التعريف ببلدة بوسمغون
بوسمغون أو « آغَرْمْ » بلغة السكان هي بلدة تقع وسط جبال القصور في الجزء الغربي للجبال المعروفة بجبال الأطلس الصحراوي الفاصلة بين إقليمي الصحراء و التل في الجزائر.إدارياً بوسمغون هي إحدى بلديات ولاية البيض و هذا منذ التقسيم الإداري لسنة 1984، و تبعد عن مقر الولاية بـ160كم إلى الجنوب الغربي.و من أهم المدن الأخرى المجاورة لها نجد المشرية في الشمال بـ110كم، عين الصفراء في الجنوب الغربي بـ 100كم و الأبيض سيدي الشيخ في الشرق بـ 116كم، بينما تبعد عنها أقرب نقطة حدودية مغربية بمسافة 105كم جواً.من الناحية الفلكية يمر ببوسمغون خط غرينتش بدرجة 0.2° شرقاً و دائرة العرض 32.53° شمالاً.
هذا الموقع الجغرافي و الفلكي جعل مناخ بوسمغون مناخاً انتقالياً بين المناخ الصحراوي و المناخ التلي إذ أنه يتميز بشتاء بارد جداً متوسط الأمطار بينما الصيف فهو حار جاف.إن هذا المناخ ساعد على نمو غطاء نباتي يتمثل في الكثير من النباتات القصيرة القامة المنتمية لما يسمى حشائش الإستبس، و هذا ما صاغ أسلوب الحياة لدى سكان المنطقة الذين اعتمدوا لفترة طويلة على تربية المواشي و الفلاحة المعاشية.
يبلغ عدد سكان بوسمغون حوالي 3500نسمة يتكلمون الأمازيغية أو البربرية المنحدرة من اللغة الأمازيغية الأم التي كانت لغة أهل المغرب العربي قبل الفتوحات العربية الإسلامية.هذه الأمازيغية يتكلمها كذلك أهل المناطق المجاورة لبوسمغون إلا أنها قاب قوسين أو أدنى من الاندثار عكس بوسمغون التي مازالت فيها أكثر تجذراً و سيادة.
تحيط ببوسمغون من الجهتين الغربية و الجنوبية واحة جميلة تتكون خاصة من أشجار النخيل المثمرة، و عبرها يمر وادي تجري فيه المياه أثناء موسم الأمطار تتغذى منه كل الآبار و العيون المجاورة، و هذا الوادي حيوي لاستمرار الحياة النباتية و النشاط الفلاحي في الواحة.و إلى جانب أشجار النخيل توجد بالواحة أشجار الرمان، التين، المشمش و العنب.
إرتبط تاريخ و مصير البلدة كثيراً بهذه الواحة حيث كانت المصدر الأول لقوت الأهالي خاصة في الماضي أين كانت قصور المنطقة تعتمد غالباً على ما تنتجه فلاحياً، فقد كانت و لازالت تنتج أنواعاً كثيرة من الخضراوات و الثمار التي من أهمها الرمان، التمور و التين ذات الجودة العالية.غير أنه من المؤسف أن هذه الأشجار يتدهور وضعها من يوم لآخر بسبب إهمال الإنسان و تقلبات المناخ و شُحَّه من المياه في السنوات الأخيرة.
و للواحة أهمية أخرى غير تلك المتمثلة في توفير الغذاء و هي كونها متنزهاً لأهل البلدة يلجأون إليه في أوقات الحر للتظلل تحت الأشجار و التبرد بمياه البرك و الأحواض المائية .
أهم معلم أثري في بوسمغون هو القصر القديم الواقع بالضاحية الجنوبية للبلدة و الذي يمكن أن نسميه بوسمغون القديم.هذا القصر يطل في بعض جهاته مباشرة على الواحة بواجهة رومانسية جداً، و هو مبني بشكل نمطي ينسحب على كل القصور القديمة الأخرى المجاورة و يوحي في هندسته إلى أن السكان بنوه بشكل يحميهم من الهجمات الخارجية.آوى هذا القصر سكان بوسمغون لفترة طويلة لكنه الآن مهجور تماماً.إن ترك السكان للقصر نتيجة التطور الاجتماعي جعله دون حماية و لا ترميم و عرضه للهدم الذي شارك فيه الإنسان و الطبيعة معاً و سَلَبا منه الكثير من جماله و رونقه و عراقته.و لحسن الحظ فإن القصر استفاد مؤخراً من برنامج وطني لترميم الآثار شُرِعَ فيه فعلاً و نتمنى أن يساهم في الحفاظ على هذا القصر الذي يكتنز شهادات كثيرة على عراقة بوسمغون.