بسم الله الرحمن الرحيمما هو العنف ضد الاطفال ..... ؟ من الملاحظ ان التطورات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة تركت اثارا سلبية على الاسرة وعلى افرادها وخاصة الاضعف سواء بسبب السن ( الاطفال وكبار السن ) او بسبب الاعتماد المعيشى والاقتصادى ( الزوجة والاطفال والوالدين ) او بسبب التقاليد والاعراف الاجتماعية فبعد ان كانت القيم الاجتماعية والترابط الاسرى يشكل حماية معقولة لكل فرد من افراد الاسرة اصبحت العلاقات العائلية ضعيفة وقل تاثيرها وتباعدت مواقع السكن والعمل وقل الوقت المتاح لمتابعة تفاصيل حياه الابناء والبنات واسرهم ،حيث تعقدت العلاقات الاجتماعية واضطربت القيم والاعراف الاجتماعية واصبحت الظواهر الاجتماعية اكثر تناقضا وتطرفا ، ومن هنا انتشرت
ظاهرة العنف .
يعبر فى العادى عن العنف ضد الاطفال بمصطلح الاساءة للاطفال وتعرف الاساءة على انها
(
اى فعل او الامتناع عن الفعل ، يعرض حياه الطفل وامنه وسلامته وصحته الجسدية والجنسية والعقلية والنفسية للخطر كالقتل ، والشروع فى القتل ، والايذاء ، والاهمال وكافة الاعتداءات الجنسية )) .
وبمعنى اخر ، فالاساءة للطفل هى (( اى فعل يعيق نمو الطفل النفسى والبدنى )) .
اسباب العنف :
- الخلافات الزوجية والصراع بين الزوجين .
- ارتفاع عدد افراد الاسرة الذين يعيشون فى منزل واحد .
- المعاملة التمييزية بين الاسرة .
- صراع الادوار الاجتماعية والنموذج الابوى المتسلط .
- الفقر الذى تعانى منه الاسرة .
- بطالة رب الاسرة او بعض افرادها .
- التبعية الاقتصادية التامة للمراة .
- ضعف قدرة افراد الاسرة على تحمل الاحباط والضغط النفسى .
- ضعف الاحساس بالمسئولية تجاه افراد الاسرة .
- فقدان الاشباع العاطفى والمعاناه من القلق .
- اضطراب الشخصية والشك بتصرفات من حولهم .
- مظاهر العنف فى الرامج التلفزيونية والكمبيوتر والالعاب الالكترونية .
- انتشار حالات العنف فى المجتمع عن طريق التقليد .
- الجرعات الاعلامية الزائدة من العنف .
# و يلعب الاعلام دورا هاما فى قضية العنف ضد الاطفال فقد تقوم من جهة بتعميق هذه الظاهرة وتاكيدها كما انها من جهة اخرى قد تسهم فى الحد منها وانهاء خطرها على الاطفال خاصة .
وهذا يؤكد القول ان الاعلام سلاح ذو حدين فمن اخطر الادوار السلبية التى قد تقوم بها وسائل الاعلام فى هذا الصدد هو جعل الناس يتعاملون مع العنف على انه حدث عادى ونزع الحساسية تجاه العنف من قلوبهم وعقولهم وذلك من خلال اعطاء جرعات زائدة ومتررة من العنف بعرض مشاهد الضرب والتعذيب الوحشى على شاشة التلفزيون سواء كان ذلك على افراد الاسرة او افراد المجتمع كله .
اشكال العنف ضد الطفل :
فيديو يوضح صور لاشكال العنف ضد الطفل
1 . العنف الجسدى :يعتبر العنف الجسدى اكثر انواع العنف الاسرى شيوعا ، وذلك لامكانية ملاحظته واكتشافه نظرا لما يتركه من كدمات على الجسم .
ويقصد بالايذاء الجسدى للطفل (( اى نوع من انواع السلوك المتعمد الذى ينتج عنه احداث الضرر والاذى على جسم الطفل ، والممارس من قبل احد الوالدين او كليهما او الاخرين المحيطين بالطفل او من غرباء عن الطفل)) .
ويشمل العنف الجسدى الضرب باليد ، والضرب باداة حادة ، والكدمات باشكالها المختلفة ، والخنق ، والدفع ،والعض ، والدهس ، والمسك بعنف ، وشد الشعر، وغيرها ،وهذه الاشكال جميعا ينجم عنها اثار صحية ضارة قد تصل لمرحلة الخطر او الموت لذا فان العنف الجسدى من الممكن اثباته قانونيا وجنائيا .
مظاهر العنف الجسدى للطفل :
- اثار ضرب وكدمات لا مبرر لهافى مناطق مختلفة من جسم الطفل كالوجه او الشفتين .
- علامات لعضات بشرية على منطقة او اكثر من جسم الطفل .
- تغيرات على شكل الجلد او لونه فى بعض مناطق من جسم الطفل .
- اثار حروق بالسجائر على مناطق مختلفة من جسم الطفل وخاصة قاع القدم او الكف او الظهر .
- اثار للحروق باداه كهربائية او مكواه او ماشابهها على جسم الطفل .
- تعدد الكسور فى عظام جسم الطفل .
2 . العنف اللفظى :ويعتبر من اشد اشكال العنف خطرا على الحياه الاسر ية حيث يؤثر على الصحة النفسية لافراد الاسرة ، وخاصة ان الالفاظ المستخدمة تجرح شخصية الفرد وكرامته ومفهومه عن ذاته .
ويتمثل العنف اللفظى فى الشتم والسباب ، واستخدام الالفاظ النابية ، وعبارات التهديد ، وعبارات تحط من الكرامة الانسانية ويقصد بها الاهانة . الا ان العنف اللفظى لا يعاقب عليه لان من الصعب قياسه ، وتحديده واثباته .
3 . العنف الجنسى :هو كل نشاط جنسى اجبارى يقع على الطفل من خلال اتصال جنسى بين طفل وبالغ لارضاء رغبات جنسية مستخدما فى ذلك القوة والسيطرة والاستغلال ويقصد بهذا النوع من الاستغلال :
- كشف الاعضاء التناسلية .
- ازالة الملابس والثياب عن الطفل .
- تعريضه لصور فاضحة او افلام .
- اعمل مشينة وغير اخلاقية كالاجبار على التلفظ بالفاظ فاضحة .
الطفل قد يتعرض للعنف الجنسى فى سن مبكرة ما بين سنة ونصف الى الخمس سنوات وفى اى وقت تغيب فيه رقابة الاهل والاقرباء المحيطين به .
والغريب فى الامر ان هذا العنف غالبا ما يحدث على يد اقرب الناس الى الاطفال مثل الوالد ، السائق ، الخادم ،المراهق فى البيت او الاقارب .
اما اطفال ما بين ( 5 - 12) سنة غالبا مايتعرضون للعنف الجنسى من كل من يمكن ان يختلط بهم دون رقابة من الاهل مثل الاصدقاء وابناء الجيران والغرباء ، ومن الاطفال الذين يتعرضون لهذا العنف المشردون فى الشوارع الذين يكونون هدفا سهلا لهذا العنف بسبب فقر هم وصغر سنهم .
وقد يتم اغراء الطفل بالمال او الهدايا او الحلوى ، او عن الطريق التهديد بالضرب او العقاب او القتل اذا باح لاحد او بتخويفه بان الوالدين قد يعاقبانه او يؤذيانه اذا علما بالامر .
مظاهر العنف الجنسى للطفل :
اولا الاثار الجسدية :1 . صعوبة فى المشى او الجلوس ، امراض واوجاع فى الاعضاء التناسلية .2 . افرازات او نزيف او تلوثات متكررة فى مجرى البول .
3 . اوجاع بالراس او الحووض .
ثانيا الاثار السلوكية :
- الانطواء والانعزال ، الانشغال الدائم باحلام اليقظة وعدم النوم وكثرة الكوابيس والاحلام المزعجة .
- تدنى المستوى الاكاديمى ، وعدم المشاركة فى النشاطات المدرسية الرياضية .
- عدم الثقة بالنفس والاخرين والعدوانية ، و الرعب والقلق الدائم .
4 . العنف النفسى :وهو العنف الموجه نحو الطفل بهدف ايذائه ايذاء معنويا وقد يحدث على يد شخص او مجموعة من الاشخاص الذين يمتلكون القوة والسيطرة لايذاء الطفل مما يؤثر على وظائفه السلوكية والوجدانية والذهنية .
والعنف النفسى تجاه الطفل يتمثل فى الممارسات التالية :
- الاهمال : يعرف على انه عدم تلبية رغبات الطفل الاساسية لفترة مستمرة من الزمن ويصنف الاهمال الى فئتين : اهمال مقصود ، اهمال غير مقصود .
- الحماية الزائدة والتشدد فى فرض الاوامر وعدم اتاحة فرصة النمو الطبيعى للطفل بحجة الخوف عليه وحمايته من الاخطار مما ينعكس سلبا على نموه الاجتماعى .
- الرفض : ويتمثل فى مشاعر الرفض لوجود الطفل فى الاسرة اما لعدم تقبل ولادة طفل جديد او بسبب ولادة طفل معاق او كراهية ولادة الطفل .
- مظاهر العنف النفسى للطفل :
- اضطرابات فى عادات الطفل مثل ( المص ، او العض ..... وغيره ) .
- اضطرابات سلوكية يعانى منها الطفل ( يكون غير اجتماعى ، او لديه الرغبة فى تحطيم النفس او الاخرين) .
- قلق الطفل الذى لا مبرر له ( كاصابته باضطراب فى النوم ، او اضطراب فى الحديث ، او الخوف من اللعب ) .
النتائج المترتبة على العنف ضد الاطفال :
اولا وفاه الطفل :
يعد القتل المتعمد او الموت اكبر الاثار الناتجة عن ايذاء الاطفال ، كما يرى بعض الدارسين ان من يقل عمرهم عن السنة من الاطفال هم اكثر احتمالا للتعرض للموت بسبب التعرض للاذى من غيرهم ، حيث كلما قل عمر الطفل كلما زادت احتمالية تعرضه للخطر بصورة اكثر ، ويرجع ذلك لان الاطفال الصغار اكثر حساسية ، ولانهم غير قادرين على البحث عن المساعدة فى اماكن اخرى .
ثانيا الاثار والاصابات البدنية على الطفل :
ان الضرر البدنى من اكثر الاثار على الطفل المتعرض للايذاء وضوحا حيث يظهر فى شكل اثار او اصابات على جسم الطفل المتعرض للايذاء ويؤدى الايذاء البدنى الى احداث عدة اضرار للطفل منها الضرر فى الانسجة الرقيقة فى الجلد او العينين او الاذنين وقد يمارس فى بعض الاحيان اما بقصد احداث الضرر او بغير قصد ، ولكن كلما زادت استمراريته وتكرار حدوث هذا الايذاء كلما كان اكثر احتمالا لان يكون مقصودا .
ثالثا الاثار على الوظائف المعرفية والادراكية للطفل :
قام الباحثون لعدة عقود بتسجيل علاقة احتمالية تربط بين ايذاء الاطفال والاصابة باعاقات عقلية او ضعف فى الوظائف المعرفية والادراكية وبشكل عام يبدو ان الاطفال الذين كانوا هدفا للايذاء لديهم ضعف فى الوظائف المعرفية والعقلية حدثت لهم بعد تعرضهم للايذاء وهذه العلاقة ترجع الى اصابات الراس الحادثة كنتيجة لتعرض الطفل للاذى والذى ينتج عنه حدوث اصابات بالدماغ مما يؤثر على قدرات الطفل العقلية .
رابعا الاثار النفسية على الطفل :
لجميع انواع ايذاء الاطفال تاثير نفسى على الطفل ، فقد تؤثر على نموه وتوافقه العاطفى والاجتماعى والسلوكى ومثل هذه التاثيرات قد تكون قصيرة او طويلة الاجل وذلك حسب شدتها وتكرارها ومدى قرب المعتدى من الطفل وصلته به ومن هنا نلاحظ ان الايذاء سواء كان يمارس بقصد ضرر الطفل ام بقصد تربيته له تاثيرات سلبية كبيرة على شخصية الطفل وعلى نموه النفسى والاجتماعى .
# هناك العديد من الظواهر التى تظهر فى المجتمع بسبب العنف ضد الاطفال وسنتناول بعض من هذه الظواهر
اولا ظاهرة التسول :
الفقر والبطالة وتسلط الاباء من جهة وضعف تطبيق التشريعات والانظمة من جهة اخرى يجسد واقع الحياه اليومى للمتسولين .
مصير مجهول ومستقبل غامض ينتظر هؤلاء الذين اتخذوا من الاشارات الضوئية والشوارع العامة منزلا لهم ومكان لرزقهم والتسول يظهر فى اشكال مختلفة فمنهم من يمسح زجاج السيارات واخرون يستعطفون السائقين لاعطائهم بعض النقود فيما يحمل بعضهم بين يديه بعض السلع البسيطة لبيعها .
ويعتبر التسوق وفق مختصين ومهتمين انتهاكا لحقوق الاطفال وطريقا مختصرا لعالم الجريمة والانحراف ومخالفا للقوانين وخروجا عن العادات والتقاليد ويرد هؤلاء انتشار هذه الظاهرة بشكل رئيسى الى التفكك الاسرى وضعف الروابط الاجتماعية على مستوى الاسرة .
ثانيا ظاهرة اطفال الشوارع :
تعتبر مشكلة اطفال الشوارع قضية اجتماعية الى جانب انها هما وطنيا ليست مسئولية مؤسسة بعينها بل هى مسئولية الجميع والذى يعنى تعاون جهود كل المؤسسات الاجتماعية والتعليمية والثقافية فى المجتمع .
وهؤلاء الطفال عدد كبير منهم يتعرضون للاستغلال ، فالاطفال هم المستقبل وهناك ترابط بين توفير الاحتياجات الاساسية للطفل وطفل الشارع فعندما لا تحقق مصالح الطفل الفضلى والتى اكدت عليها اتفاقية حقوق الطفل الدولية المادة ( 3 ) فان الاطفال الذين قسى عليهم الزمن وحرموا من الحصول على حق العيش والنمو والبقاء يكون مصيرهم الشارع .
وتسيطر على اطفال الشوارع رغبات تتغير حسب الظروف التى يواجهونها والمليئة بالمفاجات ، انهم يعيشون ببعد واحد هو الحاضر ونتيجة لذلك فانهم يشعرون بالندم على افعال ارتكبوها او يميلون الى اهداف يعتزمون تحقيقها فى المستقبل ، انهم عاجزون عن وضع اهداف لحياتهم بسبب تدنى ان لم يكن انعدام مستوى طموحهم واستسلامهم لواقعهم وغير قادرين على اللجوء الى الوسائل المشروعة لتغيير هذا الواقع ، لذا فانهم غالبا ما يقدرون مسؤولية ما يرتكبونه من افعال ويغلب على سلوكهم طابع المغامرة والميل الى التحدى بطلبهم الفرصة لتاكيد الذات امام ما يتعرضون له من قسوة واحباط .
ثالثا ظاهرة عمالة الاطفال :
ان الاسباب التى تدفع بالاطفال الى سوق العمل كثيرة ومتعددة وعلى راسها الفقر والحروب والجهل والتفكك الاسرى بالاضافة الى النقص الواضح فى القوانين والتشريعات التى يفترض ان تمنع انتشار هذه الظاهرة فى المجتمع .
واللوم الاكبر يقع على الاهل اولا وعلى اصحاب العمل ثانيا حيث يلجاون الى استخدام الاطفال كعمالة رخيصة بسبب تدنى الاجور .
ويتعرض معظم الاطفال العاملين لاخطار كبيرة تلحق بهم الاذى الجسدى بسبب ظروف العمل غير الامنة كما هو الحال فى المناجم والمصانع ومجال البناء بالاضافة الضغوط النفسية والاستغلال والقسوة مما يؤثر سلبا على عاطفتهم وسلوكهم الاجتماعى وسلوكهم الاخلاقى داخل اسرهم كما ان العديد منهم ينحرف ويستسلم للعادات غير الحميدة كالتدخين والقمار وتعاطى المخدرات .
العنف ضد الطفل ... هل من علاج ؟
لقد طرحت هذا السؤال فى عنوان المقال وحان الوقت لكى اجاوب عليه بكل صراحة ووضوح نعم هناك علاج لظاهرة العنف ضد الاطفال او حتى للحد منها لكن قبل البدء فى طرح الحلول يجب علينا معرفة الشىء الاساسى للقضاء على العنف :
يتطلب القضاء على العنف فى البلدان العربية خاصا رسم استراتيجيات وسياسات طويلة المدى تشمل كافة قطاعات المجتمع ، ولابد ان تتضمن هذه الاستراتيجيات برامج حمائية وبرامج علاجية . هذا الى جانب خطة شاملة لاعادة بناء حياه الضحايا .
والان سنعرض بعض الحلول المقترحة للحد من هذه الظاهرة :
1 . انشطة اثارة الوعى والدعم والتعريف بحقوق الطفل .
2 . تعديل النظم والتشريعات لضبط اسلوب التعامل مع الاطفال .
3 . التعاون بين المؤسسسات المجتمعية مع دعم العمل التطوعى ومتابعته .
4 . التدخل المباشر لمساعدة الضحايا.
5 . حملات التوعية العامة بالحقوق المدنية والانسانية.
6 . تنظيم الاجتماعات والمؤتمرات الجادة.
7 . انتاج الكتيبات والمنشورات الاعلامية للتوعية.
8 . الابتعاد عن حالات الكبت الموجودة فى المجتمع التى قد تظهر فى صورسلبية متعددة من بينها الاعتداء على الاطفال .
يذكر ان 300 مليون طفل على نطاق العالم يتعرضون للعنف والاستغلال والايذاء بما يشمل اسوا اشكال عمل
الطفل فى المجتمعات والمدارس والمؤسسات واثناء الصراعات المسلحة ويتعرضون لممارسات ضارة مثل ختان
الاناث وزواج الطفل ويظل ملايين اخرون لم يصبحوا ضحايا بعد بدون حماية كافية لذلك يجب الاهتمام بحق كل
طفل فى العيش والتعليم والتربية السليمة فى ظل بيئة خالية من اى صراعات وخلافات .
تم بحمد الله
اهداء
- ايذاء الاطفال ، د / منيرة بنت عبد الرحمن ال سعودى .
- العنف الاسرى ، المحامى حيدر البصرى .
- العنف ضد المراة والطفل ، د / نادية عمر .
- www.unicef.org/arabic