مفهوم إعداد الدولة للحرب
في ضوء الاستعراض السابق للعوامل المؤثرة في طبيعة يمكن الوصول الى حقيقة أن الفوز بأي صراع هو محصلة لتوظيف عدد من القوى وليس القوة العسكرية فقط. وأن توظيف هذه القوى يجب أن يتم وفق دراسة وإعداد مسبقين لتأمين الغاية من استخدام القوات المسلحة بوضعها.
وعلى هذا الأساس فإن إعداد الدولة للحرب لا يقع على عاتق وزارة الدفاع وحدها وإنما يشمل الأجهزة الحكومية كلها، كلٌ بقدر تعلق الأمر بموضوع اختصاصه.
وإذا نظرنا الى الهدف من إعداد الدولة للحرب وما الذي ينبغي أن يؤمنه لوجدنا أنه يجب أن يحقق أولا أمن وسلامة الدولة وقدرتها على صد أي عدوان يوجه إليها في أي وقت، مع قدرة على توجيه الضربات الرادعة للعدو، وتهيئة الظروف للحصول على مبدأ السوقية (الاستراتيجية) للدولة والاحتفاظ بها.
كما أن إعداد الدولة للحرب بصفة عامة يجب أن يتضمن:
أ ـ إعداد الدولة وتهيئتها سياسيا واقتصاديا وشعبيا ومعنويا وفي المقام الأول عسكريا لمواجهة أي نوع من أنواع الصراع المسلح.
ب ـ تقليل آثار هجمات العدو الجوية والكيمائية والجرثومية ووقاية الشعب منها.
ج ـ القدرة على إدارة حرب طويلة الأمد عند الضرورة.
د ـ المحافظة على الروح المعنوية عاليةً للشعب وقواته المسلحة وعلى روح التصميم على النصر.
هـ ـ اتخاذ الإجراءات التي تضمن العمل السليم في مجالات الإنتاج والخدمات في جميع مرافق الدولة خلال فترة الحرب مع تكثيف الجهود لتأمين الدعم وتأمين المجهود الحربي.
وعليه فإن إعداد الدولة يتحقق بما يأتي:
1ـ إعداد القوات المسلحة. 2ـ إعداد الاقتصاد الوطني 3ـ إعداد الشعب 4ـ إعداد أراضي الدولة كساحة للعمليات العسكرية 5ـ إعداد السياسة الخارجية بما يتلائم ومتطلبات الحرب.
(1) إعداد القوات المسلحة:
إن إعداد القوات المسلحة ذات شقين أساسيين: أحدهما إعداد أجهزة الدولة لخدمة القوات المسلحة. والثاني إعداد القوات المسلحة نفسها.
في ظل الظروف الراهنة المحيطة في الدول العربية، فإن استغلال حالة (السِلم) الموجودة بشكل مهزوز، يُعد أمرا في غاية الأهمية ويتوقف أساسا على:
(أ) الموقف السياسي (ب) الهدف الاستراتيجي العسكري للدولة (ج) الموقف الاقتصادي للدولة (د) العدو المحتمل مواجهته وقدراته وإمكاناته. (هـ) مستوى التقدم العلمي والتكنولوجي للدولة (و) العقيدة العسكرية للدولة (ز) وسائل إدارة الصراع المسلح في ظل الوضع الراهن الذي زاد فيه التهديد باستخدام وسائل التدمير الشامل.
أما فيما يخص إعداد القوات المسلحة نفسها، فيشمل مجموعة إجراءات أهمها: (أ) التخطيط الاستراتيجي لاستخدام القوات المسلحة في أي صراع متوقع. (ب) تحديد حجم القوات المسلحة في السلم والحرب. (ج) الانفتاح السوقي والتعبوي (د) تعبئة وتسليح القوات المسلحة: تحويلها من الحالة السلمية الى الحالة الحربية. (هـ) التدريب القتالي والاستعداد القتالي للقوات المسلحة. (و) تأمين الإسناد الإداري والفني للقوات المسلحة (ز) تنظيم وإدارة الاستخبارات السوقية. (ح) إعداد وتجهيز ساحة العمليات.
التخطيط السوقي (الاستراتيجي)
يُعد التخطيط السوقي بمثابة العمود الفقري في إعداد القوات المسلحة، وهو من أهم وأعقد مسائل إعداد القوات المسلحة للحرب. والتخطيط بحجمه الكامل لا يعالج مشكلات أعداد القوات المسلحة فقط، بل ويتعرض لنواح كثيرة من النشاطات الأخرى للدولة.
ويُعد التخطيط السوقي من قبل دوائر ومديريات وزارة الدفاع وتصادق عليه القيادة السياسية للدولة ويشمل الخطط العامة والخاصة الآتية: (أ) الفكرة والقرار السوقي لاستخدام القوات المسلحة في الحرب (ب) خطط الاستخدام السوقي للقوات البرية والجوية والبحرية في المرحلة الافتتاحية من الحرب. (ج) خطة تعبئة القوات المسلحة (د) خطة الانفتاح السوقي للقوات في ساحة العمليات. (هـ) خطة الاستخبارات والاستخبارات المضادة قبل الحرب وفي بدايتها (و) خطة الإسناد الإداري والفني للقوات المسلحة. (ز) خطة المخادعة السوقية والتعبوية (ح) خطة تنظيم القيادة والسيطرة على المستويين السوقي والتعبوي (ط) خطة الحرب الإلكترونية. (ي) خطة الدفاع المدني.
ويجب أن يراعى دائما في جميع مراحل التخطيط ـ الهدف السوقي العسكري الذي يجب أن تسعى جميع الخطط الموضوعة لتحقيقه. كما يجب أن يراعى عند التخطيط الواقعية والإمكانات والقدرات الفعلية للقوات المسلحة في ظرفها الحالي والمستقبلي، والقدرة على خدمة القوات المسلحة وتوفير مطالبها.
كما يجب أن تتم مراجعة الخطط بين وقت وآخر أو كلما حدثت تطورات جذرية حاسمة في الأحداث المحيطة بالدولة والتي يمكن أن تؤثر فيها حتى تساير هذه الخطط للتطورات أولا بأول ويتم مواجهتها بكفاءة وكيلا تتخلف عنها ..
يتبع