جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
297
أثر التنمية البشرية المستدامة في تحسين
فرص اندماج الجزائر في اقتصاد المعرفة
إعداد : سالمي جمال
كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير
جامعة عنابة
الكلمات الدالة : Les Mots Clés
اقتصاد المعرفة Knowledge Economy
التكنولوجيات الجديدة في الإعلام و الاتصال N T I C
التنمية البشرية المستدامة ( S H D ) Sustainable Human Development
عناصر المقال :
مقدمة و إشكالية
1 – من العولمة الاقتصادية إلى اقتصاد المعرفة
2 – ماهية و مؤشرات التنمية البشرية المستدامة
3 – أثر التنمية البشرية المستدامة في تحسين فرص اندماج الجزائر في اقتصاد المعرفة
الخاتمة
المراجع
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
298
مقدمة و إشكالية :
كادت الثورة الصناعية في أوروبا أن تقضي – في سبيل تعظيم الإنتاج و كنز الأرباح – على " إنسانية "
الإنسان و نفسيته و حياته الاجتماعية ، حيث أدى الإغراق في " الأتمتة " و التركيز على التقنية إلى ثورة
اقتصادية أوروبية مضادة ، مطلع آخر قرن في الألفية الماضية أعلنت ضرورة إعادة الاعتبار- فكرا
و ممارسة – للفرد ككائن بشري له ميولاته و رغباته و قدراته ، و ليس كمجرد عامل من عوامل
الإنتاج ، أو كآلة صماء. و هو ما دفع أغلب دول التقدم الحضاري حاليا إلى تعظيم الاهتمام بالتنمية البشرية
المستدامة و جعلها مؤشرا لقياس مدى النمو الاقتصادي و الرفاه الاجتماعي ، و تحسين الميزة التنافسية
للمؤسسات و مدخلا استراتيجيا للولوج بالبشرية – في ظل العولمة الاقتصادية – نحو عصر المعلومات
و اقتصاد المعرفة .
في ظل ذلك ، تجد الدول النامية و من بينها الجزائر صعوبة كبيرة في استدراك ما فاتها ، و اللحاق بالركب
الحضاري المتعولم لمواكبة التطورات الاقتصادية العالمية المتلاحقة ، إلا أنها مجبرة على تحضير آليات
الانتقال الإيجابي نحو مجتمع المعرفة و الاقتصاد الجديد القائم أساسا على الكفاءات البشرية كمورد رئيسي
وميزة تنافسية ، رغم عدم القدرة على مواجهة إفرازات العولمة و تحديات الاستثمار البشري ، وتخلف
مناهج التعليم والبحث وهجرة ألمع الأدمغة نحو الخارج ، و نقص الاهتمام بالتنمية البشرية المستدامة ..
وغيرها من معيقات اللحاق واقتصاد المعرفة .
تأسيسا على ما سبق ، تعالج هذه الدراسة المتواضعة أثر وإسهام التنمية البشرية المستدامة
في تحسين فرص الاندماج الإيجابي السريع – غير المتسرع - في القاطرة الاقتصادية
العالمية المتجهة نحو اقتصاد المعرفة ، مرتكزة على إشكالية واضحة تدور حول سؤال
مركزي مهم :
ما هو أثر التنمية البشرية المستدامة في تحسين فرص اندماج الجزائر في
اقتصاد المعرفة ؟
و عليه تكون المعالجة عبر البحث عن إجابات علمية / عملية مقنعة للأسئلة الفرعية التالية :
أ – كيف انتقلت البشرية من العولمة الاقتصادية إلى اقتصاد المعرفة ؟
ب – إلى أي مدى أضحت التنمية البشرية المستدامة مدخلا استراتيجيا للولوج في اقتصاد المعرفة ؟
ج – هل تسمح خصائص الاقتصاد الجزائري بردم الهوة الرقمية و سرعة تأهيله إلى الاندماج في اقتصاد
المعرفة ؟
1 – من العولمة الاقتصادية إلى اقتصاد المعرفة : Knowledge Economy
أدى التطور التكنولوجي المتسارع إلى انخراط البشرية في عصر المعلومات تزامنا مع ديناميكية اقتصادية
أفضت إلى ما يعرف حاليا بالعولمة الاقتصادية ، التي تحاول تدويل النموذج الرأسمالي بفرض مذهبية السوق
كبديل اقتصادي وحيد أمام جميع دول العالم دون استثناء ، سعيا إلى تعميم التبادل الحر و قيم المنافسة ، لتحويل
العالم كله إلى قرية تجارية موحدة ، مع زيادة تدفقات التجارة و رأس المال و المعلومات و قدرة الأفراد
على الانتقال عبر الحدود ( Alain Mingat & Karolin Winter, 2002 ) ، و يبين الشكل البياني التالي
مختلف المصطلحات المرادفة لهذه العولمة و التي تحمل معها تفاوت نظرة الاقتصاديين لها :
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
299
شكل رقم ( 1 ) : أهم المصطلحات المرادفة للعولمة الاقتصادية
و برأي بعض الباحثين فقد انطلق كل ذلك منذ منتصف خمسينات آخر قرن في الألفية الماضية ، و تميز
– حسب ( عماد عبد الوهاب الصباغ ، 1998 ، ص 39 ) - بما يلي :
1 – بدأ في نفس الوقت الذي ظهر فيه المجتمع المعتمد على المعلومات .
2 – تعتمد منظمات الأعمال في عصر المعلومات على تكنولوجيا المعلومات .
3 – تحولت أساليب العمل في هذا العصر إلى زيادة الإنتاجية ، بعد أن كانت في عصر الصناعة تركز
على زيادة الإنتاج .
4 – يتحدد النجاح في عصر المعلومات – إلى حد بعيد – على كفاءة استخدام تكنولوجيا المعلومات التي صار
لها تدخل قوي و مؤثر في تطوير و تنويع و ترويج العديد من المنتجات و الخدمات .
في هذا الخضم ، أخذ اقتصاد المعرفة Knowledge Economy يحل بسرعة مضطردة محل اقتصاد العضلة
والأرض والآلة كمصدر للقوة وينبوع للثروة ( حسني عايش ، 2002 ) بعد أن انتقل التوازن بين المعرفة
والموارد بالنسبة للبلدان الأكثر رخاء و تطورا نحو المعرفة ، لتصبح هذه الأخيرة العامل الأكثر
أهمية في تحديد مقياس الحياة ، متفوقة في ذلك على باقي العوامل كالأرض – رأس المال و العمل ( عرين ،
2003 ) التي استنفذت دورها التاريخي خلال عصري الزراعة و الصناعة .
و في الشكل البياني التالي تجميع لبعض المصطلحات الواردة في سياق تعريف هذا الاقتصاد الجديد :
الكونية الرسملة
الكوكبية العولمة الاقتصادية
اللبرلة
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
300
شكل رقم ( 2 ) : أهم المصطلحات المرادفة لاقتصاد المعرفة
و رغم أن بعض الباحثين يقلل من نطاق و أهمية هذا الاقتصاد الجديد معتبرين إياه مجرد اقتصاد رقمي قائم
على التجارة الإلكترونية و اقتصاد الانترنت و الدوت كوم ( منير شفيق ، 2002 ) فإن هناك عدة
تعاريف لاقتصاد المعرفة كاقتصاد جديد نكتفي منها بما يلي :
1 / هو ذلك الاقتصاد الذي يلعب فيه نشوء واستثمار المعرفة دورا في خلق الثروة( عرين ، 2003 ) .
2 / هو اقتصاد جديد يقوم على أساس إنتاج المعرفة و استخدام ثمارها و إنجازاته و استهلاكها بالمعنى
الاقتصادي للاستهلاك ( محمد دياب ، 2003 ) .
3 / هو ذلك الاقتصاد الذي يعمل على زيادة نمو معدل الإنتاجية بشكل مرتفع على المدى الطويل ، بفضل
إنتاج و ملاءمة و انتشار تكنولوجيا الإعلام والاتصال
( Paula De Mazi et autres , 2001 , p38 )
4 / هو اقتصاد حديث فرض طائفة جديدة من ألوان النشاطات المرتبطة بالمعرفة و التكنولوحيا والمعلومات
خلافا للأدبيات الكلاسيكية للتنمية ، ومن أهم ملامحه التجارة الإلكترونية التي تشير إلى التعاملات التجارية التي
الاقتصاد الرقمي
Digital Economy
الاقتصاد الكمبيوتري
Soft Economy
الاقتصاد الالكتروني
Electronic Economy
الاقتصاد الجديد
New Economy
اقتصاد الانترنت
Net Economy
اقتصاد الدوت كوم
Dot Com Economy
اقتصاد المعرفة
Knowledge Economy
الاقتصاد الافتراضي
Vertual Economy
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
301
تتم عن طريق الإنترنت ( التقرير الاستراتيجي العربي ، 2002 ) و تعني أيضا عمليات بيع أو شراء أو تبادل
المنتجات والخدمات والمعلومات من خلال شبكات كمبيوترية ومن ضمنها الانترنت ( بسام نور ، 2002 ) .
و عليه يمكننا تعريف اقتصاد المعرفة بأنه نمط اقتصادي متطور قائم على الاستخدام واسع
النطاق للمعلوماتية و شبكات الانترنت في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي و خاصة في التجارة
الالكترونية ، مرتكزا بقوة على المعرفة و الإبداع و التطور التكنولوجي ( خاصة ما يتعلق
بالتكنولوجيات الجديدة في الإعلام و الاتصال . ( N T I C
أن التطور الاقتصادي العالمي خلال النصف الثاني من القرن العشرين قد ارتكز وبشكل متزايد على التطور
التقني والعلمي، أكثر من اعتماده على التطور الكمي في الإنتاج، وفي العقدين الأخيرين من القرن الماضي بدأ
الاقتصاد العالمي يتسم بالاقتصاد المعرفي أي القائم على المعرفة، وحسب معطيات تقرير التنمية البشرية عام
1999 ، فإن أكثر من 50 % من الناتج المحلي الإجمالي لمعظم دول "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية"، يقوم
على العلم، وازدادت حصة منتجات التكنولوجيا الرفيعة " High -Technology " في المبادلات الدولية
من 12 % إلى 24 % من الصادرات العالمية خلال التسعينات ( نبيل مرزوق ، 2001 ) .
و نظرا لارتباطه الشديد بآخر التطورات العالمية في تكنولوجيا الإعلام و الاتصال و ارتكازه على عامل
المعرفة كعنصر إنتاج جديد ، فإن اقتصاد المعرفة يختلف عن أنماط الاقتصاد السابقة في بعض الأوجه المهمة
مثل :
1 / على عكس عناصر الإنتاج الأخرى ، لا يمكن نقل ملكية المعرفة من طرف إلى طرف آخر.
2 / يتسم اقتصاد المعرفة بأنه اقتصاد وفرة أكثر من كونه اقتصاد ندرة ، فعلى عكس أغلب الموارد التي تنضب
من جراء الاستهلاك ، تزداد المعرفة في الواقع بالممارسة و الاستخدام وتنتشر بالمشاركة .
3 / يسمح استخدام التقانة الملائمة بخلق أسواق ومنشآت افتراضية تلغي قيود الزمان والمكان من خلال التجارة
الإلكترونية ، التي توفر كثيرًا من المزايا من حيث تخفيض التكلفة ورفع الكفاءة والسرعة في إنجاز المعاملات
على مدار الساعة وعلى نطاق العالم . ونتيجة لذلك ، ينصب التركيز أو ً لا على تطوير الأسواق والشراكة
والتحالف الإستراتيجي مع أطراف خارجية قبل التركيز على تطوير المنتجات .
4 / من الصعوبة بمكان في اقتصاد المعرفة تطبيق القوانين والقيود والضرائب على أساس قومي بحت ، فطالما
أن المعرفة متاحة في أي مكان من المعمورة وأنها باتت تشكل عنصر الإنتاج الأساسي ، فإن ذلك يعني أن
هنالك اقتصادا عالميا يهيمن على الاقتصاد الوطني ( نديم عبد المنعم نديم ، 2002 ) .
5 / إن عمال المعرفة هم أولئك الذين يسخرون الرموز أكثر من الآلات ، كالمصممين وعمال البنوك
والباحثين والمعلمين، فيما يمكن اعتبار المعرفة سلعة عامة (خلافا للعمل ورأس المال ) إذ عند اكتشافها
وتعميمها تصبح مشاركتها مع مزيد من المستخدمين مجانية ، كما أن الذي ينتج المعرفة يجد أنه من الصعب منع
الآخرين من استخدامها ، وتؤمّن بعض الوسائل مثل براءات الاختراع وحقوق الملكية والعلامات التجارية
حماية لمنتِج المعرفة .
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
302
2 – ماهية و مؤشرات التنمية البشرية المستدامة ( S ) Sustainable Human Development
: H D
رغم تنامي العولمة الاقتصادية للنموذج الرأسمالي الأورو- أمريكي فقد أصبحت التنمية البشرية المستدامة
إحدى ركائز النمو الاقتصادي فضلا عن الرفاه الاجتماعي ، حيث أوصت لجنة التنمية التابعة لصندوق النقد
الدولي و البنك العالمي جميع الدول ( خاصة ذات الدخل المتدني و المتوسط ) بالعمل الجاد لتحقيق مستويات
مقبولة من التنمية البشرية المستدامة للوصول إلى درجات عالية من التنمية في الألفية الثالثة ، و ذلك بإتباع ما
يلي من الإجراءات :
1 – زيادة الإنفاق العام على التعليم و الرعاية الصحية .
2 – تقديم خدمات للفقراء بفعالية أكبر .
3 – تحقيق المساواة بين الجنسين ( خاصة ما يتعلق بالصحة ) .
- 4 توجيه عناية أكبر للمياه و الصرف الصحي و التعليم ( بوغتون و قرشي ، 2003 ).
و قبل ذلك صدر في عام 1990 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقرير بعنوان – تقرير التنمية البشرية -
اعتمد تعريفًا لمفهوم التنمية البشرية، قام بتعديله لاحقًا في تقريره لعام 1995 ، جاء فيه أن التنمية البشرية هي
عملية توسيع لخيارات الناس التي يمكن أن تكون مطلقة أو نسبية تتغير بمرور الوقت، ولكن الخيارات الأساسية
الثلاثة، على جميع مستويات التنمية البشرية هي :
1 – التمتع بحياة مديدة و صحية.
- 2 اكتساب المعرفة.
- 3 الحصول على الموارد اللازمة لمستوى معيشة لائق.
ولأنها مستدامة ، فخياراتها الإضافية هي :
- 1 الحرية السياسية والاقتصادية و الاجتماعية.
- 2 التمتع بفرص الخلق و الإنتاج.
3 – الحصول على الاحترام الذاتي / الشخصي.
4 – التكفل بحقوق الإنسان كاملة غير منقوصة.
و الحقيقة أن التنمية البشرية المستدامة تعتبر نظرية في التنمية الاقتصادية - الاجتماعية تجعل الإنسان
منطلقها وغايتها، وتتعامل مع الإبعاد البشرية أو الاجتماعية للتنمية باعتبارها العنصر المهيمن، وتنظر
للطاقات المادية باعتبارها شرطًا من شروط تحقيق هذه التنمية، دون أن تهمل أهميتها التي لا تنكر ، فلا يمكن
اعتبارها مجرد زيادة في الإنتاج، بل إنها تمكن الناس من توسيع نطاق خياراتهم يفعل المزيد من أجل معيشة
أليق و حياة أطول وأفضل (محبوب الحق ، 2003 )
إن أفضل أسلوب لقياس مستوى المعيشة دوليًا هو من خلال قياس أوجه أو مكونات محددة ومنفصلة للوضع
الشامل للحياة قابلة للقياس الكمي وتعكس الأهداف الدولية ( نبيل مرزوق ، 2001 ) و لتجاوز صعوبة
الاستدلال على المستوى المحقق من التنمية البشرية المستدامة تم الاعتماد على مجموعة محدودة من المؤشرات
الكمية ، تبناها التقرير سالف الذكر في دليل قام بتركيبه من مجموعة محددة من المعطيات والإنجازات
في مجالات التنمية البشرية الأساسية القابلة للقياس خلال فترات زمنية وقابلة للمقارنة فيما بين الدول ، وهي
تتعلق بطول العمر والمعرفة ومستوى المعيشة ، وقد أعطي لكل منها دليل معين يتناسب وشدة ارتباطه بالتنمية
البشرية، واختيرت قيمة للدليل تتراوح بين الصفر والواحد الصحيح والبلدان الأقل تنمية تكون أقرب إلى الصفر.
و تضم هذه المجموعة من الأدلة طيفًا واسعًا من المؤشرات التي تغطي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية
والإنسانية و السياسية والتي تعكس في النهاية التقدم المحرز على صعيد التنمية البشرية ونقاط
الضعف والثغرات فيها، ويتجاوز عدد المؤشرات في التقرير 180 مؤشرًا توزعت على الشكل التالي:
1. دليل التنمية البشرية ويضم أربعة مؤشرات.
2. دليل التنمية المرتبط بنوع الجنس ويضم ثمانية مؤشرات.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
303
3. مقياس التمكين المرتبط بنوع الجنس ويضم أربعة مؤشرات.
4. الفقر البشري في البلدان النامية ويضم أحد عشر مؤشرًا.
5. اتجاهات التنمية البشرية ونصيب الفرد من الدخل وهو يرصد التغيرات في قيمة دليل التنمية البشرية
عبر عدد من السنوات بالإضافة إلى التغيرات في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال تلك
السنوات.
6. التقدم المحرز فيما يتعلق بالبقاء على قيد الحياة و يضم خمسة مؤشرات.
7. الملامح الأساسية للصحة و يضم عشرة مؤشرات.
8. اختلالات التوازن في التعليم ويضم عشرة مؤشرات.
9. الأداء الاقتصادي ويضم ستة مؤشرات.
10 . بنية الاقتصاد الكلي ويضم أحد عشر مؤشرًا.
11 . اختلالات التوازن في استخدام الموارد ويضم ستة مؤشرات.
12 . المعونة والديون حسب البلد المتلقي ويضم ستة مؤشرات.
13 . تدفقات المعونة من البلدان الأعضاء في لجنة المساعدة الإنمائية ويضم ثمانية مؤشرات.
14 . الاتجاهات الديموغرافية ويضم سبعة مؤشرات.
15 . استخدام الطاقة ويضم أربعة مؤشرات.
16 . الملامح الأساسية للتدهور البيئي و يضم ثمانية مؤشرات.
17 . إدارة البيئة ويضم ثمانية مؤشرات.
18 . الأمن الغذائي والتغذية ويضم سبعة مؤشرات.
19 . الأمن الوظيفي ويضم سبعة مؤشرات.
20 . الملامح الأساسية للحياة السياسية و يضم سبعة مؤشرات.
21 . الجريمة و يضم خمسة مؤشرات.
22 . الكرب الشخصي ويضم ستة مؤشرات.
23 . الفجوات بين الجنسين في التعليم و يضم اثنا عشر مؤشرًا.
24 . الفجوات بين الجنسين في النشاط الاقتصادي، ويضم ستة المؤشرات.
25 . الفجوات بين الجنسين في عبء العمل وتوزيع الوقت، ويضم ستة مؤشرات.
26 . الفجوات بين الجنسين في المشاركة السياسية ويضم ستة مؤشرات.
27 . حالة صكوك مختارة من الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ويضم ثمانية اتفاقيات وصكوك دولية
أساسية.
هذا العدد الكبير من المؤشرات، يسمح بالتعرف على التطور المحقق وآفاق التنمية المستدامة ، و يعكس
صورة أولية للحياة الاجتماعية و السياسية و الحقوق والحريات الفردية، التي هي عنصر أساس في التنمية
البشرية، كما يعكس غياب عدد من المؤشرات بالنسبة لبلد ما مستوى الشفافية والمشاركة وهي سلبية في هذه
الحالة تخفف من قيمة دليل التنمية البشرية الشامل .
3 – أثر التنمية البشرية المستدامة في تحسين فرص اندماج الجزائر في اقتصاد المعرفة
إن التركيز العالمي على التنمية البشرية المستدامة كإحدى سبل الوصول إلى مجتمع المعرفة لا يترك للجزائر
أي مجال للتردد و المماطلة إن هي قررت الاندماج بسرعة و بشكل إيجابي في القاطرة الاقتصادية العالمية
المتجهة في ظل العولمة الاقتصادية نحو اقتصاد المعرفة الذي قابله – في الضفة المتخلفة – ما يعرف بالفجوة
الرقمية التي خلقتها ثورة المعلومات والاتصالات بين الدول المتقدمة والدول النامية ، و التي تقاس بدرجة توافر
أسس المعرفة بمكونات هذا الاقتصاد الجديد الذي يستند إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ودرجة الارتباط
بشبكة المعلومات العالمية (الانترنت) ، وتوافر طرق المعلومات السريعة والهواتف النقالة وخدمات التبادل
الرقمي للمعلومات ، وهي الأسس التي أصبحت تحكم كافة مناحي الحياة وأسلوب أداء الأعمال وقد انعكس ذلك
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
304
في تطور التجارة الالكترونية عبر الانترنت ( e commerce ) وزيادة الشركات الجديدة التي تؤسس
يوميا لممارسة أعمالها عبر الشبكة العالمية (ومنها شركات الدوت كوم) وإطلاق المبادلات التجارية الكترونيا
عبر الهواتف النقالة ( m-commerce ) وإقامة الحكومات الالكترونية وتنفيذ المعاملات المصرفية والمالية
وإنشاء الشبكات التعليمية والبحثية والصحية والسياحية وغيرها وتقنين هذه العمليات عبر تطوير التشريعات
اللازمة ، و يمكن الاستدلال على هذه الفجوة الرقمية بهذه الإحصائيات التي تتيح لنا معرفة وضع البنية
الأساسية لمجتمع المعلومات والمعرفة خاصة في الدول النامية وفقا لبيانات ( المؤسسة العربية للاستثمار ،
: ( 2001
* أكثر من 80 % من سكان العالم لا يتصلون بالهاتف وبالطبع لا يستخدمون شبكة المعلومات الدولية (
الانترنت ) أو البريد الالكتروني أو التجارة الالكترونية.
* يقدر عدد المشتركين في شبكة الانترنت حاليا بحوالي 2% من سكان العالم فقط رغم أن أعدادهم تتضاعف
بسرعة غير مسبوقة.
* تستحوذ الدول المتقدمة التي يقطنها نحو 15 % من سكان العالم على حوالي 88 % من مستخدمي الانترنت
بينما تبلغ نسبة المشتركين في الانترنت في دول جنوب آسيا التي يقطنها نحو 20 % من سكان العالم ما نسبته
%1 فقط أما في إفريقيا التي يقطنها 12 % من سكان العالم فان عدد المشتركين يبلغ نحو مليون شخص وتمتلك
14 مليون خط هاتف (أي اقل من عدد الخطوط في مدينة طوكيو وحدها أو في حي مانهاتن في مدينة
نيويورك) وتتركز 80 % منها في 6 دول فقط في القارة الإفريقية.
* ارتفع عدد أجهزة الحاسوب المتصلة بشبكة الانترنت في العالم من مليون جهاز إلى 30 مليون جهاز خلال
الفترة 1992 1998 .
في نفس السباق ، و بحكم تراكمات اقتصادية ، تاريخية ، سياسية و معرفية ما زال الاقتصاد الجزائري يعاني
من عدة نقائص تقف في وجه أية محاولة للاندماج الايجابي السريع في اقتصاد المعرفة ، كغياب المستوى
المطلوب من البني التحتية اللازمة للقيام بعمليات الاتصال بالانترنت خاصة ما يتعلق بالتكنولوجيا اللاسلكية
و الأقمار الصناعية والهواتف النقالة و ارتفاع كلفة استخدام الانترنت و استحواذ اللغة الانكليزية على 80 %
من مواقعها مع ضعف الإلمام بها و انعدام أو ضعف الوعي بأهمية التكنولوجيا وتطبيقاتها بل وتبني مواقف
سلبية منها في بعض الأحيان ، مع انصراف انشغال الحكومات المتعاقبة إلى توفير الاحتياجات الأساسية من
كهرباء ومياه وصحة وتعليم ، و استعادة الأمن و الطمأنينة ، لتبقى مسائل الانترنت و اقتصاد المعرفة –
في نظرها – ترفا لا حاجة إليه و هو في آخر قائمة الاهتمامات ، خاصة مع انتشار القناعة أن الانترنت لا
تضع الطعام في الأفواه .
إضافة إلى افتقار الجزائر للموارد البشرية والمادية والخبرات التكنولوجية التي تمكنها من الانتفاع اقتصاديا
من تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات و انعدام الثقة بإجراء المعاملات والسداد عبر الانترنت ، وعدم انتشار
اعتماد التوقيع الالكتروني ومصداقية الوثائق التي يتم تبادلها عبر الانترنت بضمان الأمان و السرية ، و غياب
الإطار التشريعي الذي ينظم المعاملات الالكترونية في ظل انفتاح الأسواق وانتشار الانترنت.
أما فيما يخص واقع التنمية البشرية في الجزائر ، فقد بلغت قيمة دليل التنمية البشرية للجزائر حسب معطيات
عام 1997 ما يعادل 0.665 وكان ترتيبها 109 من أصل 174 دولة حسب التصنيف العالمي ، علما أن قيمة
دليل التنمية البشرية المتوسط تبلغ 0.662 وهي قيمة دليل الجزائر تقريبًا وتنضوي معظم الدول العربية في هذا
المستوى المتوسط للتنمية البشرية حسب تقرير التنمية البشرية لعام 1999 ، و يعتبر الموقع الذي تحتله الجزائر
في مجال التنمية البشرية متدن نسبيا مقارنة مع الدول الأخرى في العالم.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
305
و رغم ذلك ، يمكن للتنمية البشرية المستدامة أن تتيح للجزائر فرصا كثيرة للاندماج في اقتصاد المعرفة
خاصة إذا أحسنت الانتقال السريع و التحول الايجابي في جميع الميادين ذات الصلة بهذا الاقتصاد الجديد ،
و لن يتأتى ذلك – في نظرنا – إلا إذا ركز صناع القرار الاقتصادي في الجزائر على محورين أساسيين هما :
أولا خلق مناخ تكنو – اقتصادي مناسب لاكتساب و استغلال المعرفة
وذلك بغية ضمان دخول الجزائر في عصر المعلومات و مواكبة التطورات العالمية الهائلة للوصول في أقرب
الآجال إلى بناء مجتمع المعرفة ، و الاندماج التدريجي المدروس في اقتصاد المعرفة ، الذي لن يتم
دون اعتبار المعرفة أهم عنصر من عناصر الإنتاج و ليست ترفا فكريا أو شأنا هامشيا ، و في
هذا المجال يمكن التركيز على ما يلي :
1 / تطوير قاعدة مهارات محلية في مجال إنتاج البرامج المعلوماتية واستعمالها بخلق صناعة محلية لها :
مما سيسمح بخلق وظائف عمل جديدة لآلاف البطالين الجزائريين خاصة حملة الشهادات الجامعية العالية
، و زيادة الصادرات ، و تعظيم منافع النفاذ إلى التكنولوجيا ، و في بلد كالهند مثلا حقق قطاع إنتاج البرامج
المعلوماتية نموا بنسبة 50 % خلال التسعينيات، مماِ أدى إلى زيادة صادراتها و خلق آلاف الوظائف
المحلية ( سومافيا ، 2001 ) ، و قد كشفت دراسة في عام 1995 حول تأثير منتِج برمجيات
مايكروسوفت على الاقتصاد المحلي أن كل وظيفة في مايكروسوفت قد خلقت 6.7 فرصة عمل جديدة في
ولاية واشنطن بينما خلقت كل وظيفة في بوينغ 3.8 فرصة ، و هكذا بإمكان الجزائر خلق
مناصب شغل عديدة في هذا القطاع باعتبار أن قدرة التصنيع القصوى للشرائح الرقيقة تتضاعف كل 18
شهرا ، كما أصبحت الحواسيب أسرع مع انخفاض سعر طاقة الكومبيوتر عند حد معين إلى النصف
، فيما ينتظر أن النطاق الإجمالي لنظم الاتصالات سيزيد ثلاثة أضعاف كل 12 شهرا ، ليحدث انخفاضا
مماثلا في تكلفة وحدة الشبكة ( عرين ، 2003 ) .
2 / جذب و تشجيع الاستثمارات الأجنبية في التكنولوجيات الجديدة للإعلام و الاتصال : فقد عانت الجزائر
كثيرا من عزلة دولية و حصار غير معلن في هذا المجال ، مما حرمها من التفاعل الإيجابي مع هذه
الاستثمارات النوعية ، خاصة أن المواهب التكنولوجية أصبحت تلفت انتباه البلدان الصناعية وكبرى الشركات
المتعددة الجنسيات فقد نجحت كوستاريكا مثلا في جذب إحدى أكبر الشركات عالميًا في مجال تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات، وذلك بهدف استخدام اليد العاملة المتعلِّمة نسبيًا، في سياق الجهود التنموية التي شهدت
خلق الوظائف وزيادة الصادرات، وتؤدّي الآن إلى خلق صناعة محلية للبرامج المعلوماتية.لتسريع وتيرة التنمية
من جهة ، و استقدام الخبرات الأجنبية من جهة أخرى . و لقد تزايدت أهمية الاستثمار الأجنبى المباشر وغير
المباشر في تمويل التنمية وتوطين التكنولوجيا فى الدول النامية وبرز دوره في دعم عمليات التنمية
فى بعضها ، إذ أصبحت تسمى بالدول حديثة التصنيع كدول جنوب شرقي آسيا وبعض دول أمريكا اللاتينية ،
خاصة من خلال الشركات متعددة الجنسية.
لكن الملاحظ أنه رغم تزايد الحجم المطلق للاستثمار الأجنبى المباشر فى أعوام التسعينيات ليبلغ 440 مليار
دولار أمريكى عام 1998 ، فإن 58 % من هذه الاستثمارات تركزت فى الدول الصناعية المتقدمة، مقابل
% 37 فى الدول النامية ، و 5 % لدول شرق أوروبا ، و لم تحظ الدول العربية مجتمعة بأكثر من 2 % من
إجمالى الاستثمار الأجنبى المباشر فى الدول النامية ، وتراوح نصيبها حوالي ثلاثة مليارات دولار أمريكى
سنويا ( التقرير الاستراتيجي العربي ، 2001 ).
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
306
3 / تحسين فرص النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات و تطويرها : مما سينتج عنه تعزيز
الوظائف والمبادرات الفردية في صناعاتٍ معينة كمعالجة البيانات والمراكز عن بعد؛ ففي السينغال مثلا
نتجَ عن تحرير تنظيم الاتصالات مجموع ً ة كبيرًة من المراكز عن بعد التي تؤمّن النفاذ إلى الاتصالات، ممّا
أدّى إلى خلق آلاف الوظائف، أما في جنوب أفريقيا فقد أمّن نموّ المراكز عن بعد نفاذًا لا مثيل له إلى الخدمات
العامة، إضافة إلى معلوماتٍ أساسيةٍ حول العناية الصحية، والمنافع الاجتماعية، والخدمات الحكومية
الأخرى ( سومافيا ، 2001 ) ، كما أن تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سوف يفجر
القدرة الإبداعية و المعرفية لدى العاملين في المؤسسات الجزائرية و يخلق تغييرات إيجابية في محيط العمل
و أساليب الإنتاج ، كما يسهل خلق المعرفة في المجتمعات الإبداعية . حيث تعتمد الاقتصاديات الجديدة على
زيادة استثماراتها في تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات نظرا لتأثيرها القوي و المضاعف على الاقتصاد
ككل مقارنة مع التصنيع . وليس أدل على أهمية التكنولوجيا من أن المعرفة العلمية والتكنولوجية أصبحت
تمثل 80 % من اقتصاديات العالم المتقدم ، بينما ال 20 % المتبقية هي حصة رأس المال والعمالة
والموارد الطبيعية .. والعكس صحيح بالنسبة للدول النامية ، وأن 70 % من نفقة الحاسب الآلي ترجع
إلى قيمة البحث والتطوير والاختبار و 12 % للأيدى العاملة و ذلك من تكلفة المنتج النهائى ( التقرير
الاستراتيجي العربي ، 2001 ) .
4 / تعميم استخدام الانترنت : بتوسيع شبكاتها و إصلاح و تحديث الخطوط الهاتفية المتقادمة و تخفيض
أسعارها لتكون في متناول الجميع ، فلا يمكن الاندماج في اقتصاد المعرفة دون توسيع دائرة المتعاملين
بالانترنت في الجزائر على أوسع نطاق و بأقل التكاليف ، و لن يؤثر ذلك كثيرا من ناحية التكاليف
فقد بينت الدراسات الميدانية أن قيمة أية شبكة تتناسب مع مربع عدد العقد ، لذلك فكلما تكبر الشبكة
تزداد قيمة الارتباط بها بشكل أسيّ بينما تبقى التكلفة نفسها لكل مستخدم أو حتى أقل ، وهو ما تم تطبيقه
على الانترنت وعلى نظم الهاتف أيضًا ( عرين ، 2001 ) مما حمل بعض الدول العربية النامية على توفير
خدمات الانترنت مجانا ( كمثال على ذلك العاصمة المصرية القاهرة و بعض أحياء العاصمتين التونسية
و الأردنية ) . تكفي الإشارة أنّ حوالي 90 % من كافة مستخدِمي الإنترنت يتواجدون في البلدان الصناعية، وأنّ
الولايات المتحدة الأميركية وكندا وحدهما تش ّ كلان 57 % من إجمالي مستخدمي الإنترنت، وفي المقابل يش ّ كل
مستخدِمو الإنترنت في أفريقيا والشرق الأوسط مجتمعين 1% فقط من مستخدِمي الإنترنت عالميًا (
سومافيا ، 2001 ) فيما يتوقع أن يصل عدد المستخدمين حتى عام 2005 نحو مليار مستخدم للإنترنت وهو ما
يعادل 15 % فقط من نسبة عدد السكان في العالم، حيث تبلغ نسبة الزيادة السنوية في عدد المستخدمين حول
العالم 100 مليون مستخدم سنويا .
5 / إعطاء أهمية أكبر لرأس المال الفكري : الذي يعتبر دعامة تطور المؤسسة الاقتصادية و
نماءها و نجاحها ، فكلما زادت معدلات المعرفة لدى الموظفين زادت قدراتهم العقلية والإبداعية و هو ما يشكل
ميزة تنافسية ، و يوجد الآن دليل واضح على أن العنصر غير الملموس لقيمة التكنولوجيا المتقدمة يفوق القيم
الحقيقية لموجوداتها الحسية كالأبنية والمعدات، فالموجودات الحسية لشركة مثل مايكروسوفت جزء صغير جدًا
من تمويل السوق الخاص بها والفرق هو في رأسمالها الفكري ( عرين ، 2003 ) .
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
307
ثانيا وضع استراتيجية جزائرية واضحة للتنمية البشرية المستدامة قادرة على دمج البلاد
في اقتصاد المعرفة
بالتركيز على زيادة نفقات البحث و التعليم و القضاء على الفقر و الحرمان لتحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية ،
و ردم الهوة بين الرجال و النساء في ميادين المعرفة ..
يمكن إجمال أهم ملامح هذه الإستراتيجية فيما يلي :
1 / إعادة هيكلة الإنفاق الحكومي العام و ترشيده في سبيل إجراء زيادة حاسمة في الإتفاق المخصص لتعزيز
المعرفة : عن طريق الاهتمام بكافة مستويات التعليم من الابتدائي إلى الجامعي ، مع التركيز أكثر
على مراكز البحث العلمي ، و الخروج من النظرة الحكومية الضيقة لقطاع البحث و التعليم و القائمة
على فهم خاطئ و قاصر إذ يعتبره قطاعا غير منتج لا يدر أية قيمة مضافة و لا يحقق إيرادات تناسب ما يتلقاه
من نفقات ، حيث تكفي الإشارة هنا إلى أن إنفاق الولايات المتحدة الأمريكية – أقوى دولة في العالم -
في ميدان البحث العلمي و الابتكارات يزيد على إنفاق الدول المتقدمة الأخرى مجتمعة ، مما ساهم في جعل
الاقتصاد الأمريكي الأكثر تطورا و دينامية في العالم ، فقد بلغ إنفاق الدول الغربية في هذا المجال 360 مليار
دولار عام 2000 كانت حصة الولايات المتحدة منها 180 مليارا ( محمد دياب ، 2003 )، و لزيادة هذا
الإنفاق أوصى منتدى التعليم العالمي ( داكار ، 2000 ) بتخفيض ديون الدول الفقيرة غير القادرة أصلا على
توفير أدنى مستويات المعيشة فضلا عن تخصيص نفقات للبحث و التعليم
. ( Alain Mingat & Karolin Winter, 2002 )
2 / تثمين دور التعليم : حتى في حال أصبح النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أسهل وأكثر
انتشارًا، إ ّ لا أنّ منافع ذلك ستكون قليل ً ة بدون تحقيق مستويات ملائمة من التعليم ( سومافيا ، 2001 ) فعدم
القدرة على استيعاب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإفادة من نتائجها قد يش ّ كلان أكبر التحديات التي
ترافق اندماج الجزائر في اقتصاد المعرفة خلال السنوات المقبلة، أمّا خفض المظاهر الأخرى للهوة المعرفية
كالفوارق في الأجور والتمييز بين الرجال و النساء فسيعتمد أيضًا على تحسين التعليم و تطويره و عصرنته ،
للحاق بالبلدان المتقدّمة التي بدأت "عائدات التعليم العالي" فيها تنعكس إيجابيا حيثما وجدت التكنولوجيا الأكثر
تطورا ، و في منتدى التعليم العالمي ( داكار ، 2000 ) اتفقت 180 دولة على ضمان التعليم الابتدائي لكل
الأطفال نظرا لكون 113 مليون طفل بين 6 و 11 سنة غير ملتحقين بالمدارس ، مما أدى إلى انخفاض
رأس المال البشري المرتكز أصلا على التعليم و المهارات ، خاصة بعد أن أثبتت بعض الدراسات أن
عوائد الاستثمار في التعليم الابتدائي أكبر من الاستثمار في رأس المال المادي ، حيث تتراوح التقديرات من 11
إلى 30 % خاصة في تعليم البنات ، لذلك يؤكد الخبراء في التنمية البشرية المستدامة على أن قيام بلد ما بتوفير
تعليم ابتدائي جيد النوعية لكل المواطنين هو حجر زاوية حقيقي لتحقيق نمو اقتصادي مقبول ( Alain
. Mingat & Karolin Winter, 2002 )
كما أنّ الاستثمار في التعليم الأساسي والعالي يش ّ كل أهمّ الوسائل على مستوى السياسات المتوّفرة للحكومات
بهدف جني ثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولم ينجح أيّ بلدٍ نامٍ في تأمين موقعٍ له في الأسواق
العالمية للمنتجات غير الملموسة من دون تمّتعه بيدٍ عاملةٍ متعّلمة ، إضافة إلى أنّ التعليم والنمو الاقتصادي
متكاملان، ومن المحتمَل أن يؤدّي الاستثمار في التعليم إلى تحقيق النمو الاقتصادي، وقد تصحّ العلاقة السببية
بينهما أكثر ما تصحّ في الاقتصاديات الناشئة المستندة إلى المعرفة، حيث تش ّ كل المعرفة أهمّ مصدرٍ لتحقيق
الثروات، وليس المدخلات المادية أو الموارد الطبيعية.
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
308
3 / القضاء على أمية الحرف و الفكر مع الاهتمام بالتعّلم مدى الحياة : لا يمكن لبلد يعاني فيه حوالي 8
ملايين نسمة من أمية الحرف و الفكر أن يجد له مكانة في عصر المعلومات ، و لهذا ينبغي العمل بجد للقضاء
على داء الأمية لتأهيل الجزائريين للتأقلم مع السيولة المعلوماتية الوافدة عبر كل قنوات الاتصال و الإعلام
المتوافرة .
من جانب آخر ، لم يعد الأمر في ظل الاقتصاد الجديد مقتصرا على التعليم النظامي فقط ، بل صارت قضية
تعميم التعليم و استمراريته أكثر من ضرورية لضمان حسن انتشار المهارات و العلوم و المعارف ، فقد أصبح
التعّلم مدى الحياة أهمّ مصدرٍ للأمان في الوظيفة أو لقابلية الاستخدام في عصر المعلومات ، إذ يؤمّن ميزًة
تنافسي ً ة للمو ّ ظفين، والحكومات، وأصحاب العمل، كما أّنه صار يحتلّ الأولوية بالنسبة للكثير من النقابات
العمالية، بالإضافة إلى أنّ الحاجة إلى التعّلم مدى الحياة واكتساب المهارات قد يعيدان إحياء دور النقابات
العمالية كمصدرٍ تقليدي مضمون لتأمين "قاعدة المهارات" للعضوية المتنّقلة.
4 / التخفيف من الفقر و الحرمان و تأمين الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية :
يمكن ربط تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بغاية إنسانية نبيلة استيقظ على وقعها العالم منذ زمن قصير و هي
القضاء على الفقر و الحرمان ، و تأمين الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية ( سومافيا ، 2001 )، إذ كيف
يتسنى للجزائر – كدولة نامية – العبور إلى عصر المعلومات و مجتمع المعرفة و السعي للاندماج في اقتصاد
المعرفة دون معالجة الجوانب الاجتماعية ذات الأثر المتعدي و الخطير ، كتزايد أعداد الفقراء ليصل إلى حوالي
نصف تعداد السكان .
و في هذا الإطار ، ما تزال المقاربات التنموية خاصة تلك المستندة على التنمية البشرية المستدامة تلح على
الاهتمام بهذا المجال ليس بالصدقات و أعمال البر و الإحسان فقط بل بوضع سياسات وطنية جادة يتم فيها
إشراك كل العوامل و الإمكانيات المتوافرة و التي يأتي على رأسها رأس المال الفكري و تكنولوجيا المعلومات
التي لا يقتصر أثرها على النمو الاقتصادي فحسب بل أيضًا عبر تحسين النفاذ إلى العناية الصحية، والتعليم،
وغيرها من الخدمات الاجتماعية، ويمكن مث ً لا البدء بالمساعدات العامة و/أو الخاصة إلى منظمات المجتمع
المدني بهدف تأمين النفاذ وفقًا لحاجات الأشخاص الفقراء، فحتى منظري العولمة الأورو – أمريكية يتفقون على
خطورة الفقر حيث يعتبرونه منتوج ديناميكية اقتصادية ، اجتماعية و سياسية متكاملة ، حيث تتجند مختلف
العناصر بطريقة تمكنها من تعميق الوضعية المأساوية التي يعيشها الفقراء ( Nora Lusting & Nicolas
.Stern, 2000 )
5 / ردم الهوّة المعرفية بين الرجال و النساء :
رغم أنّ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قادرة على تأمين الوظائف للنسوة بغية تحسين ظروف معيشتهن
وحياتهن ، إ ّ لا أنّ تقرير الاستخدام في العالم يشير إلى أنّ المرأة لا تزال عمومًا تتقاضى أجورًا أدنى، وتعاني
بطال ً ة أكبر، وغالبًا ما تعمل في مجالاتٍ تتطلب مهاراتٍ أقلّ.
وتتعّلق أكبر الهوات المعرفية التي تميّز بين المرأة والرجل على مستوى استخدام الإنترنت، حيث تش ّ كل المرأة
أقليّة المستخدمين في البلدان المتقدّمة والنامية على حدٍّ سواء. وعلى سبيل المثال، تش ّ كل المرأة 38 % فقط من
مستخدمي الإنترنت في أميركا اللاتينية، بينما تصل النسبة إلى 25 % في الاتحاد الأوروبي، و 19 % في
روسيا، و 18 % في اليابان، و 4% في منطقة الشرق الأوسط. ويشير التقرير إلى أنّ معظم مستخدمي
الإنترنت هم من الرجال، ومن الذين حصّلوا تعليمًا جامعيًا، والذين يتقاضون أجورًا تفوق متوسّط الدخل. أمّا
الهوّة بين المرأة والرجل في مجال استخدام الإنترنت، فلم ُتردم إ ّ لا حيث كان النفاذ إلى الإنترنت متطوّرًا جدًا،
كما هي الحال مث ً لا في البلدان الاسكندنافية والولايات المتحدة الأميركية. من جانب آخر ، فإن المرأة في
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
309
الهند زادت حصّتها حتى 27 % من الوظائف المهنية في صناعة البرامج المعلوماتية، بينما حصلت
آلاف النساء في منطقة الكاريبي وبلدان أخرى على وظائف في قطاع معالجة البيانات وذلك في فترة
التسعينيات، وفي أوغندا تعمل النساء اللواتي فقدنَ أحد أعضاء عائلتهنّ بسبب مرض الإيدز على صناعة
سلالٍ تقليدية، وذلك كجزءٍ من مجموعة "نساء الياقوت" التي تقوم لاحقًا ببيع هذه المنتجات عبر شبكة
الإنترنت، بمساعدة منظمة غير حكومية اّتخذت من الولايات المتحدة الأميركية مقرًا لها ( سومافيا ، 2001 )
.
الخاتمة
لا بد للجزائر من رسم سياسات واضحة ضمن استراتيجية شاملة و جادة لتدارك التأخر الكبير عن الركب
العالمي المتعولم ، و المتجه بسرعة قياسية نحو اقتصاد المعرفة و المعلوماتية و الطرق
السريعة للمعلومات، ذلك أنّ البلدان التي ستعجز عن اللحاق بركب الثورة المعلوماتية الهائلة أو التي تلحق
بها بعد فوات الأوان إّنما ستفقد قوّتها الاقتصادية التنافسية ( إن وجدت أصلا ) وحصّتها في السوق إضافة
إلى احتمال تدّني دخلها الوطني، بعد أن صارت المعرفة و المعلومات حاملة بالنسبة لدول التخلف
الحضاري لمزيد من المخاطر الحالية بدل المكافآت المستقبلية، نظرًا لوجود الانقسامات واّتساعها،
و تأثر نوعية الحياة سلبا وإيجابا بمعطيات و إفرازات الزمن التكنولوجي و نسقه المرتفع و تسارع
تبدلاته .
فلامناص إذن من توفير بيئة تكنو – اقتصادية ملائمة لاكتساب و استغلال المعرفة تسمح للجزائر
بركوب القاطرة العالمية السائرة نحو عصر المعرفة ، و لن يتأتى ذلك – في نظرنا – إلا
بعد إعادة الاعتبار للفرد الجزائري بتبني سياسات التنمية البشرية المستدامة و إجراءاتها السوسيو –
اقتصادية ، و هي ذات أثر فعال على جميع الأصعدة لا سيما أنها أثبتت نجاحها في انتشال عدة
اقتصاديات عالم – ثالثية من براثن التخلف و الفقر و الاستجداء .
إن الرهان على مسايرة التقدم التكنولوجي العالمي ليس بالمستحيل ، خاصة و أن الجزائر بإمكانياتها الهائلة
و ثرواتها البشرية و المادية المعتبرة غير عاجزة على إحداث نقلة نوعية تضمن لها عودة قوية
على المسرح الاقتصادي العالمي، و اندماجا إيجابيا في اقتصاد المعرفة و الكفاءات البشرية .
جامعة ورقلة كلية الحقوق والعلوم الإقتصادية
الملتقى الدولي حول التنمية البشرية وفرصالإلإندماج في إقتصاد المعرفة والكفاءات البشرية 09 - 10 مارس 2004
310
قائمة المراجع
1 / بسام نور ( 2002 ) : أساسيات التجارة الإلكترونية ، الموسوعة العربية للكمبيوتر و الانترنت ،
30 أوت
www.c4arab.com : 2002
2 / بوغتون جيمس و ضياء قرشي ( 2003 ) : مواصلة السير على الطريق ، مجلة التمويل و التنمية ،
الصادرة عن صندوق النقد الدولي ، المجلد 40 ، العدد 3 ، سبتمبر 2003 .
3 / حسني عايش ( 2002 ) : متطلبات العمل و التعليم الجديدة ، مقال في المجلة الإلكترونية ( قضايا
تربوية ) منشورات المدرسة العربية . كوم :
www.schoolarabia.net4 / سومافيا خوان ( 2001 ) : ردم الهوة الرقمية ، عالم العمل ، منشورات مكتب العمل الدولي ، عدد
38 ، جوان
www.ilo.org : 2001
5 / عرين ( 2003 ) : ماهو اقتصاد المعرفة ؟ ، افتتاحية اقتصادية ( دون توقيع ) في مجلة (
عرين ) للنادي العربي للمعلومات ، عدد 28 ، شباط
www.arabcin.net 2003
6 / عماد عبد الوهاب الصباغ ( 1998 ) : علم المعلومات ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ،
عمان ( الأردن ) 1998 .
7 / محبوب الحق ( 2003 ) : التنمية البشرية المستدامة تضع البشر هدفا و وسيلة لعملية التنمية ، مقال
اقتصادي في الموقع الإلكتروني :
www.jordandevnet.org8 / محمد دياب ( 2003 ) : اقتصاد المعرفة : أين نحن منه ؟ ، مقال اقتصادي 23 / 10 /
2003 في :
www.alriadh-np.com9 / منير شفيق ( 2002 ) : أوهام ( الاقتصاد الجديد ) و ( التنمية البشرية ) ، مقال اقتصادي في
النسخة الإلكترونية لجريدة ( الحياة ) اللندنية بتاريخ 05 / 08 / 2002 :
www.rezgar.com10 / نبيل مرزوق ( 2001 ) : تحديات التنمية البشرية في سوريا ، مقال اقتصادي في الموقع
الإلكتروني :
www.ettihad.net11 / نديم عبد المنعم نديم ( 2002 ) : آراء معاصرة في اقتصاد المعرفة ، مقال اقتصادي في مجلة (
الوطن ) :
www.alwatan.com12 / التقرير الاستراتيجي العربي ( 2001 ) : تكنولوجيا المعلومات كمدخل للتنمية و التكامل العربي
، مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية ، القاهرة ( مصر ) :
www.w3.org13 / المنظمة العربية للاستثمار ( 2001 ) : الفجوة الرقمية ؛ أرقام خيالية ، 13 مارس 2001 :
www.alwatan.com14 - Alain Mingat & Karolin Winter ( 2002 ):Education For All by 2015 , in Finance
& Development , March 2002,Volume 39,Number 1
15 - Nora Lusting & Nicolas Stern ( 2000 ):Une Approche plus large de la lutte contre
la pauvreté pportunité, Insertion et Sécurité Matérielle , article in : Finance &
Développement,Décembre 2000.
16 - Paula De Mazi, Marcello Estevao et Laura Kodres ( 2001 ) : Une nouvelle
économie ? , in Finance & Développement , Juin 2001, Volume 38 , Numéro 2 .