بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه:
فإن دين الإسلام العظيم، قد تكفل الله بإظهاره وإعلائه، قال تعالى: (هُوَ
الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة:33]، وقال
جل شأنه: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)
[الفتح:28]، وقال عزّ من قائل: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى
اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ • يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ
بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ •
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ) [الصف:7-9].
وقد سخر الله تعالى لذلك أعلاماً وأئمة، حفظ الله تعالى بهم سنة النبي -صلى
الله عليه وسلم-، وكان من أولئك الذين بذلوا جهودهم رخيصة في حفظ السنة
النبوية إمامي أهل الحديث: البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، خاصة في
كتابيهما صحيح البخاري وصحيح مسلم. وكان لهذين الكتابين منزلة عالية ودرجة
رفيعة لم يبلغها أي كتاب من كتب السنة، وسوف أسلط الضوء في هذا البحث على
جهود علماء المذهب الحنبلي في خدمة هذين الكتابين، وذلك وفق الخطة
التالية:خطة البحث: قسمت البحث إلى مقدمة وبابين وخاتمة:المقدمة: وتحتوي
على أسباب الاختيار والخطة والمنهج المتبع والدراسات السابقة.الباب الأول:
عناية الحنابلة بالصحيحين تصنيفاً، وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: مصنفات الحنابلة في متن الصحيحين.
الفصل الثاني: مصنفات الحنابلة في أسانيد الصحيحين.
الفصل الثالث: مصنفات الحنابلة في ختم وأبواب الصحيحين.
الباب الثاني: عناية الحنابلة بالصحيحين تعلماً وتعليماً، وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: رواية وقراءة الحنابلة للصحيحين.
الفصل الثاني: حفظ الحنابلة للصحيحين.
الفصل الثالث: ضبط ومقابلة ونسخ الحنابلة للصحيحين.
الفصل الرابع: ثناء الحنابلة على الصحيحين.
الخاتمة: وفيها تلخيص وإبراز لأهم النتائج والتوصيات.
منهج البحث:
اتبعت في هذا البحث المنهج
الاستقرائي التحليلي، فقمت باستقراء ما أمكنني استقراؤه من كتب للبحث عن
المعلومات التي تخص بحثي الذي هو المذهب الحنبلي، ثم قمت بتحليل تلك
المعلومات ما أمكنني إلى ذلك سبيلاً، مستعيناً بما أقف عليه من دراسات
سابقة في جزئيات الموضوع.
الدراسات السابقة:
لم أقف على دراسات سابقة مستقلة في الموضوع، ولا وُجدت دراسات ضمنية مباشرة
لهذا الموضوع، بل لم أجد دراسات سابقة في المذاهب الأخرى المعتمدة.
إلا ما كان من معلومات جزئية في دراسات سابقة تتحدث عن عَلَم من الأعلام،
فتذكُر ضمن ترجمته كتبَ ذلك العلم، وتقوم بدراستها، ويكون واحد من هذه
الكتب أو أكثر من الكتب التي لها علاقة بالصحيحين أو أحدهما.
لذا فإن هذا البحث يُعد من حسنات هذا المؤتمر، سائلاً المولى جل وعلى أن
يُوقف القائمين عليه لكل خير، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم.
الباب الأول:
عناية الحنابلة بالصحيحين تصنيفاً
وفيه فصلان:
الفصل الأول: مصنفات الحنابلة في متن الصحيحين.
الفصل الثاني: مصنفات الحنابلة في أسانيد الصحيحين.
الفصل الثالث: مصنفات الحنابلة في ختم وأبواب الصحيحين.
الفصل الأول:
مصنفات الحنابلة في متن الصحيحين:
صنّف فقهاء الحنابلة رحمهم
الله تعالى عدة مصنفات تتعلق بمتن الصحيحين أو أحدهما، وفيها يلي ذكر أبرز
هذه المصنفات:
1- كتاب الصحيح على كتاب مسلم بن الحجاج:
تأليف: الشيخ الإمام الحافظ المحدث أبي زكريا يحيى بن أبي عمرو عبد الوهاب
ابن الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد بن إسحاق ابن الحافظ محمد بن يحيى بن
منده العبدي، الأصبهاني، المتوفى سنة إحدى عشرة وخمسمائة([1]).
وهذا الكتاب غير موجود بين أيدينا، إلا أن سعة علمه وكثرة حديثه ومدح
مصنفاته تدل على أهمية هذا الكتاب، ومن ذلك ما ذكره الحافظ محمد بن عبد
الواحد الدقاق، من قوله فيه: "الشيخ الإمام الأوحَدُ، عنده الحديث الكثير،
والكتب الكثيرة الوافرة، جمع وصنف تصانيف كثيرة. منها: كتاب الصحيح على
كتاب مسلم بن الحجاج"([2]).
"وذكره إسماعيل بن عبد الغافر، في تاريخ نيسابور، فقال: رجل فاضل، من بيت
العلم والحديث، المشهور في الدنيا، سَمِع من مشايخ أصبهان، وسافر ودخل
نيسابور، وأدرك المشايخ، وسمع منهم، وجمع، وصنف على الصحيحين. وعاد إلى
بلده"([3]).
2- الإفصاح عن معاني الصحاح([4]):
تأليف: الوزير العالم العادل، صدر الوزراء، عون الدين، أبي المظفر يحيى بن
محمد بن هبيرة الشيباني الدوري، ثم البغدادي، المتوفى سنة ستين
وخمسمائة([5]).
وهو عبارة عن شرح للجمع بين الصحيحين للإمام أبي عبد الله الحميدي
(ت488)([6]).
ولبيان أهمية الكتاب وإفادة العلماء منه أنقل ما يلي:
يقول ابن رجب: "قلت: صنف الوزير أبو المظفر كتاب "الإفصاح عن معاني الصحاح"
في عدة مجلدات، وهو شرح صحيحي البخاري ومسلم، ولما بلغ فيه إلى حديث: ((من
يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)) شرح الحديث، وتكلم على معنى الفقه،
وآل به الكلام إلى أن ذكر مسائل الفقه المتفق عليها، والمختلف فيها بين
الأئمة الأربعة المشهورين ... وهذا الكتاب صنفه في ولايته الوزارة، واعتنى
به وجمع عليه أئمة المذاهب، وأوفدهم من البلدان إليه لأجله، بحيث إنه أنفق
على ذلك مائة ألف دينار، وثلاثة عشر ألف دينار، وحدث به، واجتمع الخلق
العظيم لسماعه عليه. كتب به نسخة لخزانة المستنجد. وبعث ملوك الأطراف
ووزراؤها وعلماؤها، واستنسخوا لهم به نسخًا، ونقلوها إليهم، حتى السلطان
نور الدين الشهيد. واشتغل به الفقهاء في ذلك الزمان على اختلاف مذاهبهم،
يدرسون منه في المدارس والمساجد، ويعيده المعيدون، ويحفظ منه
الفقهاء"([7]).
ويقول ابن مفلح: "وقد صنف كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح في عدة مجلدات، وهو
شرح الصحيحين، ولما بلغ إلى شرح: ((من يرد الله به خيراً يفقهه فى الدين))
شرح الحديث وتكلم على الفقه وذكر المسائل المتفق عليها والمختلف فيها بين
الأئمة الأربعة، وقد أفرده الناس من الكتاب وجعلوه مستقلا فى مجلدة"([8]).
ويقول محقق الكتاب: "وتبدو أهمية الإفصاح في أنه أول شرح للصحيحين معاً،
وقد أولى ابن هبيرة عنايته في شرحه فقهَ الحديث في مجال تهذيب النفس وتربية
الروح وسمو الأخلاق، كما تضمن الإفصاح فوائد لغوية نحوية وصرفية وبلاغية،
بشرح غريبه وشكله، وحفظ لنا في كتابه بعض النصوص من مصادر ضائعة .."([9]).
3- كشف المشكل من حديث الصحيحين([10]):
تأليف: الإمام الحافظ المفسّر الفقيه الواعظ الأديب شيخ وقته وإمام عصره
جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي، المتوفى سنة
سبع وتسعين وخمسمائة([11]).
وهو عبارة عن شرح لمشكل الجمع بين الصحيحين للإمام أبي عبد الله
الحميدي([12]).
وقد قام ابن الجوزي بجهد كبير في هذا الكتاب إذ يقول: "ومعلوم أن الصحيح
بالإضافة إلى سائر المنقول كعين الإنسان، بل كإنسان العين، وكان قد سألني
من أَثرُ سؤاله أمارة هَمتي، شرح مشكله، فأنعمتُ له وظننتُ الأمر سهلاً،
فإذا نيل سُهيل أسهل، لما قد حوت أحاديثه من فنون المشكلات ودقائق المعضلات
... فلما رأيت طرق شرحه شاسعة، شمّرت عن ساق الجد، مستعيناً بالله عز وجل
..."([13]).
وأنقل هنا من كلام محقق الكتاب ما يوضح الخدمة التي قام بها الإمام ابن
الجوزي لهذا الكتاب، وبالتالي للصحيحين:
يبدأ ابن الجوزي مُسْند كلّ صحابي بحديث موجز عنه، ثم يذكر عدد ما روي له
من الأحاديث، وما أُخرج له في الصحيحين منها. ويأخذ المؤلف بعد ذلك بشرح
الأحاديث، ويسير على ترتيب الحميدي للمسانيد والأحاديث داخل كلّ مسند، وليس
لازماً أن يتناول المؤلف كلّ الأحاديث، فقد يتجاوز عما يرى أنه لا إشكال
فيه، ولا يحتاج إلى كشف من الأحاديث.
وفي شرح الحديث يذكر جزءاً منه ثم يشرحه، وينتقل إلى شرح سائر ما في الحديث
من مشكل.
والمشكل عنده قد يكون في اللفظ أو في المعنى أو في الرواية أو في الراوي أو
فيما يدور حول الحديث من تساؤلات وما يثير من استفسارات، أو فيما يكون فيه
من الأحكام والمباحث الفقهية.
فهو في أكثر الأحاديث يشرح الألفاظ التي يراها غريبة أو محتاجة إلى توضيح،
وفي شرحه لها يُعنى بضبط اللفظة وذكر تصاريفها واشتقاقها وبيان دلالتها،
ويستشهد على ما يقول، كما يتعرض لبيان المعرّبة.
وإذا ورد في الحديث المشروح لفظة من القرآن الكريم أشبعها المؤلف شرحاً
وتفسيراً، وأفاض في الحديث عن لغات اللفظة ومعانيها وأسباب النزول وغيرها.
كما اعتنى بروايات الحديث واختلاف لفظ الحديث، ونبّه على تصحيفات المحدّثين
ولحنهم، وما يقع فيه بعض طلاب الحديث من خطأ، ونبّه على ألفاظ العامة
ولحنهم.
كما اهتم ابن الجوزي ببيان المعنى الإجمالي للحديث ومقصده العام، واستخلاص
أحكامه وفوائده، واستنباط القواعد الفقهية من الحديث وما يدل عليه من حكم
شرعي، ويعرض آراء الفقهاء وأقوالهم، وما يحتج به صاحب كلّ مذهب من الحديث،
وكيف يرد عليه أصحاب القول الآخر.
كما يتعرض للروايات الأخر التي جاءت للأحاديث في غير الصحيحين، أو يوضح
الحديث بذكر رواية له عن صحابي آخر، ويناقش الروايات المختلفة.
ومن أطرف ما في الكتاب إجابة المؤلف على الاستفسارات، ورده على أية تساؤلات
أو إشكالات قد تدور حول الحديث.
كما اجتهد في توضيح مبهمات الأعلام وما لم يُسمّ في الحديث، كما يوضح
الأعلام التي ترد في الأحاديث أو أسماء الرواة أو غير ذلك مما قد يقع فيه
اشتباه أو لبس.
كما ميّز المدرج في الحديث من كلام الصحابة أو الرواة، ولم يفت ابن الجوزي
أثناء كل ذلك أن يذكرَ فوائد وقصصاً وتنبيهات متنوعة، وكانت مصادره في
كتابه كثيرة متنوعة من مشايخ ومؤلفين([14]). ولابن الجوزي أيضاً:
4- محض المحض:
يقول ابن رجب: "وقد صنف ابن الجوزي كتاب، (المقتبس من الفوائد العونية)
وذكر فيه الفوائد التي سمعها من الوزير عون الدين ... وانتقى من زبد كلامه
في (الإفصاح) على الحديث كتابًا سماه (محض المحض)([15]).
فهذا الكتاب عبارة عن خدمة لكتاب (الإفصاح)، الذي هو في نهاية المطاف خدمة
للصحيحين. ولابن الجوزي أيضاً:
5- جامع المسانيد([16]):
قال الحافظ ابن كثير عند تعداده بعض مؤلفاته: "وله جامع المسانيد استوعب به
غالب مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وجامع الترمذي"([17]).
ولأهمية كتابه هذا قام الفقيه الزاهد المقرئ عماد الدين محمد بن معالي بن
غنيمة البغدادي بترتيبه على أبواب الفقه([18]).
كما قام الإمام محب الدين الطبري أبو العباس أحمد بن عبدالله، بترتيبه
أيضاً([19]).
بل صار هذا الكتاب مما يحرص طلاب العلم على سماعه بالإسناد([20]).
6- عمدة الأحكام([21]):
تأليف: الإمام العالم الحافظ الكبير الصادق القدوة العابد عالم الحفاظ، تقي
الدين، أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي ثم الدمشقي
المنشأ الصالحي، توفي سنة ستمائة([22]).
ذكر ابن رجب من جملة كتبه: "كتاب (العمدة في الأحكام) مما اتفق عليه
البخاري ومسلم، جزآن"([23]). ويقول ابن الملقن معللاً شرحه للعمدة: "وخصصت
الكلام عليها لإكباب جميع المذاهب عليها"([24]).
وذكر الشيخ محب الدين الخطيب كتب أحاديث الأحكام: "أما الكتاب الثالث، وهو
أوجزها، وأصحها وأقدمها، فكتاب (العمدة) للإمام حافظ الإسلام تقي الدين عبد
الغني ... وهو يشتمل على 419 حديثاً من أعلى أنواع الصحيح، مما اتفق على
إخراجه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما، فكان كتابه هذا عمدة الأحكام
حقاً، وكان كتابه قريباً لطالب العلم المبتدئ والمتوسط، ولا يستغني عنه
المنتهي والمتبحر، لذلك كان جديراً بأن يُحفظ ويقتنى"([25]).
ومما يدل على أهمية هذا الكتاب مع ما سبق: أن قام بشرحها عدة علماء، منهم:
- القاضي عماد الدين إسماعيل بن تاج الدين أحمد بن سعيد بن محمد بن الأثير
الحلبي الشافعي المتوفى سنة تسع وتسعين وستمائة، وقد علقه مما أملاه عليه
الإمام تقي الدين محمد بن علي القشيري أبو الفتح المعروف بابن دقيق العيد
المتوفى سنة اثنتين وسبعمائة، وسماه: (إحكام الأحكام شرح عمدة
الأحكام)([26]).
- الإمام سراج الدين عمر بن علي ابن الملقن المتوفى سنة أربع وثمانمائة في
كتابه: (الإعلام بفوائد عمدة الحكام)([27]).
- الإمام شمس الدين محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي المتوفى سنة ثمان
وثمانين ومائة وألف، في كتابه: (كشف اللثام شرح عمدة الأحكام)([28]).
وغير ذلك([29]).
وللحافظ عبد الغني المقدسي عناية أخرى بالصحيحين تتمثل في كتابه الآتي:
7- المصباح في عيون الأحاديث الصحاح:
قال ابن رجب في ذكره تصانيف الحافظ: "كتاب (المصباح في عيون الأحاديث
الصحاح) ثمانية وأربعين جزءاً، يشتمل على أحاديث الصحيحين"([30]).
وهو كتاب بالأسانيد([31])، "مشتمل على أحاديث (الصحيحين)، فهو مستخرج
عليهما بأسانيده، في ثمانية وأربعين جزءا"([32])، بدأ بأحاديث الصحيحين ثم
بأفراد البخاري ثم بأفراد مسلم([33]).
8، 9- (أفراد الصحيح) و (غرائب الصحيح) ([34]):
تأليف: الشيخ الإمام الحافظ الكبير، ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد
الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور السعدي، المقدسي،
الصالحي: محدث عصره، ووحيد دهره، توفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة([35]).
قال ابن رجب ضمن مؤلفاته: "(أفراد الصحيح) جزء، و(غرائبه) تسعة
أجزاء"([36]).
لقد تكلم بعض الأئمة في جملة من الأحاديث صحيح البخاري ووصفوها بالغرابة أو
الإنفراد، على أن وجود الغرائب والأفراد في الصحيحين هو أمر نادر، لذا
كانت الأحاديث المستغربة أو المستنكرة من قبل الأئمة قليلة بالنسبة إلى
الأحاديث الصحيحة المشهورة([37]).
قال الحافظ حجر: "وأما قوله([38]): إن الغرائب الأفراد ليس في الصحيحين
منها شيء. فليس كذلك، بل فيها قدر مائتي حديث قد جمعها الحافظ ضياء الدين
المقدسي في جزء مفرد"([39]).
ومن كتب الضياء أيضاً:
10- جزء فيه من أحاديث صحيحة مما رواه مسلم بن الحجاج النيسابوري "بين
المصطفى r وبينه تسعة نفر"([40]):
وفي عصر الإمام مسلم كانت تُعد التساعية من الأسانيد النازلة، حيث روى مسلم
في صحيحه أحاديث رباعية، ولنزول الإسناد أسبابه ومبرراته عند المحدّثين
ليس هنا مجال ذكرها.
وقد سبر الضياء في هذا الكتاب أسانيد مسلم واستخرج منها تساعياته، ثم سبر
أسانيد البخاري فوجد أنهما اتفقا على ثلاث روايات بهذه الصفة.
وهذا الجزء على صغره حجمه، فإنه يدل على إتقان الضياء لهذا العلم، كما يدل
على اختصاصه بالصحيحين وإحاطته بجوانب فيهما قد لا نجدها عند غيره([41]).
وللضياء أيضاً:
11- من كلام الحافظ الضياء على شيء من أحاديث "الجمع بين الصحيحين
للحميدي"([42]):
تتبع الضياء في هذا الكتاب أوهاماً وقعت للحميدي في كتابه، وذكر الصواب
فيها، وغالب الأوهام والمآخذ تدور حول وهم الحميدي في نسبة الحديث لغير
راويه من أصحاب الصحيحين، أو في نسبة زيادة فيه، أو خطأ في لفظ الحديث، أو
نقص في متن الحديث([43]).
ولا شك أن هذا الكتاب يخدم الصحيحين لاعتماد كثير من العلماء عليه في نسبة
أحاديث للبخاري ومسلم.
كما للضياء أيضاً:
12- الأبدال([44]) العوالي([45]) في شيوخ الشيخين:
تخريج الحافظ الضياء لنفسه، ذكره الحافظ ابن حجر([46]).
13- جزء فيه مائة حديث من صحيح البخاري:
تأليف: شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية، المتوفى
سنة سبع وعشرين وثمانمائة([47]).
قال في فهرس الفهارس: " وانتقى ابن تيمية جزءاً فيه مائة حديث من صحيح
البخاري مشتملة على الثلاثيات الإسناد وموافقات وإبدال وعوالي([48]) وغير
ذلك"([49]). ولشيخ الإسلام أيضاً:
14- عوالي البخاري:
قال في كشف الظنون: "عوالي البخاري، تخريج التقي ابن تيمية، ذكره البقاعي
في مشيخته"([50]).
15- فتح الباري شرح صحيح البخاري([51]):
تأليف: الحافظ الإمام العلامة زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد،
المعروف بابن رجب الحنبلي، المتوفى سنة خمس وتسعين وسبعمائة رحمه الله
تعالى([52]).
قال ابن عبد الهادي: "وشرح قطعة من البخاري إلى كتاب الجنائز، وهي من عجائب
الدهر، ولو كمل كان من العجائب"([53]).
وقال ابن مفلح: "وله مصنفات مفيدة شرح الترمذي وشرح أربعين النواوي وشرح في
شرح البخاري سماه (فتح الباري في شرح البخاري) ونقل فيه كثيراً من كلام
المتقدمين"([54]).
ولعل في كلامهما ما يغني عن الإطناب في إبراز قيمة هذا الكتاب، وما يشير
لأولي الألباب إلى مدى الجهد الذي بذله ابن رجب في كتابه هذا.
16- النكت على تنقيح الزركشي أو حواشي على تنقيح الزركشي([55]):
تأليف: القاضي محب الدين أحمد بن نصر الله التستري البغدادي الحنبلي،
المتوفى سنة أربع وأربعين وثمانمائة([56]).
والتنقيح للزركشي بدر الدين محمد بن بهادر المتوفى سنة أربع وتسعين
وسبعمائة، هو عبارة عن شرحٍ مختصرٍ لصحيح الإمام البخاري([57]).
فتُعدّ هذه النكت من القاضي محب الدين خدمة لكتاب البخاري.
17- جزء فيه الأحاديث التي رواها مسلم في صحيحه عن الإِمام أحمد:
تأليف: علاء الدين أبي الحسن علي ابن الشيخ زين الدين المنجا بن عثمان بن
أسعد بن المنجا التنوخي، المتوفى سنة ثلاث وستين وسبعمائة([58]).
قال ابن رجب: "قرأت عليه جزءاً فيه الأحاديث التي رواها مسلم في صحيحه عن
الإِمام أحمد بسماعه الصحيح من أبي عبد اللّه محمد بن عبد السلام بن أبي
عصرون، بإجازته من المؤيد"([59]).
18- كشف اللثام شرح عمدة الأحكام:
للسفاريني، وقد سبق ذكره ضمن الكتب التي شرحت كتاب (عمدة الأحكام).
الفصل الثاني:
مصنفات الحنابلة في أسانيد الصحيحين:
كما اعتنى الحنابلة في
التصنيف في أمور تتعلق بمتن الصحيحين، فقد اعتنوا أيضاً بالتصنيف في أمور
تتعلق بالأسانيد، وإن كانت فيما يبدو أقل من الأولى، ولعل ذلك راجع إلى صحة
أسانيد الصحيحين، فلم تكن الحاجة كبيرة للعناية بها، وإنما صرفوا عنايتهم
إلى الاستفادة من المتون.
ومما وقفت عليه من مصنفات مفردة للحنابلة فيما يتعلق بأسانيد الصحيحين:
1- أسامي مشايخ الإمام البخاري([60]):
تأليف: أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني
المتوفى سنة خمس وتسعين وثلاثمائة([61]).
قال محقق الكتاب في مقدمته للكتاب: "والعناية برجال البخاري قديمة قدم
الكتاب، وكثيرون هم العلماء الذين جمعوهم، ومن أقدم هذه المؤلفات([62]):
كتابنا هذا – تسمية المشايخ الذين روى عنهم الإمام أبو عبد الله محمد بن
إسماعيل البخاري رحمه الله في كتاب الجامع الصحيح الذي صنفه([63])، تأليف
الإمام أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني، مما
ألّفه على حروف المعجم، وذكر أنسابهم وبلداتهم وموتهم رحمه الله"([64]).
وكان لهذا الكتاب أثرٌ واضح يتمثل في نقل العلماء منه([65]).
2- الكمال في معرفة الرجال([66]):
تأليف: الإمام، العالم، الحافظ الكبير أبي محمد عبد الغني المقدسي السابق
ذكره([67]).
يقول الحافظ عبد الغني في مقدمة كتابه: "فهذا كتاب نذكر فيه إن شاء الله ما
اشتملت عليه كتب الأئمة الستة من الرجال؛ فأولهم الإمام أبو عبد الله محمد
بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي مولاهم البخاري، ثم أبو الحسين
مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، وأبو داود سليمان بن الأشعث
السجستاني، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر النسائي، وأبو عيسى
محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك الترمذي السلمي الضرير، وأبو عبد
الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، واستوعبنا ما في هذه الكتب من الرجال
غاية الإمكان، غير أنه لا يمكن دعوى الإحاطة بجميع من فيها لاختلاف النسخ،
وقد تشذ عن الإنسان بعد إمعان النظر وكثرة التتبع ما لا يدخل في وسعه،
والكمال لله عز وجل ولكتابه العزيز، ولا تشذ عن هذه الكتب من الصحيح إلا
اليسير، وكذلك من ثقات المتقدمين، وقدمنا من أحوالهم حسب الطاقة ومبلغ
الجهد، وحذفنا كثيراً من الأقوال والأسانيد طلباً للاختصار؛ إذ لو استوعبنا
ذلك لكان الكتاب من جملة التواريخ الكبار، فما حصل اتفاقهم عليه قلنا فيه:
روى له الجماعة، وما اتفق عليه البخاري ومسلم قلنا: اتفقا عليه، والباقي
سميناه"([68]).
وفيما سقناه من كلام الحافظ رحمه الله يتضح منهجه في كتابه، وما يشير إلى
أهمية هذا الكتاب، ومدى الجهد الذي بذله فيه.
يقول ياقوت الحموي: "وصنف كُتباً في علم الحديث حساناً مفيدة منها كتاب
(الكمال في معرفة الرجال) يعني رجال الكُتُب الستة من أول راوٍ إلى الصحابة
جوده جداً"([69]).
ويقول الإمام المزي في مقدمته لكتاب تهذيب الكمال: "وكان من جملة ذلك كتاب
(الكمال) الذي صنفه الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن
سرور المقدسي رحمة الله عليه في معرفة أحوال الرواة الذين اشتملت عليهم هذه
الكتب الستة.
وهو كتاب نفيس كثير الفائدة، لكن لم يصرف مصنفه رحمه الله عنايته إليه حق
صرفها، ولا استقصى الأسماء التي اشتملت عليها هذه الكتب استقصاء تاماً، ولا
تتبع جميع تراجم الأسماء التي ذكرها في كتابه تتبعاً شافياً، فحصل في
كتابه بسبب ذلك إغفال وإخلال([70])"([71]).
ويقول الحافظ ابن حجر: "أما بعد فإن كتاب الكمال في أسماء الرجال الذي ألفه
الحافظ الكبير أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي وهذبه
الحافظ الشهير أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي من أجلّ المصنفات في معرفة
حملة الآثار وضعا وأعظم المؤلفات في بصائر ذوي الألباب وقعا"([72]).
3- الرواة عن البخاري:
تأليف: الإمام الحافظ ضياء الدين المقدسي، السابق ذكره([73]).
ذكر الحافظ ابن رجب من ضمن مؤلفاته: "الرواة عن البخاري، جزء"([74]).
وقد قال الذهبي في وصفٍ مجملٍ لمؤلفاته: "وتصانيفه نافعة مهذبة"([75]).
ومن كتب الضياء أيضاً:
4- جزء فيه الرواة عن أبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري الحافظ
الإمام([76]):
في هذا الجزء والذي قبله دليل واضح على عناية الضياء الشديدة بالصحيح، وفي
مؤلَّفه الأخير أثبت فيه اتصال سنده بالإمام مسلم من خلال عشرة من الرواة
عنه، كما أراد أن يزيد الثقة في صحيح مسلم وأن الرواة لصحيحه عنه لم تقتصر
على الرواية المشهورة، فحفظ لنا الضياء في هذا الجزء أسانيده إلى الإمام
مسلم وهي قلما تقع لغيره من المحدّثين([77])، فأتى الضياء ليثبت لنا روايات
متعددة عن الإمام مسلم لم يذكرها غيره من أعلام المحدّثين([78]).
5- مختصر تهذيب الكمال([79]):
تأليف: عماد الدين أبي بكر بن أبي المجد بن ماجد بن أبي المجد بن بدر بن
سالم السعدي الدمشقي ثم المصري الحنبلي، المتوفى سنة أربع وثمانمائة([80])،
وقد سبق الكلام على الكمال ويؤخذ فهم هذا من أصله.
الفصل الثالث:
مصنفات الحنابلة في ختم الصحيحين وفي أبوابهما:
في هذا الفصل
سوف أذكر كتابين يتعلقا بصحيح البخاري([81])؛ الأول عبارة عن ختم لصحيح
البخاري، والثاني عبارة عن ترتيب لأبواب صحيح البخاري، وإلى هذين الكتابين:
1- تحفة السامع والقاري في ختم صحيح البخاري:
تأليف: أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن زيد الشهاب أبي العباس بن الشمس
الموصلي الدمشقي الحنبلي ويعرف بابن زيد، المتوفى سنة سبعين
وثمانمائة([82]).
وقد ذكر هذا الكتاب الإمام السخاوي فقال: "وله كراسة في ختم البخاري سماه
تحفة السامع والقاري في ختم صحيح البخاري"([83]).
يقول شيخنا الدكتور بدر العماش: "كتب الختم هي: ما يكتبه الشيخ أو ما يمليه
بعد قراءته أو قراءة أحد الكتب عليه، مشتملة على التعريف بالكتاب،
ومكانته، وشروحه وما يتعلق به، والتعريف بالمؤلف. وقد صَنَّفَ جَمْعٌ مِنْ
أَهْل العلم في ذلك ..." ([84]).
2- هدية الراغب في ترتيب أبواب البخاري([85]):
تأليف: الفقيه المحدث عالم الحنابلة بالحجاز والشام عبد الله بن عودة بن
عبد الله صوفان بن عيسى القدّومي الحنبلي، المتوفى سنة إحدى وثلاثين
وثلاثمائة وألف([86]).
يقول الكتاني –وهو من تلاميذه- " وله من التصانيف ... وهداية الراغب مرتب
ترتيب أبواب البخاري وغيرهما"([87]).
وحيث إن البخاري"قد أودع في صحيحه هذا فوائد متنوعةً ومقاصد مختلفةً، ولم
يخله من الفوائد الفقهية، والنكت الحُكمية، فاستخرج من المتون معاني كثيرة
فرقها في أبواب الكتاب بحسب تناسبها، واعتنى فيه بآيات الأحكام، فانتزع
منها الدلائل البديعة، وسلك فيه الإشارة إلى تفسيرها السبلَ الوسيعة، وقد
اشتهر من قول جمع من الفضلاء: (فقه البخاري في تراجمه)"([88])، لذلك فقد
اهتم العلماء بهذه الأبواب وصنفوا فيها المصنفات المتعددة، منها هذا
الكتاب.
الباب الثاني:
عناية الحنابلة بالصحيحين تعلماً وتعليماً
وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: رواية وقراءة الحنابلة للصحيحين.
الفصل الثاني: حفظ الحنابلة للصحيحين.
الفصل الثالث: ضبط ومقابلة ونسخ الحنابلة للصحيحين.
الفصل الرابع: ثناء الحنابلة على الصحيحين.
الفصل الأول:
رواية وقراءة الحنابلة للصحيحين:
ليس من عادة المترجمين ذكر من
روى أو من قرأ الصحيحين أو أحدهما، إذ كان ذلك ديدن العلماء وطلاب العلم،
فلم يكن يُنصّ على ذلك في الغالب إلا لفائدة، كميزة رواية الشيخ ذي السند
العالي، أو كون المترجم له من آخر من روى ذلك عن شيخه وغيرها من الفوائد،
لذا ما سنذكره هنا من نماذج لا يعني بأي حال من الأحوال أنهم فقط من روى أو
قرأ الصحيحين أو أحدهما من الحنابلة ولا أغلبهم ولا أكثرهم.
وسوف أقتصر –بغية الاختصار- على بعض علماء الحنابلة ممن نصّ ابن رجب في ذيل
طبقات الحنابلة على أنهم رووا أو قرؤوا الصحيحين أو أحدهما، وهم:
1- طغدى بن ختلغ بن عبد الله الأميري المسترشدي ولاء البغدادي المقرىء
الفرضي، أبو محمد المحدث ويسمى عبد المحسن أيضاً. توفي سنة تسع وثمانين
وخمسمائة، كان قيمًا بمعرفة صحيح البخاري؛ برجاله وألفاظ غريبه، وشرح
معانيه، قرأ عليه البخاري جماعة([89]).
2- تقي الدين أبو محمد طلحة بن مظفر بن غانم بن محمد العلثي، الفقيه الخطيب
المحدث الفرضي النضار، المفسر الزاهد، الروع العارف، توفي سنة ثلاث وتسعين
وخمسمائة، قرأ صحيح مسلم في ثلاث مجالس([90]).
3- الإمام الحافظ المفسّر الفقيه الواعظ الأديب شيخ وقته وإمام عصره جمال
الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي، المتوفى سنة سبع
وتسعين وخمسمائة، سمع صحيح البخاري، وصحيح مسلم بنزول([91]).
4- الشيخ سراج الدين، أبو عبد الله الحسين بن المبارك الربعي الزبيدي
الأصل، البغداد البابصري، توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة، روى صحيح
البخاري([92]).
5- أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر بن الحسين بن خلف البغدادي القطيعي
الأزجي، المؤرخ، سمع صحيح البخاري من أبي الوقت، وهو آخر من حدث به ببغداد
كاملاً عنه سماعاً، ومن جماعة آخرين([93]).
6- الشيخ الفقيه المحدث الحافظ، الزاهد العارف الرباني، تقي الدين أبو عبد
الله محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن عيسى بن أبي الرجال أحمد بن علي
اليونيني البعلبكي، وتوفي سنة ثمان وخمسين وستمائة، سمع صحيح
البخاري([94]).
7- الفقيه المحدث، الزاهد الكاتب، كمال الدين أبو الحسن علي بن محمد بن
محمد بن أبي سعد بن وضاح الشهراياني ثم البغدادي، وتوفي سنة اثنتين وسبعين
وستمائة، سمع صحيح مسلم ورواه عنه ابن الجوزي. وسمع صحيح البخاري، وروي
وسمع عنه([95]).
8- مجد الدين أبو أحمد وأبو الخير عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي
الحسين بن أبي الجيش بن عبد الله البغدادي القطفتي، المقرئ المحدث، النحوي
اللغوي. الخطيب الواعظ الزاهد، شيخ بغداد وخطيبها، توفي سنة ست وسبعين
وستمائة، إليه انتهت رياسة الحديث ببغداد، وكان شيوخ بغداد يقرؤون عليه كتب
الحديث، ومن ذلك صحيح البخاري([96]).
9- الفقيه المحدث الزاهد شرف الدين أبو الحسين علي بن محمد بن أحمد بن عبد
الله بن عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد اليونيني البعلي، وتوفي سنة إحدى
وسبعمائة، واستنسخ صحيح البخاري واعتنى بأمره كثيراً، وقابله في سنة واحدة،
وأسمعه إحدى عشر مرة([97]).
10- شمس الدين أبو عبد اللّه محمد بن عبد الرحمن بن شامة بن كوكب بن العز
الطائي، السنتبسي السوادي الحكمي المحدث الحافظ، الزاهد العابد، توفي سنة
ثمان وسبعمائة، نسخ الصحيحين بخطه، وقابلهما وقرأهما، وبيعا في تركته بألف
درهم رغبة فيه، وفي تصحيحه، واعتقاداً في فضيلته وديانته([98]).
11- رئيس القضاة تقي الدين أبو الفضل سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن
محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، ثم الصالحي، توفي سنة خمس عشرة
وسبعمائة، حضر سماع صحيح البخاري، وحدث بثلاثيات البخاري سنة ست وخمسين
وستمائة، وحدث بجميع الصحيح سنة ستين([99]).
12- شرف الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية
الحراني، ثم الدمشقي، الفقيه الإمام الزاهد العابد القدوة المتفنن، أخو
الشيخ تقي الدين، توفي سنة سبع وعشرين وسبعمائة، سمع المسند والصحيحين وكتب
السنن([100]).
13- عفيف الدين أبو عبد اللّه محمد بن عبد المحسن بن أبي الحسن بن عبد
الغفار بن الخراط، البغدادي القطيعي الأزجي المحدث الواعظ، ويعرف بابن
الدواليبي، توفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، سمع وأسمع صحيح مسلم([101]).
14- الإمام الفقيه المجتهد المحدث الحافظ المفسر الأصولي الزاهد تقي الدين
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، ثم
الدمشقي، شيخ الإسلام وعلم الأعلام، وشهرته تغني عن الإطناب في ذكره،
والإسهاب في أمره، توفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وعنى بالحديث وسمع
المسند مرات والكتب الستة([102]).
15- زين الدين، أبو محمد وأبو سعيد عبادة بن عبد الغني بن منصور بن منصور
بن عبادة الحراني ثم الدمشقي الفقيه المفتي المؤذن، وتوفي سنه تسع وثلاثين
وسبعمائة، سمع وحدّث بصحيح مسلم([103]).
16- صفي الدين أبو عبد الله الحسين بن بمران بن داود البابَصري، البغدادي،
الخطيب الفقيه، المحدث النحوي، الأديب، توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة،
يقول ابن رجب: "وسمعت بقراءته صحيح البخاري..."([104]).
17- سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن موسى بن الخليل البغدادي، الأزجي،
البزار، الفقيه المحدث، قرأ بدمشق صحيح البخاري على الحجار بالحنبلية وحضر
قراءته الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وانطلق حاجاً سنة تسع وأربعين وسبعمائة،
قال ابن رجب: وحججت أنا تلك السنة أيضاً مع والدي، فقرأت على شيخنا أبي
حفص عمر ثلاثيات البخاري، ثم توفى رحمه الله قبل وصوله إلي مكة، حادي عشرين
ذي القعدة([105]).
الفصل الثاني:
حفظ الحنابلة للصحيحين
لقد ورد في ثنايا تراجم علماء الحنابلة
ما يدل صراحة على حفظ الصحيحين أو أحدهما، أو ما يشير إلى ذلك، وهذا الأمر
يدل على شدة عناية الحنابلة –كما غيرهم من المذاهب- بالصحيحين، وسأذكر ما
وقفت عليه:
1- قال الحافظ الضياء المقدسي([106]): سمعت شيخنا الحافظ عبد الغني([107])
يقول: كنت يوماً بأصبهان عند الحافظ أبي موسى([108])، فجرى بيني وبين بعض
الحاضرين منازعة في حديث:
فقال: هو في صحيح البخاري.
فقلت: ليس هو فيه.
قال: فكتب الحديث في رقعة ورفعها إلى الحافظ أبي موسى يسأله عنه.
قال: فناولني الحافظ أبو موسى الرقعة وقال: ما تقول، هل هذا الحديث في
البخاري، أم لا؟
قلت: لا.
قال: فخجل الرجل وسكت.
قال: وقد رأيت فيما يرى النائم - وأنا بمدينة مَرْو - كأن الحافظ عبد الغني
جالس والإِمام محمد بن إسماعيل البخاري بين يديه يقرأ عليه من جزء، أو
كتاب وكان الحافظ يرد عليه شيئاً أو ما هذا معناه([109]).
وفي هذا ما يشير إلى حفظ الحافظ عبد الغني للبخاري، حتى يستطيع أن يجزم
قاطعاً بعدم وجود الحديث فيه، وهذا النفي لا شك يحتاج إلى حفظ البخاري، بل
يدل على شدة حفظه للبخاري، والله تعالى أعلم.
2- أما الشيخ الفقيه المحدث الحافظ، الزاهد العارف الرباني، تقي الدين أبو
عبد الله محمد بن أحمد اليونيني البعلبكي، المتوفى سنة ثمان وخمسين
وستمائة، فقد برع في الحديث وحفظ فيه الكتب الكبار حفظاً متقناً، فحفظ
الجمع بين الصحيحين للحميدي، وصحيح مسلم، قال ولده: حفظ والدي الجمع بين
الصحيحين، وأكثر المسند، يعني مسند الإمام أحمد، وحفظ صحيح مسلم في أربعة
أشهر([110]).
3- قال ابن رجب عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نقلا عن الذهبي في
تاريخ الإسلام: وإليه المنتهى في عزوه إلى الكتب الستة، والمسند، بحيث يصدق
عليه أن يقال: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث. ويقول أيضاً: فأما
حفظه متون الصحاح وغالب متون السنن والمسند: فما رأيت من يدانيه في ذلك
أصلاً([111]).
وهذا نصّ في حفظ شيخ الإسلام لمتون الصحاح، وعلى رأسها: صحيح البخاري وسلم.
4- أما الشيخ الإمام العلامة الأعجوبة شمس الدين أبو عبد الله محمد المعروف
بابن الأقرع البعلبكي المتوفى سنة ثمانمائة، فقد حفظ كتباً عديدة وكان قوي
الحافظة فصيح اللسان، وعَرَض مختصر مسلم للمنذري والمنتقى لابن تيمية
امتحاناً على العادة، وتعجب الناس من ذلك وكان له حافظة وذكاء وفهم([112]).
وهنا نرى حفظ هذا العلامة لمختصر المنذري لصحيح مسلم حفظاً متقناً.
5- وحكي عن الشيخ العلامة علاء الدين علي بن الشيخ نور الدين محمود بن
الشيخ تقي الدين أبي بكر بن المغلي الشيخ الإمام العلامة أعجوبة الزمان،
المتوفى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة أنه كان قوي الحفظ بل لا يُعرف أحد في
عصره يدانيه في الحفظ، وورد عنه أنه قال مرة في قراءة البخاري عند السلطان
للقارىء: استرح، وشرع في قراءة الجزء من حفظه([113]).
وهذا يدل على حفظه لصحيح البخاري من ضمن محفوظاته العديدة.
الفصل الثالث:
ضبط ومقابلة ونسخ الحنابلة للصحيحين:
لم تقتصر خدمة الحنابلة
للصحيحين عند ما سبق ذكره بل تعدى ذلك إلى القيام بضبط ومقابلة ونسخ
للصحيحين، حتى غدت النسخة اليونينية هي أهم النسخة المعتمدة لصحيح البخاري
كما سيأتي بيانه، وهذا سبق خطير وفوز كبير يُسجل للحنابلة في هذا الميدان،
وفيما يلي ما وقفت عليه للحنابلة من ذلك:
1- الفقيه المحدث الزاهد شرف الدين أبو الحسين علي بن محمد اليونيني
البعلي، المتوفى سنة إحدى وسبعمائة، واستنسخ صحيح البخاري واعتنى بأمره
كثيراً، وقابله في سنة واحدة، وأسمعه إحدى عشر مرة([114]).
وقد ضبط رواية البخاري وقابل أصله بأصول مسموعة، ولم يقصد اليونيني أن يرجع
بهذه المقابلة ما هو ثابت في الأصول، ويخرج منها صورة مختارة - في نظره -
لصحيح البخاري، وإنما قصد أن يجمع تلك الروايات كلها في صعيد واحد، تيسيراً
لمن يريد الانتفاع بها من العلماء، وإغناء له عن التنقيب عليها في مختلف
المظان.
وقد استعان بالرموز في الإشارة إلى اختلاف النسخ، حيث اختار من بعض حروف
الهجاء علامات يضعها على مواطن الخلاف، وبذلك ضبط رواياتهم مجتمعة بأخصر
طريق، وحرر ألفاظ الكتاب على نحو ما هو ثابت عند أصحاب الأصول الأربعة التي
قابل عليها أصله.
والنص المطبوع الآن هو نسخة اليونيني هذه، مع مقارنة ببعض النسخ، وقد أرسل
هذه الأصل إلى السلطان عبد الحميد لينشر في مصر، وقد طبع في مطبقة بولاق
سنة 1311ﻫ([115]).
2- شمس الدين أبو عبد اللّه محمد بن عبد الرحمن بن شامة بن كوكب بن العز
الطائي، السنتبسي السوادي الحكمي المحدث الحافظ، الزاهد العابد، توفي سنة
ثمان وسبعمائة، نسخ الصحيحين بخطه، وقابلهما وقرأهما، وبيعا في تركته بألف
درهم رغبة فيه، وفي تصحيحه، واعتقاداً في فضيلته وديانته([116]).
3- بهاء الدين محمود بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب السلمي المجوّد
المعروف بابن خطيب بعلبك، توفي سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وعني بالخط فجوده
إلى الغاية، رأى الصفدي مجلداً من صحيح البخاري من نسخه فقال: هو نسخ عجيب
إلى الغاية"، وقال ابن حجر: "رأيت بخطه نسخة كاملة في ثلاث مجلدات ...
وقابلها المزي بقراءة ابن كثير وهي أعجوبة في الحسن والصحة"([117]).
4- الحافظ الإمام العلامة زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد، المعروف
بابن رجب الحنبلي، المتوفى سنة خمس وتسعين وسبعمائة رحمه الله
تعالى([118])، فقد قرأ الحافظ أبو الفضل العراقي صحيح مسلم على شيخه محمد
بن إسماعيل بن الخباز بدمشق في ستة مجالس متوالية، وذلك بحضور الحافظ زين
الدين ابن رجب وهو معارض بنسخته([119]).
الفصل الرابع:
ثناء الحنابلة على الصحيحين:
إن ثناء ومدح الحنابلة للصحيحين
أمر يصعب حصره وتعداده، وحسبي هنا أن أمثّل له ببعض النماذج التي تدل للغرض
من المنزلة العالية التي بلغها الكتابان عند علماء الحنابلة، ومن ذلك:
1- ابتدأ برأس المذهب الحنبلي الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل، حيث
يقول ابنه عبد الله: قلت لأبي: يا أبت من الحفاظ؟ قال: يا بني شباب كانوا
عندنا من أهل خراسان وقد تفرقوا. قلت: من هم يا أبت؟ قال: محمد بن إسماعيل
ذاك البخاري، وعبيد الله بن عبد الكريم ذاك الرازي، وعبد الله بن عبد
الرحمن ذاك السمرقندي، والحسن بن شجاع ذاك البلخي([120]).
2- قال أبو عبدالله بن منده الحافظ([121]): الذين أخرجوا وميزوا الثابت من
المعلول، والخطأ من الصواب أربعة: البخاري ومسلم، وبعد هما أبو داود
السجستاني، وأبو عبد الرحمن النسائي([122]).
3- وعن قول البخاري في الصحيح: "قال لي فلان"، يقول شيخ الإسلام
الأنصاريّ([123]): عندي أن ذاك الرجل ذاكر البخاري في المذاكرة: أنه سمع من
فلاَن حديث كذا، وكتاب كذا، أو مسند كذا، أو حديث فلان، فيرويه بين
المسموعات وهو طريق حسن طريق مليح. ولا أحد أفضل من البخاري([124]).
4- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا كان أهل العلم بالحديث لا يعتمدون
على مجرد تصحيح الحاكم وإن كان غالب ما يصححه فهو صحيح، لكن هو في المصححين
بمنزلة الثقة الذي يكثر غلطه وإن كان الصواب أغلب عليه. وليس فيمن يصحح
الحديث أضعف من تصحيحه، بخلاف أبي حاتم بن حبان البستي فإن تصحيحه فوق
تصحيح الحاكم وأجل قدراً وكذلك تصحيح الترمذي والدارقطني وابن خزيمة وابن
منده وأمثالهم فيمن يصحح الحديث .
فإن هؤلاء وإن كان في بعض ما ينقلونه نزاع فهم أتقن في هذا الباب من
الحاكم، ولا يبلغ تصحيح الواحد من هؤلاء مبلغ تصحيح مسلم، ولا يبلغ تصحيح
مسلم مبلغ تصحيح البخاري، بل كتاب البخاري أجل ما صنف في هذا الباب؛
والبخاري من أعرف خلق الله بالحديث وعلله مع فقهه فيه"([125]).
5- وقال الإمام ابن القَيِّم في معرض كلامه على رجل مختلف فيه: "وقد احتج
به أجلّ من صَنَّفَ في الحديث الصحيح، وهو البخاري"([126]).
الخاتمة
الحمد لله الذي أنعم عليّ بإتمام
هذا البحث الذي أرجو أن يكون مفيداً لقارئه، نافعاً لطلاب العلم، وفيما يلي
النتائج التي توصلت إليها من خلال بحثي:
1- الناظر في مصنفات الحنابلة بمتون الصحيحين وأسانيدهما يرى أن المؤلفات
المتعلقة بالمتن شرحاً وتوضيحاً واستفادة ونحو ذلك أكثر من مؤلفاتهم فيما
يتعلق بالأسانيد.
ولعل سبب ذلك يعود إلى أن أسانيد أحاديث الصحيحين أصح الأسانيد، وكانت
منتقاة بعناية فائقة، لذا قلّ الكلام فيها.
أما المتون فكانت الحاجة ماسة للاستفادة منهما قراءة وتدريساً وتعلماً
وتعليماً، وكانت المتون بحاجة إلى شرح غريب أو دفع مشكل.
2- الناظر في المؤلفات المتعلقة بصحيح البخاري والمؤلفات المتعلقة بصحيح
مسلم –التي أمكن الوقوف عليها- يجدها متساوية، مما يعني أن العناية
بالصحيحين كانت متقاربة.
3- قمت بجمع عدد لا بأس به من المصنفات التي ألفها علماء الحنابلة فيما
يتعلق بمتن الصحيحين أو أحدهما، وهذه الكتب هي:
1- كتاب الصحيح على كتاب مسلم بن الحجاج.
2- الإفصاح عن معاني الصحاح.
3- كشف المشكل من حديث الصحيحين.
4- محض المحض.
5- جامع المسانيد.
6- عمدة الأحكام.
7- المصباح في عيون الأحاديث الصحاح.
8- أفراد الصحيح.
9-غرائب الصحيح.
10- جزء فيه من أحاديث صحيحة مما رواه مسلم بن الحجاج النيسابوري "بين
المصطفى r وبينه تسعة نفر".
11- من كلام الحافظ الضياء على شيء من أحاديث "الجمع بين الصحيحين
للحميدي".
12- الأبدال العوالي في شيوخ الشيخين.
13- جزء فيه مائة حديث من صحيح البخاري.
14- عوالي البخاري.
15- فتح الباري شرح صحيح البخاري.
16- النكت على تنقيح الزركشي أو حواشي على تنقيح الزركشي.
17- جزء فيه الأحاديث التي رواها مسلم في صحيحه عن الإِمام أحمد.
18- كشف اللثام شرح عمدة الأحكام.
4- كما قمت بجمع عدد لا بأس به من المصنفات التي وضعها الحنابلة فيما يتعلق
بأسانيد الصحيحين، وهي:
1- أسامي مشايخ الإمام البخاري.
2- الكمال في معرفة الرجال.
3- الرواة عن البخاري.
4- جزء فيه الرواة عن أبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري الحافظ الإمام.
5- مختصر تهذيب الكمال.
5- ثم ذكرت مصنفين من مصنفات الحنابلة، الأول يتعلق بختم صحيح البخاري، وهو
(تحفة السامع والقاري في ختم صحيح البخاري)، والثاني يتعلق بخدمة أبواب
البخاري (هدية الراغب في ترتيب أبواب البخاري).
6- اعتنى الحنابلة عناية واضحة برواية وقراءة الصحيحين، بل قام بعضهم
بحفظهما أو أحدهما، كما اعتنوا أيضاً بضبطهما ومقابلتهما ونسخهما.
7- أثنى الحنابلة على الصحيحين بثناء عاطر وذكر جميل، وهو ثناء في محله.
8- وبالجملة فالنتيجة المحصلة من وراء كلّ ذلك هي أنه لم يحظَ كتاب بعد
كتاب الله من العناية ما حظيه صحيح البخاري وصحيح مسلم، وتمثلت هذه العناية
بجهود علمية دقيقة في خدمة هذين الكتابين، بمؤلفات جمة منها ما يخدم المتن
أو يستفيد منه، ومنها ما يخدم الإسناد، كما تمثلت هذه الجهود بسماع وقراءة
الصحيحين، أو القيام بضبطهما ومقابلتهما وصيانتهما.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور إسماعيل غازي مرحبا - المحاضر في جامعتي: (الجنان) و (طرابلس)
نسخة pdf
هنـاـــــــــــــــــــــــ
([1]) انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء 19/395-396، وذيل طبقات الحنابلة
1/127-137.
([2]) انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/128-129.
([3]) انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/129، وشذرات الذهب 2/32.
([4]) طبعاته متعددة، منها بتحقيق الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد، عن دار
الوطن – الرياض.
([5]) انظر ترجمته في: ذيل طبقات الحنابلة 1/251-289، والمقصد الأرشد
3/105-110.
([6]) انظر: كشف الظنون 1/600.
([7]) ذيل طبقات الحنابلة 1/252.
([8]) المقصد الأرشد 3/107.
([9]) مقدمة التحقيق (ص27-28).
([10]) مطبوع بتحقيق فضيلة الدكتور علي حسين البواب، ط1/1418ﻫ، 1997م، دار
الوطن - الرياض.
([11]) انظر ترجمته في: ذيل طبقات الحنابلة 1/399-433، وسير أعلام النبلاء
21/365-384.
([12]) انظر: مقدمة ابن الجوزي لكتابه 1/6.
([13]) كشف المشكل 1/6.
([14]) مقدمة المحقق لكشف المشكل (ص15-44) باختصار وتصرف.
([15]) ذيل طبقات الحنابلة 1/253.
([16]) مطبوع بتحقيق فضيلة الدكتور علي حسين البواب، ط1/ 1426ﻫ، 2005م،
مكتبة الرشد ناشرون - الرياض. ويذكر هنا لزاماً الجهد الكبير والمضني الذي
قام به المحقق حفظه الله تعالى في سبيل إخراج الكتاب، وأحيل القارئ إلى
مقدمة المحقق (ص 7-
.
([17]) البداية والنهاية 13/28.
([18]) انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/78.
([19]) انظر: البداية والنهاية لابن كثير 13/340، وكشف الظنون 1/573.
([20]) انظر على سبيل المثال: ذيل طبقات الحنابلة 2/203، والضوء اللامع
2/234، وشذرات الذهب 3/313، والدرر الكامنة 6/7.
([21]) للكتاب طبعات كثيرة، منها بتحقيق كمال الحوت، ط1/1406ﻫ، 1985م، دار
الكتاب العربي – بيروت.
([22]) انظر ترجمته في: ذيل طبقات الحنابلة 2/5-34، وسير أعلام النبلاء
21/443-471.
([23]) ذيل طبقات الحنابلة 2/19.
([24]) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 1/71-72.
([25]) مقدمة العدة لابن دقيق (ص3-4).
([26]) مطبوع بتقديم الشيخ محب الدين الخطيب، وتحقيق علي بن محمد الهندي،
ط2/1409ﻫ، المكتبة السلفية - القاهرة. وانظر مقدمة الكتاب (1/44-53).
([27]) مطبوع بتحقيق عبد العزيز المشيقح، ط1/1417ﻫ، 1997م. دار العاصمة -
الرياض.
([28]) مطبوع بتحقيق نور الدين طالب، ط1/1428ﻫ، 2007م، وزارة الأوقاف
والشؤون الإسلامية، الكويت.
([29]) انظر: كشف الظنون 2/1164-1165.
([30]) ذيل طبقات الحنابلة 2/18.
([31]) حيث يقول ابن رجب بعد أن ساق عدداً من تصانيف الحافظ عبد الغني من
ضمنها هذا الكتاب: "هذه كلها بالأسانيد". ذيل طبقات الحنابلة 2/18.
([32]) سير أعلام النبلاء 21/446-447.
([33]) انظر: الإمام مسلم بن الحجاج لمشهور حسن سلمان (ص225-226) في
الحاشية.
([34]) يقول ابن الصلاح في المقدمة (ص256): "الحديث الذي يتفرد به بعض
الرواة يوصف بالغريب، وكذلك الحديث الذي يتفرد فيه بع