هذا فصل من رسالتى للماجستير عن الاخطار الجيومورفولوجية فى مصر مع التركيز على السيول فى وادى النيل سوف انشر جزء منه واتمنى انا يستفاد منها الجميع
مفهوم الخطر الجيومورفولوجى
Geomorphological Hazards Con****
نقصد بمفهوم الأخطار الجيومورفولوجية Geomorphological Hazards Con**** تلك الأخطار التى تهدد وتسبب اضرارا للنشاط البشرى وحياة الأنسان والتى تنجم عن اى من العوامل والعمليات المشكلة لسطح الأرض . وعلى هذا يدخل ضمن مفهوم الأخطار الجيومورفولوجية اى عامل يشكل سطح الأرض سواء كان مناخيا أو جيولوجيا أو جيومورفولوجيا أو فلكيا أو بشريا .
وتجدر الإشارة هنا إلى اننا نستخدم العوامل والعمليات الجيومورفولوجية بمفهومها الواسع حيث تشمل تلك العوامل ومايرتبط بها من عمليات كلا من العوامل الداخلية ، والعوامل الخارجية ، وتنقسم العوامل الداخلية إلى عوامل بطيئة تشمل الأنكسارات ، وعوامل سريعة تتضمن الزلازل والبراكين والأنهيارات الأرض ية وغيرها .
أما العوامل والعمليات الخارجية فتشمل وكما هو معلوم التجوية كعملية اولية والأنهيالات والمياه الجارية بشقيها الدائم والطارئ ، ومياه البحر ، والمياه الجوفية ، والجليد المتحرك وفعل الرياح . هذا بالإضافة إلى مجموعة أخرى من العوامل التى سوف نشير إليها تفصيلا عند تناولنا لمستويات دراسة الأخطار .
أولا : المصطلحات الدراجة فى الدراسات السابقة
والجدير بالذكر أن الدراسات المتصلة بدراسة الأخطار والكوارث الطبيعية ، تستخدم اكثر من مصطلح كمرادف فى المعنى لكلمة الخطر ، وذلك على الرغم من أن هناك إختلافا ملحوظا فى مدلولاتها . وهذه المصطلحات هى :
Crisis - Catastroph - Disaster - Risk - Damage - Danger - Hazard
ويستحسن أن نتناول كل مصطلح على حدة لتوضيح المقصود به ، ثم الإشارة إلى أفضل هذه المصطلحات التى يمكن إستخدامها فى دراسة الأخطار الجيومورفولوجية .
1- Crisis
ويعنى الازمة أو المحنة التى تنشأ عن التغير المفاجئ السريع لاوضاع مستقرة ، ويشير (Bieber, 1988, p. 72) إلى أن المصطلح يعنى نقطة تحول فى اوضاع غير مستقرة ، تؤدى إلى اضرار غير مرغوب فيها ، وفى وقت لاتكون فيه الحكومة مستعدة ، أو قادرة على إحتوائها أو تلافى اخطارها .
2- Catastroph
ويعنى الفاجعة أوالنكبة التى تحدث نتيجة تغير عنيف مفاجئ يحدث فى سطح الأرض ، ويستخدم هذا المصطلح بصفة خاصة عند الحديث عن كارثة أو فاجعة ترتبط بآثار إجتماعية خطيرة تحدث للأنسأن ، ويوضح ( Greene, 1982, p. 183 ) أن المصطلح يعنى التغير الحاد المفاجئ الذى يحدث بسبب تغيرات متصلة فى القوى ، ويكون من نتائجها إختلال التوازن .
3- Disaster
ويعنى كارثة تسبب خسائر واسعة الإمتداد بعيدة المدى ، ويستخدم هذا المصطلح عند الحديث عن الأخطار الطبيعية بصفة خاصة ، وأن كان (Verstappen, 1989, p. 159) يستخدم هذا المصطلح ويشير إلى انه يعنى كارثة تنشأ بطريقة سريعة غير متوقعة وحادة ، وربما تكون طبيعية أو تحدث نتيجة لتدخل الأنسان وتفاعله مع البيئة .
4- Risk
ويعنى التعرض للخطر والاذى ، ويستخدم Islam, 1992, p. 1) ) هذا المصطلح ويشير إلى انه يعـنـى الـتعـرض لـلاخـطـار سـواء كان هـذا الـخـطـر حادا أو بطيئا كما استخدمت ( ( Susan, 1993, P 2 هذا المصطلح أيضا، واشارت إلى انه يعنى قياس إحتمالية حدوث الخطر.
5- Damage
ويعنى خـسـارة نـاجـمـة عـن حـدوث خـطـر ، ويـستخدم هذا المصطلح ويشير ( Beyer, 1974, p. 189-190 ) إلى انه يعنى الضرر أوالإيذاء الذى ينجم عن التغيرات التى تسبب اضرار وخسائر للنشاط البشرى .
6- Danger
وهو يعنى التعرض للتدمير أو الخسائر أو الضرر أوالالم الناجم عن حدوث كوارث واخطار .
7- Hazard
ويعنى المعنى الحرفى واللفظى لهذا المصطلح مصدر حدوث الخطر نفسه ، ويعد هذا المصطلح اكثر المصطلحات السابقة شيوعا وإستخداما ، وقد استخدمه كل من بيرتون Burton و كاتس Katos و روبرت Robert و جلبرت Gilbert وهوايت White فى دراستهم عن البيئة كخطر The Environment as hazard . كما استخدمه كل من ( ( Kasperson and Pjawka, 1983, P. 8 فى دراستهم عن الإستجابة الإجتماعية
للاخطار وحوادث الأخطار الرئيسية واشارا إلى انه يعنى مصدر للخطر مهدد لحياة الأنسان وممتلكاته ومقومات بيئته. أيضا استخدم هذا المصطلح (Bryant, 1991, P. 1) فى كتابه " الأخطار الطبيعية " Natural Hazards واشار إلى انه يتضمن الأخطار المناخية والجيولوجية التى تواجه وتهدد الأنسان .
ومما تجدر الاشارة إليه انه رغم الاختلاف الواضح بين المصطلحات السابقة إلا انها تدور جميعا حول ظاهرة واحدة ، وهى الأخطار التى تجابه الأنسان وبيئته ، وقد تكون تلك الأخطار بطيئة أو سريعة حادة العنف أو غير محسوسة فى الوقت الحالى
والخلاصة أن هناك ثلاثة تعبيرات سوف نستخدمها وهى مصطلح Hazard بمعنى مصدر الخطر عند حديثنا عن مصادر الأخطار ، ومصطلح Risk عند تناولنا لإحتمالية حودث الخطر الناجم عن اى من مصادره ، ومصطلح Damage عند دراستنا للاضرار والخسائرالناجمة عن الأخطار ومصادرها .
مستويات دراسة الأخطار
تتدرج دراسة الأخطار إلى ثلاثة مستويات ، ورغم تشابه تلك المستويات والمصطلحات فى موضوعاتها ، إلا انها تتفاوت فى كم ومدلول كل منها . ويحسن بنا أن نتناول تلك المستويات بشئ من الإيجاز :
1- الأخطار البيئية :Environmental Hazards
تتعدد وتختلف مفاهيم كلمة البيئة من علم لآخر ، فهناك البيئة الاجتماعية ، والبيئة الثقافية ، والبيئة الطبيعية وقد عرف مؤتمر إستكهولم للبيئة عام 1972 البيئة بانها " مجموعة من النظم الطبيعية والاجتماعية والثقافية التى يعيش فيها الأنسان والكائنات الأخرى والتى يستمدون منها زادهم ، ويؤدون فيها نشاطهم ( سعيد محمد الحفار ، 1981 ، ص 24) .
ويهتم الجغرافى بالبيئة الطبيعية ، والتى تضم اربعة نظم رئيسية ترتبط مع بعضها البعض وهى ، الغلاف الجوى ، الغلاف المائى ، الغلاف الصخرى ، واخيرا المحيط الحيوى . وهذا مايعنى بأن دارس الأخطار البيئية يجب أن يكون ملما بكافة الجوانب السابق الاشارة إليها ، كما يعنى أن مفهوم الخطر البيئى مفهوم واسع وشامل يضم فى موضوعات دراسته كل المشكلات والأخطار والتغيرات البيئية التى تؤثر على سطح الأرض بما عليه من بشر ، بما فى ذلك الأخطار الطبيعية .
وتجدر الاشارة إلى انه هناك علاقة وثيقة وقديمة بين علم الجغرافيا والبيئة . فالبيئة والأنسان والعلاقة بينهما هى ميدأن دراسة علم الجغرافيا ، وقد ظهرت العديد من الكتابات القديمة والحديثة التى تشير إلى ذلك منها على سبيل المثال مقالة باروز 1923 عن الجغرافيا كبيئية بشرية (Barrows, 1923).
وتهتم الأخطار البيئية بدراسة التفاعل بين الأنسان والبيئة والتوازن البيئى ، كما يهتم بصورة اساسية بالمشكلات البيئية ونشاتها وكيفية مجابهتها وتحليلها . وتضم الأخطار البيئية كل الأخطار الطبيعية بما فيها الأخطار الجيومورفولوجية إلى جانب كل الأخطار المقترنة بالإختلال البيئى .
وتعد مشكلة تدهور البيئة الركن الاول وصلب موضوعات واهتمامات علم البيئة ، ومن أهم صور التدهور القضاء على الغابات وتجريف التربة وتملحها والتصحر وغيرها من صور التدهور ، ويقصد بالتدهور هنا تناقص القدرة الأنتاجية لاى منطقة . كما تعد مشكلة التلوث بعناصرها الهوائية والمائية والثقافية الركن الثانى من اركان دراسة المشكلات والأخطار البيئية .
كما تهتم دراسات الأخطار البيئية بموضوع التغيرات فى النظام البيئى Ecosystem وخاصة التغير السالب وتاثيره على الأنسان . ومن الملاحظات الجديرة بالذكر انه رغم التعريف السابق الاشارة إليه لمفهوم البيئة وعناصرها واخطارها ، فأن كثير من الكتابات التى صدرت بعنوأن البيئة ومشكلاتها تهتم معظمها وأن لم يكن كلها بدور الأنسان فى حدوث التلوث البئيى ، ثم تاثير ذلك عليه ، تاركين بذلك موضوعات أخرى جديرة بالإهتمام والدراسة . واخيرا فإنه من الواضح أن مفهوم الأخطار البيئية اشمل واعم من الخطر الطبيعى ، وأيضا من الخطر الجيومورفولوجى ، إذ انه يضع فى حسبانه الأنسان مؤثرا ومتاثرا بالأخطار والتغيرات البيئية ليست الطبيعية فقط ، بل والبشرية أيضا ، ورغم كل ذلك فمازال هذا المفهوم غامضا للكثير من الباحثين .
2- الأخطار الطبيعيةNatural Hazards
يشير المفهوم اللفظى للاخطار الطبيعية إلى تلك الأخطار التى تصيب وتؤثر على الأنسان والناجمة عن الطبيعة دون تدخل من قبل الأنسان . وتشمل موضوعات الأخطار الطبيعية وكما اوردها بريانت Bryant فى كتابه "الأخطار الطبيعية " Natural Hazards على شقين رئيسيين لتلك الأخطار وذلك على الرغم من عدم اتفاق الطالب معه و هما :-
( 2 - 1 ) الأخطار المناخية
وتضم الاعاصير المدارية و فوق المدارية والعواصف الغبارية والرياح المحلية القوية و أخطار الامواج واخطار البحار الجليدية واخطار أرتفاع مستوى سطح البحر ، والجفاف ، واخطار التساقط المباشرة ، واخطار الفيضانات ، والسيول ، واخيرا الحرائق الطبيعية التى تشتعل فى الغابات .
( 2 - 2 ) الأخطار الجيولوجية
وتتضمن البراكين والزلازل وأخطار ظاهرة التسونامى المصاحبة للزلازل واخطار التربة والأنزلاقات . ومما يلاحظ على الموضوعات التى تناولها (Bryant, 1991) انه قد صنف اخطار الامواج Wave Hazards تحت الأخطار المناخية ، فبالرغم من أن أخطار الامواج ترتبط فى جزءٍ منها بشق مناخى ، إلا انها تتوقف على عوامل أخرى غير مناخية منها إتجاه خط الساحل وعمودية الامواج والتركيب الصخرى ونظام بنيته وعمق المياه وإنحدار الساحل وحجم الرواسب وكمياتها . أيضا تصنيفه للسيول والفيضانات على انها اخطار مناخية بحته على الرغم من انها نتاج عوامل مناخية هيدرولوجية جيومورفولوجية مشتركة ولايمكن تغليب عامل منها على الاخر.
وقد أضاف (Mitchell, 1974, p . 314) بعدا اخر للاخطار الطبيعية وهو الأخطار الطبيعية البيولوجية Natural Biological Hazards وهى تلك الأخطار المرتبطة بالنباتات والحيوانات وخاصة فيما يتعلق بأمراض وأوبئة كلا منها.
وبصفة عامة فأن الأخطار الطبيعية ذات مستوى اقل من الأخطار البيئية فى الموضوعات التى يتناولها ، إلا إنه مستوى يفوق مستوى الأخطار الجيومورفولوجية ، إذ أن الأخطار الطبيعية تحتويها فى موضوعات دراستها ، وتتعداها لتشمل اخطار طبيعية أخرى مثل الجراد والاوبئة .
3- الأخطار الجيومورفولوجية Geomorphological Hazards
يعد مصطلح الأخطار الجيومورفولوجية مصطلحا حديثا إذ لايتعدى ظهوره العقد الماضى على يد هارت 1986 Hart والذى لم يوضح فى كتابه ما المقصود بهذا المصطلح واقتصر فقط على تصنيف الأخطار الجيومورفولوجية حسب بيئة حدوث الخطر ، نهرية ، ساحلية ، جافة وشبه جافة ، جليدية وشبه جليدية كما سبق واشرنا إلى اننا نقصد بالأخطار الجيومورفولوجية تلك التى تحدث وتنشأ عن احد العوامل وما يرتبط بها من عمليات جيومورفولوجية مشكلة ومغيرة لسطح الأرض . وتنقسم عوامل التشكيل إلى عوامل داخلية وعوامل خارجية ، وتضم الداخلية العوامل البطيئة الالتواءات و الأنكسارات و حركات رفع وخفض . وتضم العوامل الداخلية السريعة الزلازل و البراكين بصفة خاصة . أما عوامل التشكيل الخارجية فتضم التجوية كعملية اولية والمياه الجارية والمياه الجوفية والجليد وفعل الرياح . هذا بالاضافة إلى ثلاثة عوامل أخرى تجدر الاشارة إليهم وهى :
ا) الأنسان كعامل جيومورفولوجى وكعامل مسبب فى حدوث الخطر .
ب) التغيرات المناخية ودورها فى حدوث الأخطار .
جـ) اصطدام النيازك والمذنبات والكويكبات ودورها فى تشكيل سطح الأرض وفى حدوث الأخطار .
3-1 الأنسان كعامل الجيومورفولوجى وكعامل مسبب فى حدوث الخطر
اصبح تدخل الأنسان وتاثيره فى تغير المظهر الطبيعى لسطح الأرض ( شكل 1 ) محورا جديدا للدراسات الجيومورفولوجية والجيولوجية وخاصة فى العقود الاخيرة ، وأن كانت إرهاصات الاهـتمـام بـأثـر الأنسان كـعـامـل مشكل لسطح الأرض تعود إلى بدايات العقد الثالث من هذا القرن ، وذلك عـنـدمـا نـشر Sharlock, 1921 كـتـابـه عـن الأنسان كـعـامـل جـيـولـوجـى Man as a geological agent ثم تبع ذلك بمقال آخر عام 1923عن الأنسان كعامل فى التغيرات الجغرافية The influence of man as an agent in geographical change وقد اوضح شارلوك مدى قوة وتاثير الأنسان ، واشار إلى انه يفوق عوامل التعرية الاولية مـجـتمـعـة ( Sharlock, 1923 ) . وقد تـبـع شـارلـوك عدد آخر من الباحثين منهم Thomas, 1956 Brown, 1970 .
كما اهتم أيضا كثير من الباحثين العرب بدور الأنسان كعامل مشكل ومؤثر فى تغيير بعض خصائص اشكال سطح الأرض منهم (طه محمد جاد ، 1981) الذى اشار إلى دور الأنسان فى تزحزح مجرى نهر النيل وإلتزامه بجانبه الايمن حيث اشار الى أن استقرار المصريين منذ القدم على الجانب الغربى للنيل قد أدى الى قيامهم باعمال الحماية لهذا الجانب دون الجانب الشرقى الذى تركزت عليه عمليات التعرية ، وحاول تاكيد أهمية هذا العامل واشار إلى انه يفوق فى دوره كثير من العوامل الطبيعية الأخرى .
أيضا اشار ( عبدالحميد أحمد كليو ، 1985 ) إلى أن الأنسان اصبح عاملا مهما لايقل شانا عن بقية العوامل الجيومورفولوجية الأخرى ، وأن الأنسان يلعب دورا هأما فى التاثير على العمليات الجيومورفولوجية من خلال انشطته المتعددة . كما اوضح محمد صبرى محمد صبرى محسوب ، 1990 دور النشاط البشرى فى حدوث ظاهرة الهبوط السطحى للارض أو ما يعرف بظاهرة الخسف الأرض ى ، وما يرتبط بذلك من مخاطر كانهيار السدود والخزانات السطحية ، وإضطراب نظم الجريان السطحى وحدوث الفيضانات ، وغمر للمساحات الهابطة على جوانب الأنهار .
وقد عقدت بعض الندوات عن اثر الأنسان ودوره فى تغير كثير من المظاهر الطبيعية منها ، الندوة المحلية عن اثر تدخل الأنسان على طبيعة مجرى نهر النيل ، والتى نوقش فيها عددا من الابحاث التى اوضحت إلى اى مدى استطاع الأنسان بتدخله فى مجرى النيل تغير نظامه الهيدرولوجى بل ونوعية مياهه (مركز البحوث المائية ، 1990) ومما تجدر الاشارة اليه أن دراسة دور الأنسان واسهامه فى حدوث الأخطار الجيومورفولوجية يعد هدفا غير مطروق فى كثير من موضوعات الدراسة الجيومورفولوجية ، وأن كان موضوع التصحر Desertifcation وتدهور التربة قد لقيا إهتمأما متزايدا من العديد من الباحثين سواء الاجانب أو العرب ، وأن كان معظمهم غير جغرافيين .
ويأخذ دور الأنسان فى حدوث الأخطار ثلاثة اتجاهات أولهما مباشر وثانيهما غير مباشر ، والاتجاه الثالث غير مقصود .
والاتجاه المباشر يتمثل على سبيل المثال فى تجريف التربة وتدهورها ( لوحة 1 ) و ظهور العديد من مظاهر التصحر ، ويتمثل الاتجاه الغير مباشر فى العديد من الأشكال والتى منها ما يتخلف وينتج عن عمليات التعدين كالأنهيارات الأرض ية ، والهبوط السطحى وزيادة معدلات النحت خلف سدود التخزين ، والمنشآت المائية الأخرى كما يؤدى حجز الرواسب أمام سدود التخزين إلى زيادة معدلات تراجع كثير من خطوط السواحل ، ولعل ما تشهده السواحل المصرية حاليا وبخاصة شواطئ دلتا النيل من تراجع لخط الساحل خير دليل على الاثر غير المباشر لتدخل الأنسان وتأتيره فى حدوث كثير من الأخطار الجيومورفولوجية فكثير من المدن الدلتاوية الساحلية خاصة بلطيم ورشيد تعانى من نحت شديد فى سواحلها أدى إلى تراجعها .
ورغم تسليمنا بأن هناك عوامل أخرى كثيرة ادت الى تراجع السواحل المصرية إلا اننا نؤكد هنا على اسهام التدخل غير المباشر للأنسأن فى زيادة معدلات التراجع . كما تؤدى عمليات حجز المياه وحمولتها من الرواسب فى بحيرات أمام سدود التخزين ، إلى حدوث كثير من الهزات الأرض ية نتيجة الثقل الكبير للمياه ورواسبها ، وليس ادل على ذلك ماشهدته منطقة اسوأن وماحولها من تزايد لمعدل تسجيل الهزات الأرض يها خلال السنوات التى أعقبت التخزينفى بحيرة السد العالى (عبده شطا ، 1985) .
أيضا أدى زحف العمرأن على هضبة المقطم شرق القاهرة إلى زيادة معدل تراجع حواف الهضبة وحدوث كثير من الأنهيارات ، والأنزلاقات الصخرية المتفاوتة الابعاد والاحجام ، وتعود تلك المشكلة الى عدم وجود شبكة جيدة للصرف الصحى بالمناطق السكنية ، مما أدى إلى تسرب مياه الصرف خلال الحجر الجيرى ووصولها إلى طبقة الطفلة التى يؤدى تشبعها بالمياه إلى زيادة حجمها فتضغط على الصخور المجاورة لها ، وتقوم بما يشبه عمليات التزيت التى تؤدى الى سرعة الأنهيارات والأنزلاقات الأرض ية . كذلك ادت عمليات تعدين صخور الطفلة بكثير من مناطق الهضبة الجيرية سواء الشرقية أوالغربية المحددة لوأدى النيل إلى حدوث كثير من السقوط الصخرى والأنهيارات والأنزلاقات الأرض ية التى راح ضحيتها العديد من الاشخاص ، ولعل آخرها ما حدث بمحافظة المنيا حيث انهارت بعض الكتل الصخرية بشرق النيل على ستة افراد باحد محاجر الطفلة مما أدى الى وفاتهم ( جريدة الاهرام ، 16 فبراير ، 1994) .
أيضا تشير بعض الاراء المبدئية عن حادثة الأنهيارات الصخرية بمنطقة عزبة الزبالين بحى منشية ناصر ، الى دور عمليات التحجير وحرق القمامة وسوء الصرف الصحى فى حدوث تلك الكارثة التى راح ضحيتها ما لايقل عن خمسين فردا وذلك فى يوم 15 ديسمبر 1993 ( أميمة عبد الوهاب ، 1994 ) .
ويشير(Goudie, 1981, p.120) إلى أن زيادة نسبة الاملاح وزيادة تركيزها فى التربة عن طريق صرف مخلفات المصانع اليها أو عن طريق طرق الرى التلقيدية تؤدى إلى أضرار خطيرة عندما تستخدم تلك المياه فى رى الأراضى الزراعية حيث يؤدى ذلك إلى تمليح التربة وتدهورها خاصة اذا ما اضيفت اليها الاسمدة الزراعية ، وتتكون عليها قشرة ملحية وتظهر الأرض على هيئة سبخات غير مستغلة ، وقد يصعب اجتيازها وقد تؤدى حرفة الرعى الجائر وقطع الاخشاب إلى حدوث تدهور للتربة نتيجة تفككها ، وما ينتج عن ذلك من تدفقات طينية Mudflows وإنجراف لها إذا ما سقطت عليها امطار .
أما الاتجاه الثالث لتاثير الأنسان فى حدوث الأخطار فهو الاتجاه غير المقصود ، فمما هو جدير بالذكر أن الأنسان قد يخلق خطرا جيومورفولوجيا من حيث لاشئ ، فالأنسان بعشوائيته وتخطيطه السئ غير العلمى والفردى ينتج اخطارا لم يكن لها وجود من قبل ، مثال ذلك موضع وموقع مدينة 15 مايو بجنوب القاهرة لم تكن تعانى من اى مشاكل أو اخطار حتى تم بناء المدينة فى هذا الموضع الذى ينتهى اليه مخارج واديين هما ابوسيللى الشمالى والجنوبى واللذأن تجرى بهما المياه على هيئة سيول شديدة العنف لعل اخرها ذلك الذى حدث بعد إنشاء المدينة مباشرة وأدى إلى كسر الحاجز الخراسانى المقام حول المدينة من جهة الشرق ، واغرق بعض المجاورات السكنية . وينطبق هذا على كل المدن الجديدة الواقعة شرق النيل فى بنى سويف ، والمنيا ، وأيضا على موقعى مصنعى الاسمنت الابيض والرمأدى بناحيتى بنى خالد مركز سمالوط محافظة المنيا ، ومركز قفط محافظة المنيا (مركز التنمية والتخطيط ، 1988) .
أيضا مـا يـنـجـم مـن اخـطـار نـتـيـجـة لـسكـنـى الأنسان أسـفـل الـمـنـحـدرات الـشديدة ( لوحات 3 ، 4 ، 5 ) والتى غالبا ما تشهد إنهيارات وانزلاقات ارضية مدمرة ، ولعل ما تشهده منطقة النزلة وابشواى بمحافظة الفيوم من تراجع لحواف وأدى مصرف الوأدى وسقوط العديد من الكتل وماتبع ذلك من سقوط وانهيار كثير من المنازل وسقوطها ما يدلل ويوضح كيف تنشأ مواضع الخطر مع مواقع وجود الأنسان .
3-2 التغيرات المناخية ودورها فى حدوث الأخطار الجيومورفولوجية
تؤدى التغيرات المناخية دورا ملحوظا فى حدوث بعض الأخطار الجيومورفولوجية وخاصة فيما يتعلق بخطرى التصحر ، وتراجع السواحل . فالنسبة للخطر الاول ، أدى تراجع حزام المطر فى افريقيا خاصة خط المطر المتساوى 100مم إلى الجنوب 200 كيلومتر فيما بين عامى 1968 - 1973 و تراجع خط المطر المتساوى 350مم نحو الجنوب لمسافة بلغت نحو 150كم فى نفس الفترة . وقد أدى ذلك إلى إنتشار الجفاف وبدات مظاهر التصحر فى الوضوح والتزايد . وقد أدى الجفاف إلى تزايد نشاط دور الرياح فى نقل الرمال والغبار من
وإلى قارة افريقيا ، ويشير (سليمان عبدالستار خاطر ، 1990 ، ص 42) إلى انه خلال عام 1969 قدر أن حوالى مليون طن من الغبار قد نقلت عبر غرب افريقيا فى طريقها الى القارة الامريكية .
أيضا تؤدى عمليات الجفاف والتصحر الى العمل على تفكك التربة مما يسهل من عمليات انجرافها سواء بواسطة الرياح ، أو بواسطة المياه الجوفية اذا ماأعقبت فترات جفاف طويلة .
أما الخطر الثانى والمتعلق بتراجع السواحل ، يشير ( رشدى سعيد 1992 ) إلى أن سطح البحر اخذ فى الارتفاع نتيجة لذوبان الجليد فى العروض المتجمدة الشمالية والجنوبية ، ويعود هذا الذوبان إلى إرتفاع درجات الحرارة الناجمة عن تآكل طبقة الاوزن مما سمح بإمرار إشعاع شمسى اكثر مما سبق وبالتالى ارتفعت درجة الحرارة . وهناك سبب آخر يعود إلى إزدياد النشاط الصناعى للأنسأن وما يتخلف عنه من تزايد لغاز ثانى اكسيد الكربون الذى يعمل هو الاخر على زيادة درجات الحرارة وبالتالى تزايد عمليات ذوبان الجليد فى العروض العليا وما يرتبط به من إرتفاع لمستوى سطح البحر وإغراق لمعظم المدن الساحلية ( طه محمد جاد ، 1990، ص 24- 25) .
ويشير الى ذلك أيضاQuelennec,1987,p ) ) حيث أوضح أن معظم سواحل العالم الحالى تعانى من تراجع وخاصة فى منطقة نورماندى وبسكى فى فرنسا حيث يتراوح معدل التراجع فى المدينة الاولى بين 10 - 20 سم سنويا بينما يصل هذا المعدل الى 50 سم فى المدينة الثانية . كما يتأثر الساحل الآوربى المتوسطى بالتراجع فى المنطقة الممتدة من أسبانيا وحتى أيطاليا فضلا عن تاثر المملكة المتحدة وسواحل الدنمراك أيضا .
أما فى قارة أفريقيا فتتعرض غالبية السواحل الغربية للقارة وخاصة فى السنغال التى يصل معدل تراجع سواحلها نحو 1.5 متر سنويا . ويزيد هذا المعدل الى 2 متر سنويا فى سواحل مونوروفيا باليبريا . بينما بلغ هذا التراجع فى غانا نحو 70 متر فى الفترة من 1964 وحتى 1975 بمتوسط يزيد عن الستة أمتار سنويا . فى حين يصل أعلى معدل للتراجع فى سواحل أفريقيا الغربية نحو 25 متر سنويا فى سواحل توجو وبنين .
ونود أن نشير إلى أن عملية تراجع السواحل قد تكون سببا غير مباشر لعمليات إنشاء السدود التى اصبح عددها يتزايد يوما بعد يوم ، وعلى وجه التقريب لايخلو نهر حاليا من وجود سدا واكثر على مجراه ، وتؤدى تلك السدود إلى حجز الرواسب أمامها وبالتالى لاتتقدم دلتاواتها فى البحر ، بل يحدث العكس ويبدا البحر فى نحته للشواطئ التى اصبحت لاتتلقى اى قدر من الرواسب تعوض به ماتفقده عن طريق نحت الامواج فيها .
3-3 اصطدام النيازك والمذنبات والكويكبات ودورها فى تشكيل سطح الأرض
وفى حدوث الأخطار
أصبح من الثابت والمسلم به الأن أن الأرض منذ العصور الجيولوجية القديمة كثيراً ما كان يحدث أن يصطدم بها كويكب Asteriod أو مذنب Comet ، وفى هذا الصدد يشير جريف (Grieve, 1992) إلى أن الأرض قد شهدت كثيراً من تلك الحوادث حيث تصطدم تلك الكويكبات أو المذنبات أو الشهب بالأرض دافعة الحطام الصخرى بسرعة تزيد على 50 مرة على سرعة الصوت مبعثرة اطنأن من الصخور الصلبة ، ومحدثة فوهة تمتد لعدة كيلومترات . والجدير بالذكر أن تلك العملية لاتستغرق سوى ثوأن معدودة ورغم ذلك فأن آثارها تنعكس على مسار التاريخ الجيولوجى والبيولوجى البشرى أيضا .
ولقد تم حتى الأن إكتشاف اكثر من 120 فوهة تصادم يتراوح عمرها بين 86 عاما إلى ما يقرب من بليونى سنة ، وتوجد غالبية هذه الفوهات فى الاجزاء الداخلية المستقرة للقارات ، هذا عدا مايوجد فى قيعأن المحيطات التى تتلقى نحو 70 % من النيازك التى تسقط على كوكب الأرض . وتؤدى عمليات الاصطدام إلى حدوث عمليات تحول للصخور تحت الضغط والحرارة الشديدين الناتجين من عملية الأحتكاك ، كما تؤدى إلى نشاة بعض المنخفضات التى تحتلها فوهات التصادم . ومن اشهر الفوهات المعروفة فوهة بارينكر بولاية أريزونا الأمريكية ، والتى تمثل مقعراً ذو حواف مرتفعة ، ويبلغ قطر الفوهة 1200 متر ، وعمقها لنحو 170 متر ، ولقد تشكلت تلك الفوهة بواسطة نيزكاً حديدياً قدر قطره بنحو 60متر ، وكتلته بنحو مليون طن مترى ، وقد ارتطم النيزك بالأرض بسرعة تصل نحو 15كم/ثانية وأنتج طاقة تعادل مقدار من الطاقة التى يولدها إنفجار نحو عشرين مليون طن من مادة TNT شديدة الأنفجار . ويوضح جريف Grieve أن إنفجار الترسانة النووية العالمية كلها لاتضاهى الطاقة التى تنطلق حين يرتطم نيزك بحجم كم3 بالأرض .
وتكمن خطورة المذنبات فى سرعاتها الهائلة التى تصل إلى اكثر من مائة الف كيلومتر /ساعة . وهناك ادلة وشواهد كثيرة على أن الأرض قد اصيبت عدة مرات بالمذنبات والنيازك ، مما أدى إلى حدوث تغيرات جذرية فى مناخ الأرض وكانت السبب المباشر فى اختفاء كثير من انواع الحياة النباتية والحيوانية من على سطح الأرض . ولعل اخر حادث تشهده الأرض هو ما حدث فى سماء سيبيريا عام 1908 ، وذلك عندما انفجرت شظية من مذنب إنكEnck الذى تحلل بعيداً عن الأرض ، وكانت طاقة هذا النيزك تعادل طاقة 50 قنبلة ميجاتون ودمرت مساحة من الأرض يبلغ قطرها حوالى 100كم .
ومن الجدير بالذكر أن مؤتمر الاتحاد الامريكى للجغرافيا الطبيعية عام 1987 ، قد حذر من الخطورة المتزايدة لعمليات اصطدام النيازك ، والمذنبات بالأرض ، خاصة بعد حادثة
إقتراب مذنب هالى من الأرض فى اوائل عام 1986 . ومن المعروف أن مذنب هالى يقترب من الأرض فى دورة معروفة تتم كل 76 سنة ، وتتفاوت درجة إقتراب المذنب من الأرض من دورة إلى أخرى ، ففى دورته الاخيرة كان على بعد 39مليون ميل من الأرض ، بينما بلغت مسافة اقترابه من الأرض عام 1817 نحو 3مليون ميل فقط ، وربما لاتخطئ المذنب فى زيارته القادمة عام 2062 للارض ويقتحمها بقدرته التدميرية الهائلة والرهيبة (مجلة العلم ، 1986 ، ص 7-10)
واخيراً ، فلعل فى هذا ما يوضح القدرة التدميرية لعمليات التصادم تلك ، ومدى مقدرتها على تغيير شكل سطح الأرض كعامل تشكيل خارجى ، لايقل تاثيره ومداه عن بقية عوامل التشكيل الأخرى أن لم يكن يفوقها تاثيراً وخطورة .