شركات متعددة الجنسياتتعريف(بالإنجليزية: Multinational Company) هي الشركات التي ملكيتها تخضع لسيطرة جنسيات متعددة كما يتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة على الرغم من أن إستراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها تصمم في مركزها الرئيسي الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم Home Country ، إلا أن نشاطها يتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية لهذه الدولة وتتوسع في نشاطها إلى دول أخرى تسمى الدول المضيفة Host Countries . ولكن في مرحلة لاحقة رأت لجنة العشرين ، والتي شكلتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة في تقريرها الخاص بنشاط هذا النوع من الشركات إن يتم استخدام كلمة Transnational بدلا ًمن كلمة Multinational وكلمة Corporation بدلاً من كلمة Enterprise ، واتضح بأن هذه الشركات تعتمد في أنشطتها على سوق متعدد الدول ، كما أن استراتيجياتها وقراراتها ذات طابع دولي وعالمي ، ولهذا فهي تكون شركات متعددة الجنسيات ، حيث تتعدى القوميات ، ذلك لأنها تتمتع بقدر كبير من حرية تحريك ونقل الموارد ومن ثم عناصر الإنتاج من رأس المال والعمل فضلاً عن المزايا التقنية أي نقل التكنولوجيا بين الدول المختلفة وهي مستقلة في هذا المجال عن القوميات أو فوق القوميات Supra National ، وهي بالتالي تساهم ومن خلال تأثيرها في بلورة خصائص وآليات النظام الاقتصادي العالمي الجديد والتأكيد على عالميته و تعد من العوامل الأساسية في ظهور العولمة، ومن أهم سماتها أنها تعدد الأنشطة التي تشتغل فيها دون أدنى رابط بين المنتجات المختلفة. ويرجع السبب الرئيسي الذي دعاها إلى تنويع نشاطها ، فهي تستند إلى اعتبار اقتصادي مهم ، وهو تعويض الخسارة المحتملة في نشاط معين بأرباح تتحقق من أنشطة أخرى ، وأيضاً تعمل هذه الأسواق للسبب ذاته ، وتعدد أساليب إنتاجها بحيث إذا ارتفعت قيم أحد عناصر الإنتاج التي يعتمد عليها
لم يستقر الادب الاقتصادي على تعريف موحد للشركات متعددة الجنسية فثمة تعريفات بقدر عدد الكتاب الذين اسهموا في هذا الأدب ،
فالأستاذ (توجندات) يعرفها بأنها الشركات الصناعية التي تنتج وتبيع منتجاتها في أكثر من دولة واحدة . وهذا التعريف معيب لانه يقصر صفة تعدد الجنسية على الشركات الصناعية ، فهناك عديد من الشركات الضخمة التي تقوم بالاستثمار في مجال الخدمات مثل السياحة والمؤسسات المالية والاعلان والتسويق والنقل البحري والجوي ، وفي مجال المرافق العامة ، السكك الحديدية مثلا ، وفي مجال الزراعة واستغلال الغابات ، وفي مجالات أخرى عديدة غير صناعية ، وينبغي أن يشمل أي تعريف كل هذه النشاطات الاقتصادية.
ويعرف البروفيسور (جون دننج) الشركات متعددة الجنسية بأنها (مشروع يملك او يسيطر على تسهيلات انتاجية (مصانع ، منشآت ، تعدين ، مكاتب تسويق واعلان) .
ويضع الاستاذ (روبرت جيلبين) هذا التعريف ويستخدم مصطلح المؤسسة متعددة الجنسية ليعني أي مؤسسة أعمال تمتد فيها الملكية والادارة والانتاج والتسويق إلى تشريعات وطنية عديدة,
ويلجأ بعض الكتاب إلى تقييد التعريف بحدود كمية بحيث يلزم أن يكون للشركة الأصلية التي تقوم بالاستثمار في الخارج حد أدنى من الضخامة ، فيرى الاستاذ (رايمون فرنون) أن الشركة متعددة الجنسية هي (شركة أم تسيطر على تجمع كبير من المؤسسات في قوميات عديدة ، وهي المؤسسة التي تجعل كل تجمع يبدو كما لو أن له مدخلا لمصب مشترك من الموارد المالية والبشرية ، ويبدو حساسا لعناصر استراتيجية مشتركة .
ويمكن وصف المؤسسة متعددة الجنسية بأنها أي مؤسسة ذات فرع أو شركة منتسبة أو شركة تابعة أجنبية واحدة أو أكثر وتنخرط في الاستثمار في اصول انتاجية أو مبيعات أو انتاج أو تشغيل الفروع والتسهيلات الاجنبية . وهذا التعريف يتخلص من قيود الحجم والتضييق في مضمون النشاط ومدى المحتوى الاجنبي ليشمل بذلك كافة المشروعات التي تستثمر مباشرة خارج بلادها الاصلية .
أما التعريف الضيق فيتجه إلى استيفاء شروط معينة لاحكام التعريف مثل نمط النشاط ، فهي شركات انتاجية أو حد أدنى من الشركات المنتسبة , وليكن 6 شركات أو حد أدنى من المساهمة الاجنبية في النشاط وليكن 25% من اجمالي الاصول أو المبيعات أو العمالة .[1]
والواقع إن ماهو جوهري في مهمة التعريف هو تحديد مدلول صفة (تعدد الجنسية) التي تتمتع بها تلك الشركات فأغلب الكتاب الغربيون يفتقرون إلى الادراك الكافي للطابع والاساس القومي لهذه الشركات ، وعادة ما يقصدون إلى اضفاء صفة تعدد الجنسية بمعنى أن الشركات قد تخلصت من بعدها القومي واكتسبت جنسيات عديدة .
ومن ثم فإن ما يطلق عليه (الشركات متعددة الجنسية) هي بكل المعاني شركة قومية تحتل مكانها أساسا في اقتصاد ومجتمع الدولة المتقدمة الأم ، ويصدق هذا الحكم خاصة على كل من الملكية والادارة ، فادارة الشركات التابعة واجمالي مجموعة الشركة تحتكرها الشركة الأم وتحتفظ هذه في يدها بكافة القرارات الاساسية وبمهمة التخطيط والحساب والرقابة
دوافع نشوء وتطور الشركات متعددة الجنسية :
تتحول الشركة القومية إلى ما أطلق عليه الشركة متعددة الجنسية عندما تقوم بالاستثمار المباشر في الخارج أي انشاء وادارة التسهيلات الانتاجية (شركات تابعة ، مصانع ، مكاتب تسويق .. الخ) في البلاد الاجنبية .
ويلزم التحليل النظري لدوافع قيام الشركات بالاستثمار في الخارج لاحكام واكتمال التعريف ، والواقع أن ما أسماه (كانط) بالفعل الخالص غير قادر عن تقديم رؤية واقعية لدوافع الشركة في الاستثمار الخارجي ، ففي ملكوت النظرية يجد المرء افكارا كثيرة شديدة التناقض ، ولم يزل على الاقتصاد السياسي أن يخطو بوثبات حاسمة إلى صهر الواقع والنظرية في رؤية اجتماعية ديناميكية شاملة .
وقد درج الباحثون في منشأ الشركة متعددة الجنسية على تتبع تطور نظرية حركة رؤوس الاموال من النظرية التقليدية (ريكاردو) إلى الكلاسيكية الجديدة (مارشال) ، ثم مدرسة (كينز) حتى التيارات الاقتصادية المعاصرة ، وهذا المنهج يجعلنا في اسر نظرية اقتصادية مغلقة .[2]
ينطوي قيام الشركة متعددة الجنسية بالاستثمار في الخارج على تحريك لرءوس الأموال عبر الحدود القومية ، على أن اختزال الاجابة في اسباب حركة الاموال بصفة تلقائية لا يقدم سوى مساهمة بائسة في فهم دوافع نشوء وارتفاء الشركات متعددة الجنسية ، فالشركة هي قوة اقتصادية اجتماعية وسياسية تعيش على أرض النظام الرأسمالي في الدول المتقدمة في عصر يتميز فيه نظام دولي بخصائص محددة .
وللذلك يتعين فهم سلوك الشركة عندما تستمثر في الخارج على أنه فعل عقلاني يتضمن ادراكا للمكونات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يتميز بها النظام القومي الذي تعيش في ظله في الاطار الاشمل للنظام الاقتصادي الدولي ، فإذا التفتنا للأعمال النظرية لعديد من الاقتصاديين الكبار الذين يساهمون في أدب الشركات متعددة الجنسية يمكن تصنيف تلك الاعمال إلى عدة مجموعات من النظريات :-
• المجموعة الاول تحاول تفسير الاستثمار المباشر للشركات متعددة الجنسية بسلوك معدل الربح والفائدة في الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة .
• المجموعة الثانية تؤكد على الآثار الحاسمة لبنية السوق والمزايا الاحتكارية للشركات العملاقة في نظام الرأسمالية الاحتكارية وتناقضاته الخاصة .
• المجموعة الثالثة ترى أن نشأة الشركات متعددة الجنسية يرجع فوق كل شيء إلى اتجاه السياسة العامة للدولة المتقدمة
ناك ثلاثة أسباب رئيسية لتطور الشركات إلى شركات متعددة الجنسيات. هذه الأسباب هي:
1- السيطرة على إمدادات الموارد،
2- الاستفادة من انخفاض سعر الأيدي العاملة الأجنبية وكذلك المواد الخام،
- تجنب تكاليف الإنتاج والضرائب الباهظة المرتبطة ببعض العمليات التي تنفَّذ في بلد المنشأ3.