أثر التفكك الإجتماعي في الظاهرة الجرمية
إن موضوع تحديد الأسباب التي تظهر أو تساعد على إظهار الميول الجرمي لدى المجرم حظي بتفاعل كبير من العلماء باختلاف تخصصاتهم فقد حاولوا الكشف عن الأسباب التي تفتح السبيل للمجرم لارتكابه للجريمة منهم من نادى بأن الظاهرة الإجرامي تعزى لأسباب فردية فبينوها من خلال اختبارات ودراسات تؤكد شكوكهم
والبعض الآخر من العلماء (علماء الاجتماع) اعتبروا أن سلوك المجرم ما هو إلا نتيجة لعوامل محيطة بالمجرم أو لأسباب اجتماعية لا دخل للفرد في تكوينها.
فنادوا أن الظواهر الاجتماعية تلعب دورا هاما كمصدر للجريمة.
وقد حدد العلماء من خلال دراساتهم الميدانية للمجتمعات هذه الأسباب في أربع نظريات أولا نظرية التفكك الاجتماعي وفوج آخر من العلماء نادوا في نظرية تصارع الثقافات، وأيضا دُرس السلوك الجرمي من خلال نظرية الاختلاط الفاصل, أخيرا أرسوا إلينا مضمون نظرية النظام الرأسمالي أو النظرية الاقتصادية,
ونحن بصدد الحديث عن نظرية التفكك الاجتماعي كأثر لسلوك الفرد الجرمي فعرف "ميشيل مان" التفكك الاجتماعي على انه جمله من الاضطرابات التي تصيب النمط أو النظام أو التقليد الاجتماعي وهي مقترنة بالتغير الاجتماعي ومن جهة أخرى تؤثر سلبا على الضبط الاجتماعي بالمجتمع.
ويعتبر عالم الاجتماع الأمريكي "ثورستن سيلين" قائد أو المنادي بهذه النظرية، حيث يرى أن التفكك الاجتماعي يلعب دور مهم في تزايد ونمو الظاهرة الإجرامية لدى الأفراد, فيقول أن الطفل منذ ولادته يهيأ لتكييف شخصيته عن طريق جعلها اجتماعية أي سهولة التواصل مع الأفراد المنتمين لنفس المجتمع أو لمجتمع آخر.
ووضع قاعدة إن الطفل كلما نشأ في ظل الثقافة العامة يكون أكثر قابلية للاندماج مع مجتمعه الخارجي فالطفل قد ينشأ في ظل ثقافته الخاصة المغلقة والتي قد تتباين أو تتوافق مع الثقافة العامة.
ويقول سيلين أن التكافل الاجتماعي يعد أقوى حاجز ضد الجريمة. والعكس صحيح "من وجهة نظر العالم"حيث أن التفكك وضعف التناسق في المجتمع يؤدي إلى ازدياد نسبة الأجرام ويضيف سيلين إلى أنه وجب اعتبار التفكك الاجتماعي هو السبب الحقيقي والكامن لتزايد نسبة الظاهرة الإجرامية وخاصة في المجتمعات المتقدمة حضاريا. وأضيف على ما ذكره سيلين على انه يمكن اعتباره السبب الحقيقي لأنه أكثر وضوحا من غيره من الظواهر وباعتقادي انه هو سبب النظريات اللاحقة لهذه النظرية لأن بسبب التفكك الاجتماعي يجعل الفرد مشوشا إلى أي الأفكار والمبادئ سيؤمن فينخرط في أي جماعة تناسب تفكره حسب نظرية الاختلاط الفاصل ولعدم وجود تكاتف وتكافل اجتماعي ولوجود الطبقية الاجتماعية فإن الفقير بسبب الحاجة أو الانتقام وغيرها من الأسباب تجعله ينحرف لإبراز شخصيته المهضومة وفقا للنظرية الاقتصادية.
بعض العلماء أقام بحوثه بناء على مجتمعه وعلى مستوى تطوره ورقيه الاجتماعي فهذا يعد من أحد السلبيات على دراسات الباحثين لأن يمكن اعتماد النظرية على كل المجتمعات لاختلافها من دولة إلى دولة أخرى أو في الدولة نفسها من مجتمع إلى مجتمع.
1_الاختلاف بين المجتمع المدني والمجتمع الريفي.
قال بعض الباحثين أن التفكك الاجتماعي يختلف من المجتمعات الريفية إلى المجتمعات المدنية المتطورة فقلما نجد في ال، لذلكو المناطق النائية أو الريفية مظاهر من التفكك الاجتماعي لذلك نجد أن الجرائم نستطيع أن نسميها الجرائم البسيطة والبريئة والتي تظهر براءة تفكير الريفيين, لتواصل الناس مع بعضهم البعض حيث تحكمهم أواصر المحبة والتعاون, فالفرد تربيه على الأخلاق والقيم الطيبة فيأتي المجتمع ليجعل هذه المباديء أسس يتعامل بها الفرد.فالمجتمعات المدنية أقرب ما قد نسميها أنها إقليم مختلط فكل جماعة لها ديانة ولغة وثقافة تختلف عن الجماعات الأخر، لذلكك الجريمة في المدن تكثر وأساليبها أكثر تطور من الأقاليم الريفية.
2_التغير السريع في المجتمع:
وأيضا من وجهة نظري أن التغيرات الحادثة في المجتمع والتي تتميز بالتطور السريع فيه حيث أن في المجتمع قد تحدث تطورات لا تتناسب وفكر الممتع وعاداته التي اعتاد عليها الناس وقد تكون هذه التطورات سلبية أو إيجابية فالتطورات الإيجابية سيتقبلها الأفراد برحابة صدر لأنها تتوافق وتقاليده ولكن المشكلة إذا ما كان التطور يغزو عادات المجتمع ويجعل في الجماعات تصدعات وشروخ لا يمكن إصلاحها تغير سلوكيات الأفراد داخل المجتمع من سلوكيات هادئة إلى سلوكيات هوجاء عنيفة لا يمكن السيطرة عليها.
3_التفكك الأسري.
من المعروف أن الأسرة هي النواة الأساسية في المجتمع, فالأسرة هي المربي الأول للطفل فهي المكون لشخصية الفرد الابتدائية. فعلماء النفس حددوا مراحل اكتساب القيم فأولا تأتي تربية الأسرة فكل من في الأسرة يدلو بدلوه لتربية الطفل سواء الحسنة أم السلوكيات السيئة ثم تأتي مرحلة تربية المجتمع والتي ترتبط مع تربية الأسرة حيث أن الطفل عندما يأتي بسلوك غير سوي اكتسبه من المجتمع فإن الأسرة تقوم بما لها من سلطة توجيهية وتقويمية بتغيير مثل هذه السلوكيات السيئة إلى مبدأ يأخذه الطفل بعين الاعتبار ثم بعد ذلك في مرحلة المراهقة تأتي تربية المجتمع المنفردة حيث أن المراهق يمارس حياته ويواجه الحياة بالتربية التي اكتسبها من أسرته في مرحلة طفولته فإما أن تؤثر القيم التي رسمتها الأسرة أو أن يتأثر بالقيم الجديدة.
فالتفكك الأسري له دور أساسي في التفكك الاجتماعي لأن أساس المجتمع الأسرة
باختلال نظام الأسرة اختل نظام المجتمع، لأن المجتمع يعتمد اعتمادا كبيرا في الأجيال التي ترسلها الأسر، فمثلا عندما نلحظ في الأسرة ذلك النوع من التمييز والعنصرية في مجتمع العائلة فبالطبع ذلك يؤدي إلى توليد عواطف ومشاعر تبرز على هيئة أعمال لا يمكن ردعها بدون وجود نظام رادع للفرد فبالتالي فإن المجتمع يتحمل نتيجة تصرفات الأسرة السلبية، وأيضا عدم تقيد الوالدين بالتقاليد والعادات هذا من شأنه خروج جيل غير محترم لعادات المجتمع تحركه العادات التي نقشها الوالدان في عقلية الفرد.
4_البطالة
هي ظاهرة انتشرت بنسب كبيرة في جميع المجتمعات حيث يؤدي وجود أناس عاطلين عن العمل على وجود فراغ لدى الأفراد العاطلين في رأيي أنه كلما كان هناك تفكك اجتماعي كلما كانت هناك بطالة وبالتالي كلما زاد عدد المجرمين لأن عندما يكون هناك علاقات اجتماعية شبه منعدمة فإن الأفراد سوف لا يعبوا بالأفراد غير العاملين لأنه لا توجد هناك صلة ولا رابطة فكل يرى مصلحته فهنا يولد لدى الفرد العاطل الكره حبه للانتقام من المجتمع الذي حرمه من الالتحاق بالوظيفة التي تكسبه لقمة العيش فهنا يبرز للفرد الجانب الإجرامي لتحقيق العدالة التي يبتغيها.
5_عدم وجود ضابط اجتماعي.
فالمجتمع يحتاج فعلا إلى مثل هذه الضوابط لإرجاع الأمور إلى نصابها فالتفكك الاجتماعي سوف يقل ولا أقول أنه سوف ينعدم بوجود ضابط أو جهة توجيهية لكان الأفراد التزموا ولو بالقل القليل السلوكيات فمثلا في التفكك الأسري لو كان به ذلك القانون الأسري التقويمي لوجدنا أن أكثر المشكلات الأسرية سوف تحل دون تخريج أجيال أقل ما نستطيع وصفها به هو أنها آفة اجتماعية لا مكان لها في المجتمع.
فيترتب على عدم وجود مثل هذه الضوابط تكاثر الآفات البشري المجرمة وأيضا تفاقم السلوكيات المريضة التي دواء لها وأيضا تطور الجرائم ازدياد حدتها في المجتمع بوجود فكر إجرامي.
وأحب أوجه المقترحات الآتية في ضوء ما قمت بدراسته:
1. وجب على المجتمع التركيز على إيجاد حلول ولو جذرية للظواهر السلبية التي تلاصق المجتمع.
2. إرساء سبل الوعي في الأسرة والمجتمع للارتقاء الفكري والاجتماعي وهذا الوعي هو من صميم عمل المجتمع السوي.
3. توفير فرص عمل للعاطلين لأن بوجود مثل هذه الفئات تزيد الفجوات الاجتماعية والتي يصعب تفاديها.
4. وجب إنشاء مراكز للتأهيل الأسري والاجتماعي بإدارة متخصصة تساعد على حل المشكلات الأسرية والمجتمعية.
5. وجود تواصل بين المجتمع ووسائل الإعلام المختلفة لتنمية روح التعاون والتكافل الاجتماعي ليكون.
6. تعريف الأفراد بالسلوكيات الاجتماعية المختلفة التي تؤثر سلبا أو إيجابا على فكر وشخصية الفرد.
7. إيجاد نوع من الأنشطة والفعاليات التي تحوي جميع أفراد المجتمع الواسع المختلط.
هذا وقد وصلت إلى ختام مقالي والذي كان يتحدث عن أثر التفكك الاجتماعي على الظاهرة الإجرامية حيث يتم ملاحظته في واقعنا بشكل كبير،باختلاف الظواهر.
والله ولي التوفيق