يشير مصطلح البناء الفيزيقي إلى ترتيب مراكز معينة في المؤسسة , وتوزع الصلاحيات و المسؤوليات . ويعني هذا التعريف , أن المؤسسة تتكون من أفراد يشغلون مراكز معينة , و كل مركز ترتبط به سلطات ومسؤوليات معينة . ويتحدد البناء الفيزيقي للمؤسسة بالعلاقات المتبادلة بين المسؤوليات المرتبطة بالمراكز المختلفة . ويؤدي تعاظم الحاجة في المؤسسات المختلفة إلى ظهور تنوع في تنظيمات المؤسسة و لا يوجد نمط واحد من التصاميم أو الأبنية الفيزيقية ملائمة لجميع المؤسسات و التنظيمات تختلف عن بعضها بعض على أساس طبيعة المهمة المسندة إليها وتصمم التنظيمات المؤسسات كي تلائم المهمة وصالحة وملائمة للمؤثرات الخارجية المحيطة بالعملية .
ويشمل توزيع الأفراد على دراسة الوظائف و تحليلها وكذلك بناء أدوار الأفراد وتنظيمهم و الغرض من ذلك إبراز أهمية العامل الإنساني و التأكيد عليه عند تصميم آليات العمل وأنظمته للمؤسسات بهدف الوصول إلى أفضل انسجام أو المواءمة بين الفرد و آليات العمل لبلوغ أفضل النتائج الممكنة للمؤسسة.
بناء التنظيمات و تطويرها :
البنية الفيزيقية في المؤسسات لها تأثيرها البالغ في المؤسسة الأمر الذي يؤدي إلى تمتع القادة في هذا النمط من المؤسسات بقدر كبير من الحرية , و لكننا نتوقع منهم قدرا كبيرا من المبادرة , و تحمل المسؤولية , وهكذا فان معرفتنا بخصائص البناء الفيزيقي تساعدنا على تحقيق فهم أفضل لما يصدر عن القادة من سلوك .
مفهوم البناء الفيزيقي :
هو بناء السلطة في المؤسسات الذي نراه جليا من خلال الرسم البياني للمؤسسات , بهدف مواكبة ما يطرأ من تغييرات حولها . ولقد حان الآن موعد النظر إلى سلوك العمل من زاوية أكبر , وهي زاوية التنظيم , وسيمكننا هذا الجانب من دراسة و تأثر بنية التنظيم ودينا ميتها في سلوك أعضائها باعتبارهم أفرادا , وكذلك سلوك جماعات العمل فيها . وسنبدأ في كيفية تصميمها, و كيفية عملها , و العوامل التي تأثر على أشكال البناء الفيزيقي المختلفة في السلوك داخل المؤسسات . لتطوير ومواكبة التطورات الداخلية و الخارجية. التي يمكن أن تساعد في زيادة الإنتاجية في المؤسسات.
النمط التقليدي في البناء الفيزيقي :
تتسم التنظيمات النمط التقليدي في البناء الفيزيقي بطريقة رسمية , بتحديد الأدوار التي يقوم بها الأفراد الذين ينتمون إليها , فهذه التنظيمات ترفض أي تجاوز لقواعد العمل و الأدوار المرسومة مما يجعلها مستقرة , ومقاومة للتغير , ولهذا فان الأعمال و المكانة و السلطة تميل إلى أن تكون محددة بدقة في التنظيمات التقليدية , وهذا يعني إن قسما كبيرا من سلوك العمل مقنن ضمن إطار من الإرشادات و المعايير المحددة سلفا . وظهرت هذه التنظيمات التقليدية عند نهاية القرن الماضي نتيجة حدوث ثورة تقنية أدت إلى زيادة إنتاجية الآليات ونموها , و تطورها . ومع تعاظم حجم هذه الآليات كانت هناك حاجة ماسة لوضع قواعد للعمل للتنسيق بين النشاطات المتباينة للأعضاء الذين يتزايد عددهم باستمرار .
النمط البيروقراطي في البناء الفيزيقي :
البيروقراطية : هي النموذج التقليدي في التنظيم . ويتميز عن غيره بتحديد للسلطة المرتبة بطريقة هرمية ( هايراركية HIERACHY ) , كما أنه يتميز بوجود تعليمات صارمة تحدد طرائق العمل , و كل ما يتصل بهي . وغالبا ما يتم تجسيد التنظيم البيروقراطي على هيئة هرم . إذ نجد عددا قليلا من الأفراد الذين يتمتعون بأكثر السلطات عند القمة . أما عند قاعدة الهرم , فنجد الأفراد الذين تقع على كواهلهم مهمة تحقيق أهداف المؤسسات . و قام بتطوير مفهوم التنظيم البيروقراطي عند بداية هذا القرن عالم الاجتماع الألماني ( ماكس فيبر Max Weber ) الذي صاغ نظرية بناء التنظيمات التي تعتمد على السلطة ,و الرسمية ( فيبر 1947 ). وكان فيبر مشغولا بظاهرة الفوضى التي أخذت تعم التنظيمات الكبيرة النامية . فهناك عدد قليل جدا من القواعد التي تحدد طرائق العمل , و خطواته , وتصرفات الأفراد , بما في ذلك عمليات اختيار العاملين , وترقيتهم , و الإجراءات العقابية الرادعة , وكان هدف ( فيبر ) إدخال الانضباط و النظام في مواقع العمل من أجل زيادة الإنتاجية و فاعليتها . وهو يرى أن التنظيمات البيروقراطية الحقة تتميز بخصائص ست : تقسيم العمل ( التخصص ) , و تحديد دقيق للسلطة الهرمية , و إجراءات و قواعد رسمية , و عدم الاعتماد على شخصية بعينا , و الكفاءة أساس قرارات الاختيار و التعيين في الوظائف , وتأكيد أهمية الاعتماد على الوثائق المكتوبة .
النمط التنفيذي / الاستشاري في البناء الفيزيقي :
أدى تعاظم حجم المؤسسات وزيادة تعقيدها إلى ظهور تنوع على النمط البيروقراطي التقليدي في التنظيم . و يتكون النموذج البيروقراطي الجديد ( التنفيذي / الاستشاري ) من جماعتين من العاملين لكل منهما أهداف مختلفة.
المجموعة الأولى:
هي مجموعة المواجهة أو التنفيذ, أو الذين يقومون بتحقيق أهداف المؤسسة بطريقة مباشرة.
المجموعة الثانية :
فتتكون من أفراد متخصصين يشغلون مناصب هدفها تقديم يد العون لمن يعملون على الخط الأمامي. و في عالم المؤسسات المعقدة و الضخمة في أيامنا هذه , فان كثيرا من الأفراد الذين يتولون مثل هذه المناصب لا علاقة لهم بأهداف مباشر . فمثلا , نجد في المؤسسات عددا من العاملين لا علاقة لهم بالطريقة المباشرة مثل من يقومون بأعمال المحاسبة , و الصيانة , و النظافة , و العلاقات العامة , و حفظ ملفات العاملين , و الخدمات الإدارية للأفراد ………. الخ .
أنماط غير تقليدية في البناء الفيزيقي :
لا تتميز النماذج الفيزيقية غير التقليدية بطرائق العمل المحدد بدقة بالغة كما هي حال النموذج الفيزيقي التقليدي , كما أن هذه الحالة تنطبق على ما يقوم بهي أعضاؤها من أدوار , ونجد نتيجة لذلك , أن هذه النماذج الحديثة في التنظيم أكثر مرونة من غيرها, لأنها لا تتضمن ترتيبا هرميا جامدا للسلطة . و بصفة عامة, فان التنظيمات غير التقليدية لديها عدد أقل من العاملين بالمقارنة مع التنظيمات التقليدية, و نجد أحيانا وحدات صغيرة تابعة لتنظيمات تقليدية أكبر منها بكثير . فمثلا قد نجد في المؤسسات الكبيرة ذو التنظيم التقليدي تعتمد إلى إنشاء قسم صغير جدا هدفه تصميم التنظيمات للمؤسسة.
البناء الفيزيقي و البيئة المحيطة :
إن البناء الفيزيقي للمؤسسة قد يتأثر إلى حد كبير بنوعية التقنية المستخدمة . لكننا سنرى فيما يلي أن عناصر في البيئة المحيطة تمارس أحيانا قدرا من التأثير و الضغط على آليات العمل للمؤسسات , فتؤثر في طرائق عملها وتنظيمها . و من الأمثلة على هذه العوامل الظروف الاقتصادية, وحاجات المؤسسة, ووفرة المواد الأولية, وتوافر القوى البشرية العاملة. وفي هذا الصدد قام ( لورنس , ولورتش ) بتطوير نموذج موقفي لبناء تنظيمي يتناول كيفية ملائمة التنظيم للظروف البيئة المتغيرة , وأكدا أن قدرة المؤسسة على التلاؤم مع الظروف المتغيرة تعتمد إلى حد كبير على عمليتين هما : التمايز , و التكامل . و يشير التمايز إلى أجزاء المؤسسة الواحدة و ما بينها من فوارق, الأمر الذي يجعلها معقدة لأنها مركبة من أجزاء عديدة, و متباينة. وهنا لابد من أن نضع بالاعتبار عدد المؤسسات الفرعية التابعة, و ما لدى القادة من توجيهات, إستراتيجية , بالإضافة إلى أهداف المؤسسة . أما التقارب و التكامل, فيشير إلى مقدار التعاون بين أقسام المؤسسة وفروعها و إدارتها, وفعاليته. وكلما أصبحت البيئة المحيطة أكثر عرضة للتغيرات العاصفة , زادت المؤسسة ما لديها من تمايز و تكامل لتجعل من تركيب وضعها الداخلي , وتعقيده أمرا مناسبا لتركيب الوضع الخارجي المحيط .
ومن أبسط الأمثلة على ما نقول :
مؤسسة بيع بوساطة البريد لديها ثلاثة مراكز فقط . نجد في المركز الأول مدير المؤسسة و صلاحياته أعلى من صلاحيات من يشغلون المركزين الآخرين . وتتضمن مسؤوليات المدير اختيار شراء السلع و البضائع التي سيتم بيعها , كما انه المسؤول عن الشؤون المالية.
أما المركز الثاني , فعمله خدمة التسويق , لأن مسؤولياته تشتمل على تصميم الإعلانات الخاصة .