سلاح دمار الشامل

مارك تومسون ـ مجلة تايم الأمريكية

ترجمة: محمد الزواوي

إذا
كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى تهديد جديد تعيد تنظيم دفاعاتها بناء
عليه، فقد ظهر ما تريد: مجموعة من الأشرار يقومون بتفجير أسلحة نووية على
بعد أميال فوق الأراضي الأمريكية، مما سينجم عنه إرسال نبضات
إليكترومغناطيسية يمكنها أن تحرق الأحشاء "الإليكترونية" لكل شيء في
الولايات المتحدة، فسوف تنهار حينئذ الأنظمة المالية وأنظمة المواصلات،
وسوف تظلم المستشفيات وسوف تنقطع خطوط الإنترنت، وسوف تتجمد المياه وشبكات
الكهرباء، وسوف تنقطع كابلات حتى مكابح السيارات. "وتلك النبضات
الإليكترومغناطيسية الناشئة عن الانفجار سوف تحدث أضرارًا بالغة ومنتشرة،
وسوف تدمر الاقتصاد وسوف تؤدي إلى وفاة ملايين الأمريكيين"، طبقًا لتقرير
نشرته مؤسسة "هيريتدج" الأمريكية الأسبوع الماضي.

والولايات
المتحدة دائمًا ما تجد أحدًا يضخم في أية تهديدات كامنة، فالحرب الباردة
أعطتنا تحذيرات وهمية بوجود "ثغرات" صاروخية وفي الفضاء يمكن إرسال القنابل
من خلالها، ثم بعد ذلك ثبت أن ذلك مجرد سراب، بعد أن أقنعت المواطنين
الأمريكيين أنهم أصبحوا عرضة لأية هجوم سوفيتي، كما أدى الخوف من التفوق
النوعي للصواريخ السوفيتية إلى أن قام الرئيس رونالد ريجان بإنشاء مبادرة
"حرب النجوم" والتي تكلفت مائة مليار دولار، وكان ذلك في صورة إعداد
لمواجهة أية صواريخ قادمة من العدو حتى بعد أن اختفى الاتحاد السوفيتي.

ثم
جاءت بعد ذلك هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي جعلتنا ندخل في تبادل
لإطلاق النيران مع الإرهابيين الإسلاميين، لكي تصبح الولايات المتحدة في
النهاية مجمعًا كبير ًا لصناعة "الامن الداخلي"، كل ذلك مرت به الولايات
المتحدة، ولكن ماذا عن تحذير مؤسسة "هيريتدج" بشأن تهديد تلك "النبضات
الإليكترومغناطيسية"؟ فقد كتب كل من جينا بيكر ماكنيل وجيمس جاي كارافانوا
من مؤسسة "هيريتدج" الأمريكية تقريرًا قالوا فيه أنه "بالرغم من التحذيرات
المتكررة، فإن الكونجرس لم يتخذ تقريبًا أي إجراء للاستعداد لحماية
الولايات المتحدة ضد أي هجوم من تلك النبضات الإليكترومغناطيسية،
ومن أجل إطلاق مناقشات على المستوى القومي فيما يتعلق بتهديد تلك النبضات
الإليكترومغناطيسية، يجب أن يجعل الكونجرس يوم 23 مارس كيوم تذكر لتلك
النبضات الإليكترومغناطيسية"، وهذا التاريخ ليس مصادفة، فهذا هو اليوم الذي
أعلن فيه الرئيس السابق رونالد ريجان خطبته الشهيرة عام 1983 والتي أطلق
فيها مبادرة الدفاع الصاروخي.

ولنترك
جانبًا جدلية حث الكونجرس على وضع تركيزه واهتمامه وأمواله على مخاطر
يعتبرها معظم الساسة في واشنطن على أنها احتمالية ضعيفة جدًا، لكي نركز على
قضية هامة للغاية، وهو فرضية أن الولايات المتحدة يتجذر في تفكيرها فرضية
أنها بحاجة ماسة إلى تخيل وجود أعداء لديهم قدرات تدميرية شيطانية غير
عادية، وهذا شيء يدعو إلى الرثاء أننا بحاجة إلى أن نظل دائمًا نخشى ظلال
وأوهام مثل تلك التهديدات، بدلاً من طرحها جانبًا ونتمتع بالمرونة التي
نبديها أمام المخاطر على الحدود الأمريكية سهلة الاختراق من أي مكان.

وفي
إطار مساهمتها بعمل يوم لتلك النبضات الإليكترومغناطيسية فإن مؤسسة
هيريتدج ـ التي بدت أقرب إلى حزب الخضر من معهد بحثي محافظ ـ قامت المؤسسة
بدعوة مشرعي الكونجرس بأن يغلقوا المقاهي والكافيتريات الموجودة داخل
الكونجرس وأن "يذهبوا إلى العمل"، وأن يغلقوا هواتفهم الجوالة وأن يغلقوا
الأنوار، وقالت في تقريريها "إذا ما اتخذ الكونجرس تلك الخطوات الأربعة
ليوم واحد فإن كافة أعضاء الكونجرس سوف يستطيعون فهم مقدار ومخاطر أي هجوم
بتلك النبضات الإليكترومغناطيسية".

ولكي
يزيدوا من أثر التهديد بتلك النبضات الإليكترومغناطيسية فإن المؤسسة تريد
من الجيش الأمريكي أن يقوم بحماية أهم شبكاته الإليكترونية، وتطالب
القطاعات الهامة من المجتمع بفعل الشيء ذاته، وقد أدت تلك الدعوات ـ مثلها
مثل الدعوات الأخرى بشأن الضرائب والرعاية الصحية ـ إلى استقطاب المجتمع
واستدراجه إلى مناظرات بشأن تلك النبضات الإليكترومغناطيسية ويبدو أن تلك
المخاوف الزائدة سوف تضيف المزيد من الدولارات إلى خزانة آلة الحرب
العملاقة الأمريكية، وقال أحد النقاد أنهم سرحوا بخيالهم عاليًا وكأنهم
يمتطون "سجادة طائرة" وبالغوا في الأوهام إلى ذلك الحد، ولكن مؤيدي الخوف
من مخاطر النبضات الإليكترومغناطيسية ردوا بشجاعة: إن تفجير أي سلاح نووي
على الأرض يمكن أن يترك المدن الأمريكية في حالة من الفوضى والإشعاع لعدة
سنوات قادمة، ولم يستبعدوا أن تكون الضربة القادمة على الولايات المتحدة
بتلك النبضات الإليكترومغناطيسية على غرار أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وقال النائب روسكوي بارليت الجمهورية عن ولاية ميريلاند ـ 83 عامًا ـ
والذي لديه خلفية هندسية: "سوف نتعرض للهجوم في النقطة الأضعف في دفاعاتنا"
وذلك في تصريحات له لأحد كبار قادة البحرية الأمريكية في جلسة استماع
مؤخرًا في لجنة الخدمات المسلحة بالكونجرس، مضيفًا: "كم مقدار القدرة
القتالية التي ستتوفر لنا إذا ما تعرضنا لهجوم بتلك النبضات
الإليكترومغناطيسية بمقدار 100 كيلوفولت لكل لتر، وهي نصف الكمية التي
أخبرنا بها الجنرالات الروس في لجنة النبضات الإليكترومغناطيسية (والتي
أنشأها بارتلت نفسه من ستة سنوات) فالسوفيت طوروا تلك التقنية وهي متاحة
لدى الروس الآن" (وعقب الأدميرال بأنه سوف يراجع تلك المعلومات).

وللأسف
فإن البنتاجون يعتبر أن أي تهديد من السفه أن يتم إضاعة فرصته، لذا بدأت
البحرية الأمريكية بدراسة كيفية حماية أنفسها وأسطولها من مثل هذا الهجوم،
فقد خلص تقرير صدر مؤخرًا عن البنتاجون قائلاً: "أي سلاح نووي يتم تفجيره
على ارتفاع في الجو يصل إلى 40 ميلاً سوف يولد نبضات إليكترومغناطيسية
عالية الارتفاع، وهي الآن محل دراسة برنامج البحرية الأمريكية"، وقال
التقرير أن السكوت عن ذلك سوف يمثل تهديدًا خطيرًا "وعلى أعلى مستوى"، بل
يبدو أن رؤوسهم هي التي على أعلى مستوى ولا نستطيع حينئذ أن نقول أن
البحرية الأمريكية لا تتمتع بالحس الفكاهي.
سلاح دمار الشامل _new_%D9%81%D8%AC

» سلاح البحرية الروسي
» سلاح روسي خارق مثل النووي
» المحكمة الجنائية" .. "حلم الضعفاء" أصبح "سلاح الكبار" !
» سلاح الجو الإسرائيلي يتسلم أحدث طائرات عملاقة بدون طيار في العالم
» دليل العرب الشامل

سلاح دمار الشامل

سلاح دمار الشامل :: تعاليق

سلاح دمار الشامل

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة