الاقمار وتكوينها
القمر قطعة أرض صخريّة انفصلت من أرضنا ، وكذلك أقمار السيّارات
انفصلت منها وذلك لأنّ الأرض لَمّا تشقّقت على ما مرّ بيانه صارت تسع قطع
وأخذت هذه القطع تدور حول شمسٍ جديدة وهي شمسنا الحاليّة ، ويدور أيضاً
كلّ سيّار حول نفسه ، ولَمّا كانت تلك القطع غبر كرويّة بل لَها زوائد أخذت
تلك الأطراف تنفصل منها بسبب دورانِها حول نفسِها وتبتعد عنها فصارت تلك
الأطراف أقماراً لَها .
قال الله تعالى في سورة الرعد {أَوَلَمْ
يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ
يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُو سَرِيعُ الْحِسَابِ} ، فقوله
تعالى {نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} معناه : نفصل منها أطرافَها لتكون
كرويّة ولنكون الأطراف أقماراً تنير لَهم . وقال تعالى في سورة الأنبياء
أيضاً {أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ
أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ} والمعنى : نقصنا حجمَها في الماضي
بأن قطّعناها إلى تسع قطع ، ثمّ أنقصنا منها أطرافَها لتكون الأطراف
أقماراً تنير لهم ، ثمّ ننقصها في المستقبل بتمزيقِها فنجعلها نيازك .
ومِمّا يؤيِّد هذا قوله تعالى في سورة الطارق {وَالْأَرْضِ ذَاتِ
الصَّدْعِ} يعني من صفتِها التصدّع فقد تصدّعت في الماضي وستتصدّع في
المستقبل .
وقال تعالى في سورة السجدة {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ .. إلخ }
، فقوله تعالى {وَمَا بَيْنَهُمَا} يعني الأقمار والنيازك لأنّها واقعة ما
بين السيّارات .
س 25 : وهل في الكون أقمار ٌ غير قمرنا ؟
ج
: إنّ أغلب السيّارات لَها أقمار ، وقد اكتشف الفلكيّون لأورانوس ثمانية
أقمار [ أُحصِيَ له لحدّ الآن 27 تابعاً] ، ولزحل تسعة [ أُحصِيَ له لحدّ
الآن 34 تابعاً] ، وللمشتري ثمانية [ أُحصِيَ له لحدّ الآن 63 تابعاً منها 4
أقمار كبيرة ] ، وللمريخ قمران ، ولنبتون قمر واحد [ أُحصِيَ له لحدّ الآن
13 قمراً وإذا حسبنا بلوتو وغيره يكون العدد أكبر] .
س 26 : إذاً كيف لا نراها ؟
ج : لبعدها عنّا ولصغر أحجامِها .
س
27 : إذا كان القمر قد انفصل من الأرض بدليل قوله تعالى في سورة الرعد
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا
.. إلخ } ، إذاً لماذا يقول {مِنْ أَطْرَافِهَا} على الجمع ، فهلاّ قال :
من طرفِها ، على الإفراد ؟
ج : قلنا فيما سبق أنّ الأرض إذا جاء
ذكرها وحدها غير مقرونة بذكر السماوات ولم يجمع بينَهما واو عطف فإنّه
تعالى يريد بالأرض كلّها إي السيّارات كلّها ، فقوله تعالى {نَنقُصُهَا
مِنْ أَطْرَافِهَا} يعني : ننقص المرّيخ فنخرج منه قمرَيه وننقص المشتري
فنخرج منه أقمارَه وننقص زحل فنخرج منه أقمارَه وهكذا باقي السيّارات ،
والمعنى : ننقص من كلّ سيّارٍ أطرافَه ليكون السيّار كروياً وتكون الأطراف
أقماراً تنير لسكّان ذلك الكوكب .
س 28 : قال الله تعالى
في سورة يــس {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا
اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ، فما معنى
قوله تعالى {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ} ؟
ج
: يقول عزّ من قائل أنّ الشمس على سعتِها وحرارتِها وأنّها جرم جاذب ،
والقمر على صغره وخلوِّه من الحرارة وأنّه جرم مجذوب فالشمس مع ذلك لا
تستطيع أن تدركَ القمر فتجذبه إلَيها ، وذلك لبعدِهِ عنها وقربه من الأرض ،
وما ذلك إلاّ بحكمتِنا وتقديرِنا .