الحرب العالمية الثانية – ماسي وأرقام
يقول الله تعالى في محكم تنزيله: ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )[طه : 124].
قال الله تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) [البقرة : 205].
عندما يتخلى الإنسان عن الدين يصبح كالوحش الكاسر يشقى ويشقى من حوله من الناس فيصبح مجرداً عن القيم والأخلاق ومن أبرز النماذج المعاصرة (الحرب العالمية الثانية) والتي لم يشهد التاريخ البشرى مأساة بكل المقاييس العقلية والأعراف الدينية مثلها، فهي حرب مأسوية والتي أتت على الأخضر واليابس ولم تكن تلك الحرب ذات آثار مؤقتة بل امتدت آثار جراحها لسنوات طوال تمخض عنها تدمير الهيكل النفسي والاقتصادي والاجتماعي للأمم وأدت تلك الحرب إلى ولادة أيدلوجيات فكرية جديد تحمل النفس على التشاؤم ورفض الدين وهكذا تحولت أوربا إلى مقبرة تتسكع فيها الوحوش الآدمية ولا تسمع فيها إلا لنعيق الغربان ومهما حاولنا أن نعبر بأرقام وحسابات عن حجم الخسائر فلن نستطيع أن نعكس حجم الماسي التي خلفتها هذه الحرب, حيث أمتلئت الأزقة والحواري بأعداد كبيرة من الموتى والثكلى والجرحى التي كانت تفوح من جراحهم الروائح الكريهة والتي انتشر حولها الدود – صورة قاتمة عكستها الحرب وخطتها بالون الأسود المخلوط بالدم , كانت رائحة البرود تختلط برائحة الموت والدم في كل مكان – صوت انفجارات ونحيب ثكلى وبكاء أطفال لم تحميهم قطع من الثياب البالية التي كانت تغطى أجسادهم من الشتاء القارص الذي لم يقل هو الآخر ضراوة عن وحشية الحرب – جوع وعطش – لا طعام لا ماء فالماء اختلط بأشلاء الجثث, احترقت الأرض ومات الزرع واختفت مجالس السمر في أوربا وعادت مناظر الطوابير العسكرية التي تدق الشوارع بأحذيتها الثقيلة هي المنظر المألوف.
تسببت الحرب العالمية الثانية في خسائر بشرية وصلت أعدادها إلى أرقام قياسية اجمالها حوالي 62 مليون فرداً شخصاً تقريبا منهم 37مليون مدني بينما وصلت الخسائر في الأوساط العسكرية إلى 25مليون فردا , وان كان هناك إحصائية أخرى تقول أن هذه الحرب وصل عدد ضحاياها إلى ما يزيد عن 70مليون علاوة على أعداد من المفقودين والجرحى يفوق الحصر. ذهبت الحرب بأرواح العديد ممّن شاركوا فيها خاصة من فرنسا التي خسرت جيلا كاملا من شبابها.
وقد خلفت هذه الحرب أثار اجتماعية لا تقل ضراوة عن الآثار العسكرية حيث أجبرت المرأة على العمل بأعداد كبيرة لتخلف الرجال في أماكن العمل وحدثت جرائم اغتصاب للنساء والفتيات من كل الأعمار حيث سجل المؤرخون فقط حوالي 2مليون جريمة اغتصاب فقط للجيش الأحمر ناهيك عن عدد الأطفال الذين حلفهم الجيش الآلمانى من هذه العلاقة مما أدى إلى صعوبة إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال وأمهاتهم ولا يجب أن نغفل أن البنية التحتية في أوربا دمرت بنسبة 70 % ودمرت المحاصيل والاراضى الزراعية وشيكة المواصلات.