أوضح الدكتور أحمد عظيمي، أن عائلة مسعود زفار انتقلت للعيش بمدينة وهران بعد أحداث 8 ماي ,1945 وهناك باشر نشاطه المسلح، حيث تعرّف على العربي بن مهيدي الذي بقي معه في منزله الخاص لمدة أسبوعين سنة 1954، قبل أن يحزم أمتعته وينتقل إلى المغرب رفقة عبد الحفيظ بوصوف من أجل ضمان تسليح جنود جيش التحرير في منطقة الغرب الجزائري.
كشف أحمد عظيمي في محاضرة ألقاها أول أمس، بدار الثقافة جيلالي امبارك بالعلمة، بمناسبة الذكرى 22 لرحيل رجل المخابرات الجزائرية مسعود زفار، أن نجم مسعود زفار سطع بعد أن قام بالكثير من العمليات البطولية، من أهمها اختراق القاعدة الأمريكية بمنطقة النواصر المغربية، حيث قام بإقناع الكثير من الضباط الأمريكيين بتدعيم الثورة الجزائرية بالسلاح، كما أنه قام بإنشاء أول مصنع في الثورة خاص بالأسلحة لصناعة نوع ''البازوكا'' وهو المصنع الذي لا يعرف طريقه سوى غيره، بعد أن أحضر مسعود زفار المعروف برشيد ''كازا'' عمال أجانب من دولة ألبانيا ومهندس أمريكي لتحقيق المبتغى. كما أنه نجح في شراء جهاز إرسال متطور للبواخر من القاعدة الأمريكية استعمله المجاهدون في إنشاء أول إذاعة جزائرية بمنطقة الناظور المغربية.
ولم تقتصر بطولات هذا الرجل عند هذا الحد فقط، بل تمكّن من التوغّل في مكتب الرئيس الفرنسي شارل ديغول من خلال نجاحه في إقناع عقيد فرنسي بالعمل لصالح الثورة الجزائرية، حيث بات هذا الأخير يمد ''رشيد كازا'' بجميع الأخبار التي يعرفها مكتب الرئيس الفرنسي.
وهنا ذكر الدكتور عظيمي ''معلومة خطيرة جدا'' بأن الرسالة السرية التي تلقاها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر من الرئيس الفرنسي ديغول، والتي طالبه فيها هذا الأخير بوقف مد العون الحربي للثورة الجزائرية مقابل الدعم الإقتصادي من فرنسا لدولة مصر، لم تكن حقيقة من الرئيس الفرنسي وإنما كتبها مسعود زفار بيده ومنحها للعقيد الفرنسي المتعاون الذي تنقل سريا إلى السفير المصري ومنحها إياه، والذي بدوره تنقّل على جناح السرعة لمصر بغية تسليمها لعبد الناصر الذي رد بالإيجاب على تلك الرسالة، من خلال كتابة عبد الناصر لرسالة هو الآخر يؤكد فيها قبوله للشروط الفرنسية، حيث عاد مرة أخرى السفير المصري إلى الجزائر حاملا معه رسالة عبد الناصر والتي منحها للعقيد الفرنسي المتعاون الذي سلمها بدوره لرشيد كازا الذي اندهش لما قرأ رسالة عبد الناصر، وهناك كشف لقادة الثورة ''المؤامرات المصرية الفرنسية'' على الثورة الجزائرية المباركة، وهنا نهض الجميع في القاعة مصفقا لكلام الدكتور عظيمي الذي ترجى القنوات الفضائية المصرية بالسكوت وإلا كشف المزيد من ''تاريخهم الأسود''.
ويعرّج الدكتور عظيمي بعدها في محاضرته لبطولات الرجل بعد نيل الجزائر لستقلالها وتحدّث بإسهاب كبير عن دوره في تأميم البترول رفقة صديقه الوحيد الرئيس الراحل هواري بومدين، حيث أنشأ شبكة تجسّس مع المدعو رشيد ثابتي، إذ نجح هذين الرجلين في وضع جهاز تنصّت في مكتب الرئيس الفرنسي. كما نجحا في إقناع سكرتيرة الرئيس الفرنسي بالعمل لصالح المخابرات الجزائرية. وتحدث عن العلاقات المتميزة لزفار مع النظام الأمريكي ورجالاته. ومن أهم الرجال الذين عرفهم زفار نجد أغنى رجل سنوات الستينات والسبعينات روك فيلر وعائلة كنيدي وجورج بوش الأب.
وتطرّق أيضا المحاضر لدور ''كازا'' في مساعدة الإخوة الفلسطينيين في منظمة التحرير، من خلال مساعدتهم ماديا وسياسيا، حيث قال الدكتور عظيمي: ''اسألوا المخابرات الإسرائيلية ''الموساد'' عن الخسائر الكبيرة التي لحقت بها من طرف البطل مسعود زفار''.
وفي الأخير تحدّث المحاضر عن سجن ''كازا'' من طرف السلطات الجزائرية يوم 08 جوان 1983 برفقة ثلاثة إطارات كلهم من أبناء مدينة العلمة. واتهم الدكتور عظيمي صراحة ديوان الرئيس الشاذلي بسجن زفار ظلما، مستدلا بذلك بتصريح لرئيس المخابرات الجزائرية آنذاك لكحل عياط الذي كان لا يعلم سبب سجن زفار رفقة ثلاثة من رفاق دربه، حيث كشف أنه مباشرة بعد الزيارة الأولى من نوعها لرئيس جزائري لدولة فرنسا (يقصد بذلك الرئيس الشاذلي ) تم سجن زفار بتهمة التجسس لصالح الدولة الأمريكية مثلما بثته نشرة الأخبار بالتلفزيون الرسمي الجزائري. مضيفا بأنه ليس الشاذلي من أطلق سراحه وإنما المحكمة التي برّأته من جميع التهم التي وجهها له ديوان الرئيس، متمنيا في الوقت نفسه أن يتقدّم الرئيس الشاذلي ويدلي بشهادته حول هذا الموضوع الحساس.
ولم يتحدث الدكتور عن موضوع وفاة مسعود زفار، حيث اعتذر للحاضرين عن عدم تطرقه لهذه النقطة بالذات، حيث لم يجد ما يقوله:''لا أحد يعلم إن مات البطل كازا مسموما أو مات بصورة طبيعية''.
وتنتهي المحاضرة بتكريم ابن مسعود زفار أحمد الأمين، وسط بكاء الكثير من جيران ورفاق الدرب، للذي قدّم الكثير لهذا الوطن دون أن يقدّم له هذا الوطن شيئا.
[img]
[/img]