حصار غزة يجب أن ينتهي

الجمعة ينا 8 2010 - حديث القدس
ليس من المعقول أن يتخذ المتعاطفون الأجانب ومنهم بصورة خاصة النائب البريطاني جورج غالاوي المبادرة لكسر الحصار غير الانساني المفروض على غزة، في الوقت الذي يقف فيه الأشقاء العرب موقف اللامبالاة المرفوضة إزاء معاناة مليون ونصف المليون من أبناء شعبنا في قطاع غزة. وهي المعاناة المستمرة منذ ثلاثة أعوام على الأقل، خلافا لكل المواثيق الدولية وحقوق الانسان وواجبات الأخوة ومتطلبات القومية والانسانية.
هذا الحصار عقاب جماعي وجريمة ضد الإنسانية، ومهما كان المقصود به فهو لا يمس حركة حماس بل يطال مئات الآلاف من غير المسيسين أصلا- هذا اذا كان الهدف منه هو الاطاحة بهذه الحركة، أو دعوة الغزيين من خلال خلق ظروف صعبة أو مستحيلة في معيشتهم وتنقلاتهم للتمرد على حكم حماس. والسبيل الوحيد لحل معضلة الانقسام بين جناحي الوطن الفلسطيني هو الحوار أولا ، ومن بعد ذلك وقبله، الاحتكام الى الشعب الفلسطيني ليقول كلمته عبر صندوق الاقتراع، ويحدد من يختاره للحكم بطرية نزيهة وشفافة - وهذا ما تحدث عنه الرئيس ابو مازن في العديد من تصريحاته، وآخرها اللقاء الذي أجراه مؤخرا مع محرري الصحف القطرية في الدوحة.
حصار غزة والعقاب الجماعي لشعبها يمكن أن يدخل تحت طائلة الجرائم ضد الانسانية، خصوصا وأن الهدف منه هو تحقيق غايات سياسية ليس في إمكان المواطنين الغزيين الاسهام في تحقيقها، كونهم مدنيين عزل. وهو استهتار بكرامة الشعب الفلسطيني وانسانيته، في عصر الحريات والكرامة الانسانية وحقوق الأفراد والشعوب.
ومن حق مصر المحافظة على أمنها، وهو حق لا يجادل فيه أحد ويتعلق بالسيادة المصرية. لكن فتح الحدود بين كل الدول والشعوب مكفول وفقا للمواثيق الدولية : فإذا أغلقت مصر، وهي المرتبطة تاريخيا وقوميا بفلسطين وقضيتهاالعادلة، فالمتوقع من الشقيقة الكبرى وقيادتهاالحكيمة، وهي تقيم الجدار الفولاذي لإغلاق الأنفاق أن تفتح معبر رفح على مصراعيه اربعا وعشرين ساعة، وطيلة ايام الأسبوع لإدخال البضائع ومرور الأفراد كما هو متبع في معابرها مع الدول المجاورة لها. لأن المعبر فلسطيني مصري - هذا مع التأكيد على مسؤولية اسرائيل كدولة احتلال عن فتح سائر المعابر، وعن فتح مطار غزة وترميم مينائها كي ينفتح القطاع ليس فقط على العالم العربي، وانما أيضا على العالم كله.
إن اسرائيل مهددة بمحاكمات جنائية على الصعيد الدولي استنادا إلى تقرير غولدستون، المتعلق بما نسب إلى جيشها من جرائم الحرب خلال عدوانها على غزة. وقد أشار التقرير أيضا إلى الحصار الجائر وغير الانساني المفروض عل القطاع، مما قد يضيف هذا الحصار الى قائمة الجرائم ضد الانسانية التي أوصى التقرير بالمساءلة القانونية لمن ارتكبوها. وما دام هذا الحصار عاجزا عن تحقيق غاياته بل إن نتائجه ثبت أنها على النقيض من تلك الغايات، فيجب رفع هذا الحصار على الفور، والتعمل مع ابناء الشعب الفلسطيني عامة، وفي القطاع خاصة، بما يحترم انسانيتهم وكرامتهم.
والمفروض أن تكون الشؤون الداخلية الفلسطينية والخلافات والحوارات من اختصاص الفلسطينيين وحدهم، وأن لا يترك للعوامل الإقليمية والدولية أن تتحكم في قراراتهم الوطنية المستقلة. وكان استقلال القرار الفلسطيني الشعار الذي دافع عنه الرئيس الشهيد ياسر عرفات في وجه ضغوط عربية ودولية مكثفة. لكن اللوم والمسؤولية في جانب كبير مما يعانيه شعبنا تقع على عاتق الخلافات والانقسامات الداخلية. ولو كانت الكلمة الفلسطينية واحدة والرأي الوطني واحدا، والكل يخدمون المصلحة الوطنية العليا لهذا الشعب وقضيته، لما استطاع أحد النفاذ الى وحدتنا الوطنية وفرض الحصار على مليون ونصف المليون من الفلسطينيين. ولتجمع الفصائل الفلسطينية على مطلب واحد في هذه المرحلة: وهو إنهاء الانقسام ورفع الحصار عن غزة، وإعادة إعمار القطاع ويكفي الغزيين ما عانوه خلال الأعوام الثلاثة الماضية.