الفنانون المصريون: ما حدث مع قافلة شريان الحياة مهزلة

غضب فى فلسطين ورصاص عند رفح

» د. غازى حمد ـ حماس: حزانى لقتل الجندى المصرى الشهيد.. ونرجوكم ألا تلقوا التهم جزافًا »سميح القاسم: فلسطين لن تركع أمام أى مدفع وأى جدار»الشيخ رائد صلاح: لقد تعودنا على صوت أصيل يخرج من الأزهر الشريف.. ولكنه بدأ يغيب

لا تفوّت وسائل الإعلام الإسرائيلية بصفة إجمالية ـ أى صراع عربى داخلي، إلا وتتناوله بتواصل وشغف شديد، ولم تخف مختلف وسائل الإعلام العبرية متعتها من قضية الجدار الفولاذى الذى تقوم ببنائه السلطات المصرية على حدودها مع قطاع غزة المحاصر، ورأت فيه تصعيدا ضروريا لمخططات الدولة العبرية سياسيا وامنيا، وكان لافتا تناول الإعلام الإسرائيلى لكل تصريح يصدر عن الحكومة المقالة فى القطاع المحاصر، وكذلك عن الجانب المصرى الرسمي، وبرز ذلك بشكل كبير حينما استشهد الجندى المصرى على الحدود المصرية جراء أحداث العنف التى وقعت الأسبوع الماضى على الحدود المصرية الفلسطينية، وكانت القناة الثانية الإسرائيلية أول من نقل خبر استشهاد الجندى المصري، وادعت بشكل فورى أن الجندى المصرى قتل بنيران "مخرب" فلسطيني، كما بررت وسائل الإعلام العبرية مشروع الجدار المصرى بنفس المبرر الرسمى المصري، وهو" السيادة المصرية". كما انشغلت بموقف السلطة الفلسطينية فى رام الله المحتلة الداعم للجدار المصري، مظهرة تبريرها لموقف السلطة.
ولابد لمراقبى ومتتبعى الإعلام الإسرائيلى أن يلاحظوا بأن ماكينة الدعاية الإسرائيلية، وجدت فى الجدار المصرى وجبة دسمة تغذى آلة الدعاية العبرية، فالعشرات من الصحفيين والمحللين والمسئولين الإسرائيليين رأوا من خلال بناء السلطات المصرية للجدار الفولاذى مبررا لاحتلالهم لفلسطين، فعلى سبيل المثال ادعي، البروفيسور ارنون سوفير، أستاذ التاريخ والجغرافيا فى جامعة حيفا، "بأن العالم الآن بات مدركا لخطورة الشعب الفلسطيني، وعلى إسرائيل أن تخاطبه الآن بالذات وتقول له بأنها محقة فى احتلالها للمناطق الفلسطينية، لأن هذا الشعب وعلى وجه الخصوص حركة حماس لا يعتمد عليه لأنه لا يحترم أصول الجوار، وقد اثبت هذا الشعب انه غير مؤهل لإقامة دولة مستقلة.
الإسرائيليون يتحدثون بشغف عما يحصل فى القطاع المحاصر فى كل مكان، فى مقاهى الجامعات والتجمعات التجارية ووسائل النقل العمومية، بحيث وصل تأثر احد الإسرائيليين فى مدينة عكا الساحلية إلى حد الكتابة بالعبرية على باب احد جيرانه وهو عربى من السكان الأصليين فى المدينة، "انتم شعب قذر والعالم كله يحتقركم، ومصيركم أن تنكبوا فى غزة وتدفنوا فيها".
مسئولون ومثقفون فلسطينيون من أمام وخلف الجدار الإسرائيلي، عكست وجهات نظرهم المتقاربة إلى حد كبير موقف الشعب الفلسطينى الرافض للجدار المصري. التقتهم "العربي"، للتعليق على القضية:
الشاعر الفلسطينى الكبير سميح القاسم، الذى رفض التعليق فى بادئ الأمر، ذلك انه ممتعض وغاضب ولا يشعر بالرضا من أى طرف إلى حد تفضيله الصمت، وقال بأنه شاعر ولا يحبذ التصريحات الصحفية، وإنما يفضل أن يصرّح ويعبر عن نفسه من خلال شعره، فطلب منا أن نقرأ قصيدته "جوانتانمو"، لنطلع جيدا على موقفه، وبعد إلحاح شديد قال الشاعر الفلسطيني: "يؤلمنى أن أرى إسرائيل الحالة التاريخية التى نشأت فى ظرف تاريخى محكوم بفضيحة "سايكس بيكو" التى تبناها المسئولون العرب، ففى هذا "الإطار السايكس بيكوي" وفى هذا المناخ السيئ من الإذلال ليس غريبا أن تنشأ عجائب فى الجغرافيا وفى السياسة أيضا، وقال: "لن أقول بأن على الشعبين الواحد المصرى والفلسطينى أن يحذروا مكر إسرائيل، لأن تاريخهما واصلهما يردعهما عن الوقوع فى شباك الأفعى التى تشتهى النيل من الشعبين العريقين الطيبين الواحد، هذه الأفعى التى قتلت الجندى المصرى الذى استشهد على حدود وطنه وهى التى تسببت بالاعتداءات الأخيرة على مسيحيى مصر"، ويسترسل شاعرنا الكبير: "حين شاهدت كل شيء هناك فى غزة شاهدت إسرائيل وسمعت حفيفها وسمها المبثوث على هذين الشعبين الواحد الذى قدر لهما الله أن يكونا سندا لبعضهما البعض، فلا احد بالدنيا كلها يحرص على السيادة المصرية بقدر ما يحرص الشعب الفلسطينى المقدر للتضحيات المصرية العظيمة الخالدة من اجل تحرر فلسطين، وسيبقى الشعبان الواحد واحدا منتصرا الواحد إلى الآخر"، وتابع الأستاذ سميح: "الشعب الفلسطينى فى غزة وغير غزة شعب يريد الحياة وسيحيا لأنه يريد الحياة مهما حاولوا واجتهدوا وبنوا وحاصروا ومهما قتلوا وكذبوا، غزة هاشم والضفة وكل ارض فلسطين لن تركع أمام أى مدفع وأى جدار، خيار المقاومة لن يستطيع احد أن يسقطه سيظل قائما إلى جانب الخيار السياسى فبغير الاثنين معا لا يمكن للتحرر والاستقلال أن يتحققا، وعليه فانه لزاما على الشعب الفلسطينى وكل قياداته أن يتوحدوا فورا وأن يكفوا عن العبث فى خلافهم البغيض العبثى هذا، وان يستحوا ويستجيبوا لرغبة الشعب الفلسطينى فى المصالحة كى تتبخر كل محاولات استضعاف هذا الشعب العظيم، أعظم شعوب البشرية على مر التاريخ، وأن تحترم القيادات المختلفة كل خيارات المقاومة، السياسية والمسلحة الشعبية والفردية لنفى قضيتنا بعض حقها علينا".
خالد البطش، القيادى البارز فى حركة الجهاد الإسلامى قال "إن قيام مصر ببناء الجدار الفولاذى على حدود القطاع مرفوض جملة وتفصيلا، وليس له ما يبرره على الإطلاق شرعا وقانونا، وهو خطأ كبير وقعت فيه القيادة المصرية خاصة فى الوقت الذى تهدد فيه "إسرائيل" بشن عدوان جديد على القطاع". وأضاف البطش: "الجدار الذى تقيمه مصر تحت الأرض جدار "عنصري"، الغاية من خلفه، الضغط أكثر على الفلسطينيين فى ظل الحصار المفروض منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات، وأردف البطش قائلا: "نرجو من القيادة المصرية التوقف الفورى عن بناء هذا السد الخانق، فالفلسطينيون لم يشكلوا ولن يشكلوا فى أى يوم من الأيام أية خطورة على الأمن القومى المصرى بل نحن حماة الأمن القومى المصرى ولن نسمح لأحد بجرح السيادة المصرية"، وأضاف: "أملنا فى القيادة المصرية لا يزال طيبا ونهيب بها أن تساهم فى تخفيف الحصار والهم عن القطاع وأن تتوقف عن تشييد الجدار الخانق المذل وغير المبرر"، مذكرا "إلى أن مصر دفعت ثمنا كبيرا من شهدائها من اجل تحرير فلسطين واسترجاعها ولا يعقل أن تكون هى نفسها من تخنق فلسطين الآن".
الدكتور غازى حمد، القيادى فى حركة حماس، قال لنا: "المأمول من مصر العظيمة الشقيقة الجارة والسند العالى لفلسطين، أن تدعم صمود غزة بحكم الامتداد الجغرافى والتاريخى والقومى والدينى وحتى الأمني، فهى تدرك حجم معاناة شعبنا، وواضح من تصريحات السيد وزير الخارجية المصرى أحمد أبوالغيط وغيره من المسئولين المصريين أنّهم ظلوا يتداولون تبريرا واحدا هو السيادة المصرية، ولا نعتقد أن أحدا ينازعهم هذه السيادة أو ينتهكها أو يشكّك فيها. فهم سادة فى أرضهم.. سادة على حدودهم.. ولا أعتقد أن ثمة فلسطينيا واحدا يشكّك فى سيادة مصر على برّها وبحرها وسمائها" وينهى الدكتور حمد تعليقه مناشدا القيادة المصرية بقوله: "نتمنى على أشقائنا فى مصر أن يوقفوا بناء الجدار ويفتحوا المعابر على غزة ليغلق الشعب فيها الأنفاق، ونحن احرص الناس على الأمن القومى المصري، ونفتديه بدمائنا، ليست مصر التى تحجب الحرية عن أهل غزة ليست مصر الكبيرة التى تمنع القلم والقرطاسية ليست مصر الشقيقة التى تمنع الآلة والدواء والغذاء عن أهلها فى غزة"، ويضيف حمد: "لقد اكتملت أضلاع المثلّث يا أهلنا فى مصر: "سماؤهم جهنّم.. وأرضهم جهنّم.. وبحرهم جهنّم.."، وعن استشهاد الجندى المصرى بنيران مجهولة المصدر ادعت إسرائيل أنها نيران فلسطينية، قال حمد: "الشعب والحكومة فى غزة أسفوا على سقوط الجندى المصرى الشهيد، ونحن نحقق الآن بملابسات استشهاده، ونأمل ألا يتم إلقاء التهم جزافا".
الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية فى الداخل الفلسطيني، علق قائلا: "ككل محب لمصر وشعب مصر الأصيل الطيب، ينتابنا شعور بالاستهجان، فما تقوم به القيادة المصرية على الحدود مع غزة العزة بعيدا كل البعد عما يعرف عن دور مصر فى مساندة القضية الفلسطينية، حاولنا أن نجد مبررا لنخفف عن أنفسنا هول الصدمة والألم، ولم نجد أى مبرر، وأننا ننظر بعين الريبة أن ثمة من يملى على القيادة المصرية إملاءاته، وتنفذه للأسف بعيدا عن رغبة الشعب المصري"، ويضيف الشيخ رائد: "إن وقوف القيادة المصرية إلى جانب المواقف الأمريكية والإسرائيلية يتناقض تماما مع تاريخ مصر التى _انتصرت لفلسطين وقدمت الغالى والنفيس وتضحيات عظيمة من دماء أبنائها الزكية للقضية الفلسطينية، ومن المحزن والجارح أن تكون هى نفسها الآن المساهمة فى تجويع الشعب الفلسطينى وتحويل القطاع إلى مقبرة، وأننا إذ نذكر الرئيس مبارك بأنه أعلن وقال بصوت عال بأنه لن يسمح بتجويع غزة، فلماذا غير موقفه الآن؟"، وأردف الشيخ قائلا: "لا يليق بالقيادة المصرية إلا التعبير عن إرادة شعبها الأصيل الذى نشأ على الأصالة ولم يمارس إلا الأصالة والأصول ولم ينتصر إلا للتعاليم القيمية الوطنية والإسلامية الحقيقية"، وأضاف فضيلة الشيخ: "نرجو من الله تعالى أن يبعد عن الشعبين الشقيقين براثن الفتن الصهيونية، وكل محاولات إسرائيل لإقصاء التعاطف العربى والعالمى عن القضية الفلسطينية وشعبها، وألا ينجر أهلنا فى مصر العظيمة وراء حملات التحريض ضد شعب فلسطين الذى قدر له الله أن يحمل هم امة كاملة على أكتافه، ، فإذا استسلم هذا الشعب العظيم وركع فإن الأمة كلها ستركع وإذا صمد وتحدى فإن هيبة الأمة ستصان طالما أن الصمود الفلسطينى مصان وهذا ما سيكون بإذن الله"، وتابع الشيخ رائد مشيرا إلى فتوى شيخ الأزهر بقوله: "ما زاد من لوعتنا وإحساسنا بالصدمة موقف وفتوى شيخ الأزهر التى لم تكن فتوى شرعية وفتوى ضمير بقدر ما كانت موقفا مساندا للسياسة المصرية، وإننا نسأل فضيلة شيخ الأزهر، أهذه هى مقاصد الشريعة ومعانى الأخوة فى الإسلام؟"، وقال الشيخ: "لقد تعودنا على صوت أصيل يخرج من الأزهر الشريف، غير أن هذا الصوت خفت وبدأ يغيب، مع التأكيد على أن هناك نخبة من علماء الأزهر الأفاضل، من أطلقوا على أنفسهم، جبهة علماء الأزهر، قد أصدروا فتوى تؤيد فتوى الشيخ الجليل يوسف القرضاوي، الأمر الذى يجعلنا نطمئن إلى أن مصر هى ليست النظام الحاكم، وبأن الأزهر ليس شيخ الأزهر المعين من النظام، وإنما مصر هى التى نعتز بها ونرفع رؤوسنا بها، ونثمن دورها التاريخى جيدا، ونرجو منها كل الخير".