عبدالله بن المقفع
هو عبد الله بن داذويه, فارسي الأصل, عربي النشأة . كان والده داذويه مجوسيا (مزدكيا) يتولى خراج فارس للحجاج الثقفي فاحتجن من مال الخراج شيئا فضربه الحجاج حتى تقفعت يده فلقب بالمقفع . نشأ ابن المقفع بالبصرة على دين أبيه وأولع بالعلم فنبغ وهو يافع في الكتابة باللغتين الفارسية والعربية . استكتبه في عهد بني أمية داود بن عمر بن هبيرة, أمير الأهواز, وعلى يديه أسلم . ترجم للمنصور, عن الفارسية (الفهلوية) كتاب كليلة ودمنة, وهو أشهر كتبه, وكان المقصود من ترجمته تعليم الآداب بوساطة أقاصيص على لسان الحيوانات, وترجم كتب أرسطو الثلاثة في المنطق, نقلها عن الفارسية, لأنه لم يعرف غيرها على الأرجح ونقل كتاب التاج في سيرة كسرى أنوشروان, وأنشأ رسائل في غاية الإبداع, منها كتاب الأدب الكبير وكتاب الأدب الصغير والدرة اليتيمة والجوهرة الثمينة في طاعة السلطان . هو الذي كتب كتاب الأمان لعبد الله بن علي, أخي عيسى وسليمان, أعمام المنصور, وذلك أن عبد الله ثار على ابن أخيه المنصور, فأرسل إليه المنصور جيشا بقيادة أبي مسلم الخراساني ففر عبد الله بعد حرب دامت خمسة شهور, ولجأ إلى البصرة وفيها أخواه عيسى وسليمان, فشفعا له عند المنصور, وأمنه, وكتب له كتاب الأمان عبد الله بن المقفع ووقعه المنصور . وقد حقد المنصور على ابن المقفع لأن كتاب الأمان تضمن عبارات تدل على مزيد من الاحتراس من خلق المنصور وحذره من غدره, فاضطغن المنصور عليه, وكان المنصور يعلم كراهية عامله على البصرة سفيان بن معاوية المهلبي لابن المقفع, لأن ابن المقفع سخر منه وأستخف به بحضور وجوه البصرة وطعن بأمه وقال عنه (ابن المغتلمة) , فأوعز المنصور إلى سفيان بقتله فقتله بعد أن قطع أوصاله عضوا عضوا . وقيل إن المنصور أمر بقتله لاتهامه إياه بالزندقة, وقيل أيضا إن ابن المقفع ألف كتاب كليلة ودمنة تعريضا بالمنصور وتلميحا إليه, فأوغر صدره عليه . يعتبر ابن المقفع إمام الطبقة الأولى من الكتاب, وقد استخلص من الأسلوب الفارسي طريقة في الكتاب عرفت به وأخذت عنه . قتل وعمره 36 سنة .