن في الاقتصاد الكلي عند كينز.
المطلب الأول: توازن سوق السلع و الخدمات ( منحنى IS " منحنى هانس " ).
المطلب الثاني: التوازن في سوق النـــقد.
المبحث الثاني :السياسة النقدية و المالية.
المطلب الأول:السياسة المالية.
المطلب الثاني: السياسة النقدية.
المبحث الثالث: نقد النموذج الكينزي.
المطلب الأول: نقد أدوات التحليل المستعملة.
المطلب الثاني:نقد سعر الفائدة حسب المنظور الكينزي.
المطلب الثالث: نقد السياسة الاقتصادية المقترحة.
المبحث الرابع :نماذج النمو.
المطلب الأول: نموذج هارود.
المطلب الثاني:نموذج كالدور.
المطلب الثالث: نموذج جوان روبنسون.
خاتمة.
مـــقدمـة:
إن النظرية الكينزية ظهرت نتاجا لظروف اقتصادية، كان يعيشها العالم. والمتمثلة في الكساد العظيم لسنة 1929-1933 والذي صاحبته البطالة، حيث لم تجد النظرية الكلاسيكية الحل لهذه المشاكل. و هذا الوضع أدى إلى إضعاف النظرية الكلاسيكية التي مفادها أن التوازن الاقتصادي هو ظاهرية حتمية، تحكمها قوى السوق(العرض و الطلب ) على أساس أن كل عرض يخلق طلب مكافئ له ( قانون ساي ) . وبذاك جاء كينز بنظريته: "النظرية العامة للعمالة وسعر الفائدة". وركز في تحليله على جانب الطلب الفعال، لأن المشكل في ذلك الوقت كان مشكل طلب و ليس مشكل عرض.
مما سبق يمكن طرح الإشكالية الرئيسية لهذا البحث على النحو التالي:
إلى أي مدى يمكن إثبات صلاحية النموذج الكينزي في تفسير الظواهر الاقتصادية؟
وما هي الانتقادات الموجهة له؟ ما هي النماذج البديلة لذلك؟
لقد قمنا بتقسيم بحثنا إلى مقدمة، وأربعة مباحث وخاتمة.في المقدمة تناولنا عناصر الإشكالية، أما المبحث الأول فتناولنا فيه التوازن في الاقتصاد الكلي عند كينز، وذالك من خلال التطرق إلى التوازن في سوق السلع والخدمات، و التوازن في سوق النقد، وتوازن السوقين معا.
أما في المبحث الثاني، فتناولنا آثار السياسة المالية والنقدية على التوازن الكلـي. و في المبحث الثالث تناولنا نقد النموذج الكينزي من جانب أدوات التحليل، و سعر الفائدة و من جانب السياسات المقترحة. وتطرقنا في المبحث الرابع إلى بعض النماذج البديلة لنموذج كينز.
المبحث الأول: التوازن في الاقتصاد الكلي عند كينز:
النموذج الكينزي الذي جاء على انقاض النظرية الكلاسيكية ( المدرسة الكلاسيكية ) التى لم تجد الحل لآزمة الكساد العظيم سنة 1929 التى كانت تهتم بجانب العرض و اهملت جانب الطلب و فى ازمة 1929 كان المشكل هو مشكل طلب و ليس مشكل عرض فجاء كينز بنظرية الطلب الفعال لتصحيح الاختلالات التوازنية و اهتم بجانب الطلب و بعده مباشرة جاء العالم هانس و درس التوازن فى سوق السلع و الخدمات و العالم هيكس و درس التوازن في سوق النقد .
المطلب الأول: توازن سوق السلع و الخدمات ( منحنى IS " منحنى هانس " )
النموذج الكينزي المتكون من اربع قطاعات ( C , G , I , M-X ) يعتمد على الدخل فقط و لم يأخذ سعر الفائدة و تأثيرة علىY۰
و من الملاحظة أنه لا توجد علاقة مباشرة بين الدخل وسعر الفائدة و لكن هانس بحث على هذه العلاقة غيرالمباشرة وأ وجدها و هي عبارة عن مستويات أسعار الفائدة و ما يقابلها من دخل ( y ,i) و لقد سمي هذا المنحنى بمنحنى . I S (y) f =I (تحليل كينزي )
(i )f =I ( تحليل هانس )
I طلب للموارد المالية
S عرض للموارد المالية
و بالتالى ( I , S ) يحددان بمستويات اسعار الفائدة .
Y I i و بالتالى لا توجد علاقة دالية مباشرة بين مستويات اسعار الفائدة والدخول.
يحدث التوازن فى سوق السلع و الخدمات حسب التحليل الكلاسيكى اذا كان I=S و هانس يزاوج بين التحليل الكلاسيكى و الكينزي حيث يعالج النقائص فى التحليل الكينزي عن طريق الحلول التى وضعت من طرف الكلاسيك.
- تم صياغة شكل دالة الاستثمارعند الكلاسيك كما يلي :
العلاقة بين I، i هي علاقة عكسية.
وضع هانس دالة الإستثمار كما يلي :
عند i =o تحليل كينزي
كما يتم التركيز على I المستقل لا التابع لأن النظام الرأسمالي و الاستثمارات يقوم بها القطاع الخاص .
- ايجاد الدخل التوازني : ما مدى تأثيرة i على Y ؟
نموذج يتكون من 4 قطاعات :
my-oM-oX+oG + ki-oI+ (rT+xT-y)b+a = y
شرط التوازن عند هانس لا يتحقق الا عندما يكون :
I = S
جميع النقاط المتواجدة على مستوى منحنى هانس هي نقاط توازنية بمعنى تحقق التوازن
في سوق السلع و الخدمات .
المطلب الثاني: التوازن في سوق النـــقد.
يتضمن سوق النقود – مثل بقية الاسواق – على جانب العرض و جانب الطلب أي الطلب على النقود و عرضها و تتمتع بالشروط التالية :
1) تمتع بالقبول العام
2) يتميز بالثبات النسبي
3) إبراء الذمة
4) وسيلة للتبادل و مخزن للقيمة و نقل القيم
و يبقى البنك المركزي الجهة الوصية التي تحدد كمية النقد المتداولة.
1- عرض النقود :هي كمية النقد التي يطرحها البنك المركزي من أجل أداء مجمل المعاملات الاقتصادية في اطار هيكل الاقتصاد و يرمز لها بالرمز:
Ms = Mo
و كما تعرف ايضا بحجم الكتلة النقدية أو المعروض النقدي
i لا تؤثر في المعروض النقدي i
الكتلة النقدية تتكون من :
1) نقود قانونية
2) نقود كتابية
3) أشباه النقود
2- الطلب على النقود:
تطلب النقود لخصائصها و من أهم الخصائص التي تجعلها تطلب هي ما يلي :
أ- بدافع المعاملات: تطلب النقود من أجل أداء المعاملات الحالية والآنية
بالنسبة للأفراد المؤسسات على مدار( اليوم، السنة.......) و هذا لا يعني أن الافراد الذين ليس لهم دخول ليس لهم معاملات أي ان هذه النظرية غير مطلقة و عند استلام الدخل لا يتم انفاقه في نفس اللحظة انما ينفق بالتدريج و الفرد الاقتصادي الرشيد لا يوجه كل دخله للمعاملات فقط. y1= 1Md y
1 : الجزء أوالنسبة المقتطعة من الدخل لأداء المعاملات.
Y: الدخل. y1= 1Md
1:Md الطلب على النقد بدافع المعاملات Md1
والعلاقة بين 1 Mdوy علاقة طردية
ب- بدافع الاحتياط : الإنسان بطبعه ميال الى الإحتياط
لمواجهة الطوارئ التي قد يتعرض لها في المستقبل
والتي يتنبأ بها y2= 2Md Y
2 : النسبة المقتطعة من الدخل من أجل الإحتياط .
2Md : الطلب على النقد من أجل الحيطة ( الإحتياط )
Y: الدخل
نلاحظ أن الطلب على النقد بدافع المعاملات والطلب على النقد من اجل الحيطة والحذر لهما نفس العلاقة مع الدخل وتكتب الصيغة كما يلي :
MD1=Md1+ Md2 = 1y+2yMD 1 = y
:هي الجزء المقتطع من أجل المعاملات والإحتياط .
ج- بدافع المضاربة : كينز انطلق من خصائص النقود قد تطلب لذاتها قصد ادرار ربح لآن النقد تعتبر مخزن للقيمة و يمكن تحقيق أرباح من خلال النقود و ذلك بتحويلها الى سندات و هذا ما يطلق عليه بالمضاربة .
و المضاربة هي عبارة عن تداول الأسهم و السندات في السوق رأس المال او هي المفاضلة بين السندات و النقد .
المضاربة تتناسب عكسا مع سعر السوق المعبر عنها في شكل سعر فائدة.
Lo-gi = MD2
Lo: كمية النقد الموجهة للمضاربة
g:ثابت i
اذا كانت : i3
i عالية شراء سندات ( سعر السند منخفض )
تحول النقد لسندات i2
i منخفض بيع السندات طلب للنقد مصيدة السيولة
iأقل مستوى لها سندات أعلى MD1= L0-gi i1
مستوى لها تتخلى على السندات و تحويلها MD2
إلى سيولة أي البيع وهنا يفضل المضارب السيولة المطلقة و يقع في مصيدة السيولة:
د-الطلب الكلي على النقد عند كينز:
gi - Lo + y = MD2+ MD1 = MD i
MD2
MD
MD1
3- التــوازن في سوق النقد :
يتحقق التوازن في سوق النقد لما يتساوى العرض و الطلب أيMD= MS
و يحدد الوضع التوازني قيمة و ما يقابلها من y و يطلق على الآوضاع التوازنية بمنحنى LM (منحنى هيكس ).
كينز في دراسته لنظرية الطلب على النقد اهمل علاقة اسعار الفائدة ﺒـ y حيث اسقط آثار i في سوق النقد و قد سد هذه الثغرة العالم هيكس و لذلك سمي منحنى LM بمنحنى هيكس .
انطلق هيكس من التحليل الكينزي حيث يحدث التوازن الكلي لما
العرض الكلي = الطلب الكلي
الطلب الكلي = الطلب بدافع المعاملات + الطلب بدافع الاحتياط + الطلب بدافع المضاربة Ms=MDMo=y+Lo-gi
الصيغة الحرفية للدخل التوازني في + =LMY
سوق النقد
نستنتج أن العلاقة طردية بينy و i
(i)f=Y =B =Y
و منه :
رسم المنحنى LM
LM
M0 = MD1 + MD2
Ms = MD1 + MD2
عندما تكون i في أعلى مستوياتها تكون كمية النقد للمضاربة = oو بالتالي المعروض النقدي يوجه للمعاملات ( المنطقة الكلاسيكية ).
عندما تكون i في أدنى مستوى لها ,زيادة كمية النقد للمضاربة أي أن المضاربون يفضلون النقد عن السندات فيقعون في مصيدة السيولة .
المطلب الثالث: توازن التوازنين.
يحدث التوازن في السوقين معا لما يتقاطع منحنى LM مع منحنى IS و بذلك فهذه النقطة (y,i) تعتبر نقطة توازن السوقين و لا يمكن أن يتحدد التوازن الكلي في أكثر من نقطة .
1 - إيجاد التوازن جبريا:
- الدخل التوازني في سوق السلع و الخدمات IS:
سعر الفائدة التوازني في سوق السلع و الخدمات :
= ISI
2) الدخل التوازني في سوق النقد: 2MD+ 1MD=MD , MD = Ms
gi-Lo+Xα=MD ,MD=Ms
=lmY
سعر الفائدة التوازني
في السوق النقد:
- يحدث توازن التوازنين لما :
ايجاد سعر الفائدة التوازني :
LMY= IS Y
- ايجاد التوازن بيانيا :
تقاطع منحنى LM و IS
2 3
i i i
1 4 1
S S
3 2
I
نقطة التقاطع تقع على المنحنى IS فهي نقطة توازنية لسوق السلع الخدمات و كذلك تقطع على المنحنى LM فهي نقطة توازنية في سوق النقد و بالتالي فهي توازنية بالنسبة للاقتصاد ككل .
المبحث الثاني :السياسة النقدية و المالية :
تهدف السياستان المالية و النقدية الى جعل الطلب الكلي مساوي الى العرض الكلي داخل الاقتصاد الوطني و الى الحفاظ على استقرار المستوى العام للأسعار.
اذ قد يؤدي وجود فائض الطلب الى جرف الاقتصاد نحوى هاوية التضخم النقدي, في حين يؤدي نقص الطلب الى خلق حالة البطالة داخل الاقتصاد و انخفاض المستوى العام للأسعار .
المطلب الأول:السياسة المالية.
تعرف السياسة المالية للحكومة بأنها مجموعة الاجراءات المتخذة من قبل السلطات الحكومية لتعديل حجم النفقات العامة أو الحصيلة الضريبية من أجل خدمة أهداف اقتصادية محددة , و لا سيما من أجل معالجة البطالة أو التضخم , و يكون لزيادة النفقات العامة نفس اثر تخفيض الضرائب كما يكون لتخفيض النفقات العامة نفس أثر زيادة الضرائب .أدوات السياسة المالية هي( )
1- تغير الإنفاق الحكومي : زيادة G الاثر في سوق السلع و الخدمات زيادة I
G زيادة زيادة الدخل (Y Y')
زيادة سعر الفائدة من i i
[طلب على النقد عرض السندات انخفاض اسعاره ارتفاع سعر الفائدة]
للقيام بالاستثمارات
1 I
i+g
نفرض زيادة حجم الانفاق الحكومي من g0 الىg1 , مع افتراض ثبات المنحنى الضرائب و تؤدي الزيادة في g الى زيادة مباشرة في Y من خلال عملية المضاعف .
و مع افتراض ثبات سعر الفائدة عند مستواه الأول و من ثم ثبات مستوى الاستثمار تؤدي الزيادة في حجم الانفاق الحكومي g إلى زيادة الدخل من 0y إلى 1y متمثلا في انتقال منحنى IS الى جهة اليمين , الا انه لابد من ارتفاع سعر الفائدة عن المستوى 0i بعد زيادة حجم الانفاق الحكوميg تؤدي إلى زيادة حجم العجز الحكومي , إذ تزيد عرضها من السندات الحكومية المطروحة للبيع . و من اجل بيع المزيد من هذه السندات والحصول على النقود المطلوبة لتمويل الزيادة فيg يتطلب رفع سعر الفائدة المدفوعة على السندات . وعموما ، يمكن القول أن زيادة عرض السندات الحكومية يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة في سوق الأوراق المالية ويؤدي إرتفاع أسعار الفائدة على طول LM في وضعه الثابت الى تخفيض حجم الطلب الإستثماري ، متسببا في تقليل أثر الزيادة في الأنفاق الحكومي .
2- تغيير معدلات الضرائب :
يمكن أن يؤدي تخفيض معدلات الضرائب أو زيادة المدفوعات التحويلية الى تحقيق نفس نتائج الزيادة في الإنفاق الحكومي فيما يتعلق بالتأثير على الإنفاق الاستهلاكي ثم مستوى الدخل والفارق الوحيد هي ان تخفيض الضرائب يكون أثره كبير على الإنفاق الإستهلاكي في حين تؤدي الزيادة فيG إلى زيادة حصة الدولة من الإنتاج
شروط التوازن : I(i1+g)=y-c
المطلب الثاني: السياسة النقدية :
تتكون السياسة النقدية للحكومة من مجموعة من القرارات والإجراءات التي تتخذها الحكومة في المجال النقدي مباشرة أو عن طريق البنك المركزي من أجل الثأثير على النشاط الإقتصادي . اما أدوات هذه السياسة فهي تغيير حجم العرض الإسمي M من النقود والتأثير على التوقعات الخاصة بسعر الفائدة .
وتستخدم السياسة النقدية بصورة رئيسية في حالتين لتنشيط الفعالية الاقتصادية و انتشال الاقتصاد من حالة الركود و معالجة مشكلة البطالة أولا و لمعالجة مشكل التضخم ثانيا .
1- أدوات التحكم في المعروض النقدي : و هناك نوعين من الادوات التي يوجه بها البنك المركزي المعروض النقدي للوجهة التي يرديها٠
1-1- الأدوات الكمية ( غ . مباشر ) : و هي التقنيات الكمية التي يستخدمها البنك المركزي و في هذا الاطار :
أ- سعر إعادة الخصم : هو سعر الفائدة التي يفرضها البنك المركزي ( يتلقاه ) نتيجة خصمه للأوراق التجارية ( قبل الاستحقاق ) و يقوم البنك المركزي بتوظيف سعر الخصم حسب الوضع الإقتصادي السائد ( حالة تضخم أو كساد) .
- كساد: عرض كبير من السلع و الخدمات فيجب على السلطات التدخل للحد من الإستثمار و بالتالى رفع سعر الخصم ( سعر الفائدة) للتقليل من السيولة النقدية في البنوك التجارية و بالتالي التقليل من الائتمان ( القروض) وهذا يؤدي إلى التقليل من الاستثمارات ( هامش المخاطرة كبيرة) نتيجة إرتفاع تكلفة الاستثمارفي وضع الكساد بالتالي يقل الإنتاج.
- حالة الإنكماش: بمعنى شح في الإنتاج البنك المركزي يخفض في سعر الخصم مما يحفز البنوك التجارية على طلب السيوة التى تمنح للمستثمرين زيادة الإستثمار
زيادة الإنتاج
ب- الإحتياطي القانوني: هو نسبة مقتطعة من إجمالي ودائع البنوك التجارية لدى البنك المركزي ( إلزام بقوة القانون).
- حالة كساد: يقوم البنك المركزي برفع نسبة الإقتطاع أو الإحتياط القانوني.
- حالة الإنكماش: يقوم البنك المركزي بتخفيض نسبة الإقتطاع أو الإحتياط القانوني.
ج- سياسة السوق المفتوح: هي السوق التي تتداول فيها الأسهم و السندات بيعا وشراءا لأجل تحقيق أهداف إقتصادية.
- حالة الكساد: يتم في هذا الوضع طرح الأسهم و السندات للبيع قصد امتصاص المعروض النقدي[ شروط طرح الأسهم و السندات أكثر إغراء حتى تتم عملية الشراء i ] مما يؤدي إلى قلة السيولة قلة الإستثمار قلة الإنتاج .
- حالة الإنكماش: يقوم البنك المركزي بشراء الأسهم و السندات قصد توسيع المعروض النقدي منح قرض للبنوك التجارية لإعطاء قروض إضافية توسيع القاعدة الإستثمارية زيادة الإنتاج.
إن الوضعية الإقتصادية التي يعيشها البلد و الهدف الذي تطمح الوصول إليه هما المحددان لوجهة المعروض النقدي و ذلك بتدخل البنك المركزي بإستخدام احدى الطرق كسعر الخصم ، الاحتياطي القانوني ، السوق المفتوح.
1-2- الأدوات المباشرة:
أ- الإقناع الأدبي: مجمل التوصيات التي يقدمها البنك المركزي للبنوك التجارية حتى تتلائم مع الحالة العامة للإقتصاد و يطالبها بمديد العون وتكون البنوك التجارية ملزمة معنوية بمديد العون لأنها تعلم ان البنك المركزي هو الملجأ الاخير لها في الإقتراض.
ب- شروط منح القروض : منها رفع سعر الفائدة أو تخفيضها.
ج- شروط الرهن العقاري: تتداول العقارات حجم العقارات يكون كبير
- إن التعامل يتم بين البنك المركزي و البنوك التجارية.
- البنوك التجارية هي مؤسسات تقوم بعملية الإئتمان ( تقبل ودائع وتقدم قروض) و هي تقوم بعملية الوساطة المالية ، كما يمكن لها أن توظف الودائع و تحقق من ذلك إيراد
( خلق تقود الودائع)
- المعروض النقدي قد يزيد عن طريق خلق أموال الودائع من طرف البنك التجاري لكن هذه الزيادة تكون كتابية ( محاسبية نتيجة ترصيد الأموال المتداولة بين البنوك التجارية) و هاته الآلية ترتبط بالبنوك التجارية و الودائع فقط.
2- أدوات السياسة النقدية : إن أدوات السياسة النقدية هي التحكم في المعروض النقدي أو في الطلب النقدي.
1- تغير المعروض النقدي: للتعرف على آثار السياسة النقدية المتمثلة في تغير المعروض النقدي نستعين بمنحنى LM و نفترض ثبات السياسات المالية أي ثبات للمنحنى IS .
نفترض مستوى التوازن الأول من الدخل و الإنتاج هو 0y عند سعر فائدة 0iو عند زيادةالمعروض النقدي يحدث إنخفاض في سعر الفائدة وهذا الإنخفاض من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الطلب الإستثماري ومن ثم زيادة مستوى الدخل و الإنتاج متسببا في إنتقال حالة الإقتصاد من المجموعة( , ) نحو منحنى IS ؤدي الزيادة في الدخل ، بدورها ، إلى زيادة الطلب على النقود لفرض المبادلات متسببة في رفع سعر الفائدة ، و أخير يصل الإقتصاد إلى نقطة التوازن , .
y
خلاصة تأثير السياستين المالية و النقدية على التوازن الإقتصادي الكلي:
يمكن تلخيص أثر السياستين المالية و النقدية على التوازن الاقتصادي الكلي في الجدول التالي:
التفسير
النتيجة سوق السلع و الخدمات (IS)
سوق النقد (LM)
تأثير(+)a,I,G,tr تأثير(-)X,tr,M MS MD
الزيادة النقصان الزيادة النقصان الزيادة النقصان الزيادة النقصان
Y + - - + + - - +
I + - - + - + + -
فعالية السياسة النقدية و المالية : الجدول التالي يلخص فعالية السياستين
الميل
السياسة ميلLM ميلIS
مستوى عمودي مستوى عمودي
السياسة المالية فعالة غير فعالة غير فعالة فعالة
السياسة النقدية غير فعالة فعالة فعالة غير فعالة
المبحث الثالث: نقد النموذج الكينزي:
في أعقاب ظهور "النظرية العامة" عام 1936، أصبحت هناك قائمة طويلة من نقاد المعتقدات الكينزية.لقد هرع البعض للهجوم على كينز، ولكنهم فيما بعد أصبحوا في مصاف الكينزيين، و ليس من شك أن الكثيرين من غير هؤلاء قد نجدهم و قد عزفوا عن التعبير عن أنفسهم في المجلات الاقتصادية، أخرى،كان من الممكن أن تجتذب الانتباه إلى توجهاتهم الفكرية نحو النظام الكينزي.
المطلب الأول: نقد أدوات التحليل المستعملة:
إن النظرية الكينزية اهتمت في تحليلها بجانب الطلب الفعال و المتمثل في الطلب الاستهلاكي و الطلب الاستثماري اللذان يحددان حجم العمالة و مستوى الدخل.
1-1. نقد دالة الاستهلاك :
إن الطرح الأساسي لكينز هو أنه كلما ارتفع الدخل يرتفع الاستهلاك و لكن نسبة ارتفاع الدخل تكون أكبر من نسبة ارتفاع الاستهلاك أي أن الميل الوسطي للاستهلاك يتناقص و أن الاستهلاك هو عبارة عن دالة طردية في الدخل الجاري بميل ثابت و يكون أقل من الواحد C = f(y)
و لقد تم توجيه عدة انتقادات و تعديلات لدالة الاستهلاك الكينزية من أهمها اعتمادها على التحليل في المدى القصير و اعتمادها على التحليل الساكن و يمكن طرح هذا التساؤل.
هل يمكن اعتماد التحليل الكينزي كأداة للتحليل الاقتصادية في الأجل الطويل ؟
لا يمكن اعتماد التحليل الكينزي كأداة للتحليل الاقتصادي في الأجل الطويل لأن كينز يقول أن > أن الزيادة في الدخل تؤدي إلى الزيادة في الاستهلاك باستمرار هذه الزيادات المتتالية في الدخول و الاستهلاك في المدى الطويل تحقق إشباع من الاستهلاك و عليه الزيادة الحاصلة في y لن تذهب للاستهلاك و بالتالي تذهب للادخار. و أن كينز يعتبر الادخار رذيلة اقتصادية لأنه لا ينمي الاقتصاد و بالتالي يعطل فكرة الطلب و عليه فإن التحليل الكينزي يصلح اعتماده إلا في الأجل القصير،و بالإمكان إيضاح ضعفه النظري أيضا. لقد أوضح كزنتس ، إحصائيا ، أن نسبة الادخار إلى الدخل القومي في الولايات المتحدة لم تتغير من 1879 – 1888 حتى 1919 – 1928 رغم حدوث تزايد هام في الدخل الفردي خلال هذه الفترة.(1) ولقد جاءت عدة نظريات ساندت كزنتس و أخرى قامت بانتقاد كينز في جوانب نذكر أهمها :
أ-نظرية الدخل النسبي:
أثبت جيمس ديوزنبري أن الاستهلاك هو دالة تابعة للدخل النسبي ؛و هو عبارة عن الدخل نسبة لدخول الأفراد الآخرين أو استهلاكهم و نسبة إلى الدخل السابق أو الاستهلاك السابق ، و لقد لاحظ ديوزنبري بأن الميل الوسطي للاستهلاك ما هو إلا دالة تعكس وضعه الاقتصادي نسبة إلى جيرانه( )
والإنفاق الاستهلاكي يصبح مكتسب بالعادة (الاحتفاظ بأكبر استهلاك)بمعنى التأثـر بالمحيط -أي أبعاد نفسية- و يحاول أن يتمسك بأعلى مستويات استهلاكية وصلها حتى لو تراجع الدخل الجاري.
و صاغ دوزمبري نظريته كما يلي : C = f(yc ,ypp)
yc : الدخل الجاري
ypp: أعلى دخل سابق
عند انخفاض الدخل يحاول المستهلك الاحتفاظ بإنفاق أعلى على أساس ypp.
لقد توصل دوزنبري إلى الخلاصة التالية :
زيادة مستمرة فيy تكون العلاقة بين ِC و y علاقة تناسبية. إذا تراجع الدخل فان تراجع الاستهلاك يكون أقل من تراجع الدخل وهذا للحفاظ على أعلى استهلاك تعود عليه و تكون العلاقة بين ِC و y غير تناسبية.
و لأن نظرية الدخل النسبي تقوم على أبعاد نفسية تم رفضها و استبعادها كأداة للتحليل.
ب-نظرية الدخل الدائم :
يرى فريدمان مثل جيمس ديوزنبري ،بأن العلاقة بين الاستهلاك و الدخل في المدى الطويل هي علاقة تناسبية (2)حيث يقول أن الاستهلاك في المدى الطول يتحدد وفق توقعات الأفراد لدخولهم المستقبلية و قد ربط ميلتون فريدمان نظريته بالدخل الدائم دون الدخل المؤقت (العابر) وذلك لأن الدخول العابرة لا تحدث بصفة دورية خلال الآجال الطويلة هذا من جهة و من جهة أخرى هذه الدخول العابرة تمثل خسارة لأفراد آخرين إذن فالحصة تساوي 0.
ج-نظرية الدخل المطلق :
تعتبر دالة الاستهلاك الكينزية أنها دالة دخلية لأن أي تغير حاصل في الاستهلاك منشأه التغير الحاصل في الدخل.
ولقد قام العالم كوزتنس بدراسة ميدانية انطلاقا من إحصائيات بدالة الاستهلاك لأمريكا مدة قرن و زيادة و قد انطلق من دالة الاستهلاك الكينزية و قسم فترات الزمن إلى مجموعة من السلاسل الزمنية متداخلة فيما بينها.بفرض سنة 1800 البداية و سنة 1920 النهاية
و في الأخير توصل إلى أن شكل دالة الاستهلاك في كل سلسلة زمنية يتطابق مع دالة الاستهلاك الكينزية C= a + by و لكن خلال كل الفترة (المدى الطويل) استنتج أن دالة الاستهلاك أصبحت من الشكل التالي C = b y أي a = 0
حيث أصبحت العلاقة بين C و Y هي علاقة طردية تناسبية.
د- نظرية دورة الحياة :
تقوم هذه النظرية على أن الاستهلاك دالة في الدخل و أخذوا بعين الاعتبار الدخل المتوقع و بذلك فان هذه النظرية تقوم بتوزيع ثروته على مختلف مراحل حياته للحفاظ على نفس المستوى المعيشي.
و تقوم هذه النظرية على فرضيتين هامتين هما :
- الاستهلاك دالة ثابتة في الدخل :C يعتمد على الدخل (لأن ليس كل فرد لديه ثروة)
- الاستهلاك الآني الجاري يعتمد على y و حجم الثروة لدى الشخص.
وأن الإنسان في بداية عمره يكون استهلاكه كبيرا ففي أغلب الأحيان يكون استهلاكه أكبر من الدخل مما يجعله يتجه للاقتراض. لكن عندما يصبح متوسط العمر (40 سنة إلى 45سنة) فانه يصبح يدخر و هذا حتى يتمكن من الحفاظ على نفس المستوى من الاستهلاك بعد التقاعد. حيث بعد التقاعد يستعمل مدخراته إلى أن يموت.
و يمكن توضيح دالة الاستهلاك في المدى الطويل رياضيا كما يلي :
C = (1/T)W + (R/T)y حيث
Y : الدخل
R : فترة عمله (سنوات عمله)
T: فترة حياته
W : ثروته الأولية
و منه فإن الميل الوسطي للاستهلاك هو كما يلي:
PMC = C /y = 1/T * W/y + R/T
ففي الأجل الطويـل الثروة "C" و الدخـل "y" يتزايدان بنفس النسبة و بالتالي ثبات المقدار( ) وبذلك PMC يبقى ثابت۰
1-2 - نقد دالة الاستثمار :
من المعلوم أن الاستثمار، طبقا للكينزيين ،يلعب دورا أساسيا في النشاط الاقتصادي فمن جهة يحدد مستوى الاستثمار و مستوى الاستهلاك وهما يحددان معا مقدار الطلب الفعلي و بالتالي الدخل و العمالة ،و من جهة أخرى فإن كل تزايد في الاستثمار يؤدي، من خلال آلية الكاثور، إلى تزايد أكبر نسبيا في الدخل و العمالة.(1)
لقد اعتبر كينز أن أسعار الفائدة هي المحدد الأساسي للاستثمارات و بذلك فإن أسعار الفائدة اعتبرها تكلفة تقف أمام الاستثمار. و لقد أوضح كينز أن هبوط الفعالية الحدية لرأس المال يرجع إلى تراجع المشاريع و أن هذا التراجع يرجع إلى أسباب موضوعية و ذاتية.
الأسباب الموضوعية اعتبرها كينز في القرن التاسع عشر كانت كبيرة بسبب المكتشفات الجديدة و الحروب الاستعمارية و أما في عصرنا فإن مجتمعنا أصبح هرما كامل التجهيزات.
وعلى مستوى الأسباب الذاتية فإن أفراد الماضي كانوا يتحلون بطابع حماسي على عكس ذلك فإن المجتمع الحديث ضعفت لديه روح المبادرة.تبدو تفسيرات كينز غير منطقية لأنه لا يفرق بين حالة اقتصاد راكد و حالة اقتصاد نام.
وفي حالة اقتصاد نام يكون تراكم رأس المال سريعا و بذلك فان التوسع في الاستثمارات مبرره هو التوسع في الأسواق الناتج عن التراكم في رأس المال. و بالتالي لا يحق لكينز التحدث عن ضعف الفعالية الحدية لرأس المال بصفة عامة.
ينبغي القول بأن ضعف الفعالية الحدية لرأس المال يكون نتيجة إعاقة تراكم رأس المال و ليس سببا له.
المطلب الثاني:نقد سعر الفائدة حسب المنظور الكينزي :
لقد افترض كينز أن المعروض النقدي عامل خارجي، و افترض استقلال دالة(تفضيل السيولة) بالنسبة لتراكم رأس المال.
لقد أكد كينز استقلالية المعروض النقدي لاقتصاد ما. إن كمية النقود التي تعرضها البنوك تتوافق مع مستوى المعاملات و قيمتها و بالتالي يتوقف سعر الفائدة الذي تفرضه البنوك على حجم الطلب على السيولة و الذي بدوره يتحدد بمستوى المعاملات و المستوى العام للأسعار. و كل هذه العناصر ليست مستقلة عن تراكم رأس المال. لقد افترض كينز أن تفضيل السيولة هو العامل الأساسي الذي يحدد سعر الفائدة و لكن إذا حللنا تفضيل السيولة فنجدها طلب أرصدة أصولية و طلب أرصدة معطلة و أن طلب أرصدة أصولية سوف تغطيها البنوك التجارية و المركزية و بالتالي لا دخل لها في رفع سعر الفائدة.
ولا توجد علاقة بين طلب النقود من أجل الاكتناز و بين ارتفاع أسعار الفائدة.
وبما أن النظرية الكينزية لسعر الفائدة لا تعطي الحجج و البراهين بالنسبة لاستقلال عرض النقود و لا على تفضيل السيولة فإن هذه النظرية لا تلقى تفسيرا لسعر الفائدة و بذلك فان هذه النظرية تفتح أمامنا الباب لتحديد القوى التي تحد سعر الفائدة.
إن مقترضي الأموال سيقبلون على الاقتراض بشرط ألا يزيد سعر الفائدة على نسبة معينة من الربح و بالتالي فمن الخطأ القول أن سعر الفائدة المرتفع هو عائقا للاستثمار و لكن لن يحدث ذلك إذا صاحب ارتفاع سعر الفائدة ارتفاعا في الأرباح.
كينز أهمل دور الادخار في تحديد سعر الفائدة و لكن حينما تقرر المؤسسة توسيع مشاريعها الاستثمارية فإنها تتجه إلى طرح سندات و أسهم في السوق التي تتجه إلى البنوك التي تتوفر على رؤوس الأموال و في كلا الحالتين فان سعر الفائدة سيتوقف في المدى الطويل على حجم الأموال المعروضة في السوق أو المتواجدة في البنوك، و أن حجم الادخار يلعب دورا مهما في تحديد سعر الفائدة.
المطلب الثالث: نقد السياسة الاقتصادية المقترحة :
لقد رأينا أن التحليل الكينزي للعمالة يؤدي منطقيا إلى اختيار الدولة لسياسة مالية و لميزانية ناجعة. و هنا يطرح سؤالان :
هل هذه السياسة الاقتصادية ممكنة؟ و هل هي فعالة؟
1) -إمكانية السياسة الاقتصادية :
لقد تم تطبيق السياسات الاقتصادية الكينزية في العديد من دول العالم و بالأخص في الولايات المتحدة. لقد اتفق الرأسماليون على رفع النفقات العامة و الذي يكون صريحا لهم و بالتالي فإن الدولة لن تستطيع أن تحصل منهم عن طريق الضرائب و القروض لتمويل هذه النفقات و بالتالي تلجأ إلى الإصدار النقدي لتمويل هذه النفقات و بالتالي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار أي إلى التضخم المالي. و أنه ليس من صالح الرأسماليين أن تتدخل دائما الدولة لدعم العمالة الكاملة لأنهم يصبحوا لا يستطيعون التفاوض على الأجور و بالتالي نقع في تناقض ، من وجهة الطبقة الرأسمالية.
2) - فعالية السياسة الكينزية :
إن السياسة الاقتصادية الكينزية تهدف إلى تدخل الدولة بشكل واسع في توجيه الاقتصاد و لمعرفة فعالية هذه السياسة. يكفي فهم أن تقدم تراكم رأس المال الذي يسمح به تدخل الدولة يطرح عام بعد عام مشكلة استعمال الأرباح المحققة خلال المرحلة السابقة (1)و بالفعل فان تدخل الدولة لا يغير أساسيات النظام الاقتصادي و لكن تأخير ظهور آثاره۰
و بالنسبة للسياسة التجارية التي يفترضها الكينزيون المتمثلة في زيادة الصادرات و تخفيض الواردات وهذه السياسة ستلقى معارضة شديدة من طرف الدولة التي تتعامل معها و بانضمام معظم دول العالم لمنظمة التجارة العالمية و إتباع سياسة تحرير الاقتصادية و بالتالي فإن هذه السياسة أصبحت لا تطبق في وقتنا الحالي.
المبحث الرابع :نماذج النمو:
كانت النظرية العامة لكينز نتاجا لظروف تطور الرأسمالية خلال فترة ما بين الحربين و جاءت لعلاج المشكلة التي حلت بالعالم عام 1929-1933 و هي مشكلة الكساد العظيم و البطالة و اقتراحها لبعض السياسات النقدية و المالية لعلاج مشكلات تصريف الإنتاج و البطالة و الطاقات العاطلة.
لكن بعد الانتهاء من الحرب العالمية الثانية بدأ الفكر الكينزي يفقد مفعوله و هنا بدأ الكينزيون يكتشفون أن ثمة نقيصتين تتسم بهما النظرية العامة و هما : أن النظرية العامة لكينز هي نظرية خاصة بالأجل القصير فقط و النقيصة الثانية هي أن النظرية العامة قد اتسمت بطابعها السكون و بذلك فهي لا تأخذ بعين الاعتبار حركة النظام الرأسمالي و مشكلاته و مستقبل النمو فيه و توازنه الديناميكي عبر الزمن.
و لقد اكتشف الكينزيين هذه النقائص بعد الأزمة الاقتصادية التي عاشتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب في عام 1948-1949 و لم يحل هذه الأزمة سوى إندلاع الحرب الكورية 1950-1954 و تزايد الإنفاق العام على التسلح و الحرب. و لم تكن حال الدول الأوروبية في تلك الفترة أحسن من ذلك.
و بذلك فإن هذه الأزمة بينت أن النظرية العامة عاجزة عن إيضاح لماذا يبتعد النظام الاقتصادي ، بين فترة و أخرى ، عن تحقيق التوازن الكلي المستقر و أن طبيعة جهازها التحليلي عاجز عن تفسير حدوث الأزمات على المدى الطويل و من ناحية أخرى أدى ظهور النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي و أوروبا الشرقية في علاج مشكلات الحرب… أرغم عدد كبير من المفكرين داخل البلدان الصناعية الرأسمالية على تعميق الاهتمام بقضايا التراكم و النمو و التوازن ، لتحقيق معدلات مرتفعة للنمو عبر الزمن في مجال السباق السلمي بين النظامين. و نتيجة لذلك ، كان من الطبيعي أن تعود قضية النمو في المدى الطويل لتطرح نفسها بقوة على الكينزيين. هذه العوامل الثلاثة (الأزمات الاقتصادية في البلدان الصناعية الرأسمالية في عالم ما بعد الحرب ، و تعاظم نمو الاشتراكية عالميا ، و طرح مشكلة التنمية الاقتصادية بالبلدان النامية حديثة الاستقلال) كانت وراء الكينزيين بقضية النمو طويل الأجل للنظام الرأسمالي. و هنا بدأ الكينزيون في توسيع مجال اهتمامهم و تطوير أدواتهم التحليلية لتلافي النقيصتين المشار إليهما آنفا.
و في الأخير تم طرح السؤال لماذا يعجز النظام الرأسمالي عن الوصول إلى هذا المعدل؟
و للإجابة على هذا التساؤل كان علينا أن نتطرق إلى ثلاث نماذج للنمو مهمة هي
1) نموذج هارود
2) نموذج كالدور
3) نموذج جوان روبنسون
المطلب الأول: نموذج هارود :
يعتبر الاقتصادي البريطاني روي ف.هارود من أوائل الذين طوروا الفكر الكينزي في مجال نماذج النمو ، وبذلك فكانت المشكلة لدى هارود هي البحث في ذلك المعدل الذي يتعين أن ينمو به الدخل القومي على المدى الطويل ، حتى يمكن المحافضة على التوظف الكامل و تجنب حدوث البطالة و الكساد. و قد انطلق هارود من الافتراضات التالية :
أولا: أن الادخار يمثل نسبة ثابتة من الدخل القومي ، وقد افترض أن دالة الادخار تشمل كلا من الادخار الحدي و الادخار المتوسط.
ثانيا: أن الاستثمار دالة للتغير في مستوى الدخل، و أن التغير في الدخل يعتمد على المعجل Accelerotor الذي يوضح تلك العملية التي بموجبها، تؤدي التغيرات في الطلب على السلع الاستهلاكية إلى تغيرات نسبية أكبر في الطلب على المعدلات الإنتاجية المستخدمة في إنتاجها.
ثالثا: أن هناك تطابقا بين الاستثمار المتحقق و الادخار المتحقق باعتبار أن ذلك شرط توازني ، و أنه إذا اختل هذان المتغيران فلا بد أن يطرأ اختلال على التوازن الاقتصادي العام حيث يحدث التضخم ( في حالة زيادة الاستثمار على الادخار) أو بطالة و ركود (في حالة زيادة الادخار على الاستثمار).
رابعا: أن النمو في الدخل يساوي معدل الادخار مقسوما على معامل المعجل ، أو:
حيث : w G: معدل النمو
S: الادخار
V: المعجل
و قد أطلق دومار على Gw معدل النمو المرغوب فيه ، و في أحيان أخرى كان يطلق عليه أيضا معدل النمو التوازني.
و بما أن الادخار المتحقق يتعادل دائما مع الاستثمار المتحقق ، فإن مستوى الدخل و المستوى القابل للادخار يحددان كمية الاستثمار المتحقق. فإن هذه الحالة لن يكون لرجال الأعمال أي حوافز لتفسير قراراتهم و خططهم الإنتاجية و الاستثمارية لأن الدخل هنا ينمو عند المعدل المرغوب فيه. فلو افترضنا أن النمو المتحقق للدخل كان أقل من النمو المرغوب فيه ، ففي هذه الحالة سيكون الاستثمار المقدر أقل من الادخار المتحقق و الاستثمار المتحقق و عندئذ تنشأ مشكلة تراكم في المخزون السلعي غير المرغوب فيه مما يدفع رجال الأعمال إلى زيادة إنتاجهم بمعدل أقل مما كان عليه و هنا تظهر بطالة و طاقة عاطلة.
أما إذا كان معدل النمو الفعلي أكبر من معدل النمو المرغوب فيه ، فإن الاستثمار المقدر يكون قد تجاوز الاستثمار (الادخار) المحقق و مما يؤدي إلى ظهور مشكلة التضخم.
وبصفة عامة يعتمد هارود، أنه إذا انحرف معدل النمو الفعلي عن المعدل المرغوب فيه فإنه تكون هناك صعوبات شديدة في إعادة المساواة بينهما.
و فيما بين معدل النمو الفعلي و معدل النمو المرغوب فيه اقترح هارود وجود معدل نمو ثالث، هو معدل النمو الطبيعي أو ما أسماه أيضا: بمعدل نمو التوظف الكامل، والمقصود بذلك، أقصى معدل للنمو تسمح بع عمليات تراكم رأس المال، و النمو في القوى العاملة، و التحسينات التكنولوجية، و الذي عنده يتحقق التوظف الكامل و طبقا لنموذج هارود، فإن الوضع الأمثل يتحقق لو أن معدل النمو الفعلي = معدل النمو المرغوب فيه = معدل النمو الطبيعي. فعند هذا الوضع يكون هناك استقرار، بمعنى أنه لن توجد ضغوط لظهور البطالة أو التضخم.
المطلب الثاني:نموذج كالدور:
ينتمي نيكولاس كالدور و جوان روبنسون إلى مدرسة كامبردج. و قد شكلت أفكار كالدور و روبنسون ما أصطلح عليه بنظرية النمو و التوزيع لما بعد كينز. وقد تميزت هذه النظرية بخلوها من أفكار الحديين التي كانت تنص على أن دخل أي صاحب عنصر من عناصر الإنتاج يعادل إنتاجيته الحدية. كما تخلو أيضا من أفكار النيوكلاسيك التي كانت تشير إلى أن النمو يتحدد بمجرد وفرة الموارد و سرعة التقدم التكنولوجي.
كما أن تلك النظرية تولي تراكم رأس المال و الميل للادخار و علاقة ذلك بتوزيع الدخل، و أهمية محورية في تفسير النمو.
و قد انطلق كالدور من مقولة أساسية تقول، إن معدل النمو يتوقف على معدل التراكم ، و معدل التراكم يتوقف على الادخار. و نظرا لأن الطبقة الرأسمالية، و هي ذات دخل أعلى لها ميل مرتفع للادخار، بينما يكون ميل الطبقة العاملة للادخار منخفضا، فإن مشكل توزيع الدخل يحدد في النهاية معدل النمو وهكذا، فان نقطة البداية عند كالدور هي الارتباط الوثيق بين النمو و التراكم من ناحية، و توزيع الدخل القومي من جهة أخرى.
و بناء على هذا الإطار، انطلق كالدور يحلل مسألة التوازن الاقتصادي في الأجلين القصير و الطويل، وذلك من خلال آليات توزيع الدخل القومي و ما تحدثه هذه الآليات من آثار.
فإذا كان في الأجل القصير الاستثمار أكبر من الادخار، عند مستوى التوظف الكامل، فإن ذلك يؤدي إلى الارتفاع العام للأسعار و بشكل أعلى من ارتفاع الأجور (حدوث تضخم) و هنا يتغير توزيع الدخل لمصلحة الملاك في حين ينخفض نصيب الأجور من الدخل، مما يؤدي إلى زيادة الادخار و عندئذ يتساوى الادخار و الاستثمار و يتحقق التوازن أما إذا احدث العكس، بأن كان الادخار أكبر من الاستثمار فإن المستوى العام للأسعار يتجه إلى الانخفاض، و بسرعة أكبر من سرعة هبوط الأجور و في هذه الحالة ينخفض الادخار القومي، بسبب انخفاض النسبة لكاسبي الأرباح (الملاك)، إلى أن يساوي الادخار القوي مع الاستثمار القومي و يتحقق التوازن و هذا ما يعرف بمصطلح "أثر كالدور".
أما في الأجل الطويل، فإنه بفرض ثبات معدل الادخار الإجمالي، و بفرض ثبات معامل رأس المال، فإن زيادة معدل النمو، تتطلب زيادة معدل التراكم، و هو ما يتطلب إعادة توزيع الدخل لمصلحة أرباب لعمل.
و قد وجهت عدة انتقادات إلى نموذج كالدور فهناك نقد موجه لأنه افترض ثبات معدل الادخار القومي عبر الزمن و هذا أمر لا تدعمه الوقائع.
كما أن بيان كالدور لحركة الأسعار و الأجور، و هي تتغير حينما يحدث عدم استقرار اقتصادي، هي مسألة لا تحدث إلا بصورة عرضية، ناهيك عن أن ثمة مبالغة شديدة خلعها كالدور على الدور الذي يلعبه تراكم رأس المال في تحقيق النمو ،و أهمل بذلك إمكانات تحسين معدلات النمو من خلال زيادة كفاءة المدخلات من العمل و رأس المال، كما أن تحليل كالدور لم يوضح الحركات الدورية التي تطرأ على النظام.
المطلب الثالث: نموذج جوان روبنسون:
رغم تقدير و امتثال جوان روبنسون لأستاذها كينز إلا أنها وجهت انتقادا يتمثل في افتراض كينز لفاعلية نظام السوق و قوى العرض و الطلب و إهماله قوة الاحتكارات في النظام الرأسمالي. (1)
و لقد تطرقت في كتابها الشهير "تراكم رأس المال" الصادر عام 1956 إلى متناقضات النظام الرأسمالي و إدخالها سيطرت الاحتكارات في صلب التحليل.
وكانت المشكلة الأساسية التي تبحث عن إجابة لها في نموذجها تتمثل في البحث عن المعدل الأمثل الذي يكفل توزيع الدخل القومي على نحو يضمن استمرار النمو في الطلب الكلي و بشكل يجاري النمو في الإنتاج و يحقق التوظف الكامل و كيف يضمن النظام لنفسه هذا التوزيع، و عبر أي الآليات يمكن تحقيق هذا. و قد انطلقت جوان روبنسون في نموذجها من الفروض التالية :
1) أن الاقتصاد القومي يتكون من قطاعين، أولهما ينتج سلع وسائل الإنتاج، و الثاني ينتج السلع الاستهلاكية.
2) ثبات الفن التكنولوجي من ثم ثبات المعاملات الفنية للإنتاج.
3) أن معدل الاستثمار هو المتغير الخارجي الأكثر أهمية في تحقيق النمو.
و لقد ركزت جوان روبنسون علة معدل الأجور الحقيقية (عكس كينز) حيث أثبتت أن انخفاض معدل الأجور الحقيقية يؤدي إلى تخفيض الطلب الاستهلاكي ، الذي يؤثر بدوره على عملية تراكم رأس المال، و من هنا ينخفض معدل الربح و تظهر البطالة.
و ترى جوان روبنسون أن الاحتكارات هي المشكل في عملية تأخير النمو. و ظهور الركود الاقتصادي و البطالة ففي حالة الاحتكار يكمن لمعدلات الربح أن ترتفع، ليس كنتيجة لمعدلات التراكم المرتفعة، بل نتيجة لفائدة المحتكرين على رفع الأسعار، و بذلك فان في الغالب أن زيادة الدرجة الاحتكارية تؤدي إلى زيادة نصيب الأرباح من الدخل القومي على حساب تدني نصيب عنصر العمل مما يؤدي إلى خفض الطلب الاستهلاكي الكلي و اتجاه الاقتصاد إلى الركود و البطالة.
و ترى روبنسون أن مدى نجاح النقابات في ضغطها على أرباب العمل لزيادة الأجور يؤدي إلى عدم ظهور الركود و البطالة. أما في حالة المنافسة فإنها ترى وجود توافق بين الأسعار و التكاليف و أن الأجور ترتفع مع ارتفاع الإنتاجية٠
الخــاتــمة:
كينز أسهم في تخفيف حدة أزمة الكساد العظيم. وذالك من خلال تبنيه سياسة الطلب الفعال، ومناداته بضرورة تدخل الدولة بتفعيل هذا الأخير، عن طريق السياسة المالية و النقدية، و لكنه أهمل جملة من العناصر الأساسية التي لها دور أساسي في التوازن الكلي، فكينز لم يأخذ سعر الفائدة و تأثيره على الدخل في السوقين (سوق السلع والخدمات وسوق النقد ). و لكن كل من هانس و هيكس تطرقا إلي هذه العلاقة الغير المباشرة و أوجداها، و عالج هانس و هيكس نقائص كينز بالحلول التي وجدت في التحليل الكلاسيكي، و أكد هانس أن التوازن في سوق السلع والخدمات يحدث لما I=S. و أوجد الثنائية (i,y) التي تحقق التوازن في سوق السلع و الخدمات.
لقد أجمع معظم العلماء الذين جاؤا بعد كينز، أن النموذج الكينزي لا يصلح إلا في المدى القصير، و انه يعتمد على التحليل الساكن، و بذلك فهو لا يأخذ بعين الاعتبار حركة النظام الرأسمالي. لقد افترض كينز، أن تفضيل السيولة هو العامل الأساسي الذي يحدد سعر الفائدة، وأهمل دور الادخار في ذالك.
إن كينز يؤكد على ضرورة تدخل الدولة في توجيه الاقتصاد، و هذا في بعض الأحيان يؤدي إلى التعارض مع مصالح الرأسماليين، خاصة فيما يخص التفاوض حول الأجور، و أن تدخل الدولة لا يغير أساسيات النظام الاقتصادي، و لكن يؤدي إلى تأخير ظهور آثاره۰
قائمة المراجع.
1)- ضياء مجيد الموسوي، النظرية الاقتصادية( التحليل الاقتصادي الكلي)،ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثالثة،2005.
2)- عبد اللطيف بن أشنهو " مدخل الاقتصاد السياسي "، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الرابعة2003.
3)- عمر صخري،التحليل الاقتصادي الكلي،ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الرابعة2003.
4)-رمزي زاكي،الاقتصاد السياسي للبطالة ، عالم المعرفة.