شهدت مصر خلال الأسابيع الماضية أزمة حادة في الوقود نتيجة نقص كميات السولار والغاز المسال( البوتاجاز) أدت الي تأثر بعض المنشآت الصناعية وقطاع النقل والقطاعات التجارية والمنازل.. وهي ظاهرة تتكرر في فترات مختلفة من السنة جراء اعتماد مصر علي استيراد احتياجاتها من هذه المواد.
وخلال اشتعال الأزمة استضاف ميناء العين السخنة جلسة استماع لمناقشة دراسة الأثر البيئي لمشروع ضخم مزمع إنشاؤه في ميناء العين السخنة وهو محطة للصب السائل تستوعب نحو100 ألف متر مكعب من السولار و150 ألف متر مكعب من الغازات البترولية المسالة( البوتاجاز) في العين السخنة لاستقبال الكميات التي تقوم الهيئة المصرية العامة للبترول باستيرادها عن طريق البحر الأحمر لتأمين احتياجات السوق المحلي قبل تخزينها وإعادة دفع هذه المنتجات الي خطوط الشبكة القومية التابعة للهيئة المصرية للبترول ويعتبر المشروع الحالي المرحلة الأولي فقط من تنمية محطة الصب السائل, وسوف تتبعها مراحل أخري وصولا في الوضع النهائي الي إجمالي حجم التخزين الي1 -1.2 مليون متر مكعب من الأمونيا والمنتجات البترولية والكيماويات, وسوف تبلغ الإنتاجية السنوية نحو6 ـ8 أضعاف حجم الخزانات, أي7 ـ10 ملايين متر مكعب.
المشروع يعيد للأذهان السؤال التقليدي حول المفاضلة بين أولوية التنمية أم حماية البيئة, فالأنشطة البترولية بطبيعتها خطرة علي البيئة, ومنطقة خليج السويس من البيئات الهشة وتتجاور فيها هذه الأنشطة مع الأنشطة السياحية وغيرها.
من الناحية الاقتصادية أكدت دراسة الأثر البيئي أن عدم تنفيذ المشروع يحرم مصر من فرصة التغلب علي النقص المتوقع والبالغ4 ـ5 ملايين طن من الغازات البترولية المسالة والسولار وتم اختيار الموقع داخل ميناء السخنة نظرا لقرب الميناء من مناطق استيراد الغازات البترولية المسالة والسولار كما انه قريب من الشبكة القومية الخاصة بتلك المواد, ويضيف الكثير الي الاقتصاد المصري من خلال توفير فرص العمل وتنمية البنية الأساسية وسد الفجوة في بعض المواد البترولية وغيرها, ولكن.. وفقا لدراسة الأثر البيئي يقع المشروع المقترح داخل خليج البحر الأحمر الشمالي في اتجاه السويس ـ القاهرة ـ الإسكندرية وجنوب شرق وادي حاجول علي بعد نحو30 كيلو مترا وتتكون نباتات الإقليم أو الغطاء النباتي بالموقع, في غالبيتها من أصناف وأنواع شائعة ذات قيمة اقتصادية منخفضة.. أما بالنسبة للحيوانات الكائنة بالإقليم, فهناك أنواع وأصناف محمية عديدة مثل سحلية الضب, وغزال الدور كاس, ووعل البدن أوتيس الجبل النوبي, وثعلب روبيل وكلها حسب التقارير موجودة في المنطقة رغم أنها لم تسجل داخل منطقة المشروع وبالنسبة لأنواع الطيور, فإن العين السخنة مدرجة ضمن مناطق الطيور الهامة بمصر وفقا لمجموعة المعايير المحددة بمعرفة الأمانة الدولية لحياة الطيور.
وطبيعة المشروع تشمل تخزين حمولة ناقلات الغازات البترولية المسالة البوتاجاز في خزانات, حيث يتم استيرادها كمنتج مبرد وتفريغها باستخدام أذرع التفريغ, ويتم استرجاع الأبخرة المنطلقة والمزاحة من الخزانات بواسطة ضواغط استرجاع الأبخرة, ويتم توجيه الأبخرة المسترجعة الي السفن وضغط الأبخرة المزاحة من السفن وتوجيهها الي الخزانات للمحافظة علي الضغط بالخزانات.
وهي عمليات متابعة قد يؤدي عدم تنفيذها بدقة الي حدوث أضرار علي بيئة المنطقة وبالرغم من ذلك تؤكد الدراسة عدم تأثر البيئة البحرية أو النباتية والحيوانية بالمشروع.
وقد تنتج التأثيرات علي التربة والمياه الجوفية خلال مرحلة الإنشاء نتيجة التلوث بالمخلفات البلدية ومخلفات البناء ومخلفات الزيوت وتتضمن الإجراءات الإدارة السليمة للموقع وأنشطة تنظيم وترتيب الموقع الجيدة وسيقوم المقاولون بتطبيق إجراءات الحد من الانسكاب مما يساهم في التحكم والحد من التأثيرات المحتملة, وتعتبر التأثيرات المتبقية محدودة.
أما في مرحلة التشغيل, فيمكن أن تتسبب التسربات المحتملة من الخزانات ووصلات الأنابيب وأثناء شحن وتفريغ السفن في تلوث التربة والمياه الجوفية وتحد الإجراءات التخفيفية ذلك التأثير لمستويات مقبولة من خلال الاحتواء الثانوي للخزانات والإجراءات المتضمنة في التصميم وإجراءات كشف التسريبات وخطة منع الانسكابات.
أما التأثيرات السلبية المتوقعة علي نوعية الهواء خلال مرحلة الإنشاء, فتشمل تلك الناتجة من عادم محركات المعدات والآليات والماكينات ومن الغبار المنبعث من الأنشطة المسببة للأتربة وتعتبر الدراسة هذه التأثيرات نمطية وتتكرر في غالبية مواقع الإنشاءات وتعتبر ضئيلة الأهمية إذا تم اتخاذ التدابير والإجراءات الملائمة وبالنسبة الي مرحلة التشغيل, ونظرا لان المشروع لا يتضمن أعمالا تصنيعية, فتنحصر الانبعاثات المحتملة في الغازات الهاربة من خزانات الغازات البترولية المسالة أو اثناء عمليات الشحن والتفريغ وفقط في الحالات الاستثنائية قد يتم توجيه الغازات المتبخرة الي شعلة للتخلص منها بالحرق المنضبط وتتضمن الإجراءات التخفيفية إنشاء نظام لاسترجاع الغازات المحتمل انبعاثها من الخزانات وأثناء عمليات الشحن والتفريغ, وأيضا إجراء الصيانة الدورية ورصد المعدات.
والدراسة تؤكد من جديد أهمية الأخذ في الاعتبار بمعايير صيانة الموارد الطبيعية عند التخطيط للمشروعات تحقيقا للعائد البيئي والاقتصادي معا.