أولا- ماهية تأمين ائتمان الصادرات
ثانيا- أهمية تأمين القرض عند التصدير
ثالثا – معوقات تطور تأمين القروض في إفريقيا
أولا- ماهية تأمين ائتمان الصادرات
سنتطرق في البداية إلى مفهوم تأمين القرض عند التصدير من خلال التعرض لأهم المصطلحات التي ترد في عقد التأمين بالإضافة لأهم التعاريف المستعملة في تأمين القرض عند التصدير ،لنصل في النهاية إلى أهمية هذه الأداة في تنمية الصادرات من خلال الضمان الذي تقدمه البنوك .
سنسرد بعض مصطلحات عقد التأمين ليتسنى لنا معرفة الأطراف المكونة لعقد التأمين، وماذا يقصد بكل طرف، ليتم تفسير عقد التأمين وفق معناه الحقيقي.
1- تعريف تأمين القرض عند التصدير :
توجد تعاريف كثيرة لتأمين القرض عند التصدير ينصب معظمها في مجرى واحد ، سنتطرق لأهمها:
أ-التعريف الأول:
يعتبر تأمين ائتمان الصادرات وسيلة من وسائل التمويل المصرفي لائتمان التصدير من خلال إصدار وثيقة تأمين أثناء التصدير تقدم الحماية ضدالأخطار التجارية وغير التجارية، وهو جزء مكمل لعملية تمويل الصادرات(3).
وعليه قد ورد تأمين ائتمان الصادرات في حالات كثيرة متمما لدور مؤسسات الائتمان، بالإضافة إلى الطرق التقليدية لتسهيل تمويل الصادرات نجد وكالات تأمين الصادرات تقدم أساليب منح ضمانات مباشرة غير مشروطة لمؤسسات التمويل.
وفي ظل هذه المشروعات و التي تعرف بضمانات التمويل أو بضمانات البنوك ،فإن وكالة تأمين الصادرات تضمن بصورة مباشرة مؤسسات التمويل ضد خطر عدم السداد لأي سبب كان ،وتزود هذه التسهيلات البنك الممول بالضمان الكامل وتمكن من طلب سعر فائدة منخفض عن ذلك الذي كان سيفرض
بدون هذه التسهيلات.
ب- التعريف الثاني :
تأمين القرض عند التصدير، هو نوع من التأمين يقوم بتأمين البائعين ضد إفلاس أو إعسار المشترين، ويتم بوجه عام على أساس رقم الأعمال الإجمالي، حيث تغطي جميع مبيعات المؤمن مقابل قسط سنوي يحدد على أساس حجم المبيعات. ويقلل من تعرض المؤمن للمخاطر بتعيين حد للتأمين على المستحقات الواجبة على مشترى معين في تاريخ معين (4).
نستخلص من خلال هذا التعريف مايلى:
أ-يؤمن تأمين القرض عند التصدير ضد المشترين ؛
ب-يتم هذا النوع من التأمين بوجه عام على أساس رقم الأعمال الإجمالي مقابل قسط سنوي؛
ج-يقلل هذا النوع من التأمين من تعرض البائع للمخاطر.
ج-التعريف الثالث:
يعرف BASTIN تأمين القرض عند التصدير بأنه "أداة تأمينية تسمح للدائنين مقابل دفع أقساط لشركة التأمين من تغطية مخاطر عدم تسديد الديون
الناتجة عن الأشخاص العاجزين" (5).
من خلال التعريف والملاحظة المستخلصة منه نجد أن مجموع مكونات التأمين العادي موجودة في هذا النوع من التأمين مع فرق وحيد هو أن الشيء المؤمن في تأمين القرض هو الدين .كما أن هدف كل منهما يختلف عن الآخر، فالهدف الرئيسي لتأمين القرض هو تشجيع التصدير والتطور الاقتصادي للبلد.
د-التعريف الرابع:
تأمين القرض عند التصدير هو "أداة لضمان الأخطار الإضافية فقط ،عندما يكون المشتري والبائع لا ينتميان إلى نفس الفضاءات الجغرافية ،السياسية ،اللغوية ،التجارية ،القانونية ،القضائية و إلى نفس العادات والتقاليد ،أي غير موجودين في نفس البلد" (6).
من خلال هذا التعريف يمكن القول بأن تأمين القرض عند التصدير هو ضمان إضافي يغطي الأخطار ذات الخصوصية التي لا تغطيها شركات التأمين الأخرى أي الأخطار المالية ،معنى هذا أنه لا يمكن تغطية الأخطار المادية من طرف شركات تأمين القرض عند التصدير ، هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن الأخطار الإضافية يجب أن تكون متعلقة بعقد بيع بين مشتر وبائع لا ينتميان لنفس البلد أي لا تجمعهما الفضاءات التالية :
-الجغرافية.
-السياسة.
-التجارة.
-القانونية، القضائية.
-العادات والتقاليد.
ه- التعريف الخامس :
وقد عرف كني Kengne في رسالته عقد ضمان ائتمان الصادرات بأنه " تعهد المؤمن, في مقابل سداد قسط, بتعويض الدائنين في حالة عدم سداد ديون مستحقة على مشترين أجانب معينين في حالة إعسار أو الامتناع عن السداد, أو في حالة التوقف النهائي للصفقة, أو فشـل مجهودات التنقيب في الأسواق الخارجية " (7).
و نأخذ على هذا التعريف السابق الملاحظات التالية:
- كان من الأفضل أن يستخدم مصطلح "مانح الائتمان" أو" المؤمن له " بدلا من "الدائنين"لأن ليس كل مانح ائتمان أو قد قام بالتأمين على دينه؛
- استخدام كلمة "معينين " لا يتفق مع ما جرى به عمل هيئات الضمان و التي تمنح بعض الحرية لمانحي الائتمان فتسمح لهم بالتعامل مع مشترين غير محددين سلفا في حدود معينة ؛
- لم يوفق المؤلف في استخدامه لكلمة "مشترين أجانب " إذ أن المعيار في ضمان ائتمان الصادرات ليس في كون المشتري أجنبيا, وإنما يجب أن يكون في بلد غير بلد مانح الائتمان؛
- اقتصر المؤلف المخاطر التي يشملها الضمان في الإعسار والامتناع عن السداد فقط دون غيرها من المخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها مانح الائتمان.
و-التعريف الشامل :
بعد أن قدمنا أربع تعاريف حول تأمين القرض عند التصدير نحاول أن نعطي تعريفا شاملا لتأمين القرض عند التصدير : فهو وسيلة من وسائل التمويل المصرفي و أداة تأمينية تسمح للدائنبن مقابل دفع أقساط لشركة التأمين (قد تكون شركة حكومية أو خاصة أو مختلطة) من تغطية المخاطر التجارية وغير التجارية للقرض المرتبطة بعمليات التصدير فيما بين الدول ،كما أنه أداة من أدوات تنمية الصادرات من خلال ضمان الائتمان المرتبط بالتصدير بين مشتر محلي وبائع أجنبي.
من هذا التعريف نستخلص النقاط التالية :
1-تأمين القرض عند التصدير:يدخل ضمن دائرة تأمينات التجارة الخارجية.
2-تأمين القرض عند التصدير من وسائل تمويل الصادرات.
3-تأمين القرض عند التصدير أداة لتنمية الصادرات.
4-يختلف تأمين القرض عند التصدير عن التأمينات العادية الأخرى لأنه يؤمن الدين وليس الشيء.
5-كثرة العمليات التي يؤمنها هذا النوع من التأمين.
2- التطور التاريخي لفكرة ضمان ائتمان الصادرات:
نهدف من خلال هذه النقطة إلى الوقوف على البدايات الأولى لفكرة ضمان الائتمان حتى نوضح ظروف نشأته ومعرفة المبادئ التي قامت عليها.
أ – ضمان الائتمان في القرن الثامن عشر: ترجع البدايات الأولى لضمان الائتمان إلى عام 1966 في ألمانيا عندما قدم الأستاذان فرم WURM وبوش BUSH لوزير المالية ببروسيا فون دير هورست مشروع لآلية لضمان الائتمان تحتكرها الدولة ولكن لم يلتفت إلى هذا المشروع آنذاك (
.
ب– ضمان الائتمان في القرن التاسع عشر: ظهرت فكرة ضمان الائتمان مرة أخرى ولكن في انجلترا عندما قامت" الشركة الانجليزية التجارية للتأمين "British Commercial Insurance Company في عام 1820 بنشاط ضمان الائتمان إلى جانب عملها الرئيسي المتمثل في التأمين على الحياة والحريق (9).
ويرجع الفضل إلى شركة " حوادث المحيط والضمان المحدودةOcéan Accident&Guarantee Corporation.LTD " للوصول إلى العديد من المبادئ التي لاتزال سارية المفعول حتى الآن.وقد تأسست هذه الشركة بانجلترا عام 1871 , ولم تمارس ضمان الائتمان إلا في عام 1885 عندما افتتحت قسما خاصا لضمان الائتمان.
ج- ضمان الائتمان في القرن العشرين: تزايدت بحلول القرن العشرين حركة ضمان الائتمان وارتفع عدد الشركات التي تمارسه.
حيث بدأ أول ظهور لهيئات الضمان السويسرية في عام 1906 عندما أنشأت "جلوباس Globus الشركة الاتحادية للتأمين ضد مخاطر المواصلات " التي قامت بضمان السوق الداخلي إلى جانب ضمان ائتمان الصادرات, ولكنها لم تغط إلا البيوع قصيرة الأجل ومتوسطة الأجل ( 5 سنوات) ولم تشمل إلا خطر إفلاس المدين (10).
وفي العام نفسه, قام عدد من البنوك الفرنسية بتأسيس " المكتب الفرنسي لصادرات روبيهLe Comptoir Francais D'Exportation De Roubaix " , الذي وجه كل نشاطه لضمان عمليات التصدير , وقد أنشأ هذا المكتب إدارة المعلومات التجارية ويعد من أوائل الهيئات لتي استحدثت هذه الخدمة التي لم تكن معروفة لدى غالبية الشركات في ذلك الوقت , ويمكن أن نستخلص مما سبق أن افتقاد هذه الخدمة كان من أحد الأسباب المباشرة في فش هذه الشركات .
ثم بدأت بعد ذلك هيئات ضمان الائتمان في الانتشار في مختلف بلدان العالم, ففي الهند قامت الدولة في عام 1957 بتأسيس أول شركة لضمان ائتمان الصادرات, وفي الولايات المتحدة الأمريكية قام البنك الأمريكي للاستيراد والتصدير بممارسة نشاط ضمان ائتمان الصادرات في عام 1960 , و قامت 180 شركة تأمين في البرازيل بتأسيس شركة متخصصة في عام 1967 لضمان مخاطر الصادرات , وفي كندا تأسست "شركة تنمية الصادرات " في عام1969.
أما فما يخص الدول العربية, فإن فكرة ضمان الائتمان لم تظهر إلا حديثا وذلك لأن وجود هيئات ضمان الائتمان في دولة ما مرهون بوجود حجم معقول من الصادرات يسمح بقيام شركة لحماية المصدرين وتشجيع باقي المنتجين على الدخول في نشاط التصدير, ولكن معظم الدول العربية كانت مستعمرة إلى عهد قريب .
ثانيا -أهمية تأمين القرض عند التصدير :
لتأمين القرض عند التصدير أهمية كبيرة بالمساهمة في تنمية الصادرات ،انطلاقا من هذا سنتناول في البداية الحاجة إلى استعمال تأمين القرض عند التصدير ،ثم بعد ذلك وظيفة برنامج تأمين القرض عند التصدير ومدى قدرتها على الوفاء بالديون ، لنصل في النهاية إلى أهم مزاياه وعيوبه.
1- أسباب ظهور التأمين :يرجع سبب ظهور تأمين القروض إلى 3 عوامل (11):
أ- الوقاية prévention: أهم خاصية يتميز بها تأمين القروض أنه يوفر
للمؤمن إمكانية المعرفة الجيدة للوضعية الاقتصادية والمالية لزبائنه.
و على العموم, كل مؤسسة تأمين تتوفر على شبكة معلومات تمكنها من متابعة و مراقبة مستمرة للزبائن, أنظر إلى الشكل رقم (1).
ب- التحصيل Recouvrement : عندما لا يتم تحصيل الحقوق التجارية بدون أن يكون المدين في وضعية تتميز بعدم القدرة على الدفع cessation de paiement , فتتكفل في هذه الحالة شركة التأمين بتحصيل هذه الحقوق , لأنها أكثر تخصص وهذا ما يكسبها قوة الإقناع وتكون بذلك أكثر فعالية من مصلحة داخلية للتحصيل , أنظر إلى الشكل رقم (2) .
ج- التعويض Indemnisation : تضمن مؤسسة التأمين , وفق بعض الشروط وبسقف محدد ,تعويض الخسائر التي تعرض لها المصدر بسبب إعسار الزبون .
الشكل رقم (1 ) : تأمين القرض في حالة الوقاية
1-الضمان أو التأمين ؛ 4- الفوترة ؛
2-أقساط التأمين؛ 5- المراقبة .
3-تسليم البضاعة ؛
الشكل رقم ( 2 ) : تأمين القروض في حالة عدم القدرة على الدفع situation d'impayé
1-التسليم ؛
2-الفوترة ؛
3- التحصيل ؛
4-التعويض.
2- الحاجة إلى تأمين القرض عند التصدير :
تتمثل الحاجة إلى تأمين القرض عند التصدير فيمايلي :
أ-حماية المصدر من أخطار الدفع في صفقات التصدير ،وتعد الأسباب التي تجعل البيع إلى الخارج بشروط إئتمانية أكثر مخاطرة من البيع في السوق المحلية ،فقد يكون من الصعب الحصول على المعلومات الصالحة التي يمكن أن يعول عليها فيما يتعلق بالمشترين الخارجين المتوقعين مما يجعل من الصعب تقييم إستحقاقهم الحصول على الإئتمان ،بل أكثر من ذلك ،الموردون يخشون ذلك ،حالة عدم الدفع قد يثبت مدى تعقد أو تكلفه إستعادة الدين من الخارج ،المورد الأجنبي قد لا يحصل دائما على نفس المعاملة في دولة المشتري كدائنين لهم جنسية الدولة.
ب-تؤدي وثيقة التأمين إلى تحريك تمويل الصادرات ،وذلك عندما لا يكون المورد في المركز يسمح له تمويل الصفقات بنفسه ،وتزداد رغبة أو إستعداد البلد التجاري لمنح القروض أو تقديم تسهيلات الخصم إلى حد كبير لضمان حرية المورد ضد فشل عملائه من الخارج في السداد.
ج-وثيقة التأمين ترفع إلى حد كبير من جودة كمبيالة التصدير وترفع من جدارة المصدر في الحصول على الإئتمان التي تؤدي إلى تحريك رؤوس الأموال التي لم يكن من الممكن إتاحتها بطريقة أخرى.
3-وظيفة تأمين إئتمان الصادرات :
إن الوظيفة الهامة التي تقوم بها برامج تأمين ائتمان الصادرات هي مساعدة المصدر على زيادة رأس المال وذلك بتزويده بضمان إضافي ،ويعد هذا ضروريا بصفة خاصة في الدول النامية ،ومن الصعب على المصدرين أن يحصلوا على التمويل من البنوك التجارية بسبب متطلبات الضمان القاسية عموما والتي تتطلبها هذه الأخيرة (البنوك التجارية) ،وأبسط طريقة أمام المصدر ليقدم للبنك الذي يتعامل معه الضمان الملائم ،هي إصدار وثيقة تأمين وتخصص إيرادها للبنك.
فإذا قام المشتري بالدفع في التاريخ المحدد (تاريخ الإستحقاق) فإنه يمكن للمصدر أن يرد دينه للبنك ،أما إذا لم يدفع المشتري وكان المصدر لديه الصلاحية للمطالبة بحقه الناتج من وثيقة تأمين الصادرات ،فإن المؤمن سيدفع المتحصلات مباشرة إلى البنك.
ومع ذلك فإن البنوك ومؤسسات التمويل الأخرى لا تعتبر دائما الغطاء الذي تتجه إليه وثيقة التأمين كحماية كافية وذلك لأن الوثيقة قد لا تغطي الأخطار الناتجة عن عدم قبول المشتري للبضائع ،وكذلك قد تبطل أو تفسخ بسبب فشل المورد في أن يساير أو يتماشى مع شروط العقد.
أما في حالة ائتمان المشتري فإن القرض يمنح مباشرة إلى المستورد عن طريق مؤسسة وطنية في الدولة المصدرة ،ودور تأمين الائتمان يتمثل في ضمان القرض ضد أخطار عدم السداد ،وفي مقابل الضمان الممنوح بواسطة مؤمن الائتمان للمؤسسة المقرضة ،فإن المقرض يتعهد بالتزامات معينة لمؤسسة الإئتمان ،والتي تؤكد أن المؤسسة المقرضة لم تغفل شيئا للتنازل عن حقوقها قبل الاتفاق المالي ،وذلك من خطر الضمان المطلوب ،ويطلب مؤمن الائتمان قسطا مقابل التأمين ضد إعادة سداد القرض ،ويمكن سداد هذا القسط سواء عن طريق البنك ضمن عبء التمويل الذي يجب أن يتحمله المدين أو عن طريق المورد ضمن المبلغ المستحق الدفع في عقد التوريد, وبالنسبة للمشروعات الكبرى فإنه وبصفة عامة يطلب ضمان طرف ثالث وغالبا ما تقدمه البنوك أو حكومة البلد المستورد.
4- برامج تأمين القروض عند التصدير
أ-قدرة برامج تأمين القروض عند التصدير على الوفاء بالدين:
و معنى ذلك إذا كان حجم الصادرات المتوقع والذي ينبغي التأمين عليه من خلال فترة معينة سيتولد عنه بدخل يكفي لتغطية الأعباء الناتجة عن متطلبات التأمين. فالدخل يجب أن يكون كبيرا بدرجة تكفي لتغطية المصروفات ،الإدارية ، وتسديد متطلبات تأمين وتكوين الاحتياطات والنفقات المالية وكذا تحقيق ربح نهائي إذا ما تقرر ذلك .
وتتوقف المصروفات الإدارية لبرامج تأمين إئتمان الصادرات على مجموعة متنوعة من العوامل مثل الإنتشار الجغرافي للمراكز التجارية داخل الدولة ،وما إذا كان هناك نظام معلومات عالمي أم لا , وتشكل مثل هذه المصروفات ما بين 30%إلى 40% من الداخل ،وقد تكون هذه التكاليف أكثر إرتفاعا في السنوات الأولى لبرامج جديدة .
وتتوقف المصروفات المتعلقة بسداد متطلبات التأمين إلى حد معقول على سياسة الهيئة, فإذا كانت لها حرية كبيرة في اختيار قبول الأخطار فإن متطلبات التأمين سوف تكون قليلة نسبيا كما أن المصروفات التي ستسترد من المستوردين الأجانب ستكون معتدلة كذلك.
أما التكاليف المالية سوف تعكس سياسة الحكومة على سبيل المثال ،فلأسباب تشجيعية تقرر الحكومة تقديم التمويل اللازم ،كما قد تهتم أيضا البنوك الخاصة وشركات التأمين لتكوين مثل تلك الهيئة (هيئة التأمين) وتقديم تمويل خاص والسياسة القائمة على الأرباح سواء كانت هيئة التأمين الجديدة تستحق أرباح أم لا ، سيكون لها أيضا نصيب في تحمل تكلفة التمويل وعلى تقدير الدخل الكلي الذي ستطلبه.
أما الدخل اللازم لمواجهة هذه الأنواع المختلفة من النفقات فسيتقتطع من القسط الذي يدفعه حاملوا الوثيقة وغالبا ما يكون شكل القسط معقدا ،وتعتمد المعدلات من بين الكثير من الأشياء الأخرى على الآتي:
- طول فترة الائتمان؛
- شروط الدفع ؛
-أحقية المشتري في الحصول على الائتمان وكذا أحقية دولته بشكل عام ؛
-السجل السابق للمصدر وشخصية الهيئة (هيئة التأمين) ؛
-إذا كانت الهيئة مدعمة ذاتيا أو معانة.
وعلى ذلك تقسم معظم برامج التأمين الدول المستوردة إلى عدة مجموعات ذات سمات عامة بقدر الثبات السياسي والاقتصادي .وعلى سبيل المثال , فبالنسبة لأية دولة توضع في المجموعة الأولىA (دولة أقل خطرا) يطبق عليها قسط بنسبة منخفضة ،في حين أنه بالنسبة لدول المجموعة الثانية B {دولة تالية أقل خطرا}يطبق قسطا أعلى .
وقبل أن نضع برنامجا لتأمين إئتمان الصادرات يعد من الضروري أن نأخذ في إعتبارنا ما إذا كان الدخل (الأقساط) يمكن تغطية النفقة المحتسبة.
إن التشكيلة السلعية لمصدري الغالبية العظمى من الدول النامية،تتكون بصفة رئيسية من المنتجات الأولية والتي تباع نقدا أو كبضاعة أمانة وقد استقرت بينهم الثقة المتبادلة. وكنتيجة لذلك فإن المصدرين لن يشعروا بالحاجة للتأمين على صادراتهم ،ومع ذلك فإن أي محاولة لتحمل أقساط أعلى لتعويض الخسائر المالية التي قد تحدث نتيجة النسبة المئوية البسيطة نسبيا للصادرات المؤمن عليها سيكون لها قدرة دفاعية ذاتية بشكل واضح ،وقد تزيد التكلفة المضافة للأقساط المرتفعة من أسعار بيع السلع إلى مستوى يمكن مقارنته مع أسعار المنافسين الأجانب.
ويجب أن تكون إمكانية التوسع في الصادرات من السلع غير التقليدية الناتجة عن برنامج تأمين القرض عند التصدير سببا كافيا لكي تدعم الحكومة البرنامج بالتمويل الكافي في سنوات تكوينه العصبية .
ب-مزايا تأمين القرض عند التصدير :
إذا كانت التسهيلات الائتمانية أحد المحفزات الأساسية،بل إحدى الشروط الأساسية الواجب توفرها لازدهار التجارة الدولية،فإن توفير هذه التسهيلات سواء كانت قصيرة أو متوسطة أو طويلة ، لا تتم في العادة بالحجم المطلوب في غياب الضمان ضد المخاطر التجارية وغير التجارية .ومن خلال الوقاية التي يوفرها الضمان للمصدرين والممولين ضد المخاطر المحتملة والتي تنتج عنها خسائر تتمثل في عدم الوفاء بالدين أو عدم القدرة على تحويل قيمة البضاعة بالعملة الصعبة ،أو مصادرة البضاعة أو غيرها من الخسائر(12) .
انطلاقا مما سبق يمكن تقديم المزايا التالية لضمان القرض عند التصدير إضافة لما سبق ذكره من أهمية هذا النوع من التأمين:
1-تمكين المصدر من فتح أسواق جديدة لصادراته وتقل هذه الأهمية إذا تعلق الأمر بالأخطار السياسية ؛
2-توفير شروط أفضل في مجال المنافسة مع المنتجات المثيلة في الأسواق الخارجية من خلال تقديم شروط دفع ميسرة للمشتري (13) .
3-تنشيط تداول الأوراق التجارية المرتبطة بعمليات التصدير المغطاة بالضمان طالما أن المتداولين لهذه الأوراق مطمئنون للحصول عن قيمتها عند استحقاقها وآمنون من خطر الرجوع عليهم عند الوفاء بها .
4- تشجيع التصدير لأن التطور الاقتصادي يسمح بالتخلص من فائض الإنتاج في
حالة تشبع السوق الداخلية بضمان دين المصدر يدفعه إلى التصدير رغم وجود
مخاطر عدم الدفع التي قد تأثر سلبا على المصدر(14) .
5-جلب الاستقرار للمؤسسات المصدرة ،لأن المؤسسات المؤمنة هي أبعد ما تكون من الإفلاس لأن تعويض الخسائر عند حدوث الكوارث ،يحمي المؤمن من الخطر بتحويله إلى شركة التأمين بمقابل ذلك تدفع المؤسسات المصدرة أقساط لشركة التأمين.
كما تعد عملية إنتقاء الزبون من طرف التأمين ورقة رابحة إضافية من أجل المحافظة على المؤمن, وعليه يمكن إجتناب الزبون الأكثر خطورة .
6-إدارة المنازعات يعد عملية معقدة ومكلفة خاصة عندما يتعلق الأمر بمنازعات مع أجانب أين تكون القوانين والأحكام غير معروفة، و بتحمل الشركة إدارة هذه العملية تزيل الكثير من الصعاب على المؤِمن.
7- توسيع خدمات التأمين من خلال تقديم معلومات عن الزبائن عن طريق الوكالات البنكية وهذا يسمح بتقييم قدرة الزبائن على شراء السلع (15).
8-يمكن التأمين تجارة البلد من الخروج من انغلاقها الحالي والانطلاق في آفاق أرحب ، حيث تتسم عمليات التجارة الخارجية للكثير من البلدان النامية بأنها تجارة تقليدية تتم بين مصدر ومستورد على أساس علاقة تجارية مستقرة ولا يجرأ المصدر على التصدير لمستوردين جدد إلا بشروط دفع مضمون (خطابات إعتماد معززة) أو الدفع الفوري (16).
9- تحفيز القطاع المصرفي على توفير التسهيلات الائتمانية اللازمة لتمويل التجارة
الخارجية دون الحاجة إلى قيام البنوك المركزية بمنح الضمانات اللازمة أو دون
الحاجة إلى اشتراط توفير اعتماد مستندي معزز كوسيلة مقبولة للدفع (17).
10-تيسير حصول المصدر على تمويل لنشاطه بشروط معقولة ،مع حمايته من الرجوع عليه في حالة عدم حصول الممول على مستحقاته من المستور.
ج-عيوب تأمين القرض عند التصدير :
تتلخص عيوب تأمين القرض عند التصدير فيما يلي:
1- التأخر في إنجاز العقود، لأنه قبل إمضاء العقد ،البائع ملزم بتسليم العقد للمؤمن
حتى يتم القبول ،وبين تاريخ التسليم وتاريخ القبول مدة طويلة قد تتسبب في
خسارة الوقت أو على الأقل التأخر في إنجاز المشروع ؛
2-الصرامة المعتمدة من شركات التأمين في قانون التعويضات وفق الحادثة (الكارثة) أو الخسارة.
4-ارتفاع نسبة الأقساط التي تطلبها شركة التأمين.
ثالثا- العراقيل والحواجز التي تواجه تطوير تأمين القروض في إفريقيا:
إن حواجز تطوير تأمين القروض في لإفريقيا لا تخص القارة وحدها , و إنما هي مشتركة مع مناطق أخرى في العالم . ويمكن تلخيص أهم الحواجز في 5 أصناف مختلفة (18):
1- عوامل هيكلية ؛
2- عوامل لوجيستيكية ؛
3- عوامل سياسية ؛
4- عوامل تسييرية ؛
5- عوامل السوق
1- عوامل هيكلية : facteurs structurels
إن هيكل الصادرات لا يمكن دوما من تأمين بعض المنتجات, فهذا لايعني أن مؤمني القروض يعارضون ذلك , وإنما ذلك ناتجا على أن إحيتاجات السوق قليلة .وعليه فإن تجارة المواد الأولية, لا تندرج ضمن ديناميكية تأمين القروض, فهي خاضعة لمبدأ المفاوضات بين المشترين والبائعين في الأسواق الدولية.
علما أن إفريقيا, بما فيها الجزائر, تعتبر من اكبر مصدري المواد الأولية, وهذا ما يشكل حاجزا طبيعيا لتطوير تأمين القروض التقليدي.
ومن جانب أخر , إن الأهمية الكبيرة التي تخص التجارة الموازية المحلية والحدودية في البلدان النامية , حيث أنها تشكل ما بين 40 و 50%من النشاط الاقتصادي للدولة , لا تمكن بأي حال من الأحوال من تغطيتها .
وحتى يمكن تبرير الوجود الاقتصادي لهيئة تأمين القروض, يجب أن يكون حجم الأعمال المحقق من خلال الأقساط المجموعة يغطي التكاليف التنظيمية والتشغيلية, و إلا فإنها لا تستطيع الاستمرار بدون دعم من طرف الدولة .
و إذا ما أريد لتأمين القروض أن يساهم في خلق القيمة والقيام دوره لأداء المنافع العمومية, يجب أن يندرج ففي إطار عام أين تتقاطع تسهيلات تمويل الصادرات مع ترقية التجارة الخارجية (19). وعليه فإن الحصول على غمكانيات إعادة التأمين تمثل عائقا كبيرا لمؤسسي promoteurs المشاريع الجديدة .
وعليه , فإن إجراءات تغطية الحقوق التجارية تشكل عنصر أساسي في مهمة مؤمن القروض , كما تعتبر التغطية الفعالة ضرورية للنجاح الاقتصادي لهذا النشاط , علما أن هذه الفعالية ترتكز على الموارد البشرية العاملة في هذا القطاع , إضافة إلى الأنظمة القانونية المتواجدة في البلدان التي تتمركز فيها التغطية .إلا أن في كثير من البلدان الإفريقية, تبقى هذه الأنظمة متقادمة ولا تتماشى مع متطلبات السوق .
2- عوامل الإمداد أو اللوجستيكية Facteurs Logistiques :
أ- الوصول إلى المعلوماتL’Accès à l’Information :إن أساس وظيفة مؤمن القروض ترتكز على تحليل ومحاكاة المخاطر, وهذا ما يفرض الحصول على المعلومات الدقيقة على مخاطر معينة.هذه المعلومات ذات الطابع الاقتصادي والمالي والمرتبطة أيضا بشهرة المدين, تعتبر شبه معدومة في إفريقيا, وفي ظل غيابها لا يمكن مؤمن القروض من منح التغطية .
وهذا ما يقودنا للتفكير في الأولويات التي يجب اتخاذها لإقامة أنظمة تأمين القروض في إفريقيا والذي يمر حتما عبر توفير مصادر المعلومات الموثوق فيها. ورغم كل المحاولات , تبقى كل شبكات المعلومات الخاصة بالمؤسسات الإفريقية جد محدودة .
ب- شبكات التوزيع Les Réseaux de Distribution: إن أغلب مؤمني القروض الموجودين يتميزون بصغر حجمهم ,وهذا ما نتج عنه عدم قدرتهم على تركيب شبكة توزيع لخدماتهم على مستوى بلدانهم , زيادة على ذلك فإن البلدان الإفريقية واسعة المساحة وهذا ما يفوق إمكانيات الفرق التجارية الصغيرة .كما أن شبكات التوزيع الأخرى, مثل اللجوء إلى الوسطاء, البنوك التجارية ووكالات التأمين, تبقى قليلة الاستعمال.
و من جانب أخر , فإن تطوير شبكة الانترنت يمكن أن تساهم في وضع نظام توزيع جديد والذي يمكن أن يقضي على المشاكل المرتبطة بالبعد . وبما أن الانترنت لا يعترف بالحدود , فيمكن لهذه التكنولوجبة أن تفتح الابواب لمنافسين جدد ,يتوفرون على إمكانيات عرض خدماتهم على الخط وبالتالي الاستيلاء على حصص السوق الإفريقي.
3- العوامل السياسية Facteurs Politiques (20) :
في ظل محيط اقتصادي صعب, هل يجب على الدولة أم القطاع الخاص أخذ المبادرة إطلاق مشاريع جديدة لتأمين القروض؟
لا يوجد مبادرات كثيرة تبين حقيقة الإرادة السياسية للحكومات الإفريقية لوضع هياكل موجهة لتغطية الصادرات ضد عدم قدرة السداد للزبائن الخارجيين. فأغلب المبادرات هي خاصة ولا تستفيد من دعم, معنوي
ولا مالي, مقدم من طرف الدولة, وهذا ما أدى إلى فشل أغلب هذه المبادرات.
إضافة إلى كل ذلك, فإن غياب الإطار القانوني لتأمين القروض, يمكن أن يمنع ظهور هذا الفرع من النشاط التأميني.كما أن هناك معيار أخر ذو طابع سياسي والذي تبين أنه يشكل عائق لتطوير تأمين القروض, وهو يتمثل في المنافسة الشديدة بين المنشآت الدولية لتمويل المشاريع ذات الطابع الجهوي .
4-العوامل التسييرية Facteurs Managériaux :
يمتاز تأمين القروض بخصوصيته ,وهذا ما يجعل من الأحسن تحديد شركات متخصصة أو على الأقل قسم خاص موجه لهذا الفرع من النشاط (21).
وبينت التجارب أن التزاوج ما بين تأمين القروض ومختلف أنشطة التامين الأخرى, لم يحقق النتائج المرجوة, والسبب في ذلك يعود إلى غياب الخبرة وعدم احترام استقلالية القرارات.
5-العوامل السوقية Facteurs de Marché :
يعتبر تأمين القروض غير معروف في معظم دول إفريقية , وعليه يجب على كل متعامل جديد أن لا يتجاهل جهود الاتصال التي يجب أن يقوم بها ,وقبل ذلك يجب إيصال هذا المفهوم و غرس الثقة والتغيير التدريجي للإجراءات المتواجدة على مستوى السوق ,وكل هذا يأخذ وقت كبير .
ولتحقيق التطور والوصول إلى المعايير الدولية , على الدول الافريقية المشاركة في البرامج الدولية لهيئات تأمين القروض ,وأفضل وسيلة يجب إتباعها تتمثل في التحالف الاستراتيجي مع واحدة من هذه الهيئات (22) . ويمكن أن يأخذ هذا التحالف , شكل الشراكة التقنية والتجارية .