الحياة فى الريف, فى البلاد المختلفة.
الأخوات و الأخوة الأعزاء,
طلب منى الأخ سي السيد, وعضد طلبه الأخت فيروز, أن أكتب عن الحياة فى الريف كما شاهدنها أثناء ترحالى فى الدول المختلفة.
و لأن كلمة ريف يختلف معناها من مكان الى آخر, فسوف أبدا بمناقشة ما هى التعريفات المختلفة للريف, ثم نتطرق الى مظاهر الحياة فى الأماكن التى يمكن إعتبارها ريف.
بعض الشعوب تطلق كلمة الريف على الأماكن التى تكون فيها الزراعة هى النشاط الرئيسى للمجتمع الذى يعيش فيها, و هذا التعريف يكاد ينطبق على الريف المصرى, و لكنى سأناقش هذه النقطة لاحقا.
و البعض الآخر يُعرف الريف بأنه جميع المناطق التى تقع خارج حزام المدن, بغض النظر عما إذا كانت هذه الأماكن ذات نشاط زراعى أم لا.
و معظم دول الغرب تميل الى التعريف الثانى, حيث أن الريف لا يرتبط دائما بالزراعة, بل يرتبط بالأرض الواسعة, المملوءة بالخضرة الطبيعية, و التى تقل فيها الكثافة السكانية, و التى تبعد عن المدن بمسافات كبيرة نسبيا,
و هذا التعريف مقبول فى دول مثل الولايات المتحدة, و بريطانيا, و أستراليا, و نيوزيلاندا, و معظم الدول الإسكندنافية.
فى هذه الدول المشار اليها عاليه, يوجد فارق بين ما يسمى Rural Land, أى الأراضى الزراعية, و Country land , أى الريف.
و هنا يحدث الإلتباس,
ففى الأماكن المصنفة كريف, قد توجد بعض الأماكن التى لا يمكن الزراعة فيها, مثل الأراضى البور, و الأراضى الصحراوية, و الجبال, و البحيرات, و لكن هذه الأماكن جميعا تمتازبجمال الطبيعة,
و الأراضى الزراعية لا تتواجد فقط فى الأماكن الخارجة عن زمام المدن, ففى بعض المدن, توجد فى الضواحى مزارع خضروات, و مزارع دواجن, و مزارع فاكهة, و كلها على أرض زراعية, و لكنا ليست حرفيا أراضى زراعية طبقا لمصطلح Rural Land, .
و سوف آخذ موقفا وسطا بين هذين التعريفين, و سأتكلم عن القوم الذين يعيشون على أراض زراعية, فى مناطق خارج نطاق المدن, سواء كان هؤلاء الناس مزارعين أم لا.
أول ملاحظة نلاحظها أن المعيار الطبقى لقياس الناس لا يوجد فى معظم المجتمعات الغربية, فبينما نتعرف على الفلاح أو قاطن القرية فى بعض مناطق الشرق الأوسط ,و بعض الدول الأفريقية و الآسيوية, بملبسه, أو بطريقة حديثه, أو بمسلكه العام, فإنه من النادر أن تتعرف على الريفى, او المزارع, فى الدول الأوروبية المتقدمة.
و السبب فى هذا هو سبب حضارى, فالقوم هناك سواسية أمام القانون, و يتمتعون بجميع حقوق المواطنة, و يتلقون تعليما أساسيا عالى المستوى, و لهم جميع الحقوق السياسية, بل أن بعض الأحزاب يتم تشكيلها لكى تمثل المزارع فى البرلمان, و أعضاء هذه الأحزاب هم المزارعون, و بعضهم يصبح عضوا فى المجلس التشريعى, و بعضهم يصل الى كرسى الوزارة, بل أن أحد المزارعين فى أستراليا أصبح نائبا لرئيس الوزراء.
و لا يوجد فرق ثقافى أو إجتماعى بين قاطن الريف, و قاطن المدينة, كما لا يوجد فارق إقتصادى بينهما, ولا يوجد فارق فى المظهر, أو المسلك, فالكل مواطنون.
و المحامى فى المدينة يمارس عمله فى مكتب مكيف الهواء, كذلك يعيش المحامى القاطن فى الريف, و كذلك يعيش المزارع المقيم على أرضه الزراعية.
فبعد يوم العمل, يتقابل الريفى و الحضرى فى الحانة, أو المطعم, فى القرية, أو المدينة, يتكلمون نفس اللغة, و يناقشون نفس المشاكل, و لا يعرف أى منهما هوية الآخر إلا عنما يسأل احد, و يرد آخر.
و لكن الواقع يقول أن سكان الريف هم أسعد حالا من سكان المدن, لأنهم يتمتعون بجو صحى خال من التلوث, و طبيعة عملهم تجعلهم أصحاء بدنيا, و يتناولون طعام لم يصيبه التلوث البيئى, و ينعمون براحة البال فى معظم الأحوال, وإذا أضر بهم القحط( قلة المطر) فإن الحكومات تدفع لهم إعانات الى أن تمطر السماء.
و فى المناطق الريفية, توجد جميع الوسائل و الخدمات المتاحة لأهل المدن, فلديهم بنوك, و مدارس حديثة, و وحدائق غناء, و ملاعب كرة, و نوادى إجتماعية, و خدمات إجتماعية, و مستشفيات على درجة عالية من الكفاءة, ووحدات خدمة الأسرة, و ملاجئ لكبار السن, و مطاعم بها تخفيض لكبار السن, و مكاتب بريد , و مكتبات عامة مزودة بالكمبيوتر و الإنترنت المجانى , و العديد من آلاف من الكتب التى يمكن إستعارتها لمدة 3 أسابيع فى المرة الواحدة مجانا.
و فى حالة حدوث أمراض لا علاج لها فى المنطقة الريفية, يتم نقل المريض الى مستشفى أقرب مدينة بواسطة سيارة الإسعاف, فإذا كان الأمر مستعجلا, يتم نقل المريض بالهيلوكوبتر, حيث أن كل المستشفيات مزودة بمكان لهبوطها.