إنه كتاب عن الإستراتيجية والتكتيك في حرب العراق يحوي بين دفتيه وصفاً تفصيلياً للحرب العراقية من وجهة نظر شاهد عيان.
بعد سلسلة من الأخطاء الكارثية للإدارة الأمريكية في الحرب العراقية، تولى الجنرال "دايفيد بتراوس" قيادة القوة متعددة الجنسيات- العراق (أم إن أف-أي) في عام 2007. ويعتبر كتاب "أخبرني ما السبيل لإنهاء هذه الحرب" وصفاً من الداخل لمحاولته قلب مسار حرب متعثرة.
ويتضمن الكتاب مقابلات شاملة مع بيتراوس والقواد التابعين له. وهو يعد الكتاب الأوحد الذي يربط بين العمليات العسكرية في العراق والورطة السياسية التي قادت هذا البلد إلى شفا الحرب الأهلية. والكتاب مزود بحقائق عن أهم المعارك الدرامية والمواجهات ويحوي بين دفتيه تحليلاً بارعاً للأحداث. ولذا فإنه يعد سرداً وافياً لملحمة الحرب في العراق يبسط كل الخيارات المتاحة أمام الرئيس.
وقد قامت المؤلفة "ليندا روبنسون" _التي تعمل حالياً ككاتبة مقيمة بمركز ميريل للدراسات الإستراتيجية التابع لكلية جون هوبكينز للدراسات الدولية المتقدمة_ برحلات صحفية موسعة إلى العراق وأفغانستان منذ أحداث اا سبتمبر. كما أنها ألفت كتاباً عن القوات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي بعنوان: "سادة الفوضى" والذي كان أحد الكتب الأكثر مبيعاً لمجلة "نيويورك تايمز" وحصلت على جائزة جيرالد أر فورد لكتابة التقارير الصحفية عن الدفاع القومي في عام 2005. كما قامت روبنسون بكتابة تقارير صحفية لشبكة "يو إس نيوز" وعملت محررة أولى بمجلة الشؤون الخارجية.
ويدور هذا الكتاب حول الإستراتيجية والتكتيك في الحرب العراقية كما أنه يعد بمثابة تقرير تفصيلي عن هذه الحرب من واقع رؤية شاهد عيان. وتفيض روبنسون في شرح دقيق للتكتيكات التي إستخدمها ضباط الميدان على أرض المعارك التي دارت رحاها في العراق. ويقدم كتابها تحليلاً للحرب منذ بدايتها عام 2003 مع الإشارة إلى الأخطاء الإستراتيجية والتكتيكات المبتكرة لمكافحة التمرد والتي تبناها الجنرال بيتراوس الحاصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة برينستون والذي أحاط نفسه في العراق بنخبة من صغار الضباط الذين يتمتعون بنفس العقلية التحليلية وروح الحماس التي يمتاز بها بتراوس.
وترى روبنسون أنه لن يفلح أي عدد من القوات الأمريكية في إحداث فرق دائم مالم يكن لهذه القوات تأثير على الحسابات السياسية الخاصة للعراقيين. وهي تؤيد تفضيل بتراوس للإنسحاب التدريجي للقوات في الوقت الذي يتولى فيه الجيش العراقي قيادة العمليات على الجبهة الأرضية. وتترك روبنسون إنطباعاً لدى القارئ بأنه يتعين على الأمريكيين أن يشعروا بالإمتنان نحو دايفيد بيتراوس أياً ما كانت النتائج التي ستتكشف عنها الحرب. ويتناول كتاب: "أخبرني ما السبيل لإنهاء هذه الحرب" الأسباب الكامنة وراء تحسن الوضع الأمني في العراق كنتيجة للتصعيد (المتمثل في زيادة عدد القوات الأمريكية) الذي حدث عام 2007. إلا أن روبنسون تكشف النقاب عن عدة عوامل إضافية من بينها التعاون بين بيتراوس وكروكر (السفير الأمريكي بالعراق). وكان العامل الأكثر حسماً هو التغير في الإستراتيجية العسكرية الذي حدث في ظل قيادة بتراوس. فقد كان الهدف الأول لبيتراوس هو توفير الأمن للسكان ومنح الفرصة للساسة العراقيين لتأسيس حكومة عاملة وإقتصاد سليم، مما يعد تغييراً في الأولويات العسكرية قام به بتراوس. فقد وجه قواته إلى التحالف مع الزعماء المحليين من السنة والشيعة وقام بوضع قوات أمريكية في التجمعات السكنية بالعراق من أجل توفير الأمن وبناء علاقات تقوم على الثقة.
وتشرح ليندا روبنسون في هذا الكتاب المراحل الثلاث المنفصلة لمعركة الطريق إلى بغداد، ابتداء من الهجوم التقليدي على بغداد وما نتج عنه من إنهيار للحكم. ثم يتلو ذلك تصاعد التمرد ومحاولات الجنرال جورج كاسي قمعه. ثم يأتي التغير الجذري في الإستراتيجية الأمريكية على يد الجنرال دايفيد بتراوس في عام 2007. وتستعين روبنسون بالشخصيات والأحداث الرئيسية من أجل تقديم دراسة شاملة ليس فقط عن الحرب في العراق وإنما عن الوجه سريع التغير للحروب الحديثة. ويعد هذا الكتاب إلهام ذا صلة بالنسبة لكل مهتم بالتاريخ العسكري والحرب في العراق.
وفي النهاية تعرب روبنسون عن تفاؤلها بشأن مستقبل العراق، إلا أنه تفاؤل مشوب بالحذر بالنظر إلى هشاشة الوضع السياسي هناك. وبالرغم من إعجابها بالمهمة التي قام بتراوس بأدائها في العراق قبل إنتقاله إلى تولي القيادة المركزية الأمريكية، إلا أنها ليست واثقة تماماً من الكيفية التي سيراه بها المؤرخون. فإذا ما أدت الحرب إلى قدر معقول من الإستقرار تصحبه إعادة إعمار تدريجي، ترى المؤلفة أن التاريخ في هذه الحالة سيشبه بيتراوس بالجنرال ماثيو ريدجواي، الذي نجح في رد الصينيين على أعقابهم وتجميد الوضع في شبه القارة الكورية. ولكن إذا ما أخفقت العراق برغم كل الجهود والتضحيات، تخلص روبنسون إلى أن "بتراوس في هذه الحالة ستعقد حتماً مقارنة بينه وبين الجنرال كرايتون أبرامز الذي لم تفلح كل جهوده وحلوله المبتكرة في إنقاذ الولايات المتحدة من الهزيمة في فيتنام".